أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز خالد - إرث الاستعمار الكامن وراء كارثة لبنان















المزيد.....

إرث الاستعمار الكامن وراء كارثة لبنان


عزيز خالد

الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة عزيز خالد

سلَّط الانفجار المدمر في بيروت الضوء على النظام السياسي اللبناني، ذلك النظام الطائفي الفاسد الذي بنته الإمبريالية الغربية.

يرسم الناس في لبنان خطًا واصلًا بين الانفجار المُدمِّر في العاصمة بيروت وحكم النخبة الفاسدة. يلخِّص الانفجار نظامًا سياسيًا فاسدًا في أزمة. وتعاني الغالبية العظمى من الناس العاديين في لبنان من عداء ولامبالاة من هم في قمة الهرم. حتى قبل وقوع الانفجار، كان لبنان يغرق في الانهيار الاقتصادي. ومن المُتوقَّع أن يعيش ما يصل إلى 60% من سكان هذا البلد في فقرٍ بحلول نهاية هذا العام.

كانت الأحزاب اللبنانية الحاكمة تأمل في حلِّ أزمتها بمزيد من التقشف وسياسات السوق الحرة التي أفقرت الكثير من الناس في المقام الأول. ورغم أن حركة الجماهير في العام الماضي أجبرت رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على الاستقالة، ورغم الموجات الاحتجاجية المتواصلة، ظلَّ النظام حتى الآن دون مساس.

بالنسبة للكثير من المتظاهرين اللبنانيين فإن فساد النظام السياسي يرجع في الأصل لبنائه الطائفي، حيث تُوزَّع المناصب في الحكومة على أساس الطائفة الدينية. ويرى هؤلاء أن النظام الطائفي لابد من التخلُّص منه. ولكن من المثير للاشمئزاز أن نرى حكومات البلدان التي ساعدت في تشكيل ذلك النظام ودعمه والاستفادة منه تدَّعي الآن معارضته.

حين قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولةٍ في بيروت الأسبوع الماضي، تأكد من أنه تم تصويره وهو يخبر المحتجين بأن المساعدة التي وعد بها “لن تذهب إلى أيدي الفاسدين”. وطالب ماكرون بإصلاحاتٍ و”ميثاق سياسي” جديد، ووعد بالعودة في 1 سبتمبر “لتحمُّل المسئولية السياسية” إن لم يحدث ذلك. لماذا يشعر الرئيس الفرنسي بهذه “المسئولية السياسية” تجاه لبنان؟

الاحتلال والنظام السياسي
الإجابة هي أن فرنسا لعبت دورًا رئيسيًا في تأسيس النظام اللبناني الطائفي في المقام الأول ثم تعزيزه على مدار عقود. عندما قامت القوى الإمبريالية المنتصرة بتقسيم الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى، انتزعت فرنسا لبنان وسوريا لنفسها. بحلول ذلك الوقت، كان الرأسماليون الفرنسيون قد حوَّلوا بالفعل اقتصاد لبنان النامي بالكامل تقريبًا نحو إنتاج الحرير لتصديره إلى فرنسا.

سيطر المسيحيون الموارنة، الذين عاشوا في الجبال حيث تمركزت مصانع الحرير في لبنان، على الطبقة الرأسمالية في البلاد. لذا، فَرَضَ المستعمر الفرنسي نظامًا سياسيًا يقسِّم المناصب على أساس الطائفة الدينية. وكان هذا النظام يضمن الهيمنة السياسية للرأسماليين الموارنة، وتقسيم المواطنين إلى مسيحيين ومسلمين ودروز، حتى بعد رحيل فرنسا.

أُعلِنَ الاستقلال رسميًا في عام 1943، لكن قبل أيام فقط من هذا التاريخ اعتقلت فرنسا الرئيس اللبناني بشارة الخوري وحكومته بأكملها لمحاولتهم تمرير قوانين تقوِّض نفوذها. ظلَّ الجنود الفرنسيون في لبنان لثلاث سنوات أخرى بعد إعلان الاستقلال. وحتى بعد رحيلهم أخيرًا في عام 1946، استخدمت القوى الإمبريالية الغربية القوة العسكرية لضمان أن النظام السياسي في لبنان يخدم مصالحها.

وفي عام 1958، اندلعت حركةٌ جماهيرية جديدة تطالب بالانضمام إلى الحكومات القومية العربية في مصر وسوريا. وردًا على ذلك، أرسلت الولايات المتحدة ما يقرب من 14 ألف جندي لتعزيز الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب. مهَّد ذلك الطريق لما سيحدث بعد حوالي 17 عامًا، عندما تضافرت المقاومة ضد حكام لبنان مع نضال التحرير الفلسطيني.

فرَّ عشرات الآلاف من الفلسطينيون إلى لبنان بعد طردهم بالقوة من أراضيهم بفلسطين عند إعلان دولة إسرائيل عام 1948. ومنذ ذلك الحين عاش اللاجئون الفلسطينيون كشريحةٍ أخرى فقيرة ومهمشة سياسيًا من سكان لبنان. نشطت منظمة التحرير الفلسطينية في صفوف اللاجئين، وبدأت منذ العام 1971 في استخدام لبنان قاعدةً لحرب العصابات التي خاضتها ضد الكيان الصهيوني في الجنوب. كان للفلسطينيين قضيةٌ مشتركة مع القوميين العلمانيين والجماعات اليسارية التي نشطت في أوساط أفقر قطاعات الشعب اللبناني. وفجَّرَ القتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الكتائب المسيحي الفاشي الحرب الأهلية في 1975، فيما كان التحالف بين منظمة التحرير واليسار اللبناني تحديًا وجوديًا على النظام السياسي في لبنان، الذي كان لينهار لولا تدخُّل الدول المُتنافِسة لإنقاذه.

وبتشجيعٍ من الولايات المتحدة، قام النظام السوري برئاسة حافظ الأسد، الذي أراد السيطرة على المقاومة الفلسطينية، بغزو لبنان. وبالفعل، هزم الجنود السوريون اليسار واحتلوا قسمًا كبيرًا من غربيّ وشماليّ البلاد، ودفعوا الفلسطينيين إلى العيش في مخيمات اللاجئين.

ثم في عامي 1978 و1982 قررت إسرائيل الهجوم في محاولة لسحق منظمة التحرير الفلسطينية. وبلغ اجتياحها عام 1982 ذروته في مجزرة مُروِّعة في مخيميّ صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين. في تلك المجزرة، حاصَرَ جنود الاحتلال الصهيوني المخيمين ومنعوا خروج أحد منهما. بعد ذلك، دخلت ميليشيات حزب الكتائب، بالتنسيق مع القوات الصهيونية، وبدأت عملية قتل عشوائي سقط فيها ما يصل إلى 3500 فلسطيني.

احتلت إسرائيل جنوب لبنان. وفي ردَّة فعلٍ على ذلك، تأسَّست حركة حزب الله المسلحة وأصبحت بؤرة مقاومةٍ للاحتلال الإسرائيلي. ارتكز حزب الله في قاعدته بشكل أساسي على الأقلية الشيعية في لبنان، وكانت الطائفة الشيعية إحدى أكثر الطوائف تضررًا وإفقارًا بصورةٍ خاصة من النظام الطائفي. ولكن نجاحات حزب الله في محاربة الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء وجوده في عام 2000 مَنَحَت الحزب دعمًا أوسع بكثير.

لا يُعَد حزب الله مجرد ميليشيا، إذ أنه يمتلك ويدير مدارس ومستشفيات وعيادات وبرامج تعليمية. ولكنه بدلًا من أن يتحدى أسس النظام السياسي في لبنان، أراد الحزب أن يندمج فيه، مستندًا إلى الدعم من سوريا وإيران.

خوفًا من النمو المتزايد لنفوذ حزب الله، تدخَّلَت القوى الغربية مرةً أخرى لإبقاء لبنان تحت سيطرتها. في عام 2005 على سبيل المثال دعموا “ثورة الأرز” ضد الاحتلال السوري. قادت تلك “الثورة” أحزابٌ يمينية مدعومة من الغرب. أنهت سوريا وجودها على الأراضي اللبنانية في عام 2005، وكانت الولايات المتحدة تأمل في أن يكون ذلك بدايةً لتحجيم حزب الله.

التدخُّل
كانت هناك أيضًا مظاهراتٌ حاشدة ضد التدخُّل الأمريكي، تجاوزت دعم حزب الله. وأفاد الاشتراكي الثوري اللبناني باسم شيت، من بيروت لصحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية عام 2005، نقلًا عن أحد المتظاهرين:

“أوافق على أن القوات السورية يجب أن تغادر البلاد، لكني لا أريد أن تحل محلها القوات الأمريكية. الإسرائيليون هم الإرهابيين الأكبر في المنطقة. أريد أن تغادر القوات السورية البلاد، لكني لا أريد أن تكون هناك حرب عنصرية ضد السوريين أو الفلسطينيين أو المجتمعات الأخرى في لبنان. لا أتفق مع كلِّ ما يقوله حزب الله، لكني أشعر أنني بحاجة إلى إسماع صوتي”.

تحوَّلَت المظاهرات أيضًا ضد سياسات السوق الحرة للحكومة المدعومة من الغرب، تلك السياسات التي أثرت أقلية ضئيلة بينما أفقرت الكثيرين. وزاد حزب الله من تمثيله في مجلس النواب اللبناني في انتخابات 2005 وانضم لأول مرة إلى الحكومة.

في عام 2006 اجتاحت إسرائيل لبنان مرة أخرى، هذه المرة على أمل سحق حزب الله. وتضمَّنَت خطة الاجتياح تدميرًا واسعًا للمنشآت المدنية والبنية التحتية اللبنانية. لكن الاجتياح فشل في نهاية المطاف. كان الدعم واسع النطاق لمقاومة حزب الله لإسرائيل، والذي تجاوز السكان الشيعة، والتضامن بين اللبنانيين عبر الاختلافات الدينية، هما ما أنزلا على إسرائيل أول هزيمة مُذِلَّة لها.

كان حزب الله يتمتَّع بدعمٍ جماهيري، لكنه وَقَعَ في تناقضٍ جوهري. من ناحية، حظى الحزب بدعمٍ من ضحايا الإمبريالية والنظام السياسي في لبنان. لكن دوره المتزايد في الحكومة، واعتماده على سوريا وإيران، كان يعني أنه سينقلب ضد الحركات الجماهيرية. عندما اجتاحت الثورات الشرق الأوسط في 2010 و2011، قاتل حزب الله إلى جانب الثورة المضادة التي دشَّنها النظام السوري. وبينما اتِّحَدَ اللبنانيون ضد الحكومة والفساد في حراك العام الماضي، هاجم بلطجية حزب الله مظاهراتهم. أصبح حزب الله في النهاية جزءًا من النظام الذي كان بمثابة رد فعل ضده.

الفساد ليس حالةً خاصة لا توجد إلا في لبنان. والطائفية ليست بالعمق الذي يدَّعيه من يعتمدون عليها. لقد اتِّحَدَ الناس العاديون مرارًا عبر مختلف التيارات الدينية لتحدي هذا النظام. وهذا النوع من الوحدة يأتي من خلال النضالات من أسفل.

في حراك العام الماضي طالَبَ الناس بنظامٍ سياسي جديد تمامًا. وتضمَّنَت الهتافات الشعبية “ثورة” و”كلن يعني كلن”، مِمَّا يعني أن الناس يريدون التخلص من كلِّ النخب الفاسدة بغض النظر عن طوائفهم. إن مواجهة هذا الفساد لا تعني إنهاء الطائفية فحسب، بل تعني تحدي النظام والقوى الإمبريالية التي تعتمد عليه.

– المقال بقلم نِك كلارك – صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية.



#عزيز_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملايين مهددون بمجاعةٍ قد يسبِّبها الوباء
- الوباء ينتشر وزعماء العالم يبحثون عن الأرباح
- العنصرية والثورة في الولايات المتحدة


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز خالد - إرث الاستعمار الكامن وراء كارثة لبنان