أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - رسائل النهب بسوق الأضاحي ومستشفى بنسليمان.














المزيد.....

رسائل النهب بسوق الأضاحي ومستشفى بنسليمان.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6636 - 2020 / 8 / 4 - 16:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مشاهد مرعبة لعشرات المواطنين ، ضمنهم نساء ، غالبيتهم شباب يهاجمون شاحنات بائعي الأضاحي وينقضون عليها سطوا ونهبا في مشاهد لا تختلف عن تلك التي نقلتها القنوات الأجنبية لحظة سقوط نظام صدام الحسين وما رافقها من نهب للمحلات التجارية والأبناك. خلفية المشاهد واحدة وإن اختلفت الظروف . فثقافة الغنيمة التي تستشري في المجتمع تجد جذورها في الموروث الثقافي الفقهي وفي الواقع السياسي الذي أفرز ممارسات حزبية وجمعوية لم يعد تأطير المواطنين والارتقاء بوعيهم على رأس الأولويات .فالأحزاب إياها باتت تتعامل مع المال العام وممتلكات الدولة بمنطق الغنيمة .هكذا تُرك المواطنون لمصيرهم دون تكوين أو تأطير ينمّي لديهم الشعور بأنهم شركاء في الوطن . فحين تتخلى المدرسة عن وظيفتها التربوية والتعليمية في غرس قيم المواطنة وتربية الناشئة عليها بما ييسر استدماجها واستبطانها في بناء شخصياتهم ، سينشأ جيل لا يربطه بالوطن والشعب غير القطعة الجغرافية التي يعيش عليها . حتى هذه الأرض يبحث عن فرص "الحريڴ" منها نحو المجهول.بل إن المدرسة نفسها باتت تربي النشء على ثقافة "الغنيمة" (الحصول على معدلات أعلى بكل وسائل الغش الذي هو سرقة في حد ذاته). ليست المدرسة وحدها التي تتحمل كامل المسؤولية في انتشار هذه الظواهر التخريبية للإنسان وللقيم ، بل تتقاسمهما معها كذلك المؤسسات الدينية التي تشيع خطابا يحرض على ممارسة الشعائر الدينية ويقدسها مهما كانت من درجة السنن والنوافل دون ربطها بالأخلاق والمعاملات. مما أشاع ثقافة دينية منافية لقيم المواطنة والوطنية.وكانت النتيجة أن تزايدت أعداد الممارسين للشعائر فيما فسدت أخلاقهم وانحرفت سلوكات غالبيتهم التي باتت تبحث عن "الغنيمة" بما أتيح لها من أساليب حتى الدنيئة منها (نهب ضحايا حوادث السير بدل إنقاذهم ،سرقة البضائع من المتاجر من طرف محجبات وملتحين تظهر عليهم علامات الوقار والتقوى ..).كما لا يمكن استثناء مسؤولية التربية الأسرية في تنشئة الأطفال على ثقافة "الغنيمة" والفردانية واستبعاد مفهوم الآخر كشريك لنا في الوطن (سلوك كثير من السائقين عبر الاستحواذ على الشارع أو عرقلة السير بالتوقف حيث يشاؤون ، غياب التسامح ...) مثل هؤلاء الآباء والأمهات كيف لهم تربية أبنائهم على قيم المواطنة أو يحدثونهم عنها وقد قاموا بهذه السلوكات في حضورهم ؟ وتظل مسؤولية الأحزاب ثابتة بقوة من عدة وجوه :
1 ــ التأطير الذي هو إحدى وظائفها الأساسية وتتلقى من أجل القيام به دعما ماليا مهما من طرف الدولة (المال العام) مقابل المساهمة المباشرة في تربية وتكوين وتأهيل المواطنين ليكونوا واعيين بواجباتهم الوطنية ومسؤولين عن تصرفاتهم .فحين كانت الأحزاب تقوم بأدوارها في التأطير والتوجيه والتكوين ، لم يكن المجتمع يشهد ظواهر النهب والسطو والتخريب التي يعيشها اليوم. للأسف صار همّ الأحزاب هو الأصوات الانتخابية والمقاعد البرلمانية التي تضمن لها المكاسب والمناصب على حساب القيم. فتُرك المواطنون للشارع وللتنظيمات المتطرفة ووسائل إعلامها تخرب عقولهم . هكذا يضيع المال العام ويُحرم معه شباب الوطن من التكوين والتأطير فتكون النتيجة هذه الظواهر المدمر للمجتمع.
2 ــ التسيير حيث تتولى الأحزاب مسؤوليته سواء على مستوى المجالس الترابية أو على مستوى الحكومة .وأولى مظاهر الإخلال بالمسؤولية غياب المرافق الرياضية والثقافية أو قلتها في المدن الكبرى ، المتوسطة والصغيرى التي من وظيفتها تأطير الأطفال والشباب وتمكينهم في فرص الإبداع وتقوية القدرات العقلية والمهارات البدنية فضلا عن تخليصهم من الطاقات السلبية بفضل تعدد الأنشطة التي يمارسون . إن المفروض في الأحزاب والمطلوب منها تأطير مستشاريها في المجالس الترابية واشراكهم في وضع برامج تنموية محلية بالانفتاح على هيآت المجتمع المدني ، حتى يكون أداؤهم فعالا في تحقيق المشاريع التنموية وخلق فضاءات التثقيف والتسلية تحصينا للشباب من أي انحراف أو تطرف.
على الدولة ،بمختلف قطاعاتها ،أن تتعامل بجدية مع هذه الظواهر الخطيرة التي لم تعد تشكل استثناء أو حالات معزولة .فأن يتحدى عشرات المواطنين القوانين والدولة لتطبيق "شرع اليد" أو السطو على ممتلكات الآخرين أو يسمح مرضى كورونا لأنفسهم بنهب تجهيزات المستشفى الميداني بمدينة بنسليمان الذي أقيم خصيصا لعلاجهم ، فهذه رسالة قوية للدولة وللأحزاب بوجود شرائح اجتماعية على استعداد لتدمير الدولة ومؤسساتها ، وتدمير النظام الاجتماعي والقيمي برمته . فهي لا تشكل خطرا فقط على نفسها ونظامها الاجتماعي ، بل على الدولة والوطن . من هنا يمكن القول إن المقاربة الأمنية مطلوبة حتى تعيد الدولة هيبتها وتفرض احترام القانون منعا لاستشراء ظواهر"السيبة"، شرع اليد ، السطو والنهب الجماعي .. لكنها ليست كافية ؛ إذا لا بد من تعاقد جماعي بين مختلف مكونات المجتمع والفاعلين السياسيين لبلورة نموذج مجتمعي جديد على أسس المواطنة والعدل والمساواة حتى لا يتذرع خارج عن القانون بالفقر أو التهميش . فمهما كان النموذج التنموي الجديد طموحا فلا بد من بناء مواطن مسؤول وغيور على وطنه . وهذا يتطلب مواكبة جدية ومتعددة الأبعاد (سياسية، اقتصادية، تربوية ، دينية ، تعليمية ، ثقافية ..) لكل فئات وشرائح المجتمع . فالأمر جدي وخطير خصوصا مع ظهور جيل منفلت من الرقابة الاجتماعية وضحية الفقر والتهميش .وستكون الخطورة أشد إذا نجحت التنظيمات الإرهابية في اختراقه وتجنيد عناصره لتنفيذ المخططات الإرهابية. فالذين سطوا على الأضاحي ونهبوا الشاحنات ستزداد شراستهم حين تحضنهم هذه التنظيمات وتشرعِن لهم جرائمهم.



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيف أردوغان وديناميت طالبان .
- طمس التاريخ والتنكر لبطولات الجيش من خطط البيجيدي.
- أية وطنية للإسلاميين ؟
- هل يقبل البيجيدي بالمراجعة بالجذرية لعقائده ومواقفه؟
- إستراتيجية التمكين لدى البيجيديين.
- المغرب وإستراتيجية مواجهة الإرهاب.
- مدرسة البيجيدي تجعل الغش نزاهة وخرق القانون شفافية.
- البيجيدي يستغل كورونا لتنفيذ أجندته.
- الأمانة العامة للبيجيدي تناصر الوزيرين في خرق القانون.
- إستراتيجية جماعة العدل والإحسان للانقلاب على النظام.
- أدبيات البيجيدي وتصريحات قادته تناهض الدولة المدنية.
- هل القانون لا يسري على وزراء البيجيدي؟
- إنهم يخافون ولا يستحيون.
- جماعة العدل والإحسان والعنف المؤجًّل.
- وزير انتهاك حقوق الإنسان .
- نداء النفاق الوطني لحركة التوحيد والإصلاح.
- يساريون في خدمة أجندات الإسلاميين.
- أي تصور يقدمه البيجيدي لمواجهة آثار كورونا ؟
- رجاء لا تبتزّوا الدولة في ملفات الاغتصاب والاتجار بالبشر.
- هل سيجيز د.الريسوني اللواط كما شرْعَن من قبل الاغتصاب؟


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - رسائل النهب بسوق الأضاحي ومستشفى بنسليمان.