أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صائب عبد الحميد - المواطنة والاشكالية الدينية














المزيد.....

المواطنة والاشكالية الدينية


صائب عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 19:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المواطنة والاشكالية الدينية:
ما نعنيه هنا بالاشكالية الدينية، ليس هو الدين في ذاته كنصوص مقدسة ومنظومة قيمية شاملة، انما نعني الدين الواقعي المتمثل بعنصرين اثنين: فهم الدين، وطبيعة التدين.
ما نعنيه ليس هو النظرية في ذاتها، انما هو تطبيقاتها البشرية في مرحلة تاريخية محددة، وهي المرحلة الحاضرة التي نعيش.
وكلا التمثّلين، فهم الدين وطبيعة التدين، في حاضرنا ينطوي على اشكاليات شديدة التعقيد. فعلى الصعيد الاول نحن نفتقر كثيرا الى التجديد في الفقه، مثلا، سواء فقه الاحكام الفردية، او فقه الحياة والمجتمع. فما زال التقليد للفقه الموروث هو الاصل في رؤيتنا النظرية، وفي واقعنا العملي، ما ينعكس على طبيعة التدين الذي غلب عليه الطابع التقليدي التكراري الذي يفتقد الحيوية المطلوبة او المرجوة من التدين. فالطقوس التعبدية والقضايا الشكلية والمظهرية احيانا تحتل المركزية في اهتماماتنا الدينية، دون قضايا المجتمع والحياة والبناء والنهضة والرقي والازدهار. فلا تشغلنا الصدق والامانة والاخلاص والتخصص كما يشغلنا رفع الاذان في لحظته المحددة. لا تعنينا كرامة المرأة كما يعنينا حجابها الظاهري. وعلى العموم لا تعنينا القيم الدينية كما تعنينا المظاهر الدينية.
لقد تغيرت المعادلات والاطر السياسية، ولم يعد من المنطقي اغفال الاطر المعاصرة أو توهم القدرة على تحطيمها عنوة. لقد اصبح الرباط الوطني هو الرباط الاكثر واقعية في تشكيل العلاقات الاجتماعية في المجتمع الواحد، وفي اتاحة فرص العمل المشترك، كما في توحيد المصير المشترك.
لكن المؤسف أنه لم يتم النظر الى هذه القضية المحورية كواحدة من المتغيرات الواقعية التي ينبغي التعامل معها تعاملا يتناسب وحجمها الواقعي.
ان هذا النوع من المتغيرات لا يمكن عده من البدع المحدثة بالمفهوم السلبي للبدعة، فهي ليست قضية مضافة الى الاحكام التعبدية المنوطة بالنص الشرعي، انما هي قضية اجتماعية وواقع سياسي قائم لا يمكن القفز من فوقه الا بعد التضحية بالكثير من شروط العدالة الاجتماعية، التي هي ركيزة اساسية في الشريعة الاسلامية.
فكرة العدالة فكرة محورية هي الاخرى، والمقصود هنا العدالة الاجتماعية، ولا يمكننا ان نتصور صورة للعدالة دون تماسك على اساس المواطنة، فالهوية الوطنية هي المشترك الوحيد الذي يجمع بين افراد وفئات أي مجتمع من المجتمعات.
من هنا تتجدد اهمية النظر في فقه المقاصد، مقاصد الشريعة وغاياتها العليا، من أجل احياء الشريعة ذاتها وليس التخلي عن بعض ثوابتها كما يتوهم الحروفيون الذي يتعاطون مع الاحكام الشرعية النافذة في صدر الاسلام على انها ثوابت غير قابلة للتغيير او التعديل. فالثوابت في الاحكام العملية المتحركة هي مقاصد الشريعة وغاياتها، أو روح الشريعة، وبعبارة اخرى الثوابت ليست هي الاحكام ذاتها، بل هي مناطات الاحكام وغاياتها، وكما قال ابن القيّم: ((أينما كان العدل فثم شرع الله)) فالعدل هو الاصل الثابت دون آليات تطبيقه، فقد يصلح لزمان ما لا يصلح لغيره من آليات العمل والمعاملة، لكن الاصل في الكل هو السعي لتحقيق العدل. والعدل هنا ليس سوى العدل بين الناس الذين هم تحت حكم الدولة الواحدة، فمادام دستور الدولة وقوانينها حاكما عليهم جميعا، فليس من العدل التمييز بينهم في حق من الحقوق لاعتبارات اخرى غير انضوائهم تحت لواء الدولة وانتمائهم للوطن الذي فيه يحيون وعلى ارضه تتجسد حقوقهم.
فالفقه الاسلامي اليوم مطالب أكثر من أي زمن مضى بأن يجد الحلول للمتغيرات الكبيرة التي تتحكم بواقع الحياة الاجتماعية وترسم ملامحها.
والنظم السياسية، أيا كانت منطلقاتها ومرجعياتها، مطالبة بالخروج من ازدواجية الحكم والحقوق: الحكم على الجميع، والحقوق ليست للجميع.
المجتمعات هي الاخرى مطالبة بأن تعي أن وعيها السياسي هو ضمانها الاول لنيلها حقوقها وحرياتها، وفي مقدمتها التكافؤ في الحقوق والواجبات بين افراد مجتمع يحكمهم نظام سياسي واحد، وتجمعهم رابطة وطن واحد.
نحن مطالبون، على حد قول سبقني فيه الكثير، مطالبون بالتجديد الحقيقي الذي يهدف الى ايجاد الحلول العلمية لما يطرحه علينا عصرنا من قضايا لم يعرفها ماضينا، حلول تستند الى المرجعية الاسلامية، لكنها قادرة على الدفع بنا في طريق التقدم، طريق مواكبة العصر والاسهام في اغناء انجازاته. .. انها تحديات حضارية جديدة، فهي تتطلب فكرا جديدا ومنهجا جديدا في البحث والاجتهاد.
انه من الضروري في فهم الدين الفصل بين النص وبين تأويلاته البشرية، وهي تأويلات تراكمية، تاريخية، لا يمكن اعتبار أي منها ذات صلاحية خاصة في تمثيل ما هو ديني.
إن التمسك بتراث السلف لا يعبر مطلقا عن صلاحية الاسلام، بل على العكس إنه يعكس جموده وعجزه، أما الذي يعكس صلاحية الاسلام فهو اكمال نتاج السلف وفق مسيرة معرفية تراكمية تثبت جدارتها في كل زمان وفي كل مكان، على أن لا يكون النتاج المتجدد مع الاجيال مجرد تراكم في عدد الاحكام الفرعية المستنبطة، وإنما تجديد وتراكم في اصول الاجتهاد ومنهجيته، أو في تأصيل الاصول بحسب الشاطبي.
ثمة إثارة اخرى جديرة بالاهتمام، وهي أن تراث أي أمة لا يمكن أن يكون حكرا على التيارات المحافظة فيها، وكأنه ملك لها دون غيرها، فهو تراث أمة بأسرها، وينبغي تحويله دوما ومع كل جيل من أجيالها الى عنصر حداثي، أو الى واحد من مقومات التجدد والتغير الطبيعي الحاصل ضمن مسيرتها.



#صائب_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إخفاق النظم السياسية وسر الاستبداد


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صائب عبد الحميد - المواطنة والاشكالية الدينية