أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاذ سميسم - ربة بيت















المزيد.....

ربة بيت


ملاذ سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 6631 - 2020 / 7 / 30 - 19:01
المحور: الادب والفن
    


الساعة الان السابعة صباح استيقظت كعادتي قبل المنبه وبدات خطواتي تسابق خطواتهم

فهو صباح متكرر ابريق الشاي والخبز وبسكويت الصغار واكواب الحليب
وهنا بدا اليوم كسابقه تعالت الاصوات
ودخلتُ بكل نشاط الى دوامته اجري في كل الاتجاهات واطمئن على صغائر الامور وكبائرها
اين جوربي ؟واين اقلام التلوين؟
حتى مفاتيح السيارة تختبئ لتلعب معي في رحلة البحث عنها
اسير كانني غيمة مثقلة بالمطالب
هذا يريد وتلك تطلب
وحانت ساعة الصفر اخذته من يده الصغيرة في طريقنااليومي للمدرسة يمسك يدي بكل ثقة وانا اشد على اصابعه كعادتي واراجع معه ماحفظته انا ومانساه هو،
تلك الخطوات تتكرر ونحن معا في كل يوم احلام ابنيها انا ليعيشها هو
هذا صغيري بدا يكبر بدأت يده تخط الحروف والكلمات وشفتاه تلقي الاناشيد الجميلة
اتركه هناك في ذلك المكان وكانني افطمه من يومه المعهود ولو لسويعات ليكبر ويكون رجل بدون امه
لكي يناقش ويتكلم ويعرف وجوها غير وجه امه ولكي لا يتحدث عنها ،
وارجع مسرعة الى بيتي لاكمل ما بداته في الصباح فسوف يرجعون، وانا اجول في ارجاء البيت لاسابق الزمن واترك التعب وألذ اوقات النوم
فاجد لعبه مبعثر واشياءه في غير اماكنها متناثرة
سوف اوبخه واكلمه كرجل ليحمل عني حتى لو العابه ،وفي زحمة نظرات الغضب مني والكلام المحشور في حنجرتي اجد قرب قدمي لعبته المحببة مقلوبة وكأنها تشكي عبثه
جلست لاعيد ترتيبها فاخذتني الى لحظاته السعيدة معها وضحكاته ولحظاتي القاتلة مع هذه اللعبة
ارجعتني الى تلك الرحلة قبل اعوام مضت والتي كان فيها عمره ثلاث سنوات وانا امسكه بيد واحمل حقائب السفر وتذاكر الطريق باليد الاخرى وهو منشغل بلعبته وحركتها

وفي غفلة مني وتفكير بمسير الطريق وتعبه وفرحة الوصول التفت الى يدي وهي فارغ من كفه الصغيرة لايهم انه بجانبي يجلس ،لااجد تقاسيم وجهه ،ربما يركض خلفي لااسمع خطواته ولا حتى ادرك انفاسه وهنا تجحظت عيناي وبلغت من التجهم والخوف مبلغ
اختفى صغيري وانا اقف في وسط المحطة... وارى اطفال واناس تضحك وتتكلم ولا اسمع صوته ولا ادرك شكله وهنا خرجتُ من انسانيتي واصبحت كحيوان مذبوح اسير بكل مكان واتكلم حتى مع الجدران
"ابني ضاع ،ابني ضاع"
بدا العقل يجمح ويلملم افكارا سوداء تذبح بدات اعيد احاديث عمتي عندما قالت:
"في محطات السفر تُخطف الاطفال وتُسرق "
وراح راسي تحت مطرقة الافكار السوداء يرزح
ها انا ابني يُخطف
وكيف اجده وهل بعد عشرين عام ساعرفه عندما ارجع ؟
وكيف ستكون حياتي وانا ام لطفل ضائع ولا امل ان تراه عيوني وتهجع ؟
وفي دوامه الافكار المتشائمة جاء الي شخص بدا من مظهره مسؤول يهتم لفجيعة أم، قال مااسمك ؟اجبته ارجع الي ابني
وسأل ببرود وانا اتلظى كأنني جمرة تحترق
من اين انت؟ فلم اعرف ماذا اجيب فانا غريبة في كل بلد اهيم واغير موطني ولا ارجع . وها انا اليوم بعد التعب
اُسُرق
استدرك كلماته وقال ماذا تعملين ؟
اجبته بثورة غضب وازدراء.... ربة بيت، ربة بيت
وهنا .... يصرخ غطاء القدر في مطبخي الذي كان تحت الضغط يتحرك فانتبهت لمكاني و للوقت وضحكت في نفسي عن لحظات اَلم عشتها في زمن الاغتراب لن تعود
وحملت لعبته التي من اجلها ضاع ابني ورجع
هاقد حان وقت عودته وسيخبرني عن معلمته ويظل يتحدث وانا متعبة ابحث عن لحظة هدوء لعل اقدامي لاتلمس الارض لدقائق.
وتستمر الايام بالمسير بقطار العمر الذي لايتوقف واكبر ويكبر ولدي معي وانا في كل يوم اعلمه الابتعاد والاعتماد وان يفكر لنفسه
كما تفعل الطيور لصغارها ترميها من العش لترتفع
وفي زحمة الحياة وابتعادي عن ذلك الطفل الذي اصبح يعيش في دائرة الصبا
ويتسابق مع طول قامتي وانا اقصر
وفي خوف الام وتفكيرها بالمستقبل يجب ان يكون افضل وان يحقق ماابغي منه واكثر ،كي تمر ايامه بالتشجيع تارة وبالتخويف والعقاب ان كان هذا افضل

احلامنا اكبر من احلامهم لاننا ببساطة اهدرنا فرص العمر وخوفنا على اولادنا من الندم الذي مازال ياكل ويشرب منا ولحد الان لم يشبع
وفي لحظات بين الام وابنها وعتاب من اهماله وتقصيره للسير في طريق النجاح التي تمر ايامه و لاترجع
قلت له:
لم يبقى لنا وقت لكي نستمر بالمسير والتعب من اجلكم ..فقد كبرنا فلماذا هكذا جفاء للكتب واصرار منك ان لا تسمع،
نظر الي بعين يملئهاالدمع الذي تحجر وعلى النزول لم يتجرء
وقال .....انني لاافهم الدرس الا عندما تقراينه انتِ من صوتك ونبراته افهم ماعجز الاخرون عن ايصاله لي .
وهنا... توقف الارض عن دورانها واهتزت مشاعري وزاد قلبي في اندفاعه
وكأنني جبل بدا يتصدع
اجلستني كلماته وانا في قمم الغضب كنت اصول واجول واقلب الدنيا على اعقابها،
هذا وليدي بعد هذا العمر كله لا يفهم كلام مدرسيه الا من صوتي !
تسمرت في مكاني وكانني عود خشب في مدفئة يُحرق
انا لست ربة بيت او امه فقط
انا عينهُ وسمعهُ وهوائهُ وكيانه الذي نطق
اخذته بين ذراعي آلفه بشوق أم عقيم الان بطفل تُرزق
وهنا قال ....انكِ لم تحضنيني منذ سنين !

تساقطت مني الكلمات وكانني لاافقه شئ من الحروف ولا انطق
كم لمت نفسي ولم انظر لمرآتي لانني ربة بيت ...ربة بيت ....ولم اخلق لنفسي من مستقبل ينفع
كلمة اوجعتني ربة بيت وأم فقط
انا حياتهُ وانفاسهُ التي تجول في اركان تفكيره ولم يشبع من امه التي فطمته ليتشجع
بكيت لان ايامي تقل واخاف من سير الثواني التي لا تعود
سامسك يدك كل يوم ساحضنك في اليوم اكثر مما تفكر او تتصور او تقنع، ساسابق الساعات التي تدق على جدران منزلي لاعوضك عن عنجهية أمٌ ظنت انها تفعل ماتبرع
نعم انني ربة بيت
واقولها ولا اندم ولن يقض بعد اليوم مني الندم من مهجع
ادركت اننا نتركهم ليكبرون ونحن لانفهم بالحياة
"ان وليد الاحشاء من أمه لا يشبع "

عانقوا اولادكم من ولادتهم حتى مشيخهم ولا تنتظروا الاعياد لتقبلوا وجناتهم فكل صباح هو عيدلنا ولهم .



#ملاذ_سميسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيط الصوف
- كابينة الهاتف


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاذ سميسم - ربة بيت