أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - (الوطن/ كونية) العراقورافدينيه الثانية/1؟















المزيد.....

(الوطن/ كونية) العراقورافدينيه الثانية/1؟


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6629 - 2020 / 7 / 27 - 14:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبدالاميرالركابي
فبرك المستعمرون الإنكليز "الدولة العراقية" على عجل، وضمن اشتراطات اقتضتها ضرورات تامين نفوذهم المهدد، والذي تبين انه يقارب الاستحالة مع قيام ثورة 1920، وكان هؤلاء قد اعتمدوا الى حد، ماهو بعرفهم شكل الدول كما ينبغي ان تقام في اللحظة التي وجدوا انفسهم معنيين بالتعامل مع واقع العراق ابانها، وهي لحظة لم تعالج الى الان من ناحية مدى ماكان بمقدور المحتلين اثباته من مصداقية "حداثية"، سواء جرى ذلك قناعة وكينونة منهم، او بحكم ماقد اضطروا للتعامل معه والرضوخ لاشتراطاته وقتها، وهذه الناحية على أهميتها الاستثنائية، لم تكن هي الجانب الوحيد المتروك من عناصر تلك اللحظة من تاريخ هذه البلاد، وهو ليس النقص الفادح الوحيد الذي عاش العراق تاريخه خلال القرن المنصرم والى اليوم، من دون ان يتعرض له، ومن ثم ان يعيه.
فالعراق لم يعرف حتى اللحظة الراهنه، مايمكن تسميته "المنظور الوطني"، ولادخل في احتسابات او رؤية اجياله التي عاشت من وقته الى اليوم، أي مفهوم دال على الذاتيه الوطنية، وفي الأحوال التي برزت فيها مثل هذه الظواهر، او اشكال منها، وتلك التي قد تعتبر معبره عنها، حدث الشيء ذاته الذي وقع فيه الاحتلال، من ناحية التجاوز على الذاتيه الوطنية، واحتمالات الخاصيات البنيوية، ودرجة ونوع التشكل الوطني الحديث في حال وجوده قبل وصول الاستعمار، ومنذ عام 1922 كان قد قام حزب باسم "الحزب الوطني العراقي" بزعامة "جعفر أبو التمن"، الذي سيذكر في الادبيات التي تتناول تاريخ تلك الحقبة على انه "أبو الحركة الوطنية"، او "الذي استولد من معطفه الوطنية العراقية"، والحديث جار عن رجل يعمل تاجرا، كان مشاركا في ثورة العشرين بصفة غير قتالية، من الواضح ان اقدامه على محاولة تجسيد الوطنية العراقية كان اجراء آنيا، مبعثه الاستجابه لشروط نشأت في حينه، وتمثلت وقتها في قيام الدولة والكيان"الحديثان".
وفي حين لم يكن الإنكليز، او يمكن اعتبارهم غير معنيين بالبحث عن واقع العراق وتاريخه وماينطوي عليه من معطيات قد تستوجب الاحتساب في الراهن، لم يفعل أبو التمن ولا من عملوا معه في حزبه، أي شي يمكن ذكره على هذا الصعيد، وظل هؤلاء يمارسون عملهم السياسي بين الناس من منطلق التفاعل العملي مع القائم والمباشر، رفضا او قبولا او تبنيا، في حين لم تطرح على الاطلاق، ولافي أي مجال، فكرة "العراق الحديث" بصفتها قضية أساسية، ومبحثا حاسما يمكن ان يكون خارجا عما ذهب المستعمرون لتقريره، واقدموا على تنفيذه واقعا.
هذا الوضع سوف تتمخض عنه حالة فريدة، مليئة بعناصر التناقض، وغلبة البدائية والنقص الفادح في النظر الى الذات عند منعطف تاريخي، من طبيعته المفترضة وميزاته الأساسية، انه محفز على تجديد الذات بما يتلائم مع المستجد تاريخيا، وعلى مستوى المعمورةـ الامر الذي يتطلب بالاصل تعرفا عليها، هذا في وقت تكرست هنا وفي حالتنا التي نحن بصددها، نزعة الإلغاء والتجاوز على كل مايمت بصلة الى الكينونه والبنيه، الامر الذي سيصل حدودا غاية في الخروج على ابسط مقتضيات المنطق، وهو ماسيعرف منذ الثلاثينات مع ظهور الأحزاب الايديلوجية، وحضورها السريع، الماركسية منها، والليبرالية، ومن ثم القومية، فالتيارات المذكورة تاسست على فرضيات جاهزه جازمه، منقولة ومستعاره، تخص أماكن أخرى من العالم، واقحمت على انها هي العراق، مستبدلة إياه بغيره افتراضا، وبقناعة ملفته ليس من بين مايمكن ان توصف به، لا الوطنيه ولا حتى الحد الأدنى من الذكاء وحاسة الانتماء للمكان.
فجاة يصير العراق هو اوربا الثورة الصناعية والمصنعية وصراع الطبقات، بلا أي سؤال عنه، من هو؟ ماذا كان؟ مالذي عرف عنه بحسب تاريخه؟، والحال هنا ينطبق على الحزب الشيوعي، كما على الحزب اللييرالي الشعبوي، وما عرفناه من مبررات ومقدمات اقامتهما ككيانات سياسية، عدا تيار القوميه العربية المحكوم لاشتراطات أخرى، تتعدى نطاق العراق بذاته الى المنطقة التي هو منها، ويتاثر متفاعلا مع حاضرها.
ذلك لايعني ان الأحزاب الحديدة، والقوى المذكورة لم تكن حاضرة وحية، او انها لم يكن لها نصيب من تاثير وفعل يصل أحيانا مستويات غير عادية، مقارنه بغيرها من المستويات المشابهه في بلدان قريبه، اوبعيده، ومع ان هذه القوى تستعمل هذه الناحية للتدليل على اصالتها، وضرورتها الواقعية، وانها ماتزال تعتاش عليها، الا ان ماتفعله على هذا الصعيد يزيد بالأحرى من فداحة عقم منظورها، مدللا على استمراره وتراكم مفعوله، برغم التقادم ومااورثته التجارب القاسية من نتائج، لاتؤيد باي شكل الاستمرار على التمسك به، مايزيد ويضاعف درجة التدني في مستوى التفاعل مع الحقيقة التاريخيه والوطنية، التي هي من دون شك، اهم واكثر ارتباطا بالمستقبل، وبمصير هذا الموضع من الشرق المتوسطي والعالم، ودوره.
من بين مايميل هؤلاء للجوء اليه ضمنا أحيانا، وفي الممارسة واقعيا، ذهابهم الى نبذ لابل احتقار نزعة، او أي شبهة ميل ل "الخصوصية"، وبمعنى ما "الذاتيه"، مع ان هذه الناحية تظل دالة بوضوح على نوع من الدونية، ومن الموقف الالغائي في بعض الأحيان للذات الناجم عن العجز والانبهار بالاخر، ولانقول احتقارها، حيث ما لايمكن الغاءه، او على الأقل التعامل معه بما يستحق، خصوصا وانه يتعلق بواقع معترف له بانه "مهد الحضارة البشرية"، وانه الأرض التي عرفت اول امبراطورية في التاريخ، لامبراطور كان تسنى له ان "يحكم العالم"، او "زوايا الدنيا الأربع" بحسب تعبيره في حينه( سرجون الاكدي 2334/2297 قبل الميلاد )، كما ان المكان المقصود هو ارض "بابل"، الجد الاعلى لروما(1)، وليس هذا فقط، فالعراق وبغداد العاصمة الإمبراطورية المنهارة، التي جعلها الإنكليز عاصمة ل " الدولة الملكية الحديثة"، هي عاصمة الإمبراطورية العظمى، الحاكمة من الصين والهند الى اسبانيا لقرابه خمسه قرون، مع كل منجزها على الصعد المختلفة، واسهامها كحصيلة في اذكاء أسباب النهضة الاوربيه الحديثة، الامر الذي يستحق على الاقل رفع علامة تنبيه، ناهيك عن الإشارة او "البيرق" الدال بوجه المستعمر.
اهم ماكان من نتحدث عنهم، يخطر على بالهم، هو "تخلف بلادهم"، ونغمة " الخروج من الفترة المظلمه العثمانية بوسائل اوربيه"، الامر الدال على درجة وقدر من التناقض الفاضح المعجون بالجهل و الاستسلام والتماهي المبطن مع الغرب، باسم مقاومته، المعادلة هي "العثمانيون ظلام" و " الغرب" يقظة وتنوير ونهوض، علما بان العثمانيين ليس لهم علاقة بالظلام المخيم على المنطقه قبل نهضة الغرب الحديث، وانهم ليسوا هولاكو، وقرونهم المظلمه الأربعة الاخيره، سبقتها قرون من الظلمه والتردي، بعدالنهوض الذي اعقب الثورة الجزيرية في القرن السابع، وعودة الاليات الامبراطورية الرافدينيه للعمل بعد تحريرها على يد العرب من وطاة الاحتلال الفارسي.
هل يمكن او يجوز بعد هذا، الافتراض ولو على مستوى الخيال، ان يقدم الجمع الذي تصدى في الثلاثينات من القرن الماضي في العراق، لمهمة تأسيس "الوطنية الحزبيه الايديلوجية"، على احتمال التفكير ولو من بعيد، باحتمالية فاعلة، هي بداهة متجاوزة له، تتعداه، مع واقعه الظاهرالذي وجد فيه يومها، من قبيل مثلا تلمس احتمالية عمل اليات "وطنية"غير منظورة، او منظور لها بعين تعجز عن رؤيتها، او تعيين مضانها، واشكال تجليها، بمعنى وجود "وطنية من دون رؤية وطنية"، او وجودها ضمنيا وفعلا، مع غلبة وسيادة نوع من "الوطنية المفبركة الغالبه عليها"، مايتطلب بالطبع غلبة اشتراطات كانت وقتها داهمه ومهيمنه على مستوى الكوكب.
ـ يتبع ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "لهذا قدر الله الملك في هذه المواضع وهذه الأمم في الدنيا ارباعا: البابلي في الشرق، والقرطاجي في القبله. والمجدوني في الجوف ( الشمال)، والروماني في الغرب، وكان بين السلطان الأول بابيل، والسلطان الاخر وهو سلطان رومه، فشبه السلطان الأول ـ وهو السرياني ـ بالوالد الموروث وشبه السلطان الاخرـ وهو الروماني ـ بالولد الوارث، واما الافريقي والمجدوني فانهما شبها بالوكيلين على الملك حتى كبر الولد الواجب له الميراث، وسافسر ذلك ان شاء الله"/تاريخ العالم/ اوروسيوس/ ترجمه قديمه حققها وقدم لها الدكتور عبدالرحمن بدوي/ ص 167 .



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كائنان: ماقبل ومابعد وعي الازدواج؟
- لقاء محمد ولنين وماركس وابراهيم/ ختام الختام/12
- طبعة ثورة العشرين الثانيه/ ختام ج/11
- طبعة ثورة العشرين الثانيه/ ختام ب/10
- طبعة ثورة العشرين الثانيه/ ختام أ/9
- طبعة ثورة العشرين الثانيه: سماتها/ 8
- -الاستبدال- و - المنتفك-/ وقفه ثانيه ج/7
- -الاستبدال- و-المنتفك-/ وقفه ثانيه ب /6
- -الاستبدال- و-المنتفك-/وقفة ثانيه أ/5
- الدولة المنتقصه/ وقفه اضطرارية/ 4
- طبعة ثورة العشرين الثانية: سماتها؟/3
- طبعة ثورة العشرين الثانيه: سماتها؟/2
- طبعة ثورة العشرين الثانيه: سماتها؟/1
- مابعد محمد وماركس ؟/4
- مابعد محمد وماركس؟/3
- مابعد محمد وماركس؟/2
- مابعد محمد وماركس؟/1
- بناء -بيت الله الثالث-كيف؟/ ملحق ج
- بناء-بيت الله الثالث-لماذا؟/ ملحق ب
- بناء-بيت الله الثالث- اين؟/ملحق أ


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - (الوطن/ كونية) العراقورافدينيه الثانية/1؟