أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد هاشم الحبوبي - صدام حسين ومسعود برزاني؛ «من خلّف ما مات»















المزيد.....

صدام حسين ومسعود برزاني؛ «من خلّف ما مات»


احمد هاشم الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 6622 - 2020 / 7 / 18 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة
حين يدور حديث أو مقال يدور عن «أبو علي الشيباني» [1] عادة ما يبادر أحدهم بالاعتراض مستنكرا: ليش [= لماذا] لا تتحدث عن «أبو ثقب» [2]. وهذا طلب تعجيزي يفتقر إلى الموضوعية والواقعية. رغم ذلك، أتمنى أن ينال مقالي هذا رضا الجميع لأنه يشمل كل رموز الخراب.

يشترك قادة العراق بصورة مذهلة في الأداء والحصيلة. فها هو نوري المالكي (رئيس وزراء العراق 2006 – 2014) يستنسخ خيبة سلفه صدام حسين (رئيس جمهورية العراق 1979 – 2003) فينهي عهده والعراق محتلٌ خرِبٌ ومهانٌ. للوهلة الأولى تبدو المقارنة بين الرئيسيْن غير واقعية أو منصفة؛ فمن غير الممكن مقارنة «ديكتاتور» بآخر «اختير ديمقراطياً»، لكن أداءهما وحصيلتيْ حكمهما متطابقان إلى حد عجيب؛ في الأداء عبر تفريطهما بفرص النهوض بالبلد واحدة تلو الأخرى، وفي الحصيلة حيث انتهت مسيرة الأول بالعراق بلداً مُحْتَلاً مدمراً بفعل الغزو الأمريكي – البريطاني. وانتهت حقبة الثاني بغازٍ آخر (تنظيم «داعش») أشدُّ هولاً وفتكاً مِن سابقه. ولأسباب مختلفة يتطابق الرئيسان في حجم الدماء التي أُريقتْ والأرواح التي أُزْهِقَتْ في عهديْهما [3].

أما مسعود برزاني، فهو نسخة من صدام حسين. في ذروة اكتساح تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لأرض العراق، استولى مسعود برزاني (رئيس حكومة إقليم كردستان آنذاك) على كل الوحدات الإدارية «المتنازع عليها» مدعياً عائديتها للإقليم الكردي [4]. وأعلن «عودة الفرع الى الأصل» وأنه لا انسحاب من ارض الأجداد، في محاكاة لاحتلال الكويت الذي جرى بنفس الذرائع (خطيئة صدام الأولى). واستمراراً في المحاكاة، لم يقم مسعود أي اعتبار لـ«الكونسورتيوم» الذي رتب كل أحداث حزيران 2014، الأمر الذي سيجبره لاحقاً على التخلي عن كل الأراضي والانكفاء في حدود ما قبل التاسع عشر من آذار 2003.

كل الأراضي التي استولى عليها مسعود برزاني تقع ضمن حدود المحافظات التي احتلّها «داعش» وتحتوي على آبار وكوامن بترولية هائلة. ولم يكتف مسعود بذلك، فقد قامت مليشيا البيشمرگة الكردية بالسيطرة على آبار نفط كركوك وطرد كل العاملين العرب فيها بحجة نيتهم تخريب الآبار بإيعاز من «الحكومة المركزية». هكذا يبرر مسعود أقصاء أبناء كركوك العرب من وظائفهم ومناصبهم وحرمانهم من مصادر رزقهم ورميهم على قارعة الطريق.

ولا بد من الإشارة إلى أن الذراع العسكري الضارب الذي نفذ عملية الاستيلاء هذه هو فصائل البيشمرگة الممولة والمسلحة من «الحكومة المركزية».

إن الصمت الإقليمي عن «الضم الجائر» سوّغ لمسعود برزاني إصراره على إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق في أيلول 2017 وصولاً إلى اعلان الإقليم دولة مستقلة، رغم المناشدات والتحذيرات الإقليمية والدولية التي حذرته من خطوته هذه. إلا أن مسعود تجاهل كل تلك التحذيرات وأصر على اجراء الاستفتاء. مرة أخرى يقتدي مسعود بصدام الذي رفض الانسحاب من دولة الكويت الشقيقة رغم المناشدات والتحذيرات الدولية (خطيئة صدام الثانية).

وقع المحظور، وعُوقِبَ مسعود أيما عقوبة، فقد قُلِعَت أنيابه وانتزعت أشواكه، وخسر الغالبية الساحقة من الوحدات الإدارية التي سطا عليها جوراً وعدواناً. كما استعادت الحكومة المركزية كركوك، «قدس كردستان»، كما كان يسميها جلال طالباني. والطريف أن بيشمرگة الاتحاد الوطني هي التي سلمت كركوك. لقد جرى كل ذلك بإشراف وتنسيق إيراني – تركي بنزعة تأديبية رادعة. وانتهى الأمر بمسعود ان أعلن استقالته من رئاسة الإقليم وإلغاء المنصب لحين انتخاب رئيس جديد وسلم إدارة الإقليم لنجيرفان ابن أخيه وزوج ابنته، ليتم، بعد أقل من سنتين، انتخاب نجيرفان رئيساً للإقليم ومسرور ابن مسعود رئيسا للوزراء. كما استحوذ برزانيون آخرون على كل المناصب الأمنية الحاكمة، فالأمن هو سلاح حكم العوائل [5]. رغم استقالته من منصبه، بقي مسعود يدير شؤون الإقليم عملاً بالمثل العراقي: «حين يكون الشرطي في إجازة، فإنه يجلس في المقهى المقابل لمحل عمله».

على العكس من نوري المالكي الذي اكتفى باستنساخ جينات الفشل من صدام، فإن مسعود برزاني ورث جينات الفشل والنجاح. فالإقليم آمن ويشهد نمواً معماريا واستثماريا مع أقل قدر من الفساد الإداري. وبصراحة فإن تعداد الأمور الإيجابية ليس من اختصاص هذا المقال.

لقد كان الإعلام الشغل الشاغل لصدام حسين طوال فترة حكمه، حيث أغدق كثيراً على هذا القطاع، محلياً وعربياً، على مدى فترة حكمه. وقد كان الإعلام العربي خير سند وظهير لشخص الرئيس وتوجهات النظام الحاكم آنذاك. وقد تخلت أغلب وسائل الإعلام العربية عنه بعد احتلاله للكويت. إلا أنه استعادها أو على الأقل كسب حيادها خلال بضع سنوات.

أسوة بصدام يولي مسعود الإعلام اهتماماً كبيراً. ولكنه ركز اهتمامه على الإعلام المحلي، فأنشأ صروحاً إعلامية مهمة تولت توظيف العديد من الإعلاميين العراقيين البارزين. كما جعل من ارض الإقليم ملاذاً آمناً للصحفيين والإعلاميين الذين يعانون من الوضع الأمني الهش أو المهددين بالتصفية الجسدية على يد العصابات المسلحة المنفلتة أو الملاحقة القانونية الباطلة على يد أجهزة الدولة ونظامها القضائي المنحاز الذي يحابي المسؤولين ومراكز القوى.

استخدم مسعود أصحاب الأقلام القابلة للشراء في مهاجمة خصومه في بغداد. ويمكن ملاحظة ذلك في الحملات الإعلامية التي تشنها صحيفة المدى. فهي تتماهى مع توجهات رئاسة الإقليم. أما أصحاب الاقلام العصية على الشراء، فقد اكتفى مسعود بحيادهم. أود أن أؤكد بأنني لا اقصد التعريض بالصحفيين والإعلاميين العاملين في وسائل الإعلام «الممولة كرديا» أو الذين يعملون من أرض الإقليم. فنحن أبناء الشرق الأوسط ونعلم جيداً أن حرية التعبير والديمقراطية مقرونتان بإرادة الحاكم. لذلك لا يمكن للإعلامي أن يحارب على كل الجبهات. لذلك، فإن الصمت عن أمر ما لا يعني الرضا به.

تمتد سطوة مسعود الإعلامية إلى بغداد، فالصمت الإعلامي إزاء تغوّل الإقليم يشمل وسائل الإعلام العاملة من بغداد وغيرها من المدن لأنّ الغالبية الساحقة من وسائل إعلامنا مملوكة للعوائل وأحزاب تأتمر بأمر مالكها.
إني لا اقصد تنزيه «الحكومة المركزية» أو إظهارها بمظهر الضحية. فهي تستحق الانتقاد إلى حد اللعن. لكني استغرب كثيراً كيف أن ملفات كبرى كمثل إدارة الوحدات الإدارية المزدوجة القومية و«نفط الاقليم» و«المنافذ الحدودية» «العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إسرائيل» لا تستفز صحفياً قلبه على وطنه، لا على جيبه. وأؤكد مرة أخرى تفهمي واحترامي لظروف الإعلاميين أصحاب الأقلام الشريفة والبرامج الهادفة الذين يقيمون في الإقليم لأسباب أمنية أو عملية.
نت
يمكن لمسعود أن يفاخر بين أقرانه بأنه اكثرهم شبهاً بصدام حسين. ولكن عليه أن يحذر تطابق المآل.

المصادر والملاحظات
[1] أبو علي الشيباني: منجم عراقي محتال يتندر العراقيون بأكاذيبه وركاكة لغته الفصحى. أكثر من روّج له الإعلامي العراقي فيصل الياسري صاحب قناة الديار.

[2] أبو ثقب: دجال ومشعوذ عراقي ادعى لنفسه قدرات خارقة في شفاء المرضى. فضح الناس اكاذيبه وصار محل تندر العراقيين.

[3] أحمد هاشم الحبوبي (7 نيسان 2018). "صدام حسين ونوري المالكي، تطابق الحصيلة". الموقع الألكتروني «احمد هاشم الحبوبي – أرض السواد»
https://anahabobi.blogspot.com/2018/04/blog-post_32.html

[4] أحمد هاشم الحبوبي (13 تموز 2014). "إقليم كردستان يلتهم أراضي العرب السُنّة". الموقع الألكتروني للحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=423764

[5] أحمد هاشم الحبوبي (5 آب 2019). "نفط الإقليم والحكومة المركزية المتخاذلة". موقع الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=645662



#احمد_هاشم_الحبوبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكاليف منح الوحدات السكنية للمشمولين بقانونيْ مؤسسة السجناء ...
- نحو إلغاء تام لتعدد الرواتب والامتيازات المجحفة في قانوني مؤ ...
- المخفي من قانون السجناء السياسيين «قانون رواتب رفحاء»
- أسبوع مقتل قاسم سليماني
- رسالة السيستاني في 29/11/2019، ثمة انقلاب على الأبواب
- حين يكذب رئيس الوزراء
- نفط الإقليم والحكومة المركزية المتخاذلة
- المخبر السري؛ رفيق حميم للحكم الجمهوري
- بندر بن سلطان .. سفير دمار سوريا
- سمسرة وبغاء في بغداد
- أزمة طاقة في محطات توليد الطاقة الكهربائية في العراق
- معضلة النظافة في مطار بغداد الدولي
- معاناةٌ مِن وإلى مطار بغداد الدولي
- التحصيل الدراسي لرئيس وزراء السويد ستيفان لوفين ورؤساء وزارا ...
- هتك الحرمات في انتخابات العراق
- كمبريدج أنالتيكا في العراق
- صدام حسين ونوري المالكي .. تطابق الحصيلة
- دجلة والفرات في الشِّعْرِ العراقي – قصيدة «يا دجلة الخير» لل ...
- السعودية وإيران ... فِيلان في سوق الفخار
- أفول عصر النفط .. قراءة في نبوءة احمد زكي يماني


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد هاشم الحبوبي - صدام حسين ومسعود برزاني؛ «من خلّف ما مات»