أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - عجائز البلدة- .. الأدب كتاب واسع لمعرفة تاريخ الريف المصري














المزيد.....

عجائز البلدة- .. الأدب كتاب واسع لمعرفة تاريخ الريف المصري


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6620 - 2020 / 7 / 16 - 17:46
المحور: الادب والفن
    


"

يحوي كتاب عمار علي حسن الأخير "عجائز البلدة" حكايات تكشف جانبًا من تاريخنا الاجتماعي المنسي، وينجلي في سطوره كل ما يربطنا بجذورنا البعيدة، ليجعل الحنين يجرفنا نحو زمن ولى في غفلة منا، ولن نستعيده أبدا إلا حين يغوص كل منا في ذاكرته، التي أضناها الشوق والأسى، بسبب غربتنا الطويلة، خلال سنين نقلتنا من طفولة عفية إلى شيخوخة واهنة.
ويعد هذا الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية في نحو 260 صفحة من القطع المتوسط، عملا سرديا يتوسل بالحكاية أو الطريقة الأدبية، وخصوصا القصصية، في الكتابة ليحكي لنا عن كثير من الأدوات والآلات البسيطة التي كانت سائدة في الريف المصري، وأغلبها لم يعد موجودا، والتي تتحول هنا إلى كائنات من لحم ودم، سواء باستنطاقها لتبث حزنها الدفين، بعد أن جارت عليها الأيام، أو برصد انفعال البشر معها، وقت أن كانت حياتهم مربوطة بها.
إن أغلب هذه الأدوات والآلات قد ذهب مع ريح عصرنا المتوحش، الذي أراد الكاتب مواجهته، عبر استرجاع حياة قديمة افتقدها، ويود العودة إليها.
وقد استعاد الكاتب هنا كل ما عرفه ولمسه عن آلات وحالات وأدوات، سادت ثم بادت، ليحولها إلى كائنات من لحم ودم، سواء باستنطاقها لتبث حزنها الدفين، بعد أن جارت عليها الأيام، أو برصد انفعال البشر معها، وقت أن كانت حياتهم مربوطة بها. وهنا نقرأ عن 65 آلة ريفية، ذهب أغلبها مع ريح عصرنا المتوحش، مثل: مثل النُورَج والطًنبُور والسَاقية والشَادوف والمِحرَاثْ والحَصِير والخُصْ والزيِر والقُلَّة والكَانُون والمَصْطَبة والسَحَّارة والسِبرتَاية والقُفَة والطَبْلِّية والطُلمْبَة والعَصِيد والرَحَاية والدَمَّاسة ولَمبة الجَاز والطَاحُونَة والمَاجُور والنَامُوسِيَّة والغُرْبَال والسِيْجَة والخُلخَال والكِردَان وغيرها.
ويبدو الكاتب هنا قد أراد من خلال هذا العمل استعادة عالم جميل مضى، ومضى معه عمر قضاه في رحاب الريف العامر بالحكايات، وطالما كابد حنينا إليه، رغم أنه لم يعد على حاله.
ولأن من المستحيل استعادة ما راح كاملا في الواقع، فهو قد سعى إلى استرجاعه على الورق، من خلال أدوات وآلات قديمة، سادت ثم بادت.
قد يكون هذا هو الهدف الأساسي من هذا العمل، ربما نعتبره الهدف من مضمونه، أما شكله فيكمن خلفه هدف آخر، وهو تعزيز الاتجاه الذي يوسع ألوان الأدب، بحيث لا تستمر قاصرة على الشعر والرواية والقصة القصيرة والمتولية أو المتتالية القصصية والمسرحية، فعجائز البلدة تتوسل بالحكاية والقصة، وبوسع القارئ أن يراها هكذا، أو يراها لوحات سردية عن الآلات والأدوات البسيطة التي كان الريفيون يستعملونها في حياتهم، بالحقل والبيت، وبعضها خرج من التاريخ، وبعضها لا يزال قائما.
إن الحنين إلى القرية يمضي في نصوص عديدة لعمار علي حسن، روايات وقصص، تحضر وتفرض نفسها، وتفسح مكانها، ولا يملك إلا أن يقول لها: على الرحب والسعة، لاسيما أن لا تزال تمثل بالنسبة له مخزنا عميقا للحكايات والصور والوجوه والعبر والحكمة، وفيها قدرة عجيبة على أن تشكل جزءا كبيرا من عالمه الأدبي والإنساني رغم أنه عاش في المدينة، حتى الآن، ضعف ما عاشه في الريف تقريبا.
إن "عجائز البلدة حكايات وقصص من خلال أدوات وآلات بسيطة، هي الأبطال والشخصيات الرئيسية، رغم وجود كثير من البشر فيها، ورغم أن هناك راويا يقص الحكايات علينا، وينتقل معنا من آلة إلى أخرى.
ويمكنك أيها القارئ أن ترى في كل حكاية عن آلة أو أداة قصة قصيرة، وربما ترى في العمل مكتملا وكأنه رواية، أو جزءا من تاريخ ذاتي أو اجتماعي منسي أو حاضر بقوة. "عجائز البلدة" لها سمت مختلف، لأنها يمكن أن تكون جسرا عريضا متينا بين الأدب بما يفرضه من قوانين فنية وبين "علم اجتماع الريف" الذي ليس بوسعه أن يغفل حياة الفلاحين وأدوات عملهم، لذا فالعمل يصلح لقراء متعددين، سوءا المهتمين بالأدب، أو الذين يريدون أن يقفوا على تاريخ الريف المصري، أو خصائص مجتمعنا بشكل عام.
إننا أمام عمل لا يخضع للتصنيف التقليدي الذي اعتدناه في كتابة الأدب وقراءته، حيث أن التوسل بالسرد أو الحكاية بات أوسع من أن يقتصر على الألوان الأدبية المتعارف عليها. فكثير من كبار الأدباء في العالم استعملوا هذه الوسيلة في قول أشياء أخرى، في سيرهم الذاتية أو سير الآخرين من الأشخاص أو الأشياء.
ويمكن هنا أن أضرب ثلاثة أمثلة، الأول ما كتبه الأديب الأورجوياني أدواردو جوليانو في كتابه عن تاريخ كرة القدم، والآخر الذي لخص فيه تاريخ التطور الإنساني كله من خلال حكايات. والثاني هو الأديبة البيلاوسية سفيتلانا أليكسييفيتش التي حازت جائزة نوبل عن استقصاءات صحفية سردية. المثل الثالث، وجدير به أن يكون الأول هنا، هو "حكايات حارتنا" للأستاذ نجيب محفوظ، الذي حكى فيه تاريخ الحارة من خلال مائة وسبعة وثلاثين حكاية. ورغم أن محفوظ قد غرف من الحارة حتى ارتوت أغلب قصصه ورواياته وملحمته عن الحرافيش، فإن كتابه المشار إليه هنا ظل فريدا لديه، إذ لا يمكنك أن تراه مجرد قصص قصيرة، أو رواية، إنه عوان بين ذلك، وهو تاريخ اجتماعي في الوقت نفسه. علاوة على كل هذا فإن السرد بات طريقة في مختلف العلوم الإنسانية، وحتى العلوم الطبيعية صارت تكتب أحيانا عبر طرائق سردية. لكن "عجائز البلدة" ليست كتابا في الاجتماع مكتوبا بطريقة سردية، إنما هو كتاب أدبي يرصد جانبا مهما من تاريخ الريف المصري.



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرقة القرن.. المدعوة رامونا يحي تسطو على أكثر من 20 قصيدة من ...
- مع كتاب.. طارق سعيد أحمد: في التفاصيل لا تكمن الشياطين ولا ا ...
- حواري مع الشاعر حمزة قناوي
- انقذوا الشاعر الكبير رفعت سلام بيان للتوقيع
- مطرود
- حوار خاص
- تيوليب
- موسم الحصاد
- حلم
- تعاويذ
- اخرس
- مذكرات مجنون 2
- عام الكُفر
- الحكايه
- مذكرات مجنون 1
- أخت روحي- .. قصص تراوح بين واقع بائس وخيال
- الواقع الدرامي
- حسام عقل يكتب: تشكلات الرؤى الشعرية للوجود في عالم -زجاجي- / ...
- زينب العسال تكتب.. عندما تتحول القصيدة إلى نبوءة في ديوان -ت ...
- أين يذهب الذُباب ليلا؟


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - عجائز البلدة- .. الأدب كتاب واسع لمعرفة تاريخ الريف المصري