أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان الزريعي - جنين الحرف














المزيد.....

جنين الحرف


حنان الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 1594 - 2006 / 6 / 27 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


صباح حب
طرد زفراتَ
عشقي ..
كقطرات ذكرى
بقتْ ..
على بلور نافذةٍ
ثكلى بنا
***
صباح ظن
أورق لآلئ
شهقاتي ..
كسياط غيرة
نُقشت ..
على مسرحٍ
تأوهت أركانه
من غزوك له
***
صباح حلم
حمل غيمةَ
بوحي ..
لتمطر أياماً
دثرت ..
همس ليالينا
:
:
استراح القلم مفكراً بين شفتيها ، ساهمة النظرات حيث اللاشيء ، بأصابع يدها الأخرى تنقر برتابة فوق ورقة خطتها للتو ، نطقت ما كتبته مغمضة العينين ، ابتسمت متمتمة :
- سيعجبه .
سمعت جلبة في الخارج ، نهضت متجهة حيث النافذة ، لترى أنه لمْ يعد بعد ، أسدلت الستارة :
- أتمنى أن يتأخر قليلاً هذه الليلة ..
إِسْتأْسَرت نظراتها لصورته المعلقة على الحائط أمامها ، لتأخذها عينيه حيث آسان ليالٍ كوّنت دوائر سهد في بحيرة صفوها الذي كان ، خاطبت تلك العينين وبسمته :
- سأكون الوحيدة في فلكك ..
اتكأت على الحائط والورقة أمامها من بعيد ، ممتدة على الطاولة ، تناديها أن تكمل لهوها والقلم .
لمْ تشعر بالسعادة كما تشعر بها هذه اللحظة ، بل هذا الشهر بالذات ، فضفائر أيامها جُدلت بشرائط راحة البال .. بعد تلك الليلة .
عشقته وملأت تفاصيل وجهه بسماتها ؛ حين تهرب إحداهن لعينيها .. وكم مازحت بعض مرضاها حين تسألهم عن اسمهم ؛ ليكون لهم نفس اسمه ، لكن أصابع أيامها المتعبة سرقتها من وهج الحب الذي كان قبل أن يُشار لها بخبرتها الجيدة كطبيبة .
هربت من كلماته وأشعاره ، باتت لا تجاري إبداعه وابتعدت عن أي نقاش في الأدب يدور بينهما أو مع بعض أصدقائه فاهتماماتها بعيدة كل البعد عن الشعر ، هذا ما اقتنعت به مسبقاً ، لتأخذها الحياة حيث عيادتها ومرضاها ودورها المنحصر في تربية طفليها والاهتمام بشؤون زوجها .
إلى أن رأت ورقة مختبئة تحت ملف في درج مكتبه ، ولضعفها أمام فضولها ، قرأتها ، لتجد قصيدة حب مذيلة باسم شاعرة تعرفها جيداً فقد رأتها في إحدى الأمسيات الشعرية لزوجها .. هنا تلاعبت مشاعرها بها .. أتواجهه أم تأخذ طفليها تاركة البيت له .. أم .. بكت لحظتها وشعرت بطعم الخيانة .. أحقاً كانت خيانة ، أم وهم امرأة اغتالت الغيرة ثقتها .
اتكأت أفكارها على مخزون اكتسبته من بعض النسوة اللواتي مررن بحياتها ؛ عندما كن يقعن في مُصاب كمصابها .. استند عقلها على حافة بئر الجهل الذي وقعت فيه .. " لا .. لا .. لست ببلهاء كي أتركه لها .. سأبقى هنا في بيتي .. " ، تأوهت فكرتها الأخيرة أمام .. " وقلبه .. ؟؟ .. هل امتلك مفتاحه كما أمتلك مفتاح منزلنا ؟ .. ما نفع أن أكون بجواره وفكره هناك ؟ " . تطلعت لجدران غرفة مكتبه ، دارت حول نفسها .. ضحكت .. ثم ارتمت على المقعد المفضل لديه عندما يقرأ .. وبكت .
اتجهت حيث مكتبته الملأى بكتبه وكتب غيره ممن يقرأ لهم ، فربما وجدتها مختبئة بين إحدى قصائده .. تناولت أحدث ديوان له ، والذي لم تقرأ فيه من قبل سوى قصيدتين فقط ، تصفحته بل وقرأته بتمعن لتجد في كل قصيدة تلك الحبيبة .. هنا يناجيها .. وهنا يعاتبها .. وهنا يشكو قسوة إهمالها له . بقدر الألم الذي قتل كبرياء أنها الوحيدة في عالمه ، بقدر ما تاهت بين لذة معانقة الحرف لروحه المنسكبة هنا ، والتي لم ترها من قبل في زوجها .. الشاعر .
منذ ذلك اليوم ، انكبت على قراءة كل ما خطه زوجها ، حتى وريقاته القديمة والتي خطها في سني مراهقته .. قرأتها ، لتتجه عن عمد لكل ما تقع عليه يديها له ولغيره ، كان همها أن تكتسب أكبر قدر من الثقافة الأدبية وإن جاءت متأخرة .. حتى الأمسيات الشعرية لزوجها أو لبعض الشعراء حضرتها جميعاً .. مع كثير من الاستغراب المعلن من ملامح زوجها ؛ ما فتئت أن تحولت لإعجاب بها حين تناقش أحدهم بثقة الضليع في أمور أدبية ؛ استهانت بها من قبل ، وحملت ثنايا لياليهما نقاشهما حول بعض ما يكتبه ، ليتهرب هو من قصائده وكلماته .. إليها فقط .
لكن بقي عليها أن تحاور حرفه ، ربما ستكون تجربتها أمام ما يكتبه جنيناً ، لكنه الجنين الذي أحبته ، فليولد على الورق .
أفاقت من تخدير بسمته لصحوها ، نافضة غبار تلك الليلة عن تقويم حياتهما معاً .
طبعت قبلة بسبابتها على وجهه الذي ضمته الصورة المعلقة على الحائط ، اتجهت لذلك البياض الذي توسدت نصفه أحرفها ، ليتكئ القلم على ثغر السطر ناثراً عطر حبره الأزرق :
:
صباح ذنب
أنّبَ رمالَ
صحرائي ..
لتُغرق إغفاءةً
داهمتني ذات
غرور
***
صباح حرف
أغلق أبوابَ
حيرتي ..
ليحمل جنيناً
يتحين بشوقٍ
المخاض
***
صباح نور
أراد انبلاج
فجرنا
معاً



#حنان_الزريعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طُرُقاتٌ مثقلةٌ .. خجِلة
- يمتشق الألم أملاً
- تمرّد السكون


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان الزريعي - جنين الحرف