أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - إرهاب التوجيهية!














المزيد.....

إرهاب التوجيهية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1595 - 2006 / 6 / 28 - 11:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إنَّ حياة جديدة تُكتب لمن ينجو من امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الذي غدا، في معانيه وتأثيراته بالنسبة إلى الطلاب وذويهم، أقرب إلى "الإرهاب" منه إلى الامتحان الدراسي؛ ويكفي ذلك دليلا على أن فشلا تربويا كبيرا يُظهره ويؤكِّده، سنويا، "الامتحان" في حد ذاته، والمرحلة الدراسية التي فيها يُعِدُّ الطالب نفسه له والتي يعدل فيها اليوم لديه ألف سنة مما تُعِدُّ "إدارة الامتحانات" التابعة لوزارة التربية والتعليم.

من الوجهة التعليمية، يذهب الطالب إلى قاعة الامتحان برأس تكاد أن تنفجر من كثرة ما اضطُّر إلى إدخاله فيها من "معلومات" قسمها الأكبر يضر ولا ينفع، ولا بد من تركها حيث هي، أي في بطون الكتب، إذا ما أُريد لملكات العقل الأكثر أهمية أن تُظهِر وتؤكِّد وجودها في "أجوبة" الطالب، وطريقته في التفكير، فالعقل، في القرن الحادي والعشرين، يحتاج إلى قليل من "الذاكرة"، وكثير من "الخيال". أما نظامنا التعليمي، الذي في امتحان شهادة الثانوية العامة تتركَّز معانيه، وتتضح خواصه، فما زال منحازا إلى "الذاكرة" ضد "الخيال".

ومن الوجهة التربوية، يذهب الطالب إلى قاعة الامتحان ولم يبقَ لديه إلا نزر من القوى النفسية التي يحتاج إلى كثير منها حتى يتمكَّن من أن يُظهِر في "إجاباته" ثمار جهده الدراسي الجهيد، فبنفسٍ أمَّارة بكل ما من شأنه الحيلولة بين قدراته الفعلية وبين الاختبار يذهب إلى "الامتحان"، الذي فيه من التأثير "الإرهابي" ما يجعله ينظر إلى خطأه في الإجابة كما ينظر إلى خطأه في تفكيك قنبلة، فخطأه الأول هو خطأه الأخير!

"التوجيهية"، في مناخها "الإرهابي"، والذي هو في حد ذاته خير دليل على فشل تربوي كبير، ليست بالمكان، أو الزمان، الذي يسمح بـ "اختبار القدرات الفعلية والحقيقية" للطالب.. وليست بـ "السؤال" الذي يملك من الخواص وجودة الصنع ما يسمح له بأن يكون مسبارا نعرف به الغور العلمي للطالب، فـ "الهيئة" التي تتوفَّر على صناعة الأسئلة غير مستوفية للشروط التي لا بد لها من استيفائها حتى نرى "العِلْم" و"الفن" و"الذكاء" في "السؤال". والطالب يكفي أن يملك "طريقة جيدة في التفكير" حتى يفشل في إجابة كثير من الأسئلة؛ لأن "الطريقة السيئة في التفكير" هي التي أنجبتها وحضَّت عليها.

هل امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة يتيح لنا اختبار القدرات الفعلية والحقيقية للطالب؟ إذا كان ممكنا ذلك، وهو ليس بالممكن، فالمشتبه في إصابته بمرض السكَّري، مثلا، يمكن، عبر فحص واحد لا غير، تأكيد أو نفي إصابته بهذا المرض، الذي لا يستطيع الطبيب تأكيد أو نفي إصابة المريض به إلا عبر "الفحص التاريخي"، أي عبر التراكم في نتائج فحوص عديدة. وفي علم الظواهر الاجتماعية والاقتصادية نحتاج إلى طريقة "الفحص التاريخي"، فاختبار واحد لا يفي بالغرض.

إذا كانت "الغاية"، في نظامنا التعليمي والتربوي، هي اختبار القدرات الفعلية والحقيقية للطالب فإن امتحان شهادة الثانوية العامة ليس بـ "الوسيلة" التي تمكِّننا من بلوغ تلك الغاية، وهو إنما يشبه محاكمة الطالب في محكمة غير عادلة.

إنَّ الطالب، والإنسان على وجه العموم، لا يملك، وليس في وسعه أن يملك، قدرات علمية "مطلقة"، فالاختبار العلمي والموضوعي لقدرات الطالب العلمية لا يمكن أن يكون من النوع الذي يفضي إلى علامة شبه كاملة لطالب ما في كل المواد الدراسية، فالطالب الذي يحصل على مثل هذه العلامة في الفيزياء والرياضيات واللغة والتاريخ والدين.. إنما هو خير دليل على افتقار الاختبار إلى معاييره الحقيقية. والطالب من حقه أن يُختبر الاختبار الأكبر في مادة دراسية بعينها.. من حقه، مثلا، أن يحصل على 50 في المئة من معدله العام من مادة دراسية ما، فهو يجب أن يُظهِر ويؤكِّد مقدرته العلمية في ناحية علمية ما وليس في كل شيء. والطالب من حقه، أيضا، استعادة مُعلِّمه المقتدر المخلص الذي يبذل من الجهد في "الصف" ما يكفي طلابه شر "الدروس الخصوصية" التي غدت مظهر فساد في نظامنا التعليمي، فالمُعلِّم لا يعطي من جهده التعليمي الحقيقي في داخل "الصف" إلا ما يشدِّد الحاجة لدى كثير من الطلاب إلى دروسه الخصوصية التي لا قانون تخضع له سوى قانون "العرض والطلب".

لقد حان لنظامنا التعليمي والتربوي أن يتغيِّر بما يسمح له أن يتحوَّل إلى قوة تغيير لإنساننا ومجتمعنا،فإن فيه من أسباب الموات الإنساني والديمقراطي والحضاري والاجتماعي ما يمنع الحياة والأحياء من الظهور فيه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -الرأسين- إلى -الرقبة والرأس-!
- قُلْ لي كم لدينا من الديمقراطيين أقول لك كم لدينا من الديمقر ...
- -حماس- في حوار -الناسخ والمنسوخ-!
- الملف الذي فتحه -النواب الأربعة-!
- -الإرهاب- و-الإصلاح السياسي- كما يتصوَّرهما البخيت!
- خطة اولمرت لتفكيك -القنبلة الديمغرافية


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - إرهاب التوجيهية!