أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - مثيولوجيا الأكيتو وتأثيراتها على العقل البشري















المزيد.....

مثيولوجيا الأكيتو وتأثيراتها على العقل البشري


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 02:59
المحور: الادب والفن
    


فَتَن الأكيتو الخيال الديني لشعب حضارة بلاد الرافدين لأكثر من ٢٥٠٠ سنة لأنه كان غنياً بنحو غير اعتيادي بالطقوس والرموز الدينية والاسطورية والاجتماعية والسياسية فقد كان عند السومريين يخصص هذا العيد مرتين في العام مرة عند زراعة الشعير والأخرى عند الحصاد وفي الفترة البابلية تم دمج العيدين في عيد واحد أطلقوا عليه اسم ريش شاتيم أي رأس السنة تحديداً في الربيع ابتداءً من اليوم الأول من نيسان في التقويم البابلي احتفالاً بنصر مردوخ على تيامات الذين كانوا لاينادونه باسمه المعظم مردوخ إنما ينادونه إحتراماً وتبجيلاً ب(بِل) وهي ذاتها بعل أي الرب بغياب العين الحلقي من التدوين المسماري التي تساوي أدون أي السيد في كنعان، وكان العيد يستغرق اثني عشر يوماً بقدر عدد أشهر السنة ويبدأ في نيسان مع إطلالة الهلال وهو يرمز إلى الصراع بين القوى الطبيعية وانتصار العناصر المولّدة للحياة في الربيع وانتصار آلهة الخير على آلهة الخراب في الكون ممثلة في فوز الإله مردوخ على قوى الشر وكان لكل يوم من الأثني عشر له طقوس خاصة فمنها تحتوي على تمثيلية يتم فيها إخراج الإله نابو لوالده الإله مردوخ من جبل العالم الاسفل وإن اليوم الذي تجري فيه هذه التمثيلية يكون يوم عصيب جداً على السكان إذ يحزن فيه الناس ويضربون بعضهم بعضاً حتى تسيل الدماء مثلما سأل دم مردوخ عندما اخذ إلى العالم السفلي حتى تقوم سيدة بابل التي كانت ترتدي في ظهرها الصوف الأسود وعلى صدرها صوف ملون و
تمسح بيديها الدم السائل من قلبه.
وتتركز طقوس العيد على مراسيم تموز الذي نعرف عن موته في الصيف وإقامة الناس مواكب عزاء والمناجات والحزن الجماعي على فقده وكانت مواكب الحزن على الإله تموز المتوفي تبدأ في الثاني من تموز حيث تقام مراسيم البكاء وتحمل فيها المشاعل وفي الأيام الأخيرة من الشهر يتم خلالها عرض ودفن طقسي لدمية تمثل تموز المتوفي ومن ثم فرحة (اينانا( عشتار أو الزهرة) بعودة تموز عند العراقيين القدماء النابعة من معاناتهم المختلفة والظلم الذي يلحق بهم، ثم انتقل الأكيتو بكامل طقوسه إلى الآشيوريين حيث بجلوا في البداية مردوخ ليضمنوا شرعية حكمهم على بابل ثم استبدلوا الأله مردوخ بالإله آشور وورث كامل صفاته وأسماء مردوخ وان هذه الفعاليات تتمحور معطياتها الميثولوجيا وفق طقوس دينية تقام على شكل مهرجانات ضخمة يشترك فيها كل افراد الشعب ويستخدم الكهنة نماذج مجسدة الآلهة ففي اليوم الخامس من مهرجان أكيتو تقرع الطبول وتتعالى اصوات الكهنة في دعاء جماعي وتوقد الشموع والمباخر وتنار أرجاء المعبد ويقوم فريق من الكهنة بمسح أبواب المعبد بزيت ( السدر _شجرة النبق) ثم يقومون بذبح الشاة والطواف بها في ارجاء المعبد ثم مسح جدران المعبد بدمائها وهو عبارة عن انتقال الذنوب البشرية إلى جسد الشاة المذبوحة ومن ثم رميها في النهر الجاري الذي سيجرفها ويجرف كل الذنوب ولاسيما أن لون الدم الأحمر كما أشار إليه الباحث ناجح المعموري ( ارتبط اللون الأحمر بطاقة الحياة وأضفى قداسة متتالية على الدم لأنه رمز الحياة المتحركة واقترن هذا اللون مع الإلهة الذكرية الشابة المقدسة منذ عتبة سومر الأولى ... ويبدو بأن اللون الأحمر صعد من سومر وإن سيادته في مصر الفرعونية متأتي من علاقته بيوسف )، وفي اليوم السادس تبدأ بانطلاق مواكب قادمة من مدن ( الآشورية من آشور وأوروك ونيبور وأور وأريدو ولكل مدينة آله خاصة بها، ولعل هذه الطقوس بالأكيتو له تأثير مباشر في المعتقدات والطقوس في عصرنا الحال فيما يتعلق بأيام عاشوراء من قرع الطبول وحمل دمى الأسد والحصان ودمى أخرى مختلفة ومسح الوجوه بالطين والسير على الزجاج والجمر وحمل المشاعل وحمل تابوت مغطى بالسواد لأحد الأئمة لدفنه وتقديم الشاة وغيرها من الأغنام والمواشي إلى سدنة وخدام المراقد للتقرب زلفى إلى الله كما كان الحال عند كهنة المعابد في العصور القديمة كونها تحقق لهم مصالح شخصية بالإضافة إلى إشباع رغباتهم المادية والجنسية ومنهم من يعتبرهم مٌقدسين لا يستطيع أحد المساس بثوبهم القُدسي ولازالت تلك الشوائب عالقة في العقل البشري فالكثير منا عندما يقوم ببناء دار له يذبح شاء على حجر الأساس ويمسح الدم فيها ومنهم من يقوم برمي عِظامها في مياه النهر الجاري وذلك لاعتقاده بأنها تطرد الأرواح الشريرة اما فيما يتعلق بشجرة ( السدرة _ النبق) فلايزال الاعتقاد بها راسخاً فمنهم من يعتمد على حديث ضعيف جدا جدا عن الرسول (ص)بأنه قال: من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار) وعند البحث في أصل الحديث يتبين بأنه ضعيف ولايعتمد عليه وقد ضعفه الكثير من علماء الدين وقد قال الباحث في علم النفس سعد عبد محمد ( إن جذور المعتقدات التي تحيط بالسدرة تعود إلى الحضارة البابلية لوجود قصص تسرد قدسيتها ولا يقبلون قطعها لإعتقادهم بأن من يقطعها يموت عاجلاً وكان ذلك سائداً في شبه الجزيرة العربية التي تعتبر تلك الشجرة أسطورية محفوفة بالقداسة والأسرار والعوامل الغيبية تجتمع في كينونتها المتضادات والقدرات فهي مكان ولادة الجن ومحط استراقهم في الليل وفي النهار ظل للإنس وثمرتها النبق عزاء لهم وأوراقها السدر طيبٌ يُغسل به موتاهم ودواء يستحم به مرضاهم ولدى تتبع تلك التقاليد تجدها طبق الأصل ما يجري في مجتمعاتنا حيث لازال يتم غسل الموتى بماء السدر ويخشى الكثير قطع شجرة النبق خشيةً منها وهذا من مهزلة العقل البشري الخوف من خرافات دون التحقق من مصدر ذلك المعتقد ومدى صحته وإنما ( عبارة نُرددها : وجدنا آبائنا وأجدادنا يعملون بها) قال الله سبحانه وتعالى بخصوص عبدة الأصنام ( قالوا وَجَدْنَا آباءَنا لَها عَابِدِين) سورة الأنبياء آية ٥٣.
وقد استمر الأكيتو طوال الفترة السلوقية وفي فترة الإمبراطورية الرومانية وفي بداية القرن الثالث الميلادي وإن الاحتفال بالأكيتو مازال مستمراً في حمص ( إميسا) تكريماً للإله الشمسي والحجر الاسود الحمصي ايل جبل والذي نقله الإمبراطور الروماني من أصل سوري إلى روما.
كما أن الكثير من مظاهر الاحتفالات بيوم أكيتو في شهر نيسان والذي كان يعتبر الشهر الأول من السنة في بلاد آشور قد امتدت فكرته إلى الفينقيون والحثيون واليهود واليونانين والفرس حيث احتفل به (الزارد شتيون) منذ القرن السابع ق.م ولكن تحت تسمية نوروز، لذا فإنه مهما حصل من تطور في كل الميادين إلا إن تلك المعتقدات والطقوس ظلت مُهيمنة وفعالة حتى يومنا هذا ...

المصادر
١_ حكمت بشير الأسود / أكيتو : رأس السنة البابلية والآشورية. أربيل .وزارة الثقافة ٢٠١١
٢_ أمجد سيجري. احتفالات الأكيتو .دراسات وأبحاث في التاريخ والتراث واللغات ..الحوار المتمدن ٢٩/٣/٢٠٢٠.
٣_ خزعل الماجدي _ أديان ومعتقدات ما قبل التاريخ _ سلسلة التراب الروحي للإنسان (عمان.دار الشروق للنشر والتوزيع .
٤_ خزعل الماجدي. متون سومر : الكتاب الأول/ التاريخ _ المثيولوجيا اللاهوت_ الطقوس.عمان ١٩٩٨.
٥_ فراس السواح.لغز عشتار الألوهة للمؤنثة أصل الدين والاسطورة( دمشق_ دار علاء الدين).
٦_ فؤاد الكنجي. المثيولوجيا الآشورية وتأثيراتها على الأمم الأخرى_ عيد رأس السنة الآشورية أكيتو نموذجاً .١/١/٢٠١٩ منشور في موقع [email protected].
٧_ ناجح المعموري _ تأويل النص التوراتي _ قميص يوسف _تموز للطباعة والنشر والتوزيع / دمشق .٢٠١٥.



العراق/ بابل.



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة / أكاماكو
- العنوان / الرمزيّة المثيولوجية وأثرها في القصة القصيرة جداً
- قصه قصيرة الياقوته بنت الؤلؤة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - مثيولوجيا الأكيتو وتأثيراتها على العقل البشري