أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهادي حاجي - االاندماج الاجتماعي














المزيد.....

االاندماج الاجتماعي


محمد الهادي حاجي
باحث متحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع

(Hajy Mohamed Hedi)


الحوار المتمدن-العدد: 6603 - 2020 / 6 / 26 - 15:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإندماج الاجتماعي:
يشير مفهوم الاندماج إلى عديد المعاني التي تدلّ على التوحد والانصهار، وهي دلالات تناقض العزلة والتناقض والصراع والهامشية والانقسام، وهو ما يؤدّي إلى التّفاعل على أساس التّماثل والانسجام فيما بين مجموعة من العناصر، وفق عديد الآليات والوسائل أو الطرق، ولذلك فإنّ الاندماج هو تفاعل وضعيّة الفرد أو الجماعة مع أفراد آخرين أو مجموعات أخرى تشاركها أو تتقاسم معها نفس القيم والمعايير داخل المجتمع الذي تنتمي إليه.
وبالاستناد إلى "تاسكوت بارسنز"فإن الاندماج هو أحد الوظائف الأساسية للنسق الاجتماعي، وهو الضامن الوحيد للتنسيق بين مختلف أجزائه من أجل اشتغاله بشكل متوازن، والقطع الواضح مع عمليات الإقصاء والتهميش فهو مفهوم ينشئه كل مجتمع وكل جماعة بهدف انتقال الأفراد والجماعات من حالة المواجهة والصراع إلى حالة العيش أو التعايش، وهي آليّة تمرّ بمراحل التضامن الاجتماعي والتكيف الاجتماعي ثم الاندماج الاجتماعي.
و يعتبر الاندماج الاجتماعي من أهم المفاهيم والقضايا التي تطرح من قبل الباحثين والمفكرين وخصوصا في علم الاجتماع، نظرا لحركة التغيير والتحوّلات السريعة التي يعرفها المجتمع في فترات قصيرة، وذلك سعيا لتحقيق التوازن وتأهيل الفرد والمجموعة، وتَجنّب حالات الاضطراب والإقصاء والتهميش التي تؤدي للمشاكل الاجتماعية، مما يدفع بالدولة إلى أداء دَوْرٍ في هذا المجال.
والاندماج الاجتماعي هو الذي يتكامل فيه أعضاء الجماعة الواحدة من حيث الوظائف والأدوار التي يؤدّونها لبعضهم بعضا، مثلهم في ذلك كمثل كامل أعضاء الجسد الواحد في أداء وظائفه لذلك فهو الإدغام (assimilation)، أو هو كما يقول سهيل ادريس"تماثل واتساق في الفكر والعمل بين المواطنين"، بحيث يوجد أو يتحدد هذا الاتساق بين أفراد المجموعة الوطنية أو القبلية أو العرقية، وهو تماثل بين أفراد الجماعة بفضل التعاون بين أعضائها من أجل المصلحة العامة الضرورية في حياتها.
ويكون الاندماج الاجتماعي برغبة داخلية ذاتية من المندمج، بحيث تساعده هذه الرغبة على سرعة الانسجام والاندماج مع المجموعة، فيعاضدها بكل جهده من أجل أهدافها، وهذا مهم لأن الاندماج الإرادي يكون إيجابيا لتلقائيته، ولا يكون إلا برغبة ذاتية في الانتماء للمجموعة أو الجماعة.
فإذا رُمْنَا تَبَيُّنَ الدلالة اللغويّة لهذا المصطلح، فإنّنا واجدُون في لسان العرب لابن منظور ضمن مادّة "دَمج يدمج دموجًا أي استقام... وأمر دماج ودماج: مستقيم، وتدامجوا على الشيء: اجتمعوا.ودامجه عليهم دماجا: جامعه. وأدمج الحبل: أَجَدَّ فتله، وقيل أَحْكَمَ فَتْلَهُ في رِقّة"
أمّا صيغة المزيد منه "اندمج" بوزن "انْفَعَلَ" فتفيد قيام الفاعل بالفعل لنفسه أي أنّ عملية الاندماج لم تكن فِعْلًا خارجيًّا، وإنما هي حاصلة بتفاعل الشخص المدمج، أو أن الطرف المقابل طرح مسألة الاندماج فتفاعل الراغب في ذلك. وعلى هذا الأساس فإن الاندماج هو موقف تجاه عمل خارجي هو من جنس العمل الأصلي، فهناك تفاعل بين الفئة المدمجة والفئة المندمجة، والفئة التي توجّه إليها مفعول الاندماج، فهي مندمجة تلقائيًّا، وإذا كانت غير راغبة ومضطرة لظروف معينة أو لأسباب عديدة، فهي مُدْمَجَة ظاهريا، بصفة اضطرارية، ولكنها تبقى في واقعها غير ذلك.
إننا نشير في هذا السياق إلى وجود أكثر من مصطلح للتعبير عن الحالة المرجوّة من المشاركة الفعّالة بين أطراف يخشى على أحدها الوقوعُ في معاناة من الإقصاء أو الاستبعاد الاجتماعي، لذلك نفصل بين مفهوم "الاندماج" ومفهوم "الإدماج"، لأن الأوّل يعبّر عن وجود طرفين يتشاركان في علاقة مشتركة مع بعضهما ويؤدي كل منهما دورا ووظيفة، في تحقيق علاقة متكافئة -حسب القدرات والإمكانيات –مع الطرف الآخر، في حين أن الإدماج يحصل عادة من خارج الإرادة، ويصبح المُدْمَجُ واقِعًا عليه فِعْلُ الفَاعِل أو أنّه سِيقَ إلى الإدماج سَوْقًا، أي بقوّةٍ خارجة عن إرادته،كأن تفرض الدولة إدماج المجموعات القبليّة في المجتمع حتى بالوسائل القهرية، فينتج الإقصاء والتهميش والانعزال والظواهر الاجتماعية السلبيّة، وهو ما يجعل الأفق الاجتماعي مفتوحا على عدم الاستقرار.
ويطرح هذا المفهوم في علاقة الدولة بالمجتمع وقدرتها على التحكم في مجالها وحضورها المادي والمعنوي في علاقة بمواطنيها.إِذْ أنّه من الشّروط الموضوعية لتحقيق الادماج تَوَفّرُ شروط السّلام الاجتماعي بين مكوّنات المجتمع، واحترام إرادة الفرد والجماعات تجاه هذه العملية وأن لا يكون الاختلاف والتنوع عائقا أمام الاندماج، لأن التّماثل يختلف عن الاندماج، والاختلاف والتنوع ممكن لوحدة المجتمع،لأنّ نوعيّة الاندماج بمفهوم "التماثل" سيجعل الأفراد والجماعات المطالبة بالانسلاخ والانبتات عن أصلها، تنغلق على نفسها ومحيطها لإحساسها بخطر الذوبان الذي يهددها. وبالتالي يؤدي هذا النوع من الاندماج إلى نتائج عكسية، وبالتالي فإن الاختلاف لا يعني الفرقة، وإنما هو البقاء على الوحدة على أساس التنوّع.
يعتبر مفهوم الاندماج الاجتماعي من المفاهيم الأساسية في علم الاجتماع والانتروبولوجيا، يقاس من خلاله مدى قوّة أو ضعف العلاقة بين المجموعات صلب المجتمع الواسع.
و يمكن الإشارة في هذا السياق إلى أن مفهوم الاندماج من الناحية السياسية يدل على جملة الوسائل أو الخطط والبرامج التي تستهدف المجموعات غير المرغوب فيها، والتي يعتبرها السياسيّون مهدّدة لكيان الدولة أو الوجود الوطني، وذلك باسم "الوحدة الوطنية" و"توحيد المجتمع"، وحمايته من التفرقة والتشرذم والانقسام.



باحث في علم الاجتماع- تونس



#محمد_الهادي_حاجي (هاشتاغ)       Hajy_Mohamed_Hedi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمية والعولمة
- قراءة في مفهوم التنمية من منظور علم الاجتماع


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهادي حاجي - االاندماج الاجتماعي