أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصيف معلم - الهبة الشعبية الامريكية لمواجهة العنصرية خطوة متقدمة باتجاه الصراع الطبقي















المزيد.....

الهبة الشعبية الامريكية لمواجهة العنصرية خطوة متقدمة باتجاه الصراع الطبقي


ناصيف معلم

الحوار المتمدن-العدد: 6589 - 2020 / 6 / 10 - 22:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تتواصل المظاهرات في الولايات المتحدة الامريكية المختلفة لليوم العاشر على التوالي وبقوة أكبر إثر اتشار الفيديو الجديد الذي ظهر فيه شرطي يطرح رجل سبعيني ارضا في نيويورك، وتركه ينزف من رأسه على الارض، حيث المطالبة الشعبية بوقف التصرفات الهمجية للشرطة، وبمعاقبة قتلة فرويد والمطالبة بالحقوق وبالعدالة الاجتماعية، وخلال هذا اليوم العاشر يتقدم الرئيس الأمريكي بوعودات جديدة تتمثل بتحسين البنية التحتية للأحياء التي يقطنها السود.

لقد حظيت هذه المظاهرات الشعبية والاحتجاجات بالأشكال المختلفة بتغطية إعلامية فريدة من نوعها، حيث عزاها البعض لانتشار الفيلم القصير الذي وثق عملية اعدام فرويد، وعزاها البعض الاخر لاستغلال الحزب الديمقراطي لهذه الحادثة قبل الانتخابات الامريكية، واخرون تحدثوا عن احد الأسباب الرئيسية لهذه الهبة المتمثل برغبة المواطنين بفك قيود الحجر الصحي بعد فشل الإدارة الامريكية في مواجهة كورونا، لكن لوحظ ان هناك اجماع عام في الاعلام الأمريكي والاوروبي والعربي على ان أسباب هذه الهبة تتمثل باضطهاد اغلبية السكان البيض للأقلية السوداء.

اعتقد ان كافة الأسباب التي تم ذكرها تعتبر أسباب ثانوية للهبة الشعبية الامريكية، والمتمعن والمتابع للتحركات الشعبية يستطيع ان يلاحظ زيف وكذب وفبركة الاعلام الأمريكي والعربي والاوروبي، لا سيما وان عدد المشاركين من البيض لا يقل عن عدد المشاركين السود في كافة الفعاليات الميدانية، وهذا يُسقط الفرضية المبناة على أساس ان الصراع او النزاع على الأرض هو بين الأقلية السوداء والاغلبية البيضاء، بل ان السبب الرئيسي لهذه الهبة يتمثل بوصول الفقراء والمهمشون الامريكان الى مرحلة صعبة ولا تطاق من العيش، وما كان لعملية قتل فرويد سوى انها القشة التي قصمت ظهر البعير، أي الشرارة التي اشعلت برميل البارود الذي كان مهيئ للانفجار.

لقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أن تُرِوِج وتُسِوِق أفكار الليبرالية الجديدة بأداتها الحادة "العولمة" من خلال وسائل اتصال تكنولوجية غاية في التطور التقني، حيث تم تعزيز الفردية والمصالح الانانية وعقلية الربح، إضافة لعلاقات البشر المبنية فقط على أساس المصلحة بعيدا عن المبادئ الإنسانية التقدمية، بل على قيم الربح و"الشاطر بشطارته". يأتي ذلك في ظل غياب معسكر اخر كما كان الحال إبان الحرب الباردة مما جعل الولايات المتحدة وقيادتها تعيث فسادا من خلال توحش الرأسمالية الامريكية ونظيراتها في معظم الدول الرأسمالية، حيث زيادة عدد الفقراء، وزيادة تفشي الامراض في الاحياء الفقيرة، إضافة الى تدني الأجور وتراجع تَقَيُد أصحاب العمل ببيئة عمل صحية ومناسبة، بل أصبحت حياة العمال لا تطاق خاصة في المصانع وورش الشركات العابرة للقارات.

السؤال: ما دامت الهبة الشعبية الامريكية يشارك فيها السود والبيض، وما دامت عملية قتل فرويد هي الشرارة التي اشعلت برميل البارود المليء بالكره والتحدي والغضب جراء الفقر والاستغلال، ولم تكن عملية القتل هي السبب الوحيد للهبة الشعبية، فلماذا يركز الاعلام الامبريالي الامريكي والرجعي العربي والتركي على ان ما يجري في الولايات المتحدة صراعا بين السود والبيض؟

هناك معادلة تقول بان 1% من البشر يحكمون العالم او يتحكمون في اقتصاد العالم، وان هناك 4% من الشعب يعملون لصالح ال 1%، وان هناك 5% مفكرون ومثقفون يعرفون هذه الحقيقة، وباقي الشعب، ونسبته 90% لا يعرفون الحقيقة ويعيشون في غفلة، هذا وتدور الصراعات ما بين محاولة ال 4% باستعمال المال والامكانيات لمنع ال 5% من ايقاظ ال 90% من غفلتهم لصالح ال 1%.

هذه الحقيقة تعني ان ال 1% وال 4% ممن يمتلكون الثروة وصناعة القرار والاعلام وصناعة الثقافة والرأي هم من يقومون بعمليات القتل والعنصرية والتمييز والملاحقة والمتابعة لأي انسان اخر سواء كان ابيض او اسود، مسلم او مسيحي او بوذي او كنفوشي، فهم يخلقون الصراعات الجانبية بين الأقليات والطوائف والألوان حتى لا يتطور تفكير ال 90% لإدراك ان ال 1% والعاملين معهم هم جلاديهم وعليهم الثورة ضدهم، وهذا ما سماه كارل ماركس بالصراع الطبقي، حيث تقوم طبقة البروليتارية الواعية بأسقاط جلادي الشعوب وتوزيع ثروة ال 1% على الجميع.

هذا يعني ان الأغلبية الساحقة من السكان يعانون جراء عمليات الاستغلال، ومن يعي انه مُستَغَل ومُضطَهَد من المتوقع منه ان يثور ضد جلاديه، وهذا ما حصل في أمريكا، ولفهم الصورة أكثر دعونا نضع مجموعة من المعطيات امامنا. أولا: عدد المواطنين الذين تم قتلهم بأيادي الشرطة الامريكية في الولايات المختلفة خلال السبع أعوام الماضية هو 7500 مواطن امريكي، وكانت نسبة الضحايا من السود هي 26% والاغلبية كانت من البيض (نسبة السود في أمريكا 13.5%). وبالمناسبة شعار المظاهرات الامريكية "اريد ان اتنفس" I want to breatheليست بالجديدة، بل قالها الضحية الامريكي الأسود واسمه Eric Garner عام 2014 والذي تم خنقه بيدي شرطي امريكي ابيض.

تزداد عمليات القتل المبناة على ارضيات مختلفة عام بعد عام، فقد نشرت وكالة Associated Press الامريكية للأنباء أرقاما جمعها صحفيون من جريدة USA Today في جامعة Northeastern University ان عدد عمليات القتل الجماعي عام 2019 أكثر من أي عام منذ سبعينات القرن الماضي والتي وصلت الى 240 عملية.

نعم، هناك عنصرية مقيته لدى الأغلبية البيضاء، فالأفراد مسؤولون، فهناك تشجيع ودعم من مؤسسات الدولة واقسام من المجتمع، ومن وسائل الاعلام والأفلام وقيم وتاريخ طويل من الثقافة القائلة بان السود لم يصبحوا ابدا من البشر، و كما يقول أصحاب البلد "ان السود هم هكذا لان جيناتهم تختلف عن البشر"، ويقولون أيضا كما صاغها العنصري Denish D’souza "ان بإمكانك ان تخرجهم من بربرية الغابات لكن لا يمكن ان تخرج الوحشية من قلوبهم"، وهذه العملية ليست بالجديدة، بل متأصلة في عقول ممن يدعون ملكيتهم للولايات المتحدة الامريكية الذين تاريخيا لم يحركوا ساكنا اتجاه الاعمال العدوانية ضد السود، ومثال ذلك ان القضاء الأمريكي عَوَضَ أحفاد مجزرة Rosewood التي حصلت عام 1923 وتمت عملية التعويض عام 1982 (هذه المجزرة هي هجوم اهل بلدة بيضاء Sumner على بلدة يقطنها السود Rosewood بالقرب من نيويورك، وقاموا بحرق البيوت وقتل الرجال والأطفال عام).

طبيعي مثل هذه الاعمال تجعل الضحايا تثور وبشكل متطرف كما قال الكاتب فرانك ويدسون وهو رئيس قسم الدراسات الافريقية-الامريكية في جامعة كاليفورنيا الذي قال "الحل الوحيد ربما هو تدمير النظام وحرقه"، وهذا ما نشاهده هذه الأيام في شوارع مينيا بوليس جراء اقدام الشرطيDerek Chauvin بقتل فرويد بركبته.

حقيقة ان الغوص عميقا في المجتمعات الرأسمالية يصل الى حقيقة الصراع المتمثل بالصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء بغض النظر عن الدين او الجنس او اللون، فضحايا النظام الرأسمالي هم الفقراء من كافة الألوان والديانات، لكن تحاول الرأسمالية حتى لا يصل اغلبية المواطنين للمواجهة الطبقية او للمباشرة بالصراع الطبقي، تقوم الرأسمالية بإيجاد صراعات ثانوية وعديدة بين سكانها النزاعات بين الأديان المختلفة، وبين المواطنين واللاجئين، وبين السود والبيض، وبين الاسيويين والاصليين وغيرها من الصراعات لإلهاء الناس واشغالهم فيها لإبعادهم، او بالأحرى حتى لا يكتشفوا الحقيقة المتمثلة بطبيعة النظام الرأسمالي غير الإنساني المعادي للإنسان.

قد يسأل أحدنا سؤالا وجيها: "أي صراع طبقي تتحدثون عنه في الوقت الذي تم انتخاب أوباما الأسود رئيسا لأمريكا مرتان منذ عام 2008 لغاية عام 2016، لهؤلاء أقول: "هذا يثبت صحة ما يقال عن الصراع الطبقي الذي لا يعرف الألوان، بل المصالح، واوباما الأسود كان وما زال جزء من أداة القمع الامريكية، فهو يمثل النظام والطبقة الرأسمالية التي تتحكم بالاقتصاد وبالمال.

في الولايات المتحدة كغيرها من الدول الامبريالية هناك اربع قوى حقيقية تحكم الدولة وتتحكم بها، وهي القوة الرسميةPower Official والتي نراها ونتعامل معها كالوزارات وقوى الامن والشرطة، والهيئات المحلية والأحزاب السياسية وغيرها، وبالمناسبة هذه القوة لَيِنة وبسيطة لأنها معروفة وواضحة للعيان. هناك القوة الثانية في المجتمع التي تسمى بالقوة المخفية Hidden power وهي لوبيات الشركات، حيث تقتصر العلاقات على الصف العلوي من الشركات، وهؤلاء يحددون الأرباح ونوعية الإنتاج، والتحكم بالسوق واسعار المواد وغيرها. والقوة الثالثة هي القوة الثقافية المسماة بالقوة غير المرئية Invisible power وهي تمثل القيم والثقافة وعشرات الديانات السائدة التي تصنعها القوة المخفية لأنها تخدم مصالحها. والقوة الرابعة والأخيرة والمعروفة لدى نسبة ضئيلة جدا جدا من الناس وهي الدولة العميقة Deep state وهي الدولة الموجودة داخل الدولة والتي تتحكم بالقوة الرسمية، أي هي التي تُشَغِل وتُشرِف على عمل الدولة الرسمية، وعادة ما تكون من كبار أصحاب رؤوس الأموال الذين يحبذون البقاء بعيدا عن العمل السياسي حتى لا يتسخون، بل لهم ممثلين في الدولة سواء كان ذلك في الحكومة او في البلمان او في المؤسسات الرئاسية، وغالبا ما يتحكم هؤلاء في الثروات في الوطن وفي الدول الخاضعة لها، وعائلتي روكفيللر وروتشفيلد نماذج لهذه الدول العميقة. وهناك أيضا لوبيات عالمية كبيرة لها نفوذ كالحركة الماسونية ومجموعة Bilderberg Group التي تجتمع سرا بعيدا عن الاعلام والتصريحات، حيث يمنع نشر أسماء المشاركين، وهؤلاء يخططون للسياسات على مستوى الكرة الأرضية.

الذي يهمنا نحن ان أهمية هذه القوى الأربع هو قوتها وتحكمها في المجتمع، ونجاحها في إطالة عمر الدول الامبريالية، والتي نجحت لحد الان بنشر القيم والثقافات الاستهلاكية وصنعت النزاعات الطائفية لإبعاد الناس عن التفكير بالصراع الطبقي لأنها تعي بان وعي المواطنين للصراع الطبقي يكون بداية تحطم هذه الأنظمة الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي.



#ناصيف_معلم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف واجهت الحكومة الشيوعية في الصين فيروس كورونا وبدات بالتغ ...
- هل من جاهزية فلسطينية لاستقبال أوباما؟


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصيف معلم - الهبة الشعبية الامريكية لمواجهة العنصرية خطوة متقدمة باتجاه الصراع الطبقي