أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأزهاري - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


محمد الأزهاري

الحوار المتمدن-العدد: 6583 - 2020 / 6 / 4 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


زنزانة مظلوم
يومان فقط تفصل صديقي خالد عن الحرية ويجب عليً إنهاء هذه القصة التي تقرأها أنت الآن عزيزي القارئ ليُّخرجَها معهُ على أملِ أن تتطوع أحد الصفحات وتنشرها، كي لا تبقى أسيرة معي هنا إلى أجلٍ غير مسمى. هذه القصة لا يعرفها إلا صديقي خالد وأحمد، هذا الأخير شريكُنا في الزِّنزانة التي نطلق عليها لقب "زنزانة المظلوم" نسبةً لي،لم تتبقّى له سوى أربعة أشهر لمعانقة الحرية .
بيني وبينكم لا أحد منهم صدّق قصتي .
- يقولون " إن كل سجينٍ يدعي البرائة ويظن في أعماقه أنه غير مذنب" لن أنكر هذا الأمر لكنه لا ينطبق عليَّ وعلى مجموعة من السجناء هنا .بوسعهم أن يظلموننا وأن يسجننونا لكن قصتنا ليست جسداً لتسجن معنا والدليل أنها وصلت إليك حبيبي القارئ .
قصتنا لن تبقى هنا مقيدة بيننا فهناك من سيصدقها ويفهم عمقها .
في زمن انتشار جائحة كورونا قبل سنتان من الآن تم فرض الحجر الصحي الذي دامت فترته قرابة ثلاثة أشهر,مما جعلني أملُّ الجلوس في المنزل .
قررت فجأة القيام ببعض التمارين الرياضية، وبما أنني أقطن في "حي الأمل" الذي يتنافر اسمه مع واقعه. لم أجد مكاناً في هذه الظرفية الإستثنائية أفضل من"واد سوس" حيث شساعة الفضاء وخُلوِّه من النّاس والشرطة مما يقللُ من احتمالية إصابتي بالعدوى .
ارتديت ملابسي الرياضية متعجلاً وذهبت نحو الوادي مهرولا بسرعة متفادياً الشرطة ما أمكن .
بدأت ببعض الحركات المحفزة للعضلات ثم شرعت في الركض ببطء متوجها نحو القنطرة الرابطة بين "إنزكان وأيت ملول" مبتعدا بذلك عن القنطرة الرابطة بين "تيكوين وأيت ملول" لأنني لم أجد راحتي هناك نظرا لسمعتها السيئة وما يكتنِفُها من شبهات، فهي ممرٌ للسيارات من الفوق، ومن تحتها ممرٌ رئيسي لبائعي ومستهلكي الحشيش، بالإضافة إلى العديد من المخدرات التي تباع بجوارها مثل (المادة اللاصقة والكحول) وغيرها .
وبينما أنا أركض علا صوت تردد صداه في أرجاء الوادي، لم ألتفت له في البداية لأنني ظننت أنه مجرد نباحِ الكلاب الظالة التي عادة ما تعترض طريقي وأنا أمارس الرياضة هنا. لكن وبعد التمعنِ قليلاً سمعت كلمةً أعرفها معرفةً جيدة : "وْقافْ وْقافْ" ، وإذا به شرطي بزيٍّ شخصٍ عادي، أي شرطي متخفي (أنا أعرفهم من هيئتهم) يقصد بقوله "قِفْ". ربما يظنني أحد المدمنين، لكن بما أنني لست مذنبا ولا مدمنا فلا داعي للهرب .
بدأ سير باتجاهي بخطواتٍ متسارعة. رفعت يديّ قليلا وبشكل بارز ليراهما جيداً كي لا يشك أنني قد تخلصت من شيء ما. وهذه عادة الشرطي الحاذِق ينظر إلى اليدين بدل الوجه على أمل أن ترميّ شيئاً من شأنه أن يُستغل حجة ضدك .
مشيت بخطوات متساوية متقاسماً معه الطريق،لعلَّ تصرفي هذا يزيد من برائتي ويؤكد حسن نيتي .
أحكم قبضته على يدي وقال: ماذا تفعل هنا ؟وأين الكمامة ؟
- أجبت : أمارس بعض التمارين الرياضية أما الكمامة في جيبي ولا أضعها لأنها تخنقني وأنا أتمرن .
- وهل معك ورقة السماح بالخروج .
- لا .
- إذاً عليك دفع الغرامة .
- ليس معي نقود وكما ترى فأنا أرتدي سروالاً رياضياً قصير .
الشرطة دائماً لها أقوال وحلول احتياطية.
- قال ستذهب معنا وهناك اتصل بأحد أقربائك ليأتيّ ويدفع عنك .
كانت سيارة الشرطة تنتظرنا فوق القنطرة الخبيثة. أدخلوني إياها من دون أن يقيدو يديَّ، لحسن الحظ بدت المعاملة جيدة لم يعاملونني كمجرم،هكذا ظننت للوهلة الأولى .
وصلنا إلى المخفر وقالوا إنني سأخضع لإستجوابٍ خفيف. أدخلوني غرفة التحقيق .
- كان أول سؤال موجه لي من الضابط هو "أشنو كنتي كادير فالواد" ؟
-"كنت كانتريني أشّاف" .
- بل ذهبتَ لشراء الحشيش بذريعة أنك تمارس الرياضة .
لا أيها الضابط أنا لا أدخن الحشيش وقد أحضروني هنا لأنني لا أملك ورقة الخروج وليس بجنحة حيازة أو استهلاك مخدر الشيرا اسأل الشرطي الذي أحضرني إن لم تصدقني، بالإضافة إلى أن مخدر الشيرا يباع في منطقة زراعية بين الضيعات الفلاحية في أحد حقول القمح الكبيرة المُسيَّجة بأسلاكَ حديدية وذاك المكان بعيدٌ كل البعدِ عن مكان اعتقالي .
- إذاً أنت تعرف جيدا أين يباع الحشيش فقد وصفت مكانهُ بالتَّحديد .
- نعم أعرف مكانهُ بالظَّبط.
- قال:أليس من الغريب أن تعرف أين يباع الحشيش ولا تستعمل الحشيش ؟
- قلت:أوليس الأَغرَبْ أن تعرف أين يباع الحشيش ومازال يباع الحشيش !!
ومنذ تلك اللحظة وأنا قابعٌ في السجن أنتظر حكمي .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأزهاري - قصة قصيرة