|
الحكمة
أكرم أكرم الماجد
الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 16:23
المحور:
الادب والفن
تحري الحكمة والعمل بها من أشرف أنواع السعي لتحصيل الكمال والسعادة في الدارين ، وهي فوق المعقول والمتخيل والمحسوس ، وقد قيل في تعريفها : الحِكْمَةُ : معرفةُ أفضل الأشياء بأَفضل العلوم . وليس الأمر كما ذكروا ، إذ من الحكمة معرفة أخس الأشياء ، فالحكمة معرفة جامعة للأفضل والأخس . وعرفت أيضاً : بأنها وضع الشيء في موضعه . وليس هذا التعريف محدد لمفهوم الحكمة ، بل هو معنى عام ينطبق على العاقل والعادل وغير ذلك . ثم أن التعريف المذكور يتناول الحكمة العملية دون النظرية . وأيضاً : أطلقوا على الفيلسوف حكيم ، وليس كذلك ، فالفلسفة بحث عقلي قد تتفق مع الحكمة وقد تختلف . وخلط أخرون بين المعارف والحكمة ، فأطلقوا تلك على هذه ، وأطلقوا لفظ الحكيم على من ليس هو حكيم . وهكذا تختل الموازين عند الباحثين فتؤخذ الكلمة على أنها حكمة من حكيم ، وفي ذلك تضيع الحقيقة المعقودة بها ، وتجزء الكلية المخصوصة بها ، وتذوب الزُّبدة الموسومة بها ، وتفقد الضابطة القائمة بها ، وتنزل الشرفية الموسومة بها. . ولما كان موضوع الفقيه أحكام الحلال والحرام بمقتضى النص فهو تخصص غير حكمي ، وإن كان منشأ الأحكام حكمي . وكان موضوع الفيلسوف الوجود بما هو وجود ، بمقتضى العقل ، فهو بحث عقلي يصيب ويخطأ ، قد يتفق مع الحكمة وقد يختلف وهكذا موضوع المتكلم أصول الدين ، بمقتضى النص والعقل مستفيدا من معطيات البحث الفلسفي كثيرا ما . وأيضا موضوع العرفان : الله والأنسان والعالم عموما يبحثه بحثا باطنيا بغية تحصيل الكمال ، وليس هو حكمة وإن أتفق معها . وعليه : يتضح المائز إذا عرفنا خصوصيات العلوم المذكورة ومواضعها، وعرفنا خصوصيات الحكمة وموضعها . فأما الخصوصيات فقد تقدمت إشارة منها ، وأما الموضع الأول للحكمة فهو القلب ، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) . وليس بحث الفقيه والفيلسوف والمتكلم بحثا قلبيا فهو ليس حكمة بمعناها ولو أفاد ذلك ، وأما العارف فهو وإن كان بحثه قلبيا إلا أنه يتميز عن الحكمة بما يأتي . . يبحث العارف بحثا نظريا في نفسه والله واسمائه والعالم بغية تحصيل الحقيقة ، ومن ثم العمل بها لتحصيل الكمال والمقام المحمود . وهكذا تتجلى لديه الدقائق والرقائق فيعقلها قلبا وقالبا ، فهو بحث في عالم الباطن والتأويل برد الأشياء الى مآلها ونبعها ، وقد يلتبس عليه الأمر وان قل أو ندر كما يكثر عند الفقيه والمتكلم والفيلسوف . وأما الحكمة فهي كلمة جامعة تلم شتات المتفرق وتجمع ما هو كائن ويكون بضابط عدل وقول فصل ، بميزان الحق ومن عين الحقيقة . ولذا يمكن أن يقال : كل حكيم عارف ، وليس كل عارف حكيم . . ولما كانت عين الحكمة عالية ، ومنبعها رفيع ، ومطلبها جامع ، ومصاديقها كثير ، صعب على العقول غير النيرة ، والنفوس غير المهذبة إدراكها والعمل بها ولو كانوا علماء ، فضلا عمن هم دون ذلك ، ولذا قيل : لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم . والحِكَم مراتب .
#أكرم_أكرم_الماجد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|