|
حلمي بأشلاء من جسدي المقطع
لينا كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 6579 - 2020 / 5 / 31 - 17:34
المحور:
الادب والفن
في صباح يوم الأربعاء الساعة الرابعة فجراً.. قصفت احدى الطائرات حي سكني وتواجدي.. يقول الطفل الصغير: استيقظت على صوت طائرة تحوم حول منزلنا فرحت للصوت كثيراً وقلت محدثا نفسي.. اخيراً سوف أرى الطائرة بأم عيني.. خرجت مسرعاً لسطح المنزل، لوحت بيدي الطرية للطائرة بنشوة وأخذت اصيح انا هنا انا هنا.. فجأة صدر منها صوتاً مرعباً لا يتناسب مع لعب الأطفال وبراءتهم.. شعلات بالرعب واهتز جسدي بقوة.. بعدها لم اعرف ما الذي حدث لي. عندما وعيت رأيت نفسي مركونة بين كومة من الاحجار الضخمة.. حاولت الخروج لم أجد يدي ولم اعثر على اصابعي كي اتشبث بها لأنهض كما كنت افعل دائما.. نظرت لقدمي لم اجدها هي الأخرى.. أما أذني والحلقة التي كنت اتزين بها فشاهدتها على بعد أمتار من نظري بين صخرتين داميتين.. قلت محدثا نفسي قد يكون هذا حلما قرأته تفاصيله في نص ممزق لكاتب ثمل مجهول قرر تمزيق جسد قصة لم يقتنع بها فمزق الورقة التي كتبها في لحظة اشمئزاز وغضب.. بدأت بالصراخ مستنجدة.. يا أميّ اشعر بالخوف.. أنى فقدت لأجزاء من جسدي.. ساعديني كي اخرج من بين الركام.. سمعت صوتاً مخنوقاً يجيبني بكلمات متقطعة لم افهم منها شيئاً.. عاودت الصراخ طالباً النجدة منها.. لكن صوت الاطفال ونحيبهم طغى على سمعي وانساني محنتي في تلك اللحظات الصعبة.. صبرت على آلامي حل الصباح.. قدم أوائل الاحياء لرؤية ما حل في المكان!! وبعد ضجة وفوضى تجمع تداخلت فيه الأصوات.. تم حمل اجسادنا الممزقة.. اخذوها لمكان مجهول لم أدركه.. أخذوا برمي التراب علينا.. شعرت بالاختناق.. أكره لحظات دفن الموتى.. ولم أحب الظلمة.. منذ ان وعيت على نفسي كنت اريد النوم الى جانب والديّ.. اين هم الآن بدأت بالصراخ بصوت اعلى. انا لا أرى أحدا منكم.. اين والدي.. أين أمي.. لكن صراخ الارواح المرعوبة طغى على صوتي.. مازالوا يجهلون ماذا حدث لنا.. بعد اسبوع من دفني في مكان غريب عن والديّ لم اعد اريد شيئاً سوى ان تتجمع قطع جسدي من جديد.. ما زلت اشعر بالنقص.. لم يجدوا سوى قدمي المبتورة، وبعد يومين من دفني رموا أصبعي الصغير؟ قالوا: هناك طفلة كانت تلعب في مكان موتي رأت اصبعاً واصيبت بالذعر الشديد.. لا املك سوى رأس مكون من اذن واحدة وعين واحدة وانف مشوه وفك طائر وأصبع وقدم.. اما بقية أجزاء جسدي الآخر فلا اعرف اين دفنت.. أو مع اي عائلة رقدت.. اتمنى ان تكون ذراعي مدفونة بين والديّ.. كلما اشعر بالرعب يمسكون بيدي ليعاضدوني في محنتي.. بعد مرور أيام.. حينما أدركت الامر.. واستعدت شكل الطائرات المحلقة في الاجواء.. قلت انها نفس الطائرة التي لوحت لها بذراعي.. وايقنت انها كانت السبب ببترها.. تذكرت العام الثامن من عمري حينما مسكت اصابعي خيط أول طائرة ورقية لعبت بها مع اخوتي.. وحلمي ان أصبح طياراً أملك طائرة اقودها لألوح للأطفال الصغار من أبناء حارتي.. ما الذي حدث في تلك الساعة؟! هل قتلني حلمي؟ أم قتلتني تلك الطائرة المغيرة؟ كل اعرفه انها لم تكن لعبة أطفال فالطيار الذي حلق فوقنا بطائرته لم يكن يمزح معنا..
ــــــــــــــــــــــــ 30/5/2020
#لينا_كنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|