أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - سولجنيتسين وهلسنكي والأيديولوجيا














المزيد.....

سولجنيتسين وهلسنكي والأيديولوجيا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 13 - 16:56
المحور: الادب والفن
    


مفهوم «حقوق الإنسان» أصبح له رنين عالٍ، ومسألة حساسة تحاول كل دولة أو جماعة أن تُظهر مدى الالتزام بها.
ترافق نفي المنشق السوفييتي ألكسندر سولجنيتسين الكاتب والروائي والمسرحي والمؤرخ عام 1974، مع انعقاد مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون الأوروبي عام 1975، خصوصاً باحتدام الجدل حول مفهوم حقوق الإنسان في إطار الصراع المتفاقم بين الشرق الاشتراكي، والغرب الرأسمالي.
وقد استخدم الغرب كل ما لديه من طاقات وإمكانات مادية ومعنوية، في صراعه مع الشرق لإظهار جانبه المظلم، لاسيما ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وهو كلام حق يُراد به باطل، في ظل حملة دعائية كبرى استخدمت فيها الحرب النفسية والقوة الناعمة، وأساليب التضليل والخداع.
وكان لرواية أرخبيل جولاج دور كبير في تلك الحملة التي كشفت على نحو مثير ومؤلم ما كان يجري في معسكرات الاعتقال والأعمال القسرية للسجناء، وكان سولجنيتسين نفسه قد قضى فيها 8 سنوات، وقد أطلق سراحه إثر خطاب ألقاه الزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف في 1956 ندد فيه بالمجازر التي ارتُكبت في الحقبة الستالينية، علماً بأن سولجنيتسين مُنِح جائزة نوبل للآداب عام 1970.
ويعتبر مؤتمر هلسنكي الذي حضرته 33 دولة أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا، محطة مهمة للصراع الأيديولوجي، الذي اكتسب سحراً خاصاً في ما سُمي سياسة الوفاق و«نظرية بناء الجسور» التي عبر عنها الرئيس جونسون بقوله: «إنها جسور ستعبرها بشكل دائم كميات كبيرة من البضائع والأفكار والزائرين والسياح»، فقد أدرك الغرب نقاط ضعف الاتحاد السوفييتي على الرغم من جبروته وقدراته الحربية، بسبب شح الحريات ونظامه الشمولي، وقد سبق لجون بول سارتر أن قال عن الدول الاشتراكية: «إنها قلاع متينة هكذا تبدو من الخارج، لكنها هشة وخاوية من الداخل».
وإذا كان الاختلاف بين الشرق والغرب حول مفهوم حقوق الإنسان ناجماً عن خلفية فلسفية، فإن الغرب نجح في ما وفره من حزمة حقوق مدنية وسياسية في أوطانه، لشن هجوم ضد المنظومة الاشتراكية التي انشغلت بالحقوق الجماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنه عزل الكتلة الاشتراكية عن العالم في إطار ما سمي ب«الستار الحديدي»، وهو ما حاول الغرب توظيفه عبر المنشق سولجنيتسين الذي أسهم في تلك الحملة من داخل روسيا ومن خارجها فيما بعد، في ظرف بدأت فيه رقعة الحقوق والحريات تتسع، والمطالبة بها تكبر وتتعاظم، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي ظل الحرب الباردة والصراع الأيديولوجي الجديد الذي امتد من عام 1947 لغاية 1989.
جدير بالذكر أن مفهوم «حقوق الإنسان» أصبح ذا رنين عالٍ، ومسألة حساسة تحاول كل دولة أو جماعة أن تظهر مدى الالتزام بها، والأمر لا يقتصر على الشرق؛ بل إن الغرب ذاته يعاني انتهاكات صارخة وسافرة للحقوق والحريات، ويمارس أنواعاً مختلفة من وسائل التدخل في حق أمم وشعوب أخرى؛ بل ويحيك المؤامرات ضدها.
وبالعودة إلى مفهوم الحقوق فيمكن القول إنها بدأت تتطور منذ قرنين ونيف من الزمن، وقد لعبت الثورة الفرنسية 1789 دوراً كبيراً في تعزيزه، لاسيما «بإعلان حقوق الإنسان والمواطن» الذي يعتبر وثيقة أساسية لتأكيد الحقوق الفردية والجماعية، وذلك تأثراً بالفكر التنويري ونظريات الحقوق الطبيعية، والعقد الاجتماعي التي جاء بها جون لوك، وجان جاك روسو، وفولتير، ومونتسكيو، وقد نصت المادة 4 من الإعلان أن «كل الناس أحرار، والحرية هي إباحة كل عمل لا يضر أحداً، وبناء عليه، لا حد لحقوق الإنسان الواحد غير حقوق الإنسان الثاني، ووضع هذه الحدود منوط بالقانون دون سواه».
ولكن مفهوم حقوق الإنسان لم يبلغ أوجه إلا بعد نحو قرنين من الزمن، حيث تجلى في إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.
وإذا كان الغرب قد أثار ضجة كبرى بسبب طرد المنشق سولجنيتسين عام 1974، بعد انتقاله للعيش في سويسرا، ثم للولايات المتحدة، فإنه نُسي تماماً بعد انهيار الكتلة الاشتراكية، وعاش في عزلة كبيرة واضطر للعودة إلى موسكو عام 1994، وعلى الرغم من أن الرئيس فلاديمير بوتين منحه جائزة الدولة للغة، فإنه تم إهماله في روسيا أيضاً، حتى إن وفاته عام 2008 لم تُثر أي اهتمام يذكر، لا في الغرب ولا في بلاده، فالصراع لم يعد أيديولوجياً بين موسكو وواشنطن، بقدر ما هو صراع مصالح ونفوذ في إطار منظومة الاستغلال العالمي.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وماذا عن مؤتمر سان ريمو ؟
- كورونا.. والحرب الناعمة
- العراق ورواية -الأخوة الأعداء-
- مظفر النواب يتلألأ في ضمائرنا*
- ثقافة وحداثة
- رفعت الجادرجي أثمة استعادة وتأصيل ل - الليبرالية العراقية-؟
- «كورونا» وقلم أينشتاين
- من دفتر الاختفاء القسري
- -الهندوية- وروح غاندي
- اليوم العالمي لمعرفة الحقيقة
- ماذا بعد الاتفاق الأمريكي مع طالبان؟
- الدرس الصيني
- عن فكرة الحوار والتكامل والأمم الأربع
- هل «الوطنية» من إرث الحرب الباردة؟
- مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الهوية والمواطنة - الحاجة إلى الإ ...
- السرّ الأكثر علانية - العراق يتجه إلى المجهول
- د. شعبان: في العراق، لا بدّ من اعتماد آليات توحيد ديمقراطية ...
- الشيعة والشيعية السياسية- مقاربات سسيوثقافية -
- العنف الراديكالي
- التربية على الدولة المدنية


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - سولجنيتسين وهلسنكي والأيديولوجيا