أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منوبية كامل غضباني - قراءة في قصيدة تسابيح للشاعرة سفانة بنت ابن الشاطئ















المزيد.....

قراءة في قصيدة تسابيح للشاعرة سفانة بنت ابن الشاطئ


منوبية كامل غضباني

الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 12 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


غاب الشّعر في الطبيعة وجماله مع شعراء الجاهلية والعصر الأندلسي وقد صنفوه كشعرالأكثر خصوبة وعذوبة .برع فيه ابن خفاجة الأندلسي ..وقصيدة الحال "تسابيح" للشاعرة المبدعة سفانة اسماعيل شتات / سفانة بنت ابن الشاطئ ، و التي تنسجم مع هذا الشعر وتقطع مع المألوف من الأغراض الشعرية المتداولة محلّقة بقُرّائها في مشهد من أجمل مشاهد الطبيعة .وقد أبدعت فيها وأسقطت عليها مشاعر الفرح والبهجة ورقّة الإحساس ..

تسابيح" ....صيغة صرفية ..أسم مرّ من الفعل سبّح وهي تعني ترنيمة وترتيلة لشكر الخالق وطقس من طقوس شكره وحمده...وهذا العنوان بما يسمه من فيض الثراء يظل قابلا لتعددية قرائية وتأويلية ...وأجدني عند أعتابه أفترض أنّ شاعرتنا سفّانه حمّلته معنى من التسبيح من أوساع مشهد الغروب الذي أقرّ عينها بعظمة الخالق وبديع خلقه فانتقاء هذا العنوان يتألّق بحمولة المزج بين المشهد ونسيجه وعناصره إزكاء للمعنى المتفوق لل"تسابيح" في ذات اللوحة ورحابها ..تستهل شاعرتنا قصيدها :

إقتباس :

لمّا توشّح بالحفيف غناؤها
وهفيف أنسام النّهار الضّاحي
.
وخرير نبع قبّلته أشعة
من ثغر وجه مشرق وضّاح

فاستعمال لما في المقطع الأول وهي ظرفية بمعنى "حين" هنا تقتضي جوابا لاحقا وقد أنبأت الجملة الإسمية عن النتيجة والعلاقة بين المشهد الذي وصفته وبين الذي صار وهي البنية السطحية لنصّها التي تحيلنا على بنية عميقة مذ البداية ...فالحفيف والهفيف والخريروالغناء والنهار الوضاح هي اللوحة الراشحة بالفيء...تغريك بنبعها وأنسامها وسمفونيتها .وهي من قبيل الألفاظ النديّة التي تطرب الأذن والنّفس فاللغة بسحرها الأخّاذ تلوّن المشهد تدريجيا ليكون في تكوّن مستمرّ ...إذ ترسمه بالحروف والكلمات ...فتحاصرنا ابعاده مسترفدة من موهبة شاعرتنا وقدرتها على الفعل في اللغة باللغة وحرفيتها في رصد والتقاط ما قد يكون عمت عليه بصيرة غيرها ..والشاعرة ترى بعينها ما قد لايراه غيرها ..


فالتفاصيل المدرجة بهذا المشهد جاءت بطريقة مذهلة مدهشة تنبه الى مافيه من عمق وجمال وقد زادها حضور الصيغ الصرفية(اسـم الفاعل وصـيغ المبالغــة ، والصفة المشبهة، ( على غرار الكلمات المستعملة في نصها الشع(الضّاحي .. وضّاح.. كُدّاح... الفتّاح...الدّواح...)وهي ابنية لغوية اتفق النقاد على أهميتها ودورها في صدى الصّوت عند قراءة القصيد وكذلك الفاعلية الإبداعية التي تضفيها على المعنى واستنباط جانح لعمقه، كما أنّ الوصف لمشهد الغروب في هذا المقطع الأول من النص غزاه وصف دقيق وتكثيف وعمق.حقّق متعة القراءة من ناحية وأفضت الى موقف آخر يتمثل في اخراج القارئ والمتلقي من ثقب ضيقه الى عالم بهيج وطبيعة خلابة ومشهد غروب رومنسي أوليست الطبيعة ملاذنا عند الضيق ..وقد استعملت صيغة الأمر بكثافة (اشرب..انعم...اغنم ...اهتف...اصدح) وهي افعال تشحذ الهمم وتزخر بالحياة ..رائقة تملأ الروح اغتباطا


وقد استعملت "هيّا" وهو حرف نداء للبعيد مطلقة صوتها الى كلّ النّاس لا سيّما (الحزين....والكّداح)وكأني بها تشير الى الفعل السحري لهذا المشهد على الحزانى بما سيفيضه من بهجة واشراقا وعلى الكدّأح الذين لفرط كدحهم على هذه الأرض قد لا يرون المشهد..كما برعت شاعرتنا في هندسة قصيدتها فأحالتها الى بانورما وتجلى منحى القصيد الجمالي ليبلغ ذروته مع تحققات الفعل الشعري وما جسدته من معان في هذه المقاطع (صار الوجود...فردوسا له...نحو الغدير....كي نرى مواكب الافراح....ايك يصفق بالأكف...ظل الورود قبلات وجد من ثغور ملاح...طرب الفؤاد برشفة الأقداح...)


فما يمكن ان نخلص اليه في هذا السياق هي الظاهر من المشهد في المستوى الاول وفي طريقة ادراكه في المستوى الثاني ...وهنا تكمن قدرة المجالات اللغوية الغنية بالإستعارات والتشبيه الضمني والمباشر في علاقتها باخراج الصورة بطريقة مدهشة..فدقّة التشخيص والإلتحام الرّوحي بالمشهد وقوّة تأثيره في الشاعرة كان من أهمّ تيمات النّص ...وكذلك الإكثار من التشابيه والإستعارات كان له فعله في جمال الأسلوب الشعري وجزالة اللفظ ورومنسية المعاني (قبلات من ثغر وجه وضاح...لتمنحها أكثر عذوبة في اخراج لغوي آخر تفجّره الإستعارة الجيدة لظلّ الورود النضير وتشبيهها بقبلات وجد من ثغور ملاح ..) لتبسط اللغة الشعرية سيطرتها وسطوتها وتهيمن على المنجز الإبداعي في قصيدة الشاعرة القديرة سفانة بنت ابن الشاطئ ...تتناسل المعاني منثالة منسابة رقراقة بدفقها من انصهار الذات الكاتبة مع المشهد الذي خاط نسيج القصيد وينبثق علينا أمرا من خلال البيت التالي:

إقتباس :

اشرب بظل الدّوح أقداحا المنى
طرب الفؤاد برشفة الأقداح

فما كان لشاعرتنا ان تصرفا القول تصريفا عجيبا وترصفه القلائد وما كان للوصف ان يعتلي قمة اللفظ والمعنى ليطل بنا على مدارات من صنع الخالق الأوحد لولا رهافة حسها و تقول أيضا :

إقتباس :

"اهتف لمن زان الوجود مكبرا
واصدح بحمد المبدع الفتاح

والحمد واجب لمن اغدق من نعمه علينا ..قصيدة جميلة كلّما توهمت أنّي أمسك بتلافيفها الا وانفلتت مني ، الشاعرة المبدعة سفانة بنت ابن الشاطئ صدقا في هذه القصيدة بالذالت لم أهتد من القصيدة أأنت أم هذا الكلام النضيد ..كم احسست أن القصيدة تسابيح هي أنت لا تفرق عنك ..دفق وجدانك المرهف وخلجات روحك الهفهافة ...منحت الشعر من ذاتك فغدا ساحة من البيان العتيق المعتق ..تسابيح قصيدة خصبة فاتنة ...مجال لغوي رحب كنت فيه وصافة بامتياز ..روضت فيه الحرف فأينع واستسقى مزنه من شحناته التعبيرية وطاقاته الثّرة .رحلت فيها وقد أغرتني قراءته متمردة كعادتي تمرد العاشقة فاستحالت قراءتي شهقات تسمق بالإنبهار وتستحيل على الكلام ...


تـســـــابـيـــــــح
شعر: سفانة بنت ابن الشاطئ

لَــمَّـــا تَــوَشَّحَ بِـالـحَـفِـيــــفِ غِـنَـــــاؤُهَــا
وَهَفِـيــــفُ أَنـسَــــامِ النَّـهَــــارِ الـضَّـاحِــــي

وَ خَـــريــــرُ نَــــبـــعٍ قَبَّلَــتـْـهُ أَشِــــعَــــةٌ
مِـــن ثَـغـــــرِ وَجــــــهٍ مُـشـــــرِقٍ وَضَّــــاحِ

صَـــار َالوُجُــــودُ الطَّلـــقُ فِردَوسًــــا بِــــه
سَـلـــــوَى الـحَــــزِيـنِ و رَاحَـــــةَ الـكـُـدَّاحِ

هَـيّــــا بِـنَــــا نَـحـْـــوَ الغَـدِيــــرِ لِـكَـي نَــرَى
فِـــــي شَـاطِـئَـيــــهِ مَــوَاكِـــبُ الأَفَــــــرَاحِ

أَيــــــكٌ يُــصَــفِّــقُ بِـــالأَكُـــفِّ مُــهَــلِّـــلاً
مَـــــا بَـيــــنَ تَـغـرِيــــدٍ و خَــفــقِ جِــنَــاحِ

ظِــــــلُّ الــــوُرودِ النَّضِـــــر ِ فَوقَ أَدِيمِـــــهِ
قُـبُـــــلاَتِ وَجـــــــدٍ مِــــــن ثُــغُــورِ مِــــلاَحِ

فَاشـــرَبْ بِظِــــلِ الــــدَّوحِ أقـــــدَاحَ المُنَـى
طَـــــرِبَ الــفُـــؤَادُ بِــرَشــفَــةِ الأَقـــْـــدَاحِ

و أَنـعِــــــم بِـأَنـفَــــاسِ الـرَّبِـيـعِ وَسِــحــرِهِ
فَــغَـــــدًا تُــــــؤَذِنُ شَـمــسِـــهِ بِـــــرَوَاحِ

و اغـنَــــم لَـذِيــــذَ العَـيــــشِ بَـيـنَ خَمَـائِـلٍ
فَاضَـــت بِلُطــــفِ بَشَاشَـــــةٍ و سَـمَـــاحِ

و اهتُــــف لِمَـــــن زَانَ الـوُجُــــــودَ مُكَـبِـــرًا
و اصـــــدَح بِـحَـمـــــدِ الـمُّـبــــدِعِ الـفَـتَّــاحِ



#منوبية_كامل_غضباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضواء على أمسية ملتقى قناديل الفكر و الأدب الثالثة الإلكترون ...


المزيد.....




- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منوبية كامل غضباني - قراءة في قصيدة تسابيح للشاعرة سفانة بنت ابن الشاطئ