أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أمين باشا - من تراث الحركة الشيوعية في تونس مداخلة مندوب الجامعة الشيوعية في تونس في المؤتمر السادس للأممية الشيوعيّة الثالثة بتاريخ 17 أغسطس 1928















المزيد.....


من تراث الحركة الشيوعية في تونس مداخلة مندوب الجامعة الشيوعية في تونس في المؤتمر السادس للأممية الشيوعيّة الثالثة بتاريخ 17 أغسطس 1928


أمين باشا

الحوار المتمدن-العدد: 6558 - 2020 / 5 / 8 - 02:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من تراث الحركة الشيوعية في تونس
مداخلة مندوب الجامعة الشيوعية في تونس في المؤتمر السادس للأممية الشيوعيّة الثالثة بتاريخ 17 أغسطس 1928 (*)
ترجمة أمين باشا
ومراجعة إبراهيم العثماني وخميس عرفاوي

الرفيق مصطفى ( من تونس) (1) :
يصنف بلدي تونس في الأطروحات المتعلقة بالمستعمرات(2) ضمن الصنف الثاني حيث التمايز الطبقي لا يزال نسبيا قليل التطور. فبلدان شمال أفريقيا حيث توجد تونس، هي بالأساس بلدان زراعية. فالصناعة هناك لا تزال متخلّفة لأنّها تقتصر على استخراج الحديد والرّصاص وأساسا الفسفاط ، فضلا عن كون المصانع القليلة الموجودة في تونس مرتبطة بشكل كليّ بهذه الصناعات المنجمية. وفي الوقت الراهن يبلغ عدد العمال الذين يشتغلون في المناجم 110.000 عامل تصنّف غالبيتهم كعملة غير مهرة.
يعيش كلّ الشعب في تونس، تقريبا، من أعمال الزراعة أو يعتمد على مداخليها. ولدينا في تونس مليونا ساكن، 1500.000 منهم يعيشون على دخل يتراوح بين ال100 وال210 فرنك (3). إنّه بلد فقراء الفلاحين بالأساس. ولهذا السبب، فالمسألة تعدّ بالغة الأهمية ومع ذلك لم يتمّ التركيز عليها بالقدر الكافي في الأطروحات. ففي تونس لدينا شكل مغاير لأصناف الاقتصاد الزراعي. أوّلا، نجد الفلاحين الإقطاعيين الذين يعتبر عددهم محدودا إلى جانب كبار مالكي الأراضي(4)، و الفلاّحون الإقطاعيون يستغلون عددا كبيرا جدّا من" الخمّاسة ". والخمّاس يعني صنفا من القنانة إذ يقوم هذا القنّ بتسوّغ قطعة أرض من أحد كبار المالكين بغرض استغلالها بطريقة بدائية. ثم نجد صنف متوسّطي وصغار الفلاحين الذين يمتلكون أراضيهم الخاصة أو يكترون أراضي "الحُبُس" أو ما يعرف كذلك بال"وقف" لاستغلالها. وهذا الوقف أو الحُبُسْ هي ملكيات غير قابلة للتصرّف، وهي منتشرة كثيرا في تونس. وتوجد كذلك الملكيات الجماعيّة للأراضي التي تستغلها القبائل فيما بينها. وبالرّغم من أنّ قبائل منطقة الشمال قد تمّ طردها منها، إلا أنّ وحدات الاستغلال الجماعي هذه لا تزال موجودة في منطقة جنوب تونس. ويعاني هذا العدد الكبير من القبائل من الجفاف والمجاعات بشكل دوريّ فتكوّن بذلك جيشا عرمرما من البدو الرّحل الذين يتّجهون شمالا بحثا عن فرص العمل وموارد أوفر.
إلى جانب هذه الحالة المتخلفة من الاقتصاد الزّراعي، هناك أيضا عقّارات ضخمة يملكها كبار المستثمرين والشّركات. و يتمثّل هؤلاء المستثمرون في البرجوازية الوافدة من البلد الحاكم ( فرنسا) ولهم تأثير كبير إلى حدّ مّا. إنّ هذه التّناقضات بين السّكان الأجانب من ناحية، والأغلبية التي يمثّلها السّكان المحلّيون الذين يتطلّعون إلى التحرّر الوطني من ناحية أخرى، تعطي طابعا زراعيّا لشكل الثّورة الوطنية.
في الوقت الحاليّ، يمكننا القول إنّ هناك تعاظما لمزيد سيطرة الامبريالية على المستعمرات وبسط نفوذها عليها خاصّة في شمال إفريقيا. وهو، في الواقع، ما يطلق عليه الامبرياليّون "استخدام المستعمرات" (5). إنّ هذا الاستخدام يتّخذ أوّلا شكل توسيع الاستعمار. فالبرنامج الزّراعي الحديث يتوخّى توزيع 300.000 هكتار على المستغلّين ممّا يجعلنا نتمثّلُ حجم الضغط الذي سيتمّ تسليطه على السكان المحلّيين بل وأيضا حجم الاستغلال غير المباشر الذي سيكون بشكل أكثر كثافة وأعنف من ذي قبل مع التّهميش الكامل لأراضي الحُبُس والوقف. وفي نفس الوقت، سيحصل كبار المالكين من البرجوازية على امتيازات سياسية واقتصادية عبر توزيع أراضٍ جديدة عليهم وتمتيعهم بقروض فلاحيّة إلخ. كما يتضمّن هذا البرنامج مُخطّطا لإعادة توزيع 20.000 هكتار على بعض العائلات المحليّة من السّكان الأصليّين.
يتمظهر استخدام المستعمرات كذلك في الاتجاه نحو توسيع الصّناعات المنجمية عبر تحديث طرق الاستغلال، وذلك عبر مدّ خطوط سكك حديد وطرقات جديدة و بناء بعض المنشآت الصناعية الجديدة بغرض التحويل الأوّلي للمواد المنجميّة والفلاحيّة. هكذا إذن سيتولّى الرأسماليون الفرنسيون بناء مصانع في تونس من أجل تحويل مادّتي الفسفاط والرّصاص عوض تصديرهما كمواد خامّ كما يحدث حاليّا. يعني ذلك أنّه سيتمّ استصدار اتّفاقيات جديدة تخصّ التعريفات الجمركية ممّا سيمكّن الصناعة الفرنسية من إيجاد منافذ أكبر في تونس. إنّ هذه الاتفاقيات الجديدة التي ستؤثر في الصناعة المحلّية وكذلك في الصّناعات الحرفية الخفيفة التي لازالت تُعدّ متطورة في تونس، سيتمّ توجيهُها أيضا ضدّ المنافسة الايطالية.
دعونا هنا نتناول بإيجاز موضوع الصراع الفرنسي – الإيطالي الذي ما فتئت حدّته تشتدّ شيئا فشيئا. إنّ الامبريالية الفرنسية، في الوضع الرّاهن، هي بصدد اتخاذ إجراءات كثيرة جدّا بغرض تحصين مستعمراتها ضدّ مخططات الامبريالية الايطالية. يأتي على رأس هذه الإجراءات تطوير قاعدة "سيدي عبد الله" البحرية ومدّ خطوط سكك حديدية جديدة وطرقات إستراتيجية خاصة في اتّجاه طرابلس. ويتمّ تنفيذ هذا الأمر ارتباطا بالمخطط الفرنسي الهادف إلى تركيز منظومة الدّفاع الذّاتي لمنطقة شمال إفريقيا التي أشار إليها منذ حين الرفيق الجزائري(6).
يُلقي الصّراع الفرنكو-إيطالي كذلك بظلاله على السّياسة الداخلية للحكومة الفرنسية في تونس. أوّلا، عبر سياسة التجنيس الخبيثة التي تتبعها فرنسا في تونس، والتي تسعى من خلالها إلى كسب الجالية الايطالية إلى صفّها لأنّ هذه الجالية، تحديدا، تفوق الجالية الفرنسية من حيث العدد ، وهي بالتالي تشكّل خطرا دائما يهدّد مصالح الامبريالية في تونس. ثانيا تسعى الامبريالية الفرنسية إلى كسب جزء من البرجوازية المحلية إلى صفّها كي تكسب دعمها لسياستها الدّاخلية. وفي المقابل تمثّل البورجوزاية التونسية كذلك هدفا للإمبريالية الايطالية التي تسعى ، من جانبها، إلى التأثير فيها وكسبها إلى صفّها. وهنا، تحديدا، يكمن خطر الصراع الفرنكو-إيطالي على الحركة الوطنية في إمكانية تحويل وجهتها إلى مجرّد دفاع عن تونس أرض الآباء والأجداد (7)، ممّا سيؤدي، في الواقع، إلى تقوية موقف الامبريالية الفرنسية.
لقد تصدّى حزبنا بشكل نشيط وندّد في بيان له بهذه السياسة التي تتبعها الامبريالية الفرنسية. و حذّرنا في بياننا الشّعب التونسيّ من الألاعيب التي تأتيها كِلتا الامبرياليّتين وأطلق حزبُنا شعار النّضال ضدّ كلتيهما مع المطالبة باستقلال تونس.
سأنتقل الآن إلى مسألة الحركة الوطنية ذاتها. يوجد هناك حزب وطني بزعامة " الدّستوريين" وهو حزب يطالب بالدّستور. و خلال السّنوات الماضية شهد هذا الحزب تطوّرا لافتا. فقد تأسس مباشرة بعد حرب 1918 (8). وخاض نضالا ثوريّا معيّنا خلال أزمة 1918-1922 أفرز حركة جماهيرية كبيرة تعرّض خلالها العديد من مناضليه للاعتداء بالضّرب. ثمّ صار لديه، دفعة واحدة، أكثر من مائة ألف عضو وأجبرت احتجاجاته باي تونس (9) على عرض المطالب الوطنية على فرنسا. و تجدر الإشارة هنا إلى أنّ حزب الدستور، في ذلك التاريخ ، كان يضمّ بين صفوفه أعضاء ينحدرون تقريبا من كلّ طبقات الشعب التونسي: إقطاعيّين، برجوازية صغيرة ومزارعين. عندئذ شرعت الامبريالية الفرنسية في اتّباع سياستها التخريبية والتي استهلّتها بتمكين تونس من ،"إصلاحات" 1922 الشهيرة، وبمقتضاها تنازلت فرنسا عن بعض الحقوق السياسية لفئة الإقطاعيين وكبار مالكي الأراضي فكسبت من خلالها دعم هذه الطّبقة. واتّبع بذلك حزب الدستور بعد 1922 سياسة المهادنة والانبطاح الصّريحين تجاه الامبريالية الفرنسية.
لقد أصبحت سياسة الانبطاح التي اتبعها حزب الدستور جليّة بالتوازي مع وصول كتلة اليسار إلى السلطة (10). فقد أراد حينها حزب الدستور تهدئة حالة الغليان التي كانت تشهدها تونس. وكان ذلك واضحا بعد التحالف الذي عقده حزب الدستور مع الاشتراكيين الإصلاحيين الذين كانوا يمثلون أذناب الامبريالية في تونس وأيضا حين بلغت الحركة العمالية ذروتها سنة 1924، إذ بنا نجد حزب الدستور يندّد بهذه الحركة ويحاول كسر شوكتها (11) ولم يفعل شيئا ليدعم مناضليه الذين كانوا ينشطون في صفوفه حين تعرّضوا لاضطهاد الامبريالية بل انّه تخلّى عن بعضهم (12). لقد تجلّت سياسة الانبطاح لدى حزب الدستور كذلك في موقفه السّلبي التّام من الحرب في المغرب (13).
لقد كانت سياسة المهادنة والانبطاح التي اتبعها حزب الدستور سببا في تفكّكه شبه الكلي إذ لم يتبقّ منه شيء يذكر حاليّا سوى بعض الهياكل القليلة.
وبالتوازي مع الخيانة التي ارتكبها الحزب الوطني، فإنّ الحكومة الفرنسية كانت تمارس سياسة تخريبّية خبيثة جدّا. فبعد أن كسبت طبقة الإقطاعيين وكبار المالكين إلى صفّها، طرحت على نفسها استقطاب فئة أخرى من الشعب التونسي ودفعها إلى الانسلاخ من حزب الدستور وهي فئة متوسطي مالكي الأراضي. كُنت قد أشرت منذ حين إلى أنهم قد مُلِّكوا أراضي شاسعة وُزّعت عليهم. وبالرّغم من أنّ هذا الإجراء قد لا تبدو له أيّ أهميّة تذكر، إلاّ أّنّه ساهم في جعل البرجوازية تتوهّم وتتطلّع إلى أن تكون حظوظها أفضل بكثير بوجود الامبريالية الفرنسية. وسياسة التخريب هذه كانت أيضا أحدَ أهمّ الأسباب الرّئيسية الكامنة وراء الانحلال التام لهياكل حزب الدستور.
أقرّت الحكومة [الفرنسية]، مؤخّرا، إصلاحات جديدة (14) لاقت قبولا ورضا لدى فئة برجوازية الأنتليجنسيا التي تتكون منها قيادة حزب الدستور لأنها حازت من خلالها بعض الحقوق السياسية. فتمّ بذلك التحوير الشّامل للبيان الثوري الذي أصدره سابقا حزب الدستور سنة 1922 والذي لم يكن أصلا يتجاوز في مضمونه حدود مطالب الأنتليجنسيا.
وبينما كانت قيادة حزب الدستور تنفّذ هذه السياسة كنّا في المقابل بصدد المشاركة في كفاح مرير مع الفلاحين أثناء مقاومتهم حملة مصادرة الأراضي، وكذلك الشأن أثناء الاضطرابات التي سبّبتها المجاعات الكبرى سنتي 1923 و1927، وأثناء احتجاجات صغار التجار وفقراء الطلبة وأيضا خلال الموجة الكبرى من الإضرابات التي شنّتها بروليتاريا تونس بين 1924 و1925 والتي انخرط فيها آلاف العمال وكانت علامتها الفارقة الإضرابات الدموية في بنزرت ، وفي حمام الأنف (15)، في المصانع والمقاطع بل وحتّى في المناجم. لقد أفرزت هذه الموجة الكبرى من الإضرابات تكوين منظمة نقابية وطنية ثورية مستقلة لبروليتاريا تونس، الس ج ت ت C.G.T.T [جامعة عموم العملة التونسية] (16). لكنّ الامبريالية الفرنسية شنّت مباشرة حملة قمع شرسة ضدّ هذا الحراك الجماهيري العظيم. فإلى جانب إطلاق النار على المضربين في بنزرت وحظر الإضرابات ، فقد اتخذ القمع كذلك أشكالا أخرى كاعتقال العمال وحلّ جامعة عموم العملة التونسية وحلّ الحزب الشيوعي وحظر المنشورات الثورية ونفي كامل أعضاء اللجنة المركزية للمنظمة النقابية الثورية(17).
لقد تلت هذه الفترة القاسية من القمع انتكاسة للحركة العمّالية. لكن مع تصاعد نسق الاستغلال الذي مارسته الامبريالية الفرنسية فإننا نشهد حاليّا عودة للنضالات العمالية. ففي الوقت الراهن، عادت البرولتياريا لتظهر رغبة شديدة في النّضال والتنظـُّم. وهم ينتظمون حاليّا من خلال تكوين نقابات إصلاحية صلب الس ج ت، نقابات جُوهو ((Jouhaux )18).
يتكوّن الحزب الاشتراكي (19) أساسا من الموظّفين الفرنسيين. هدفه خدمة الامبريالية الفرنسية وذلك عبر تشويه وعي الجماهير في تونس وعبر النضال المستميت ضدّ الشيوعية والحركة الوطنية الثورية. إنّ هذا الحزب الاشتراكي والذي قاد خلال الإضرابات الكبرى حملة شرسة ضدّ جامعة عموم العملة التونسية، بصدد الاضطلاع بمهمّة استعماريّة محضة لفائدة الامبرياليّة يمكننا عرضها بشكل منهجي ومُتأنٍّ. بينما أصبحت جامعة عموم العملة التونسية تواصل نشاطها ضمن منظمة الس ج ت الإصلاحية وهذا أمر يعود أساسا إلى انقطاع إشراف الحزب الشيوعي عليها.
أودّ إضافة بعض النقاط بخصوص الحزب الشيوعي. لقد تكوّن حزبنا سنة 1920(20). في البداية كان له تأثير واضح في عموم الجماهير في تونس، بل لقد كانت لديه جريدة يومية و[أخرى] أسبوعية. و هذا الحزب ذاته هو الذي قاد النضالات الكبرى لسنة 1925 وهو نفس الحزب الذي ترأس جامعة عموم العملة في تونس. تمّ نفي العديد من أعضائه رفقة أعضاء اللجنة المركزية للمنظمات النقابية الثورية (21). لكن حزبنا لم يتمكن من الصمود أمام أشكال القمع التي سلّطت عليه وهذا، بدوره ، عائد أساسا إلى ضعف تركيبته الاجتماعية وهيكلته التنظيمية. وبالرّغم من ذلك، فقد تمّ تقليصه إلى مجموعة صغيرة وواصل الحزب الشيوعي تأثيره داخل صفوف الجماهير العمالية. لكنه كذلك ارتكب أخطاء فادحة : [نذكر] سنة 1925 مثلا، حين استهان بالقمع أو حين فشل في التقاط حالة الإقبال الجماهيري على النّضال والتنظّم التي كانت منتشرة لدى العمال وأيضا حين اختار العمل وفق نزعة انعزالية ، خاصة بعد حملات القمع التي امتدت بين 1925 و1926 _ وإن كانت هذه النزعة الانعزالية قد أملتها الحالة اللاّقانونية التي فـُرضت فرضا على الحزب - ثم تأتي أخطاء الاستهانة بسياسة الحكومة التخريبية وبسياسة تشويه الوعي التي كان يمارسها الاشتراكيون الإصلاحيّون.
إلا أنّ قسما من هذه الأخطاء قد تمّ الآن تداركه وإصلاحه بفضل تدخّل الحزب [الشيوعي] الفرنسي الذي كان قد أولى العمل داخل المستعمرات اهتماما كبيرا وهو أمر لم يكن متاحا من قبل خاصة خلال سنتي 1924 و1925 لمّا انقطع حبل التواصل والتنسيق مع الحزب الفرنسي انقطاعا تامّا.
وقد أجبرنا هذا الوضع الجديد وهذه الظروف الجديدة على تبنّي تكتيكات جديدة حتى نضع الحزب الشيوعي مجدّدا على رأس الحركة العمالية.
المهامّ التي نطرحها على أنفسنا حاليّا هي كالتالي:
1- مساندة الحركة الثورية المعادية للامبريالية وفضح مكوناتها الانتهازية.
2- تنظيم العمال من السكان الأصليين في نقابات وضرورة استرجاع تأثيرنا السابق عبر النضال الفاعل صُلب صفوف الطبقة العاملة وبذل جهد جدّي ضدّ السياسات الاشتراكية الإصلاحية.
3- التنظيم المحكم للحزب الشيوعي، إذ أنّ حركة النّضال العمّالي الرّاهنة والوضع الحالي (22) يقدّمان لنا فرصا كبيرة لتطوير الحزب، لذلك علينا أن نوجّه جهودنا نحو الاستقطاب وتمتين البناء الإيديولوجي للحزب.

إنّي واثق بأنّ تكوين حزب شيوعي قوي في تونس سيكون باستطاعتنا عبر هذا التّوجه الجديد للحزب، ومن خلال بذل جهود جدّية من طرف الحزب (الشيوعي) الفرنسي وبفضل القرارات الحاسمة المضمّنة في الأطروحات المتعلّقة بالمستعمرات، سيكون لدينا حزب بلشفي حقيقيّ على مستوى تركيبته الاجتماعية وصلابته الإيديولوجية. كما سيكون باستطاعتنا أيضا استعادة التأثير الذي كان لدى الحزب في أوساط جماهير تونس .
( تصفيــق)
--------------------------------------------------------------------
هوامش:
(*) قمنا بترجمة هذه الوثيقة اعتمادا على النص المنشور باللغة الإنكليزية في "انبريكور"،
Inprecor, N° 74, pp. 1368-1369
1- "الرفيق مصطفى" هو الاسم المستعار لمندوب الجامعة الشيوعية بتونس في المؤتمر السادس للأممية الشيوعية الثالثة ويجمع المناضلون الذين عاشوا تلك الفترة وخاصة الحبيب فرحات وليون زانا، أن الذي مثّل الجامعة الشيوعية هو فيكتور زانا. الحبيب القزدغلي، تطوّر الحركة الشيوعية بتونس 1919-1948، ص 153.

2- طرحت الأممية الشيوعية الثالثة مسألة المستعمرات في المؤتمر الثاني المنعقد في جويلية 1920 وأصدرت في هذا الشأن أطروحات حول المسألة القومية والاستعمارية. أنظر النص بالفرنسية في:
https://www.marxists.org/francais/inter_com/1920/ic2_19200700f.htm
3- ليست هناك إشارة ما إذا كان الدخل المقصود سنويّا أو شهريا. لكن منطقيا، يعدّ ذلك دخلا سنويا. حول المقدرة الشرائية في العشرينات من القرن العشرين انظر مثلا: الحدّاد، الطاهر، العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية، (تقديم فتحي الرقيق)، صفاقس، صامد للنشر والتوزيع 1997.
4- في هذا الموضع، ووفق نص المداخلة المنقول إلى الانكليزية، يذكر زانا شريحتين من كبار مالكي الأرض : الإقطاعيون المحليون والبورجوازية الفلاحية الأوروبية الموجودة في تونس. لكنه في المواضع التي تلت من المداخلة ، يشير إليهما كمترادفين.
5- وردت (utilising the colonies) ثم (utilisation). كان بالإمكان ترجمتها الى "الاستفادة من المستعمرات" إلا أنّ مفرد الاستفادة يوحي في جانب منه بالتّلطّف مقارنة بنوايا فرنسا التوسّعية الأمر الذي أراد زانا التأكيد عليه فخيّرنا مفردة استخدام .
6- في إشارة إلى مداخلة مندوب الجزائر Aberderramé التي سبقت مداخلة زانا.
7- رغم أن الأممية الشيوعية تأسست على معاداة الاستعمار ومساندة حركات التحرر الوطني فقد جاء في الأطروحات حول المسألة القومية والاستعمارية أن الأممية تقاوم الحركات القائمة على الرابطة الدينية مثل الجامعة الإسلامية والرابطة الآسيوية التي تخدم مصالح الإمبرياليتين التركية واليابانية والطبقات المالكة الفاقدة لاستقلاليتها تجاه الإمبريالية. وتدعم الأممية التوجهات الشيوعية في صلب حركات التحرر الوطني باعتبارها تحمل مشروعا مستقبليا يتعارض مع التوجهات البورجوازية. مصدر مذكور.
8- الاسم الكامل هو الحزب الحر الدستوري التونسي الذي تأسس في مارس سنة 1920. لكن زانا ما فتئ يشير إليه تارة بحزب الدستور (Destour party) وطورا بالدستور (Destour)
9- هو محمد الناصر باي الذي انتهى عهده في 8 يوليو 1922 ووقعت في نفس السنة من شهر أبريل ما يعرف بأزمة "أفريل 1922 "
10- حاز الحزب الاشتراكي في الانتخابات البرلمانية الفرنسية التي أجريت في 11 و25 مايو 1924 المرتبة الثانية بنسبة .1020% من الأصوات خوّلت له 120 مقعدا برلمانيا والمشاركة في حكومة كتلة اليسار التي قادها ادوار هريو عن الراديكاليين.

11- تخلّي الحزب الدستوري عن جامعة عموم العملة التونسية وهي أول منظمة نقابية تونسية وعربية تأسست سنة 1924 ووافق على البلاغ الذي اقترحه "دوريل" أمين الكنفدراليّة العامة للشغل وتضمّن دعوة العمال التونسيين إلى الانضمام إلى فرع هذه المنظمة في تونس. وبذلك شارك في وأد المولود الجديد فانفردت السلطة الاستعماريّة الفرنسيّة بالجامعة وأحالت قيادتها على المحكمة الفرنسيّة التّي حكمت بالنفي لمدّة عشر سنوات على كلّ من محمد علي الحامي و"جون بول فينيدوري" ومختار العياري ولمدّة خمس سنوات على محمد الغنوشي ومحمود الكبادي وعلي القروي. (الحدّاد، الطاهر، نفس المصدر، ص 234)

12- ربما المقصود بالأعضاء الذين وقع اضطهادهم عبد العزيز الثعالبي الذي اضطر إلى مغادرة البلاد سنة 1923 وأحمد توفيق المدني الذي وقع ترحيله إلى الجزائر وطنه الأصلي سنة 1925 بسبب مساندته للجامعة النقابية.

13- حرب الرّيف المغربي قابلت بين سكان شمال المغرب الأقصى بقيادة عبد الكريم الخطابي وبين القوات الاستعمارية الاسبانية ثم الفرنسية. دامت من 1921 إلى 1926.

14- الإصلاحات التي تمّ إقرارها سنة 1922 من طرف الحكومة الفرنسية ممثلة في تونس من طرف المقيم العام الفرنسي لوسيان سان تتمثل في بعث المجلس الكبير ومجالس الجهات ومجالس الأعمال وهي هياكل نيابية استشارية ومحدودة التمثيلية.
15- وردت في نص الترجمة الانكليزية عبارة D’Harmann.el-ly »" والصحيح هو حمام الأنف حيث شُنّت إضرابات أطّرتها جامعة عموم العملة التونسية والتي كان من بينها اعتصاب عمّال شركة الجير والاسمنت بحمّام الأنف يوم 19 يناير 1925. فينيدوري، جون بول، معارك عماليّة جامعة عموم العملة التونسية والامبرياليون الفرنسيون خلال العشرينات. نصوص ووثائق روبير لوزون، تعريب خميس عرفاوي، تونس، دار سحر للنشر، 2016.
16- أنظر حول هذه الجامعة، أنظر نفس المرجع.
17- المنظمة المقصودة هي جامعة عموم العملة التونسية
18- ليون هنري جوهو (Léon Henri Jouhaux) 1879- 1954هو نقابي فرنسي كان وقتها كاتبا عاما للكنفدرالية العامة للشغل (CGT) .
19- تذكر ألين نورا أنّ الحزب الاشتراكي في تونس قد تأُسّس سنة 1908وتؤكّد كلام زانا بأنّ غالبية أعضائه كانوا من الموظفين والمدرسين وأعوان البريد الأجانب... إلى جانب فئة من يهود تونس الذين انخرطوا فيه على أمل الاندماج والتمتع بامتيازات الجالية الفرنسية. انظر
NAURA, Aline, les socialistes de Tunisie devant la crise de 1929 et ses conséquences politiques .p 3/29
https://www.jstor.org/stable/3807053
20- ظهرت نزعة شيوعية في الجامعة الاشتراكية بتونس منذ سنة 1920 غير أن المؤتمر التأسيسي للجامعة الشيوعية انعقد في 27 مارس 1921 بفريفيل (منزل بورقيبة حاليا)
21- يشير النص الانكليزي إلى لجنة مركزية لمنظمات نقابية ثورية بصيغة الجمع لكن الجليّ أن المداخلة الأصلية تعني اللّجنة التنفيذية لجامعة عموم العملة التونسية التي تم نفي أغلب أعضائها كما تقدّم.
22- لعلّه يقصد بذلك تراجع منسوب القمع والملاحقة مقارنة بسنوات 1925-1926.



#أمين_باشا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع الشّهيدة
- حديثُ خَرابةِ الإثم
- علّة المزمار في حانوت الفوّار
- رخصة شغليّة لقضاء شأن خاصْ
- حديث المنطقة الصّناعيّة بالفحص
- خالد جواد العظم


المزيد.....




- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...
- كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أمين باشا - من تراث الحركة الشيوعية في تونس مداخلة مندوب الجامعة الشيوعية في تونس في المؤتمر السادس للأممية الشيوعيّة الثالثة بتاريخ 17 أغسطس 1928