أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - رامي مخلوف المسكين…














المزيد.....

رامي مخلوف المسكين…


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6556 - 2020 / 5 / 6 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كادت عيوننا تدمع ونحن نشاهد شريطي الفيديو اللذين بثّهما رامي مخلوف: يبدو فيهما كرجل وسيم لا تبين على وجهه السنين (مع أنه اجتاز الخمسين من العمر، لكن العمر نادراً ما يبين على وجه الأثرياء، خاصة إذا حصلوا على ثرواتهم باليَسر)، رجل حزين ومسكين يثير لدى المتفرّج شعوراً بالشفقة وكأننا أمام طفل يشتكي من قيام ولد أكبر منه («دبّ» كما يقول الأطفال في مثل هذه الحالة) بانتزاع لعبته.
ونتصوّر ما قد يلمّ بنا من كآبة لو قام الدباب بمصادرة ذلك القصر الذي كُتبت فوق بابه الرئيسي الأحرف اللاتينية الثلاثة التي يبدأ بها اسم ابن رامي، محمد رامي مخلوف (MRM)، على طريقة تسمية محمد بن سلمان (MBS) ومحمد بن زايد (MBZ)، وتلك السيارات الفخمة الخمس التي صفّها الابن المذكور أمام قصره في وقفة من التباهي بالثروة تليق بعديمي الذوق والحشمة من أصحاب الثروات المنهوبة والموروثة (ما أكثرهم في منطقتنا!). لا بل عمّم ابن رامي تلك الصورة من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، فخوراً بامتلاكه كل هذا وغير مبالٍ بوقع صورتها على ملايين السوريين المشرّدين والجائعين والمقهورين والمعدِمين. بل ربّما ظنّ أنهم سوف يشعرون بالغبطة من رؤية تلك العيّنة من ثراء المتربّعين على ظهورهم، مثلما كان يظنّ الملوك والأمراء (ولا زال بعضهم يظنّ) أنهم كلّما بيّنوا لرعاياهم عظمة ثروتهم، كلّما جعلوا هؤلاء الرعايا يشعرون بالاعتزاز، وكأن جميعهم أغبياء.
وقد ذكّرنا رامي مخلوف المسكين بمشهد وليد بن طلال، صاحب المليارات الآخر الذي أدمعنا مصيره لمّا اعتُقل في فندق خمس نجوم، يطالبه هو أيضاً نظامه العائلي بتسديد ضرائب ومستحقات نبتت فجأة كالعشب بعد الغيث في الربع الخالي أو بادية الشام. كان ذلك في إطار حملة ضد الفساد قام بها محمد بن سلمان، شبيهة بالتي يقوم بها الآن بشّار بن حافظ، وكل واحد من الابنين (ما شاء الله!) قدوة للعالم في نبذ الفساد والوصول إلى سدّة الحكم بفضل الامتياز وكسب العيش بعرق الجبين.

ولم يفت المراقبين أن ما يحصل في سوريا أشبه ما هو بمسلسل تلفزيوني، على غرار مسلسل «دالاس» الذي ذاع عالمياً في أواخر السبعينيات من القرن الماضي والذي تدور حبكته حول صراعات تتفاقم داخل عائلة تفوح منها رائحة النفط ويكثر الماكرون والطامعون بين أفرادها. بل نحن محظوظون في منطقتنا بمسلسلين حديثين على ذلك النمط، أحدهما خاص بآل سعود والآخر بآل الأسد، وفي كلتا الحالتين عائلة حاكمة تدبّ الصراعات بين أفرادها وعلى شتّى المستويات. أبطال المسلسل السوري: حافظ وشقيقه رفعت في الموسم الأول وبشّار وابن خاله رامي في الموسم الثاني، وقد نرى موسماً ثالثاً يطال علاقة بشّار بشقيقه ماهر، وهلمّ جرّا. هذا بدون أن ننسى الدور النسائي وبطلته أسماء، زوجة بشّار (المسلسل السوري أكثر تنوعاً في هذا المجال من المسلسل السعودي الذكوري بحتاً).
لخّص شاعر روما القديمة حنكة السلطة بشعار «الخبز والسيرك»، قاصداً أنه من أجل إدامة الحكم بلا قلاقل يكفي للحكّام تزويد الشعب بمستلزمات العيش الأوّلية وإلهاؤهم بمشاهدة الألعاب المسرحية. وها أن حكم آل الأسد يقدّم للشعب السوري بمناسبة حلول شهر رمضان مسلسلاً أخّاذاً جديراً بأحسن ما أنتجته هوليوود. غير أنه نسي أن يزوّد الشعب السوري بالخبز وبسائر مستلزمات العيش البديهية. وفي مثل هذه الحالات، لا يفعل مشهد السيرك، لاسيما إذا كان يدور حول ثروة الحكّام الفاحشة، سوى تأجيج غضب الشعب وكرهه للمتربّعين على السلطة الذين يراكمون الثروات الطائلة، ليس على حساب أموال الشعب وحسب، بل على حساب أرواحه وعلى حساب الوطن بأكمله. وقد أصبحت سوريا كلّها سيركاً على الطريقة الرومانية، مع فارق أن الشعب بدل أن يكون جالساً في المدرّج يتفرّج، هو الذي تفترسه «الأسود» في الميدان.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان: عادت حليمة إلى عادتها القديمة
- هبوط أسعار النفط ومصيرنا
- أكباش الفداء أو عندما تسود اللاعقلانية
- بين قانون الغاب والشمولية
- الأديان بين الفائدة والضرر
- البشرية والوباء والاشتراكية
- وباءٌ مضاد للثورة؟
- المملكة السعودية وحرب النفط
- مهمة مستحيلة: الأمم المتحدة والملف الليبي
- تصدّياً للحملة العالمية على المسلمين
- تحية لشبيبة السودان الثورية
- أردوغان ومخاطر لعب الشطرنج مع بوتين
- هل فشلت اتفاقيات أوسلو أم نجحت؟
- أرادها نتنياهو “فرصة القرن” فهل ينتزعها الفلسطينيون؟
- دعهم إذاً يأكلون الكعك…
- تكامل الأدوار بين تركيا وروسيا
- لا أمريكا ولا إيران…
- 2019 وداعاً…
- دراسة الدولة والثورة في المنطقة العربيّة من منظورٍ ماركسي
- البلطجة الفكرية وخدّام الاستبداد


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - رامي مخلوف المسكين…