أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهاء الدين بكري - جبن المثقفين














المزيد.....

جبن المثقفين


بهاء الدين بكري

الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 30 - 21:01
المحور: المجتمع المدني
    


المثقف الذي اقصده هنا هو من قرأ و فهم الأفكار في مساراتها المتنوعة و من ثم أصبحت ركيزة له و صانعة لعقله النقدي الذي يستخدمه في تحليل الأمور و الأحداث بحثا عن الوضوح.
و مهما كانت مسميات هؤلاء المثقفين , علماء أو فلاسفة أو مفكرين و باحثين , فإن عليهم مسئولية و عبئا عظيما و هو التنوير , و محاربة الجهل الذي لطالما حاربهم هو الآخر عبر السنين و التاريخ يشهد على هذا , فمن إعدام سقراط و قتل هيباتيا إلى حرق جيوردانو في روما و إلى تقطيع أطراف ابن المقفع و إلقائها في النار و هو حي و كذلك فعلوا مع الفيلسوف الصوفي بن منصور الحلاج و الذي صٌلب و جٌلد ثم قطعت رأسه ثم تم حرقه , وكذلك فعل صلاح الدين الأيوبي مع السهرودي و حبسه بدون ماء أو طعام حتى مات جوعا , و لقد اتهم ابن تيميه جابر بن حيان ( أبو الكيمياء) بأنه ساحر زنديق و كذلك قال الغزالي في حق ابن سينا في كتابه المنقذ من الضلال و اتهمه بالكفر و لم ينج أي عالم تنويري في تلك المرحلة من الاتهام بالكفر و الزندقة و الإلحاد , لا الفارابي و لا ابن الهيثم و لا ابن رشد ولا الكندي ...الخ , وهذا ليس بعيدا عنا أيضا في العصر الحديث , فمن الذي طعن نجيب محفوظ و من قتل فرج فوده سوى الجهل متلبسا في أجساد خاوية العقول.
بعد كل هذا التاريخ حق للمثقفين أن يخافوا , فالعمر ليس (بعزقه) أو كما يقولون , و المشكلة الأولى التي يواجهها المثقف التنويري ( الذي حمل مشعل التنوير) هي محيطه الاجتماعي الصغير من أهل و أصدقاء و زملاء عمل , فهؤلاء هم أول المعترضين , لأن زمار الحي لا يطرب , فهم لا يستسيغون فكرة أن جاهلا منهم قام ليخطب فيهم , فماذا عساه يكون هذا الفاشل حتى يتعالى علينا بثقافته , متى قرأ و متى فهم , لطالما عهدناه فاشلا لا يفلح في شيء أم أنه لأنه قرأ بعض الكلمات سلط نفسه إماما علينا!!
هذا طبيعي أن يحدث و لا تجعل هذا يدفعك إلى أن تجبن و تخاف و تستسلم و تقوم بتنكيس رايتك على الفور , سأقول لك ماذا عليك أن تفعل في نهاية هذا المقال.
أما المشكلة الثانية التي يواجهها صاحبنا المثقف فهي المجتمع الكبير , فلو أن المثقف أصبح مشهورا و كانت قضيته التي التزم بتنوير جوانبها المظلمة هي قضية تمس مسلمات و بديهيات مقدسة عند العوام فإن ذلك سيؤدي إلى تكون فقاعة من الكراهية تنمو تدريجيا ضد هذا المثقف و من الممكن أن يحركها بعض معدومي الضمير من جماعات الكراهية و الحركات الظلامية و مفكريها , لأنه بالطبع كما أن هناك مفكرين تنويريين هناك ظلاميون , كذلك قد يحرك فقاعة الكراهية هذه بعض أصحاب السلطة الدينية أو السياسية أو كليهما معا و يمكن أن تنمو هذه الفقاعة حتى تتحول إلى موجة من الكراهية موجهة مباشرة نحو صاحبنا تماما كما حصل مع طه حسين عند نشر كتابه الشعر الجاهلي و توفيق الحكيم في رسائله المنشورة بعنوان حوار مع الله و فرج فوده الذي تعرض للاغتيال بسبب كتابه الحقيقة الغائبة و نجيب محفوظ الذي تعرض للطعن بسبب رواية أولاد حارتنا و أخيرا إسلام البحيري الذي تعرض للسجن بسبب برنامج تلفزيوني , وأنا أستشهد هنا بمفكرين مصريين ممن أعرفهم لكن بالتأكيد قد تكرر الأمر في معظم البلدان العربية.
و المشكلة الثالثة التي قد تواجه المثقف التنويري هي نظام الحكم , فلو أن المثقف التنويري يشكل خطرا على النظام الديكتاتوري المستبد فإنه لن يتوانى في التخلص منه بأي طريقة و أقلها الزج به في السجن.
فماذا على المثقف أن يفعل بعد كل هذا , هل عليه أن يصمت و يتخلى عن رايته و يلزم بيته , أم أن يغير خطته و إستراتيجيته و يعود إلى المعركة و يحارب بذكاء و يستخدم خطط حرب العصابات ما بين كر و فر حتى يرهق القوم و يوقظ النيام و تنمو مع الأيام شرارته لتصبح شعلة تضيء العقول الغافلة فتقتبس من وهجها لتنير للآخرين من حولها , أليس ذلك أفضل من المواجهة الصريحة الحمقاء و التي تخسر فيها معركتك سريعا ؟! كما أن هذا أفضل أيضا من الصمت و الاستسلام التام.
لكن هناك شيئا أخيرا - انتبه من فضلك - إذا ما تم القبض عليك و أصبحت بين أيدي قاتليك ثم عرضوا عليك أن تنكر كل ما كنت تحارب من أجله أمام العامة الذين حاربت من أجل تنويرهم , فلا تفعل , لأن حياتك لا تستحق , صدقني, الفكرة هي الغاية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل أكثر من 90 شخصاً من الساعين للمساعدات في غزة، والأمم ال ...
- الأمم المتحدة في عامها الـ80: الإصلاح أو التهميش
- صحة غزة تعلن حصيلة شهداء المجاعة.. والاحتلال يواصل قصف القطا ...
- حملة مداهمة لقوات الاحتلال بالضفة تسفر عن اعتقال عدد من الفل ...
- الأونروا تجدد دعوتها لرفع الحصار عن غزة وإنهاء المجاعة
- برنامج الأغذية العالمي: شخص بين كل 3 من سكان غزة لا يتناول ا ...
- اعتقال عميلين للموساد في محافظة خراسان الشمالية
- برنامج الأغذية العالمي: فلسطيني من كل 3 لا يتناول الطعام لأي ...
- -الأغذية العالمي-: الوضع الإنساني في غزة بلغ مرحلة -غير مسبو ...
- أوضاع الأسرى المرضى والجرحى في -عيادة سجن الرملة- تزداد سوءا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهاء الدين بكري - جبن المثقفين