أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر عزيز بدروس - نازفة الدم: المرأة المسيحية بين الطهر والنجاسة














المزيد.....

نازفة الدم: المرأة المسيحية بين الطهر والنجاسة


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 6549 - 2020 / 4 / 28 - 22:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



حدث صغير جدا لا قيمة له البتة في كل الأحداث التي مر بها يسوع وتفاعل معها... كان حريا أن يمر هكذا دون اشارة لضألته وتفاهته وصغره ..

".. وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيراً مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئاً، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَالٍ أَرْدَأَ - لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ، لِأَنَّهَا قَالَتْ: "إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ". فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِراً فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: "مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟" فَقَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: "أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ مَنْ لَمَسَنِي؟" وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. فَقَالَ لَهَا: "يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. اذْهَبِي بِسَلَامٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ" (مرقس 5 : 25- 34 ) ..

رغم تحننه الفائق علي الضعف البشري والتعب الانساني... فان ذلك لم يكن المستهدف من الحدث ...
ومع عظم احساسه بالمعذبين في الأرض وسعيه الفائق للأخذ بيدهم ونزع الذل عنهم... فان ذلك لم يكن هو لب الحدث...

وعلي قدر ما عرف عن محبته العجيبة أنه يترك التسعة والتسعين ويذهب للوحيد المسكين الحائر ليمنحه أمانه وعونه ... فان ذلك لم يكن البتة هو جوهر الحدث ...

كان شيئا اخر مختلفا تماما...

كان به علي موعد مع التاريخ والشريعة والفجر المنبثق للعهد الجديد ...

كان جزءا أصيلا من جوهر رسالته التي بذل نفسه لأجلها ، واختزل المسافة بين السماء والأرض بسببها ، ليصنع قدرا مختلفا للبشر .. ويشرق علي العالم بنوره العجيب ...

كان بعثا انسانيا خطيرا بثورته الكبري علي الظلم والذل والقهر والهوان لأجل شرف الانسان وسعادته...

كان به يخط دستورا سماويا جديدا بعهد مغاير لما قبله.. جديدا جديدا في كل شيء.. أسقط به أغلال شريعة دموية كان قد شرعها هو ذاته قبل ذلك بقرون ليؤدب شعبا بأكمله..

فكان الحدث في ذاته لحظة استدارة كاملة يصنع بمقتضاها تقدما مذهلا انتقل به من العهد القديم الي العهد الجديد ، ومن عصر التأديب إلي عصر النعمة، ومن زمن الوعيد إلي زمن الحب، ومن القيود والأسر الي حرية مجد أولاد اللـه..

كان العهد القديم يعتقل المرأة في قفص النجاسة اعتقالا مروعاً، حتي لكانت نجاستها مضرب المثل في الناموس العتيق: "كَانَتْ طَرِيقُهُمْ أَمَامِي كَنَجَاسَةِ الطَّامِثِ" ( حز 36 : 17 )، و" كما في أيام طمث علتها تكون نجسة " ( لا 12 : 2).. كما عير حزقيال اورشليم لخطاياها: " فِيكِ أَذَلُّوا الْمُتَنَجِّسَةَ بِطَمْثِهَا" (حز 22: 10)..

وكان الحكم بالنجاسة يعزل المرأة ويقصيها عن الكرامة والحقوق المشروعة...

كان الحكم المترتب علي ذلك أيضا أن " كل من مسها (أو مسته) يكون نجساً ( لا 15 : 19 ) ..

لكن يسوع أسقط هذه الأحكام كلها في لحظة.. وبجسارة وعظمة واقتدار انتقل بالمرأة من النجاسة الي الطهارة ضاربا بعرض الحائط ما كان يتربص به هو شخصيا من خطر داهم جراء لمسها هدب ثوبه:
" وَأَمَّا الإِنْسَانُ الَّذِي يَتَنَجَّسُ وَلاَ يَتَطَهَّرُ، فَتُبَادُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ لأَنَّهُ نَجَّسَ"(عدد 19: 20)..

فعل يسوع ذلك لأنه أراد ان يعلن في هذه اللحظة سقوط كل أحكام العهد القديم التي تعاند انسانية المرأة، وتحكم عليها بالانتقاص والهوان.. فانتقل بها جملة واحدة والي الأبد من عهد جائر غارق في ذبائحه الدموية القاسية، وطقسانيته المربكة المرعبة، الي ذبيحة فدائه ومجده.. مجدا للسمو الانساني والوقوف علي عتبات الملكوت...

ومنذ هذه اللحظة طرح في الوعي البشري إدراكاً جديداً، وهو أن بيولوجيا جسد المرأة هي جزء من الطبيعة الطاهرة التي أبدعها عند بدء العالم، فلم تعد بعد انتقاصا للمكانة والكرامة، ورد المرأة في العهد المسيحي الجديد إلي مكانها الأصلي السامي العتيد حين أقرنها في البدء بالرجل مقرراً أحكامه الأبدية لمجدها، التي صارت بمقتضاها صنوا للرجل علي مثال كرامته ومجده، ملصقاً إياها به "فيكونان جسداً واحداً" (تك 2 : 24 )..

وهل يمكن للجسد الواحد أن يكون نصفه شريفا ونصفه الآخر نجساً؟؟؟



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا.. والطاقة العالمية
- .. فأمطر نعمتك لا تبطئ رُوُحُنَا ظمأى إليك
- كورونا.. والأفخارستيا
- الطاقة العالمية: على أبواب عهد جديد
- تكنولوجيا الفحم الكهربائية: التفوق البيئى الذى تَحْتَازُهُ م ...
- .. والنووية أيضاً تكافح تغير المناخ
- المزيج الأمثل للتوليد الكهربى فى مصر: المعضلة والحل
- هل الشمس حقاً تطرد الفحم؟
- مستقبل الطاقة فى مصر: أمة فى خطر
- سيدى الرئيس.. يكاد يقتلنى القلق
- أجندة للإصحاح والتقدم
- البيروقراطية العنصرية ومستقبل مصر
- أحقاً يريد الأقباط إصلاحاً في الكنيسة؟
- الأقباط : ملف أمن دولة؟
- بيريسترويكا كنسية (10) - المال والكنيسة: مال الله أم الشيطان ...
- إعلان بشأن المبادئ الأخلاقية المتعلقة بتغيُر المناخ (2017)
- بيريسترويكا كنسية (9) - الثابت والمتحول: وحدة ممكنة أم افترا ...
- الثابت والمتحول: وحدة ممكنة أم افتراق أبدى؟
- الأنثروبولوجيا القبطية.. وعبقرية البقاء.. -فى الحضيض-
- بيريسترويكا كنسية (8) - الرهبنة القبطية بين التكريس والشعوذة


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر عزيز بدروس - نازفة الدم: المرأة المسيحية بين الطهر والنجاسة