أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال عيسى - كورونا والوجود المستحيل














المزيد.....

كورونا والوجود المستحيل


كمال عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 19 - 21:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ربما كان يجدر بنا مسائلة تلك اللحظة التي لم نكن ننتظرها، والتي أبانت عن حقيقة، ما فتئت تتكشف لنا طيلة أيام هذه الجائحة بالرغم من أنها ليست في جوهرها لحظتنا، لكن لبسناها كغيرها تحت تأثير الإغراء الغربي الذي لا يزال الكثير منّا في حالة عشق له حتى وهو في محطة من أكبر محطات الانهيار التي يمر بها كما يذكر الفيلسوف الفرنسي أونفري، هذا مع الفشل الذريع الذي تعرفه منظومته المجتمعية والفكرية في معالجة هذا الوباء الصحي العالمي .

لقد داهمنا الفيروس وفرض علينا منطقه بالحجر والعزل، وفي الوقت الذي كان ينبغي أن نكون أشد إيمانا وأكثر اتزانا لا لأننا مسلمين فقط بل وأيضا لأن الوضع بقليل من التدبر نجده لا يستحق كل هذا الذعر الذي دفعنا إلى حالة وجودية تتسم بارتفاع منسوب " الأنا " فينا، والركض نحو الإفلات من الموت بمزيد من الأنانية تجلت في تخزين السلع والمنظفات الصحية والكمامات دون مراعاة لعدم قدرة البعض منّا على ضمان قوت نهاره، ثم بعدها المضاربة في قوت الناس بمنطق أنا وبعدي الطوفان، وتمضي أيام الحجر لتطوّيق انتشار الفيروس بين ثنائية الهلع واللامبالاة، ولو تأملنا في هذه الثنائية لوجدنا أنها تعكس قيمة اللحظة التي نعيشها مع بعض ومن دون بعض.

سيقول قائل لكن أبان المجتمع عن روح تضامنية أيضا، وهي حقيقة تأكيدها لا يخفي ما وراءها من تصرفات تعمق حالة الشعور الفائق بالخوف والرغبة في تأكيد الوجود الفردي وسط الجماعة، هي حالة الإنسان العربي الذي يعيش التناقض بالتناقض في زمن الكورونا، حيث تسحبه المتناقضات إلى ساحة المواجهة العلنية مع الذات، مواجهة إما أن تعيده إلى ذلك النبع الصافي الذي يختلف حتما كل الاختلاف عن دائرة الفكر النيولبرالي في نسخته العربية الهجينة، أو يبقى تائها في أزقة الوجود المستحيل يخوض حروبا لا يملك عدتها وعتادها فيواصل في اللامعنى تماما كما قال المفكر الإيطالي صاحب كتاب ( الإنسان الحرام ) في معرض توصيفه لمجتمعه هذه الأيام ..: " أكثر الحروب عبثية هي الحرب مع عدو يقيم في داخلنا لا بالخارج ".
والعدو الذي بات يسكننا حتما، هو من صنع تراكمات سياسية واقتصادية اتسمت على مدار عقود متوالية بالفشل، أنتجت لنا نفسية مهزوزة لا تملك القدرة على إحكام السيطرة إزاء الخوف من الندرة، بل وأصبحت الندرة الآن مرادفة لموت يدق على الأبواب الموصدة.
هذا الوضع رأينا صور منه في محلات أوروبا الكبرى التي وصل الأمر بها إلى تقاتل الناس على أوراق المراحيض في مشهد تتقزز له النفوس، وتوج بتلك السقطة الأخلاقية المدوية في المفاضلة بين حياة إنسان وآخر وفق اعتبارات السن وإغراء الحسابات النفعية على حد قول الفيلسوف الألماني ذائع الصيت هابرماس في مقابلة له نشرت مترجمة في جريدة لوموند الفرنسية.
كل هذا يبدو واضحا بالنظر إلى ما أنتجته الحداثة وما بعد الحداثة من واقع لإنسان أعلن (بضم الألف) أنه بديلا للإله، ثم برمج على أنه الإنسان الأخير الذي يوقّع نهاية التاريخ، لكن ما لا يمكن السكوت عنه وإغفاله وجود هذا الإنسان الإله بيننا في شوارعنا وأحيائنا في ثوب المؤمن الذي يتعبد في المساجد إلها غيره، في حالة فريدة من الشيزوفرنيا.



#كمال_عيسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا والوجود المستحيل


المزيد.....




- ليس في أمريكا..أين يقع أقدم منتزه وطني في العالم؟
- أول تعليق من الكرملين بعد دعوة رئيس أوكرانيا لإجراء مباحثات ...
- كيتي بيري كادت أن تسقط من على منصة فراشة خلال حفلها في سان ف ...
- في قلب دخان أسود.. كاميرات مثبتة بالجسم توثق إنقاذ سكان مبنى ...
- آلام الأسنان: ما السبب وراء الألم عند تناول المثلجات والمشرو ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء في مناطق -لم يعمل بها سابق ...
- سوريا: هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف
- هل أصبح ترامب جزءا من الدولة العميقة التي حاربها؟
- بولر متفائل بشأن اتفاق جديد ويصف حماس بالعنيدة
- صحف عالمية: إسرائيل ترتكب بدم بارد جريمة ضد الإنسانية في غزة ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال عيسى - كورونا والوجود المستحيل