أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين النجم - وقفة مع الفلم الاسباني ( الحفرة )















المزيد.....

وقفة مع الفلم الاسباني ( الحفرة )


محمد حسين النجم
استاذ جامعي / باحث اكاديمي

(Mohammed H. Alnajim)


الحوار المتمدن-العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


اذ يعيش العالم ازمة جائحة ( كورونا ) , واذ تتبدى معالم الازمة الاخلاقية في العالم الراسمالي وهي تواجه هذه الجائحة , ارى من المناسب التوقف عند الفلم الاسباني ( المنصة )
Platform
او كما يسمى بالاسبانية الحفرة
El hoyo
من إصدارات نتفليكس ( 2019 ) وينتمي لنوعية الرعب الجسدي من خلال واقع تخيلي.
البطولة لإيقان ماساجيه وزوريون إيجيليور وإيميليو بوالي. السيناريو لدافيد ديسولا وبيدرو ريفيرو والإخراج لجالدير جازتيو أوروتيا.
الفلم تعبير عن التراجيديا الانسانية وهي تعيش اسوء اوقاتها والتي يعزوها البعض الى الراسمالية المتوحشة , وهو ليس بعيد عنها , كما يراه البعض توصيف للواقع الاجتماعي الاسباني بكل ما يحتدم به من صراع طبقي وقسوة . وبذا فاي الرايين نعتمد فهو لا يخرج عن كونه شهادة ادانة للراسمالية , و اسبانيا جزء منه .
سيناريو الفلم بسيط بقدر ماهو عميق , كما انه ليس بحاجة الى الكثير من الديكور والاكسسوارات مادامت احداثه ترتبط بالصراع بين الحفرة والمنصة . فالحفرة هي سجن عمودي يمتد عميقا في الارض , خلاف السجون الافقية , يتالف من عدد كبير من الطوابق تصل الى اكثر من الثلاثمائة , كل طابق فيه سجينان , وهناك فتحة بعمق هذه الطوابق يتم من خلاها تجهيز الطعام للسجناء بمائدة ( منصة ) مكتظة بانواع واصناف كثيرة من الاطعمة تبدأ من الطابق الاول نزولا الى الاخير , والحرية متاحة لسجناء الطوابق باكل ما يشتهون على شرط ان لا يخزنوا منه شيئا , فالمائدة عامرة بشكل يومي .
وضع السجناء في طوابقهم متغير , ففي كل شهر يتم تبديلهم بشكل عشوائي , فمن كان في الطوابق السفلى يمكن ان يكون في العليا وكذلك من كان بالعليا يمكن ان يصبح بالاسفل .
عقدة الفلم تدور حول نتائج الاسراف في انتهاك المنصة العامرة بالطعام اثناء هبوطها في الحفرة والتي سرعان ما تتحول الى تشكيلة من البقايا اشبه ما تكون بالنفايات المقززة , فسكنة الطوابق العليا يهجمون على الطعام بشراهة وسوء , فهم لا يكتفون بالاكل غير النظامي بل ويعبثون بالطعام ويلقون به اوساخهم بل يتيقيئون ويبولون عليه , وهكذا يفعل من بعدهم حتى ينفد الطعام قبل وصوله الطبقات الدنيا ليعم الموت فيها جوعا . فالفلم , بالاضافة الى ادانته لطبيعة النظام , الا انه لا يغفل جانب مهم هو المسؤولية الاجتماعية الفاقدة للتضامن بين الطبقات والتي يراها غورنغ , الشخصية الرئيسية في الفلم , اساسا لاصلاح الاوضاع . ان وضع السجن بصورة عمودية تخترق الارض ربما يعبر , بالاضافة الى ما يراه البعض عن الراسمالية , عن واقع البشرية و شهادة ادانة لسكنة الارض في جميع انحائها , فمايجري في الحفرة يعد قاسما مشتركا لكل المجتمعات والانظمة في الارض وليست الراسمالية المتوحشة الا المثال الابرز فيها , وما يدفع الى هذا الافتراض ما يجري في قاعة اعداد الطعام , فهناك عناية كبيرة بنظافة ما يقدم وتنويعه واكثاره , حيث تتم المراقبة الدقيقة لتجهيزه وهو ما يعبر عن غنى الارض ونظافة عطائها وقدرتها على ان تمنح الجميع كفايته لولا ما تعانيه من تحكم سواء على مستوى الانظمة او على مستوى الذات البشرية , مثلما تعبر عن واقع الحرية الليبرالية بالصورة التي تتم ممارستها .
والسجن يمكن النظر اليه بصفته صورة للواقع الاجتماعي بجميع مفاصله و الذي يحفل بمختلف انواع الفاعلين , فهو لا يقتصر على المجرمين فقط الذين يقضون العقوبة فيه , بل هناك من يدخله باختياره لاجل تحقيق مطامحه , كما هو الحال مع غورنغ الذي دخله لغرض الحصول على دبلوم مجاز , وللسجناء الحق باختيار شيء ما يصحبهم خلال فترة محكوميتهم, فمنهم من يختار البنادق والاقواس , او سكاكين ومصابيح , او مضارب غولف ومضارب بيسبول , بل وحتى الدراجات الثابتة , وفي الوقت الذي يكون اختيار ( كريماغاسي ) زميل غورنغ في الطبقة والمحكوم بجريمة قتل , سكينا , نجد غورنغ يختار كتاب ( العبقري النبيل ) لدون كيشوت . فهو هنا يمثل المثقف الذي يظن في نفسه القدرة على مواجهة التوحش والسادية الاجتماعية والسياسية من خلال الفكر والوعي , و ربما تكون الاشارة الى دون كيشوت , ذلك الاحمق الذي ظن نفسه في مهمة مقدسة , امعان في وسم هذا المثقف بانه احمق لا يختلف عن صاحبه دون كيشوت , ففي حوار جمعه في شهر اخر باحدى السجينات كان يعتقد بالقدرة على انقاذ الواقع من خلال التضامن الطوعي , , وهو ماكان محل تندرها حين حاول كثيرا ان ينصح سجناء الطبقات العليا بان يراعوا من تحتهم بالاكتفاء بحاجتهم من الطعام وترك حصص للاخرين , وحين يفشل يلوذ بالتهديد . ويحاول الفلم ان يسلط الضوء على طبيعة التوزيع الطبقي الاجتماعي ممثلا بطريقة توزيعهم داخل السجن , فهذا التوزيع , ليس قدرا قارا , وليس من طبيعة الاشياء , واذا كان الفرد حرا في اختيار الدخول الى السجن وفقا لارادته وفعله , فهو ليس بالضرورة حرا في البقاء ضمن اختياره , بل الحظ يلعب دورا كبيرا في ذلك فقوانين السجن تقوم على تبديل مواضع السجناء شهريا , حيث يتم تخديرهم وتوزيعهم بشكل عشوائي , والمحظوظ من يكون في الطبقات العليا وسييء الحظ من يكون بالاسفل , وهكذا كما يقول كريماغاسي الشخصية الثانية بالفلم ان هناك ثلاثة انواع من الناس , من هم بالاعلى ومن هم بالاسفل ومن يسقطون . ان ممارسة السجناء في الطبقات العليا تكشف , بالاضافة الى شكل النظام , فقدان التضامن والوعي الاجتماعي , فهم اذ يعيثون فسادا بالطعام ( الثروة ) سرعان ما ينقلب حظهم ليكونوا في الطبقات السفلى , وهو ما ينبغي ان يدفعهم الى النظر بسلوكهم بالتفكير بمستقبلهم حينما تنقلب حظوظهم , الا انهم يستمرون في غيهم . ان اصعب ما يمكن ان ينتهي به الامر , خلال هذه الممارسة الشائنة , حين تقف امام معادلة صعبة يوضحها غريماسي الى غورنغ هي : ان تاكل او تؤكل , فلاجل ان تحافظ على بقائك حيا , حين ينفد الطعام , لابد ان تاكل زميلك في السجن , وهو ما شرع به غريماسي حين صاروا في طبقة سفلى ولم يصلهم طعام فقيد صاحبه وبدأ بقطع اجزاء من لحمه , لولا تدخل احدى اليائسات حين قفزت من طبقة عليا لتفك قيد غورنغ وتنقذه وتعينه على قتل زميله . واذ ان الجميع سيمرون بذات المدار حسب تبدل مواقعهم الشهرية في طبقات السجن فالنهاية الاجتماعية لابد ان تنتهي الى هذه النتيجة المرعبة : تاكل او تؤكل .
الى اي حد يمكن لخيار القوة ان يعيد التوازن الاجتماعي ويصحح الاوضاع ؟ يحاول الفلم ان يؤشر دور الطبقات العليا بالتغيير , فحينما كان غورنغ و بهارات , الذي رافقه بسجنه في شهر اخر , في طبقة عليا شعروا بامكانية التغيير بان يفرضوا بالقوة على الطبقات الدنيا توزيع الحصص على السجناء بعدالة , صعدوا المنصة وبيدهم هراوات يضربون بها من يعبث , الا انهم سرعان ما توقفوا حين نهرهم ( الحكيم ) الذي التقوه في الطبقات السفلى , والذي ربما يمثل ضمير المثقف حينما يسلك سلوكا مخالفا لمتبنياته , فالسلوكيات الاساسية تاتي اولا , كما اخبرهم , فاذا كان الهدف سليما فلابد ان يكون السلوك كذلك , وشدد عليهم بان الاقناع اولا وحين يفشل تضرب ضربتك . وحضهم على ارسال رسالة رمزية الى من هم فوق , فعلى الرغم من انعدام الضمير لمن في الاعلى الا ان هناك فرصة . ما نوعية الرسالة الومز ؟ كان المقترح ان يكون طبق شهي ومطلي بشكل جميل , ويجب ان يعود الى الاعلى سليما , وهكذا احتفظوا بـ (الباناكوتا ), وتابعوا نزولهم , فالمنصة سرعان ما تصعد الى الاعلى بدون توقف مما يحفظ الرسالة من العبث .
حين شرع غريماغاسي بقطع اجزاء من لحم غورينغ انقذته امراة اصابها الياس من كثر ما بحثت عن طفلها المفقود وهي امراة اسيوية عاشقة للموسيقى , تطمح ان تجعل من نفسها مارلين مونرو بنسختها الاسيوية , فهل اراد الفلم ان يخبرنا بان مسعى الانقاذ يمكن ان ياتي من اسيا ؟ ان زميلة غورنغ , في احد الاشهر الماضية , والتي سخرت من مساعيه حول التضامن العفوي , كما اشرنا سابقا , اتهمت المراة بالجنون والكذب , فليس في هذا السجن من اطفال , كما تخبره , الا ان وصولهم الى ادنى طبقات السجن فاجئهم بالعثور على ذلك الطفل . كانت فتاة تشكو الجوع , فما كان منهم الا اعطائها ( الباناكوتا ) لتلتهمها , فهل ضاعت الرسالة الومز ؟.
وعلى الرغم من عدم قدرة الفلم على اعطاء حل للمعضلة التي تواجهها البشرية من خلال ما يواجهه السجناء , الا ان النهاية المفتوحة التي ينتهي اليها لا تدفع للياس بقدر ما تمنحنا الكثير من الامل , فالمستقبل مفتوح على جميع الخيارات , وليس هذا المستقبل الا تلك الطفلة التي ينبغي ان تكون هي الرسالة . فهنا يكون الامل بالاجيال القادمة , فاطفال اليوم هم من سيكون شباب المستقبل القادر على التغيير , ولكن بشرط ان لا يتلوث بمساويء الحاضر , وهي لاشك مهمة صعبة الا انها ليست مستحيلة . ان براءة الطفولة غير الملوثة باوشاب الواقع السييء هي المنقذ لنا عندما نحميها من ان تتلوث وهي تشب عن طوقها , وهكذا يتفق غورنغ وزميله على ارسال الطفلة الى الاعلى من خلال المنصة , فالمنصة بعد انتهاء مهمتها ستعود الى الاعلى بدون توقف مما يجعل ارسال الطفلة عليها الضمان بان لا تتلوث ..
ان الفلم يشكل صرخة بوجه الجميع , انظمة وطبقات اجتماعية , فالجميع يشارك بوعي او بدونه بالمأساة الانسانية , الا ان الامل لازال ما ثلا نحو التغيير , اذا تمت رعايته .
.



#محمد_حسين_النجم (هاشتاغ)       Mohammed_H._Alnajim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبز العباس
- العشق ........والتاريخ


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين النجم - وقفة مع الفلم الاسباني ( الحفرة )