أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد سعيد - القومية العربية:... البداية... النهاية















المزيد.....

القومية العربية:... البداية... النهاية


حامد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 1578 - 2006 / 6 / 11 - 11:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سيطرت العقيدة القوية على عقول العرب أكثر من أي عقيدة أخرى، ماعدا الإسلام. وهي، برغم مخالفتها الضمنية والصريحة بعض نواحي الإسلام، لم تلق منه إلا مقاومة ضعيفة لن تستطع الحؤول دون انتشارها في البلدان العربية.
المفكر العراقي مجيد خدوري

لعل فكرة القومية التي دخلت الى المجتمع العربي في بداية القرن الماضي هي نتاج تصدير مقصود أو مهيأ له من قبل جهات كان من همها تفكيك العالم الإسلامي بعد ان تم لها القضاء على الدولة الإسلامية العثمانية في مرحلتين، مرحلة المشروطية والدستور عام 1908 عندما أزاح محمد رشاد أخيه السلطان عبد الحميد من مركزه كخليفة للمسلمين وكحليف قوي لقيصر ألمانيا وفي المرحلة الثانية عندما جاء مصطفى كمال أتاتورك ووجه الى الإسلام الضربة القاضية عندما شدد على أفكار 1908 فاصلا تركيا الحديثة عن الدين وعن العرب الذين كانوا يمثلون الوجود الحقيقي للإمبراطورية العثمانية.

ان الذي يتصفح أوراق وأيام الجاسوس البريطاني المستحيل لورنس العرب يجد ان فكرة القومية العربية كانت من بنات أفكاره إذا لم يكن قد أرسل أصلا بعد نجاحه بقيادة ثورة العرب الكبرى ضد الوجود العثماني كي يبث هذه الفكرة او على الأقل التذكير بها بعد ان وجدت لها مبررات للظهور. هذه الفكرة التي من شانها تفكيك العالم الإسلامي الى جزأين، الجزء العربي الذي سيرتدي رداءا أكثر موالمة للحداثة من اجل الاقتراب من الازدهار الغربي، وجزء يقع خارج المنطقة العربية يمتد من إيران غربا وصولا الى دويلات الاتحاد السوفيتي السابق المسلمة ثم جنوب شرق آسيا ومن تركيا شمالا الى دول البلقان التي ابتلعها العالم المسيحي إلا إنها الآن تحاول الخروج من قبضة الإسلام عن طريق القومية البلقانية مما يجعلها أرضا خصبة لزرع فكرة الانشقاق عن الإسلام خاصة إذا عرفنا ان الغرب بدا يساعد هذه الدول للخروج من صف الإسلام بعد ان لاقت من هجمات المسلمين عبر تاريخها الطويل الأمرين.

كانت فكرة الوحدة العربية من الأهداف التي كانت تؤرق لورنس والتي جعلته أكثر من مرة يصطدم مع مرؤوسيه الذين وجدوا في تفكيك العرب اقصر الطرق للسيطرة على المنطقة. لقد كان لهذه الفكرة مثل طعم المرارة في فم لورنس لا لأنه وعد أصدقاءه العرب بإمكانية تحقيقها لا بل لأنه أراد حليفا قويا لبريطانيا لمواجهة ألمانيا الطامحة. لقد أراد لورنس دولة عربية واحدة حليفة لبريطانيا والحليف القوي خير من الحليف المفكك وان كنت تسيطر عليه. ربما لهذه الأسباب التف حول فكرة القومية العربية دعاة وأتباع من الدين المسيحي أول مرة، صحيح ان بعض المسلمين وجدوا في القومية العربية سلاحا مواجها للقوميات الأعجمية التي دخلت الإسلام عبر عصوره المختلفة وحاولت السيطرة على القياد الإسلامي ونجحت في بعض الفترات التاريخية مثل القومية الفارسية التي يطلق عليها منظرو القومية العرب لفظة (الشعوبية)، لكن الغريب والغالب في انتماءات القوميين العرب الأوائل كانت انتماءات مسيحية وكأن القومية العربية ولدت للوقوف بوجه الإسلام نفسه ثم تحسن مظهرها فيما بعد عندما تولت الى منهج للكفاح ضد الوجود اللاعربي في المنطقة وللتقدم الحضاري، لكن هذا المنهج اثبت في النهاية عقمه وتخلفه وهذا شأن كل منهج قائم على العصبية وعدم احترام وجود الآخر. ان الذي شجع المسيحيين على تبنس الفكرة القومية هو نجاح الولايات البلقانية من تخفيف السيطرة العثمانية عليها عندما ساعدت الدول الأوربية ولايات البلقان على ذلك وعندما تبنت هذه الولايات الأفكار القومية، وعند المفكرين العرب، فلقد هالهم التسلط المريع الذي كان يقوم به سلطان المسلمين العثماني على المسلمين باسم الإسلام، فاخذوا يبحثون ن مخرج لأزمتهم الوجودية هذه، فوجدوا في الليبرالية والقومية الأوربيتين نظرية جديدة تفتح الأبواب لهم للخروج من قبضة الإسلام السياسي العثماني. من هنا بدأنا نسمع أصوات تداعي بإحلال القومية العربية محل الدين، فكان الانقلاب العثماني الأول عام 1908 حيث ولدت النزعة التركية القومية التركية على أيدي المتطرفين من الأتراك الذين سيطروا على مقاليد الحكم هناك.

هكذا ولدت القومية وكان للعراق جزءا من تأثيرها على المجتمع والسياسة وباسمها سيحكم العراق من قبل القومين عقود كثيرة متراجعا الى الوراء حتى يترك هؤلاء البلاد في مهب الريح ويحملون أوراقهم ويمضون الى المجهول ليكونوا بحق آخر فرسان القومية العربية المنتحرين على أسوار طروحاتهم الخيالية بعد ان وضع العرب فيهم ثقتهم الكاملة ولكنهم خذلوا الجميع بهزيمتهم السريعة. وحزب البعث هو الابن الغير شرعي للمسيحي القومي ميشيل عفلق الذي أعلن إسلامه أواخر أيامه ومات باسم احمد ميشيل عفلق وقد ولد عام 1923 في دمشق عن أسرة رومية أرثوذكسية تمتهن تجارة الحبوب، كانت أفكار عفلق تدعو الى دمج الاشتراكية بالقومية ويهاجم الأفكار الماركسية والمادية – وربما لهذا السبب حصل على الدعم الغربي الذي سيظل سرا مقدسا الى حين لكنه يفسر كيف تغلغل اسم ذو جرس يهودي الى بلد مسلم له احترام لمسميات علم إسلامية مثل محمد وعلي وحسين وحسن!

أعلن عفلق ولادة حزب البعث عام 1947 الذي سيقود العراق منذ عام 1963 الى عام 2003 بتذبذب في مستويات الأداء والولاء مع قدرة هائلة على تصفية الخصوم الماركسيين والإسلاميين وكأنه اعد ليمارس هذا الدور بمباركة الدول الغربية أو (الماسونية العالمية) كما يقول الخيال الشعبي العراقي، حتى إذا ما قضي علميا على الشيوعية بعد ان خرج صدام حسين مهزوما من معركته مع إيران، صدر الأمر العالمي بالقضاء على صدام حسبن الذي أدرك انه أصبح ورقة محترقة ليس أمامه إلا احتلال الكويت ليقلب موازين القوى التي انقلبت عليه وعلى القومية العربية الى الأبد.

مستقبل القومية العربية:
بعد ما حصل بالعراق تحطمت آخر قلاع القومية ومعها تحطمت بروج الكذب والوهم التي عاش في كنفها المواطن العربي طوال عقود من الزمان. اعتقد ان من يقف اليوم على ناصية الطريق ويلقي خطابا قوميا سيجد الناس من حوله ينفرون الى همومهم التي أصبحت كونية لا تتعلق بأصولهم وانحداراتهم العرقية. وهذا شيء طبيعي، فمن بعد ان شاهد خسارة العرب وإفلاس طروحاتهم المرتبطة بالشعارات الحماسية، يوقع بالولاء للقومية إلا إذا كان مسطحا مثل النظرية نفسها التي لم تر في انهزام هتلر التاريخي، وانهزام العرب قبل هتلر بأكثر من ألف سنة عندما جاء الإسلام وقال لا فرق بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى. نعم ان من فضائل العولمة إنها ألغت عراقة الدماء كما ألغت الحدود وصيرت العالم قرية صغيرة تستطيع التجول في أزقتها وأنت جالس أمام شاشة الكومبيوتر. وقد تكون العولمة مليئة بالأخطاء إلا إنها في الوقت ذاته مثل أي شيء في الحياة، مليئة بالحسنات. علينا ان نبحث عن هذه الحسنات مع الآخر وننميها من اجل وصولنا الى مرحلة التنمية الوطنية الشاملة بدأ من الإنسان وانتهاء بالإنسان. لا نستطيع ان نحارب العولمة، إنها قطار هائل يسير بلا سائق، يسحق كل من يقف أمامه ولن يتوقف إلا بقطار جديد، هذه حتمية تاريخية وليست نظرية خرجت من المطبخ الماسوني كما يصرحون أصحاب نظرية المؤامرة التي جعلتهم يعيشون في مؤامرة داخلية ولا ينظرون الى سير التاريخ وتخلفهم في هذه المسيرة. العالم يريد العولمة، العالم يريد الحرية والديموقراطية، صحيح ان المستفيد الأول من هذه العولمة هم دول العالم الأول أولا وأخيرا الا ان هذا لا يجب ان يحبطنا بل يجب ان يدفعنا الى ابتكار ما من شأنه ان يجعلنا من المستفيدين أيضا من المرحلة التاريخية التي يمر بها المصير الإنساني، فعلى سبيل المثال، لو ان الدول العربية اندمجت في اتحاد اقتصادي فمن الممكن خلق غول ينافس الاتحادات الاقتصادية الأخرى مثل الاتحاد الأوربي الذي بدأت الدول الأوربية التي عارضته في البداية تتسابق من اجل الدخول إليه كتركيا مثلا. الم يحن للحكومات العربية ان تستفيد من تجربة صدام حسين وتمنح الكثير من الحرية لابناءها وسترى كيف ستخرج الطاقات الخلاقة والمبدعة التي يشتريها الغرب ويستثمرها في مؤسساته البحثية وفي الجامعات والمستشفيات، فحيث ما دخلت الى واحدة من هذه المؤسسات حتى تجد عقل عربي عبقري يدير هذه المؤسسة او تلك وإذا سألته لماذا تركت بلاد العرب؟ يقول لك هربا من حكوماتها الوطنية‍!

ليست العولمة هي سبب بليتنا، كما ليست الدول الغربية مهما كان لها من أطماع في أراضينا. بلوانا في أنفسنا، في حكوماتنا الوطنية، في إسلامنا المزيف الذي يهب السلطان كل ما يريد من الدعاء بطول العمر الى تبرير الأخطاء التاريخية بالنص المقدس وتخويف فقراء المسلمين من نيران جهنم التي ستلتهمهم إذا ما قالوا ان أميرنا جائر أو لص أو قاتل بالجملة. الخطأ في إعلامنا العربي الذي لا يعرف غير هز الوسط وهز العقول بمدائح السلطان وهز الضمير بعبارات التبجيل الفخمة للقائد العربي الأوحد والضرورة والملهم والخ من هذا الهراء. على العرب ان يستفيدوا من أخطاء العراق إذا ما أرادوا يتفادوا الاصطدام بالحائط الذي نضرب به رأسنا الآن في العراق دون فائدة. علينا ان نفهم العولمة لا نعارضها، علينا ان نسمع خطاب الآخر لا تثقيفه بخطابنا الذي يعود الى ما قبل القرون الوسطى. وعلينا فوق كل هذا ان نعرف أنفسنا وان لا نستكين لحكام مدمنين بمرض السلطة، لن يقلعهم من كرسي الحكم إلا موت الله أو موت بانقلاب عسكري. أليس هذا حال العرب منذ ان خرج الاستعمار من بلادنا فجاءنا الأستحمار الوطني ليسلم قيادنا الى هاوية اكبر من هاوية الاستعمار؟!

انتهى صدام حسين وانتهت معه القومية العربية وما بقي منها ان هو إلا الرفس الذي يسبق الموت.



#حامد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابر جماعية
- الابواب
- اعتقال
- هنا يرقد وطن
- ثلاث قصائد
- ست مقاطع لعدنان الصائغ
- راعي العصافير الثلجية
- من يقول لعطوان الكحلي: اسكت
- امجد حميد... لماذا استعجلت الموت
- من قتل اطوار بهجت؟


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد سعيد - القومية العربية:... البداية... النهاية