أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحق مربوط - وجبة كورونا اليومية














المزيد.....

وجبة كورونا اليومية


عبد الحق مربوط

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


قال: إن التاريخ يعيد نفسه..
ليس بالمعنى الذي تقع به ذات الأحداث، لكن بمعنى وقوع ذات الارتباطات القانونية بالمفهوم الرياضي والفيزيائي..
بعد أسبوع من الحجر الصحي، لاحظت أن كل تفكيري، إن لم أقل أن كل تفكيرنا الجماعي تستحود عليه فيه كلمة كورونا، والمفاهيم والنقاشات المرتبطة بها، وتحتل حيزا هاما في كل يوم شروقه كورونا، بمآسي أرقام البارحة، و غروبه، بأرقام أكثر فزعا.
ازعاج هذا المفهوم الذي أصبح يطغى على وجودنا كأكثر كلمة تنطق وتقرأ على مدار اليوم، جعلني أتذكر قصة طالما رويت على مسامع طفولتنا ونحن صغار، قصة يعيد التاريخ القواعد المتكرر فيها على شكل قواعد تكرار كورنا كما ذكرت.. هكذا أعاد التاريخ نفسه!
القصة مرتبطة بأحد أئمة قبيلة، كانت في زمن تارتبيت التي ينصب فيها الإمام، أو الفقيه كما يسمىه الأهالي، على رأس المسجد أو السلطة الدينية في القبيلة، مقابل أموال (حبوب، بهائم..) تعطى له نهاية كل سنة، على أساس أن يتم إطعامه في الوجبات الأساسية والاستثنائية من طرف العائلات المكونة للقبيلة بالترتيب: عائلة تطعمه فطورا، وأخرى غداء، وأخرى عشاء، وهكذا دواليك..
في هذه القبيلة، كان الناس مغرمين كثيرا بأكلة محلية وهي بداز التي تمثل رأس كل الأكلات لديهم. وكان من حسن حظ هذا الفقيه أن وجد كل أسرة تريد أن تكون أكثر الأسر إكراما به.. وهكذا ومهما كانت الوجبة فطور، أو غذاء، أو عشاء ف بداز رمز الكرم، هو ما يزين مائدة طعام الفقيه عند المضيف..
سعد الفقيه كثيرا لكرم القبيلة، معتقدا أن أسبوعه الأول في القبيلة هو أسبوع الترحيب، ولا بأس مادام ستتغير الوجبات بعد إنهاء مروره ضيفا على كل العائلات التي سيزورها كلها بنهاية الأسبوع!
وصل إكرام عائلات القبيلة للفقيه، وأبت إلا وان تشرف الفقيه ب بداز رمز الحب والترحيب الدائم!
خاب ظن الفقيه من القبيلة من فرط ترحيبها به، وقرر أن ينقذ معدته من مكائد بداز.. فقام بتخصيص موضوع خطبة الجمعة كله لتحريم بداز وتنبيه الأهالي لموقف الإسلام المحرم لأكله!
- الحمد لله وحده.... وقد نهانا الله تعالى عن أكل بداز لما فيه من....
-يا أيها الناس اتقوا الله وانتهوا مما نهانا الله عنه لعلكم تتقون...
-...وآخر دعوانا أن الحمد لله ربي العالمين..
انتهت خطبة الجمعة.. لقد حرم الفقيه بداز عن العالمين في القبيلة!
تدمر الناس ورفع وجهاؤهم دعوة لدى القاضي.
يا أيها القاضي: إن أجدادنا وأجداد أجدادنا أورثوا لنا بداز أكلة، ورمزا، وشرفا. فكيف يخالف فقيهنا رأي كل من سبقوه، ليقف بيننا وبين ما تحبه أمعاؤنا؟ أيها القاضي أعد لنا ما حرمنا منه فقيهنا.
مرسول من القاضي يصل القبيلة، ولا يجد الفقيه إلا وهو منغمس في أكل آخر وجبة غداء بداز حضرت له قبل التحريم المشهور!
- سيدي الفقيه: إن شيخنا القاضي فلان يستدعيك للوقوف أمامه غدا.
في الصباح وبعد أن أكرمت وفادته عائلة من عائلات القبيلة، تحدت خطبة الجمعة، بفطور من بداز ، أخد حصانه الذي أعلفه بما تبقى من بداز ليلة أمس، وتوجه إلى دار القاضي.
- القاضي: كيف حرمت بداز على القبيلة؟ وأي نصوص اعتمدتها لتبث الفتنة في البطون والنفوس؟ لم حرمت عليهم ما لم يحرمه الله أيها الفقيه؟
- الفقيه: سيدي القاضي، الجواب هنا وهو يشير إلى أوراق مدها إليه وقد حضرها قبل المجيء للمحكمة.
-القاضي: ماهذا؟.. الويل لك لقد ارهقتني..هذه الأوراق كلها ممتلئة..لكن بنفس الكلمة، بداز .. بداز .. بداز !
الفقيه: سعادة القاضي، لقد أحسست بالارهاق وأنت تقرأ كلمة بداز في كل كلمة من كلمات المكتوب، فماذا أقول وأنا الذي آكل أكلة بداز في كل وجبة من وجبات اليوم؟
ضم القاضي الفقيه وعانقه، وبكا معا حتى فاضت قاعة المحكمة وديانا من الدموع، ثم خرجا ورنين كلمة بداز لا زال يرن في أذني القاضي، ولا يزال مذاق وجبة بداز يفوح من فم الفقيه إلى اليوم.
انتهت قصة الفقيه، أعود بكم لقصة كورونا التي أمست كلمتها ومفاهيمها توابل لكل وجباتنا اليومية فطورا وغداء وعشاء، وربما سحورا، لأنتظر معكم ظهور فقيه، غير ديني هذه المرة، وليكن عالما، أوطبيبا، ليجود علينا ويحرم علينا وجبة كورونا إلى الأبد



#عبد_الحق_مربوط (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم الذي سنعيش فيه بعد جائحة الفيروس التاجي بعيون Yuval N ...
- الحراك المغربي بين الإحتجاج و التدجين
- جيل Windows 8 الأمازيغي
- رد ا على --أمداكل-- بثوب ثروتسكي في مقال:نقاش مع الرفاق في ا ...


المزيد.....




- من بنغلاديش إلى فلسطين.. جائزة الآغا خان للعمارة تحتفي بمشار ...
- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...
- ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهي ...
- السنوار في الأدب العالمي.. -الشوك والقرنفل- من زنازين الاحتل ...
- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحق مربوط - وجبة كورونا اليومية