أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بحفيظ فريخ - حوار مع سجين














المزيد.....

حوار مع سجين


بحفيظ فريخ

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 21:19
المحور: الادب والفن
    


اليوم الثلاثاء، هو اليوم المخصص لزيارة السجناء، مشط شعره وارتدى أحسن ملابسه، ثم وضع عطره المميز، وسمع وقع أقدامه وهو يغادر في اتجاه السجن المحلي.
في الطريق داعبته أفكار كثيرة غيبته عن التمعن في حركة الناس وملامحهم، كانت أقدامه تلتهم الطريق التهاما، كيف سيجد صديقه الذي سجن منذ أسبوع بسبب شيك بدون رصيد، وقد حكمت المحكمة عليه بشهرين نافذين؟ كيف سيتحمل سلب حريته؟ وهو الذي ألف الخروج كل يوم من بيته يتسكع في شوارع المدينة: يبتلعه زقاق ويلفظه آخر، حتى إن جدران البنايات وأحجار الرصيف باتت تستأنس به ولعلها افتقدته هذا الأسبوع الذي غاب فيه عنها. وكلما جلس في مقهى الحي تمعن كرسي صديقه وكأنه يشتكي غياب صاحبه لأنها كانت تربط بينهما علاقة حميمة أقوى من تلك التي تربطه بأريكته في صالون منزله.
لم يوقظه من خيالاته إلا صوت الحارس الذي سأله عن اسمه ووجهته. ثم أسلمه إلى الحارس الداخلي الذي قام بمراقبته من رأسه إلى أخمص قدميه ثم جرده من جميع أغراضه، ليسلمه إلى حارس آخر مر به بين دهاليز لا تعرف الضوء إلا عبر فتحات صغيرة، خيل إليه أنه في متاهة يجب عليه أن يخرج منها في وقت محدد كلعبة من ألعاب بلا حدود.
أخيرا وصل إلى الغرفة التي سيقابل فيها صديقه. لم ينتظر إلا لحظات.. ليجد صديقه في الكرسي المقابل شاحب الوجه مشعث الشعر، والتجاعيد تخبر عما يعانيه داخل السجن.
تعانقا عناقا حارا كتوقيع يؤشر على براءة صداقتهما منذ الطفولة. بدأ المسجون يحكي عن معاناته النفسية داخل السجن على الرغم من أن القيمين عليه لا يألون جهدا في توفير كل ما هو مادي، لكن الرتابة تقتل بداخله كل شيء جميل، فهو لم يخلق ليوجد حبيسا بين الجدران، ولعله الأمر الذي جعله يرفض الوظيفة العمومية ويتجه إلى الأعمال الحرة.
وبدا التأثر على محيا صديقه فقابل كلامه بتقديم مجموعة من النصائح التي من شأنها أن تخفف عنه وطأة السجن: حاول أن تستغل هذه الفترة السجنية - القصيرة على كل حال- في قراءة الكتب التي من شأنها أن تقوي مناعتك النفسية، اقرأ كتب الأدب فإنها تفسح لك المجال أن تغادر أسوار سجنك وتحلق في عوالم وأكوان لا يمكنك زيارتها ولو كنت حرا طليقا، يمكنك الخروج من سجنك على مرأى ومسمع الحراس.
أنهى كلامه على وقع صوت جميل رخيم، صوت ابنته تطالبه بأن يستيقظ من نومه لأن الشمس بلغت كبد السماء. ففتح عينه وقد رسمت شفتاه ابتسامة ساخرة من النصائح التي كان يقدمها لصديقه في الحلم فهو أحوج بها في زمن الحجر الصحي الذي فرضته السطات بسبب تفشي الطاعون في المدينة.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كموسة


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بحفيظ فريخ - حوار مع سجين