أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد أبو زيد - شجر الفيكس














المزيد.....

شجر الفيكس


عماد أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


يطيب لي المشي في ميدان المنتزه أو كما يسميه بعض الناس القيسارية، وأن أشتم عبق التاريخ فيه، أتأمل العمارة الصفراء، التي يقع فيها "دكان الخواجة"، مازالت بمشربياتها الخشبية تحتل مكانة بارزة في قلب المنتزه. كنا نشتري من الخواجة السجائر الأجنبية، والجبن الرومي القديم، وزجاجات البيرة.
حدثني الأستاذ محمد جادو من قبل عن آخر يهودي رآه في هذه المدينة، يعيش في هذا البيت. هذه المدينة أحبها وأكرهها في آنٍ واحد.
في صبايَ اشتغلت مع العم عاشور النقاش، مدة أسبوع، منحني جنيهًا واحدًا فقط؛ أعطاني ذات مرة بضعة جنيهات؛ لأشتري "بوية" من محل الدفراوي، كان الرجل الكبير هو الذي يدير المحل، المعاملة معه في كل الأحوال لم تكن تزيد عن كونها معادلة رياضية، واحد + واحد = اثنان، يأخذ حقه، ويعطي العميل حقه؛ كان لي قرش واحد باقٍ، لم يسمح بانصرافي، نادى عليَّ بعد أن رفعتُ يدي، وهممت صوب الباب، في إشارةٍ مني لعدم اكتراثي للقرش، أعطاني إياه، وهو يقول: حقك.
أما العم حسن درويش؛ "فدكانه" به قليل من الأرز، المكرونة، السمن الاصطناعي، الحلوى، المربى، والصابون، وقد اعتنى بوضع لافتة في مكان بارز بالمحل، كُتِبَ عليها "الشكك ممنوع والزعل مرفوع".
أهل مدينتي يضعون قوانين لأنفسهم دومًا، لا يحيدون عنها عند تعاملاتهم.
مصطفى صاحب بوتيك عروستي، ابتاعت زوجي منه تنورة، ثم عادت إليه في أقل من ساعة، عندما وجدتها لا تليق بها. رفض أن يعطيها التسعين جنيها، قائلاً:
- استبدليها بحاجة تانيهَ.
لم تجد ما يعجبها بالمحل؛ فاستمسك بالنقود، وهو يردف:
- تعالي بعد أسبوع، هيبقى فيه بضاعة جديدة بإذن الله.
هذا الرجل صاحب بوتيك عروستي، ذو اللحية الكثيفة، يعمل مُدَرِّسًا في الوقت ذاته، وقد رأيته بعيني رأسي، يرجو مدير مدرسته؛ ليحتسب أيام انقطاعه عن المدرسة إجازة؛ لكي لا تطاله العقوبات ويحرم من المكافآت؛ حيث إن التعليمات تحظر عليه التغيُّب خلال أعمال الامتحانات. أما جابر زميلي لاحقته شائعة، مفادها أنه ليس له في "الستات"، في الفترة التي دبت فيها الخلافات بينه وبين زوجه، والتي لم تدم طويلا؛ إذ اختار الطلاق طريقًا للخلاص، وها هو الآن أراه يوميًا، مُتنقلاً هو وأبناؤه الأربعة ما بين بيت أم زوجه الثانية، وبيته.
ربما تكون المزيّة الوحيدة التي تعجبني في أهل مدينتي، هي استحسانهم شجر الفيكس، وزراعته أمام بيوتهم؛ فهو له مزايا عدة، منها: أنه لا يحتاج إلى عناية، ويتحمل العطش، وقد يستعين بجذوره في استخلاص الماء من التربة، ويمكن التحكم في طوله، وقص فروعه، وتشذيبه كيفما يروق لصاحبه.
وغالبًا ما يفضلون اصطفافه حول منازلهم؛ إذ يضفي على المكان جمالاً ورونقًا، ويُوحي بالمهابة، فضلاً عن أنه ليس محل طمع؛ فهو لا يُثمر ولا يُغني من جوع، ولا يُلقي ظلاً كثيفًا؛ فيأمن في كنفه عابر، ورخيص الثمن، كما يسهل التخلص منه دون أدنى تكلفة أو مشقة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي
- -ما تَبقّى- .. معرض فردي للفنان عادل عابدين
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد أبو زيد - شجر الفيكس