أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الأنصار - نبي الفقراء مذكرات بحيرا الراهب















المزيد.....

نبي الفقراء مذكرات بحيرا الراهب


باسم الأنصار

الحوار المتمدن-العدد: 6524 - 2020 / 3 / 27 - 16:05
المحور: الادب والفن
    


1

أنا بحيرا الراهب، واسمي الحقيقي هو سيرجيوس، غير أنّ الرهبان والقسيسين من زملائي في العقيدة، في العراق والبحرين وجنوبي الشام ونجد والحجاز واليمن ومملكة الرها والقسطنطينية وسيناء والاسكندرية وقرطاج وأنطاكيا وروما، كانوا يطلقون عليّ اسم بحيرا، وذلك لأنّني كنت متبحّراً في المعرفة والعلم حسب اللغة السريانية. أنا من قبيلة عبد القيس العربية. ولدتُ في بيت أراميا الواقعة في وسط العراق وبالتحديد في الحيرة عاصمة البلاد، وذلك في منتصف القرن السادي الميلادي. والآن أي في العام 638 م، أبلغ الثامنة والثمانين عاماً، وأعيش أواخر أيامي مع خادمي وخادمتي في بيت صغير، يقع بالقرب من ديرٍ متوسط الحجم يقع في القسطنطينية. وبما أنّ صحتي لم تعد كالسابق، وبما أنّني أيضاً لم أعد قادراً على الكتابة مثلما كنت من قبل، لذا، رحت أملي كتابي هذا على تلميذي وحامل أسراري الراهب مُرهَب الشامي صاحب الخمسين عاماً في صالة بيتي هذا، وذلك لكي أسرد للناس قصتي مع نبي الفقراء والاسلام، النبي محمد.
سأكتب هذا الكتاب بالكتابة الجرشونية، أي باللغة العربية ولكن باستخدام الحروف السريانية، وذلك لكي لا يفهم فحواه سوى أعضاء حزبنا، وكذلك أيضاً لقدسية اللغة السريانية بالنسبة لنا على اعتبار انها كانت اللغة التي كان يتحدث بها سيدنا يسوع المسيح.
ولدت وترعرعت وسط طائفةٍ دينية تدعى بطائفة الأحناف، وهم المؤمنون بإله ابراهيم الواحد الأحد وبشريعة موسى وبالمسيح عيسى ابن مريم، كرسولٍ من الله الى البشر، وبالنبي محمد كمخلّصٍ منتظرٍ يكون بمثابة خاتم الأنبياء والمرسلين. بعبارةٍ أخرى هم أصحاب الديانة الابراهيمية التوحيدية الخالصة.
ووسط هذه الطائفة المنتشرة في العالم وبالأخص في الحجاز واليمن والعراق والبحرين وجنوبي بلاد الشام، كنت أنتمي لحزبٍ ديني سياسي سريّ، يدعى حزب الأحناف. ولحزبنا عقيدة دينية وعقيدة سياسية. أما العقيدة الدينية، فهي تتلخّص في العمل على نشر كلمة التوحيد الإلهي في العالم عبر التبشير السلمي، وفي بناء الانسان والمجتمع على أساس الزهد والأخلاق والعدالة الاجتماعية والتضامن الانساني. بينما العقيدة السياسية تتلخّص في تحرير أقدس المدن في العالم بالنسبة لنا، ألا وهي مدينة إيلياء (القدس حالياً)، أو ما نطلق عليها مدينة الأنبياء في فلسطين، وذلك من الاحتلالات الفارسية والبيزنطية المتعاقبة عليها.
ولكن لديّ اشارة في غاية الأهمية هنا، ألا وهي، ليس كل من انتمى الى طائفة الأحناف يعدُّ عضواً في حزبنا أو يعلم بوجوده، وذلك لأنّ هذه الطائفة لها عقيدة دينية فقط، ألا وهي عقيدة التوحيد، بينما حزبنا له عقيدة دينية وعقيدة سياسية معاً كما أسلفت قبل قليل.
ولكي أطلعكم على طبيعة حزبنا هذا، لا بد لي من التكلم عن الجذور الأولى له، والتي تمتد الى ما قبل ولادة يسوع المسيح.


2


كان الرومان يحتلون مدينتنا المقدسة مدينة إيلياء منذ زمن طويلٍ قبل ميلاد المسيح، وكانوا يعاملون سكانها بطريقة فظة وبشعة ومتعجرفة. كان الجنود الرومان يسخرون من سكان المدينة ومن عقائدهم الدينية بشكلٍ سافر، مما دفع هؤلاء السكان الى القيام بالعديد من الثورات والانتفاضات ضدهم، وذلك من أجل تحريرها منهم. ولكن الرومان تمكنوا من إخماد هذه الثورات بقسوة شديدة لا مثيل لها، وذلك قبل أن تتطور ويكبر حجمها. لذا لجأت بعض الأحزاب الثائرة حينذاك الى العمل الثوري السري، وذلك عسى أن تنجح في تحقيق الثورة المطلوبة. ولكن، وبالرغم من كل ذلك، إلاّ أنّ الرومان تمكنوا مراتٍ ومرات من اكتشاف أمر هذه الأحزاب وبالتالي القضاء عليها. وبعد عقود طويلة من النضال العلني والسري، تمكنت احدى الأحزاب الدينية السياسية السرية، وذلك بقيادة النبي زكريا من ابتكار طريقةٍ جديدة للنضال ضد الرومان. وفحوى هذه الطريقة، هي ايجاد القائد المخلّص والمنقذ الذي بإمكانه قيادة الناس بحكمة عالية للقيام بالثورة المطلوبة ضد الرومان من دون أن يكتشفوا أمره. ومن أجل ايجاد هذا المخلّص، كان على هذا الحزب السري اختيار ابنٍ صغيرٍ لأحد أعضائه المهمين والبارزين، ومن ثم زرع فكرة المخلّص المنتظر في رأسه بقوة منذ الطفولة، وذلك لكي يمارس عمله النضالي حينما يكبر كمخلّص منتظر بإيمانٍ كبيرٍ جداً في ذلك. فإيمان المخلًص بنفسه إيماناً تاماً يعدُّ عاملاً مهماً وأساسياً في نجاح مهمته.
كان يجب أن يكون هذا المخلّص من أسرة دينية نبيلة، وكان يجب أن يتربى على أن يكون متأملاً وروحانياً وزاهداً وأخلاقياً وانسانياً وعالماً وملمّا بكل أنواع العلم والمعرفة، وعلى أن يكون أيضاً خطيباً بارعاً يستطيع سلب عقول الناس حينما يتحدث إليهم عن رسالته الدينية والسياسية مستقبلاً.
وبالفعل، قام النبي زكريا باختيار الطفل المناسب لهذه المهمة، ألا وهو عيسى بن مريم، أو يسوع المسيح. فقد قام النبي زكريا، بتزويج مريم ابنة الكاهن الأكبر للمعبد الكبير في القدس بعد موته، ألا وهو عمران من يوسف النجار الذي كان تلميذاً نبيلاً وخادماً مطيعاً للمعبد، وذلك على اعتبار انهما من أسرٍ دينية مرموقة، وعلى اعتبار أيضاً أنهما من الخدم المخلصين في المعبد الكبير الذي كان يشرف عليه في القدس.
أشرف النبي زكريا على تربية يسوع وابنه يحيى أو يوحنا المعمدان الذي كان يكبر يسوع بعامٍ واحدٍ بسريّةٍ بالغة، وقام بتلقينهما المعارف والعلوم المختلفة، وزرع في عقليهما فكرة الثورة والانتفاضة ضد الرومان منذ الصغر، مثلما زرع في قلبيهما معاني الحب والسلام والتسامح مع الآخر، وذلك من أجل بناء عالمٍ جميل تسوده جميع القيم الأخلاقية والانسانية العظيمة.
وبعدما بلغ يسوع المسيح الثلاثين من العمر، هطل الوحي الإلهي عليه، لذا أرسله حزبه السري الى الأردن البعيدة الى حدٍ ما عن أنظار الرومان، وذلك لكي يعلن من هناك بعد تعميده في نهر الأردن عن رسالته وثورته للناس جميعاً، وذلك بالاتفاق مع يوحنا المعمدان الذي كان يمهّد الطريق له هناك، وذلك من خلال الترويج له ولقرب ظهوره الى الناس.
وخلال ثلاث سنوات استطاع يسوع المسيح من نشر رسالته الدينية القائمة على المحبة والتسامح في مدينة القدس وفي بقية المدن المحيطة بها، بنجاحٍ ساحق قلّ نظيره، وصار له الكثير من الأنصار والأتباع، مما أثار ذلك حفيظة الرومان وخوفهم منه، بالإضافة الى حفيظة وخوف المجمع اليهودي الفاسد حينذاك، وذلك بسبب اعتماد هذا المجمع على الربا، وعلى شريعة موسى المحرّفة، وكذلك لتحالفهم مع الرومان ووقوفهم ضد تطلعات شعبهم بالتحرر من الاحتلال الروماني، غير أنّ يسوع المسيح استطاع اخماد هذه المخاوف، من خلال الظهور أمامهم بأنّ دعوته ورسالته هي دينية فقط، ولا علاقة لها بالسياسة ولا بالدولة ولا بالرومان ولا بالثورة ضدهم. غير أنهم لم يطمئنوا له ولادعائه، لذا أرسلوا إليه قوماً من اليهود ومن الموالين لهم، وذلك لكي يصطادوه بكلمة. فلما جاءوا إليه، سألوه: ”يا معلم، نعلم أنك صادقٌ ولا تبالي لأحد، لذا أيجوز أن تُعطى الجزية للقيصر أم لا؟‟ ، فأجابهم بعد أن علم بريائهم وبرغبتهم للإيقاع به في الفخ: ”لماذا تجربونني؟ اعطوني ديناراً لأشرح لكم رأيي‟ ، فأعطاه أحدهم ديناراً، فقال لهم بعد أن أشار بأصبعه على الدينار: ”لمن هذه الصورة والكتابة؟‟ ، فقالوا له: ”لقيصر‟ ، فأجابهم بذكاء: ”أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله‟ ، فانصرفوا عنه متعجبين من ردة فعله.
وبعد مدة من الزمن شعر الرومان ومواليهم من اليهود بأنّ يوحنا المعمدان صار يصرّح ضدهم علانية، وصار يدعو الناس بالثورة ضدهم، وذلك تحت قيادة يسوع المسيح، فقبضوا عليه وأودعوه في السجن. حينذاك هرب يسوع من أعينهم وحاول الاختباء في مكانٍ آمنٍ مع حوارييه وأنصاره الاثني عشر. دام هذا الحال لعدة أيام، الى أن عرض عليه أحد أنصاره ومحبيه فكرته، ألا وهو يهوذا، طالباً منه الخروج من مكانه والاعلان عن الثورة الكبرى ضد الرومان، وخصوصاً أن أتباعه من الناس صاروا كثيرين جداً وباتوا ينتظرون الاشارة منه للقيام بذلك، إلاّ أنّ يسوع المسيح رفض ذلك، وطلب منه التريث وانتظار اللحظة المناسبة للقيام بالثورة. وبعد جدال وحوار حادين بين يهوذا ويسوع المسيح، ضاق يهوذا ذرعاً بسياسة يسوع المسيح، وشعر باليأس منه ومن قدرته على القيام بالثورة، لذا ذهب وبشكلٍ سري الى الرومان، وأخبرهم بمكان يسوع المسيح الذي يختبئ به، وذلك للقبض عليه والخلاص منه، ليس كرهاً به، وانما لأنّ يهوذا كان يتطلع الى ظهور مخلّصٍ ومنقذٍ آخر يكون على مستوى مسؤولية الثورة، بعد أن شعر بأنّ يسوع المسيح غير قادر أو عاجز على القيام بالثورة. حينذاك، قبض الرومان على يسوع المسيح، ومن ثم صلبوه بعد عدة أيام.



#باسم_الأنصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الأنصار - نبي الفقراء مذكرات بحيرا الراهب