أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد العجمي - سلفيّةُ الشِعر















المزيد.....

سلفيّةُ الشِعر


أحمد العجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6500 - 2020 / 2 / 27 - 03:43
المحور: الادب والفن
    


مارست الحداثةُ الغربيّةُ بناءَ هويّتها الديالكتيكيةِ بفعل مطرقةِ النقد المعتمدِ على الفلسفةِ والعلمِ


اللذين حرّراها من الماضي العميقِ المتوقفِ في القداسةِ وفي سحريّةِ الأساطيرِ.

استطاعت الحداثةُ الغربية أن تتصلَ بالمستقبلِ وتتواصلَ معه بثقةٍ دون خوفٍ


من فقد الهويِّة القديمةِ وضياع الأنطلوجيا المعرفية التي بناها الأسلافُ داخل سحر اليقين وخارج الفكر النقدي.

الحداثةُ بمائها النقدي المتدفّق والجاري


أغرقت بنيتها الكليّة بما فيها الفن والشعر وأدخلتهما ضمن موجات تجديدية متفاعلة غير متوقفةٍ وغير خاضعة لمقاييس إلزامية التراث وفقهه.


لكنّنا نحنُ العربُ كنّا نتلقى شظايا الحداثة وأصواتَها من مسافات متشوّشة يتداخل معها فضولُ الاكتشاف والتجريب من زاوية، ومن زاوية أخرى يسيطر الخوف


منها ومما ستحدثه في هويتنا.

ولأنّ الحداثة واجهتنا بقوتها النقدية التي لم نكن نمتلكها ولم نعد مؤهلين للعمل بها منهجياً وفكرياً؛ فإنَّ الخوف على هويتنا


وليس منها، والخوف من الفراغ الذي سننتقل بفعلها إليه جعلنا منفصمين في مساحتين متداخلتين زمنياً وليس حضارياً، الأولى إنّنا مرغمون على الاتصال بالحداثة


وباستحقاقاتها بفعل قوتها وعجزنا، والثاني إنّنا لابد أن نتكوّر على هويّتنا العميقة التي بنتها القداسة والأساطير وشروط الماضي ولا نسمح باختراقها وتفكيكها.


في لحظة مُخادعة قصيرة جداً اعتقدنا أنّ دخول مجسّم الحداثة سهل بهويتين هما: الأولى الشكلانية المحاكية لصور وأنماط الحداثة في السلوك والطعام


واللبس ونقل الأفكار والنظريات، والثانية الالتزام بعقل الماضي وتخيلاته وسحره الروحي وصلابة تراثه. فصرنا نجمع الوعي واللاوعي في هويّة متناقضة وقلقة


وخائفة على القديم وعلى تلاشي سحره وغير واثقة في نتائج وآثار الحداثة وما بعدها.

ولمحنا كيف دخل الشعر هذه الدائرة كمغامرة نخبويّة


صعبة لا تمتلك ثقافة النقد الديالكتيكي للهوية الثقافية العميقة المترسخة في تاريخ الشعر وبنيته وقداسته وسحره، وتكتفي بنقل


الفلسفة والنظريات والأفكار الغربية حول الشعر ووضعه في مصفوفات تنظيرية.

هذه الفلسفة في الفن والشعر والأدب وهذه النظريات والأفكار تم تداولها في عقول


النخبة ولم تتحول إلى مناهج تعليمية تضعف سلطة الثابت لصالح المتحول الديالكتيكي وتعلي من قوة النقد المستمر للهويّة اليقينية التي تخشى


العولمة والتمدد.

في مقابل جرأة الشعر الخاطفة بالاتصال بالحداثة كانت الحساسية شديدة ومرعبة من المساس بشكل وجوهر الشعر وإخراجه من النص


العميق ومن توقف التناص معه ومع فقهه المقدس والسحري الذي جلب التفاخر وأشبع الغرور والروح الغنائية.

تمكنّ الشعرُ من إحداث خدوش


بسيطة وقليلة متفاوتة العمق والمساحة على جدران المقدّس الشعري، وكانت خدوش قصيدة النثر هي الأعمق على مستوى الموضوع ومستوى


التراكيب ومستوى الصوت لأنها فضلت ترك مسافة أكبر من المقدس الصوتي والشكلي والمعجمي.

وفي الوقت الذي أصرّت فيه قصيدة العمود على الوفاء


المطلق لقداسة التراث العميق ولسحر صوته وإيقاعاته العسكريّة، ووقفت تدافع عن خوفها على فقه الشعر وكنوزه السلفيّة.

نجد قصيدة التفعيلة


قد رهنت نفسها للاحتيار بين هوية الحداثة بنسبة قليلة وبنسبة أكبر لسحر الصوت التنغيمي والأخيلة الماضية والمعجم اللغوي الذي يتماثل مع المعجم


القديم وحتى مع تراكيب وبلاغة الماضي. وهنا تتكون هويتان غير متناسبتين لكنهما متصالحتان على الوقوف في السكون وتغليب خطوات


الاتباع للسلفية الشعرية.

وبتغلّب الصحوة الإحيائية على الطفرة الحداثية نتيجة غياب بنية الحداثة ومؤسساتها ومنهج النقد الديالكتيكي،


لاحظنا كيف انتصر فيها المقدس القديم وسطا الماضي العميق على الحاضر اليومي وسخّرها لأصدائه التنغيمية وقيوده الصوتية ومواضيعه التراثية


التي يجعلها أقنعة لا يستطيع التخلص من ضغطها وثقلها ومن تمرير التناص الشعري داخل النص الحديث ( فحين تستخدم سيرة يوسف كقناع يحضر الذئب وتحضر


البئر ويحضر القميص) وحين يحضر الشاعر القديم ( يحضر السيف والهودج والبحر الشعري..إلخ).

تشبه هذه الكتابة الشعرية المبحرة في


كثبان التراث دون القدرة على جعلها في الحاضر عملية التناص في التفسيرات المقدسة التي تعيد صياغة الكلام والأفكار بطريقة امتدادية وليست نقدية


تساؤليّة، وتماثل حكايات السير الشعبية .التي تتمدد وتطول؛ إنها استنساخ وتكرار.

في هذا السياق كان التنظير من أجل جمع الهويتين العربية


المتوقفة في سحرها والحداثة المتحركة بضوئها إلى اعتبار الصوفية ولغتها شكلاً من الحداثة. وهنا قلق متخلق من الفراغ الزمني الفاصل بين الحضارتين


المختلفتين.

-تحت هذا الانصياع لسحر الماضي وقوته الرابطة للزمن أخذ الشعر العمودي في الرجوع للتكاثر والوقوف في الواجهة باعتبار ذلك عودة


ناجحة ضد المغاير وانتصاراً للشعر وليس نكوصاً له وامتثالاً للخوف على تاريخه السلفي. فرجوع الشعر العمودي للواجهة يماثل رجوع النص


الديني بعد هزيمة نزعات الحداثة القصيرة.

- ولم يقتصر انتصار السلفية في الشعر على الشكل العمودي بشكله وبنيته وصوته، بل نجد صوراً لهذا


الانتصار متمثلة في الانصياع لتراث الشعر والشعراء وماضيهم باعتبارهم مرجعيات مُقدّسة يجب الحفر تحت تراثهم واستخراج سيرهم ونتاجاتهم وتلميعها


ككنوز تغني عن الحداثة وتؤكد على نزعة الهوية، كي تبرق كأضواء تقود لطريق المستقبل.

- ونجد هذا السحر العميق حين الذهاب إلى رؤية التراث يتبلور


في استرجاع صدى الصوت الذي كانوا يطلقونه واسترجاع إيقاعات بحورهم ومعاجمهم الصحراوية مقابل اللغة المدنية.

- الشعر كفن جمالي له شروطه ولا يخلو


من القدرة على تكوين هوية جديدة متحركة ومفارقة بشكل واعٍ لليقين والسحر ومتصلة بأسئلة المستقبل وتشكلاته في المعجم والصوت والحركة والذائقة،


وهذا مالم نجده مُنجزاً بوضوح في الحراك الشعري المنتمي لنزعة الحداثة.

- إمّا رهن الشعر للماضي العميق وسطوته فإن هذا السلوك يماثل ما

فعله الدينيون بالارتهان للماضي المقدس ورفضهم النقد خوفاً من تكسر الزجاج في أيدهم. الشعر هنا مُخاف عليه من الانهيار تحت ثقافة العدو

حضارياً وتحت العجز على إعادة صياغة هويّة شعرية جديدة منسجمة مع واقعها القلق.

- تحريك مطرقة النقد الفلسفي يحتاجه الشعر والفن

لتحريرهما من الهويتين المتناقضتين؛ الساكنة والمتحوّلة، وهذا ما لم يحدث بعمق وقوة، وإنما حدث بتلامس عاطفي وحنان ناعم

خوفاً من فقده، وأيضاً من غياب الآلة النقدية القادرة على التعامل معه بجدية وحب.

- هناك سلفية شعرية تمارس تقييمها للشعر خارج النقد

الفلسفي الفني والجمال وتحت وطأة الذائقة المقدّسة التي تحاصر الشعر خوفاً من الخروج عن طاعة الفقه الشعري المقدس وسحر صوته الرملي.


-هذه السلفية منتشرة في المناهج التعليمية في كافة مستوياتها ومنتشرة لدى المؤسسات الثقافية والأدبية والفنية ولدى المشتغلين بالنقد الأكاديمي والتقويمي،
ولدى دور النشر التي تتعامل مع الشعر بمنطق أرباحها.

- والأخطر في هذه السلفية حين تستوطن الشاعر المسحور بتراثه وبهويته المقدسة
والخائف من فقدان جماهيريته وحضوره المنبري ومكانته الزمنية في الشعر. ( الشاعر السلفي).



#أحمد_العجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد العجمي - سلفيّةُ الشِعر