أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - معاذ محمد - المخلص بين الماركسية والدين : لينين و المسيح















المزيد.....

المخلص بين الماركسية والدين : لينين و المسيح


معاذ محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 16 - 09:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماركسية والدين : رؤية فنية .. الأخوة الأعداء نموذجاً

لو أن المسيح عاد في أي جانب كان سيقف ؟

يروي كازانتزاكيس في ( الأخوة الأعداء ) أحداث الحرب الأهلية في اليونان بين الشيوعيين و الملكيين ، أواخر الأربعينات .
وقف الأب " ياناروس " نائب الرب في " كاستللوس " وذراعاه مفتوحتان
يصيح : " المحبة .. المحبة ! ، والجثث تتساقط من حوله ، والحقد يأكل القلوب ، والرغبة في القتل تعيد الإنسان إلي جده الغابر - الغوريلا - "

دار الصراع في القرية بين الأنصار ( أصحاب البيريه الأحمر ) و الجنود الوطنيين
( اصحاب البيريه الأسود ) ، وكان الكابتن "دراكوس" ابن الأب ياناروس هو زعيم المتمردين الذين اتخذوا من أعلى الجبل منطلقاً للانقضاض على القرى اليونانية التي كانت تحت حماية الجنود الوطنيين بقيادة "ديمتروس"

شعر الأب ياناروس بأنه يحمل على كتفيه - وكتفيه وحده - خطايا العالم أجمع ، وحديثه عن المحبة والوفاق ضاع في الهاوية ، وارتفع من يمين هذه الهاوية ومن يسارها السباب والشتائم ، فظل يناجي الله هامساً : " أيها الرب ! ها هم الناس يصلبونك مرة أخري "

...

تتألف الرؤية الماركسية للظاهرة الدينية من وجهة نظر سياسية تبتعد عن المضامين الميتافيزيفية لتري حقيقة الجذور التاريخية والاقتصادية ، تلك الرؤية تهمل النقد التأملي للدين داخل الإطار النظري المجرد لتناضل ضده من خلال جانبه الحركي وما يحمله بين ضلوعه من انطباعات سياسية ومضمون اجتماعي

فالماركسي يري الدين من خلال قانون الحياة اليومية ، أي يراه واقعياً ملموساً يتحرك داخل إطار الزمان والمكان . ويدفعه المنهج الديالكتيكي المادي إلي النظر خلف الدلالة الغيبية للدين ووضعه في مستواه الموضوعي المتعلق بالصراع الطبقي .

علي خلاف رجل الدين الذي يحرف ذلك الصراع إلي صراع وهمي ، وينقله من الأرض إلي السماء " فيزيل بممحاته اللاهوتية المعادلة الحقيقية للصراع الاجتماعي ويكتب مكانها معادلة خاطئة ذات جواب خاطيء " .. (1)
...

وصل المعزي ، وصل إلي الأرض ، في جسم إنسان وباسم إنسان : لينين
...


تكمن أهمية التحليل اللينيني للدين في رؤيته للظاهرة الدينية كـ "مفهوم معكوس للعالم يظهر واضحاً علي حقيقته أمام المعالجة السياسية "

فقد رأي لينين الطابع السياسي المباشر خلف القناع الغيبي للدين ، فوراء التشويش و التخدير الديني كان يكمن هدف ، تمثل في التعتيم علي الصراع الطبقي وكبحه .

بالتالي نظر إلي الأيديولوجيا الدينية كأداة في يد الرجعية البرجوازية ورفض إعطائها أية سمة تقدمية ، و إن كان يقر بأنه قد " حصل في التاريخ أن استعار النضال الديموقراطي ونضال البروليتاريا شكل نضال فكرة دينية " . لكنه لم يتكلم عن ثورية الدين بل عن المضمون الاجتماعي الذي حمل شكلاً دينياً ، ويكمل " لكن هذا الأمر تواري منذ زمن طويل ، أما الاّن ، فكل دفاع أو تبرير لفكرة الإله حتي في أكثر أشكالها رهافة وصدقاً ، فإنها تبرير للرجعية " .. (2)

...

أقف في السماء ، في الأعالي .. خلقتك حراً ، فلا تسألني النصيحة

عندما جرت أنهار الدم وتمرغ أطفال القرية في الوحل ، ذهب ياناروس ليفضح العالم أمام الله .. صاح : يا يسوع أنظر إلي الأشلاء المبعثرة و أطلال الحياة ، انزل من السماء ، فها هنا نحتاج إليك .
لكن الصورة صماء ، والسماء بكماء ، و الصياح لا يجد سوي رجع الصدي و الصمت الكبير

وعاد يصرخ : أين تقف يا يسوع حتي أتبعك ؟
هل تقف مع الجيش الملكي الذي يدافع عن الظلم لكنه يرفع راية الدين أم تقف مع الشيوعيين الذين يدافعون عن العدالة لكنهم ينكرون الدين

وارتفع من أعماق قلبه صوت يسوع هادئاً : تسألني أين أقف ، أقف في السماء ، في الأعالي . لقد خلقتك حراً ، وعليك أن تختار طريقك

سمع كلمة الرب ، فاختار طريقه ، وقرر أن يصعد إلي الجبل

...



يعرف لينين الإله بأنه : "مجموعة من الأفكار التي ولدها السحق المبهظ للإنسان ، سحق متأت من الطبيعة ومن القمع الاجتماعي "

بذلك يؤكد علي أن الأيديولوجيا الدينية ولدت وبقيت في حقل الصراع الطبقي ، و عندما كتب عن " المسيحية البدائية وفكرها الثوري الديموقراطي " كان متابعاً للرؤية الماركسية المزدوجة للظاهرة الدينية ، ولإنجلز خصوصاً في بيان الدور النقدي و الاحتجاجي للمسيحية الأولي .



لكن وبالرغم من تغير ملامحها في مسارها التاريخي بقيت أداة فاعلة ترعاها وتشرعها الطبقة المسيطرة كلما شعرت بالخطر ، وستبقي كذلك ما لم تحطم البروليتاريا أغلالها

...

لابد أن المسيحيين الأوائل كانوا يعيشون هكذا في السراديب
فقراء ، جوعي ، مضطهدين . وبالتأكيد كانت لهم نفس العيون التي تشتعل بالحب والكراهية ، وكانوا يتقابلون بنفس الطريقة ليدبروا المؤامرة لتدمير العالم القديم وفتح الطريق أمام العالم الجديد

...

بالنظر للصورة الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني في زمن يسوع ، تتضح ملامح تلك المعالجة السياسية للدين عند لينين .
فالمسيحية الأولي قلبت النظام السابق للعالم . وفتشت عن أنصارها بين المنبوذين ، الفقراء ، البؤساء ، العبيد الأرقاء . الذين ازدروا الأغنياء و الأقوياء

وكان المسيحيون الأوائل هؤلاء المحرومون من الحقوق ، الخاضعون لقوانين استثنائية ، الذين أخضعتهم روما وشتت شملهم . وثورتهم علي الرومانيين كانت في الوقت نفسه ، ثورة الفقراء الذين رفضوا البؤس القائم علي الأغنياء
الخائنين و الكفار . فالخيانة كانت لتعاملهم مع الرومانيين ، والكفر لأنهم عاشوا حياة الترف ذات الأسلوب الوثني

" كانت الحياة الاجتماعية في فلسطين أيام يسوع . عمال لا يكسبون في اليوم إلا درهماً يكاد يسد حاجتهم اليومية ، وحرفيون و فلاحون وعمال ومتسولون وأصحاب أسقام من برص ومعاقين . وفي وسط أولئك، أغنياء مترفون يبذرون أموالهم ولا يكترثون لغيرهم " .. (3)

في تلك البيئة الاجتماعية ، ارتفع صوت نبي الجليل معلناً الخلاص واقتراب ملكوت السماوات

...
هذا خسوف لله .. هذا خسوف الرب
غادر القرية وصعد الجبل إلى المعسكر الشيوعي ليناقش مع كابتن الأنصار قراره . سيسلمه السلطة و ستخضع له القرية سلمياً ، لكن الحرب يجب أن تنتهي
ثم عاد إلي القرية ليشرح للناس أن الأنصار قد قرروا الاستيلاء علي القرية ، ولم تعد سوي فرصة واحدة هي الصلح .. فالرفاق سينزلون دون قتل أو دماء ولن يضطهدوا أحداً من القرويين

نزل رجال البيريه الأحمر وأعدموا كل من كان عثرة في طريق الحرية ، وأدرك الأب بأنه خُدع .. فرحل وهو يقسم بأن لا يترك المسيح في أيدي عنيا وقيافا ليصلب من جديد

...

لينين هو المعزي ، هو الذي سينقذنا


كان كازانتزاكيس مهتمًا باستخدام ياناروس لتوضيح حاجة الإنسان وحقه في خلق صورة جديدة لله إذا أراد البقاء في عالم اليوم . فقد رأي أن العالم لم يعد بحاجة إلي الرب المصلوب بل إلي رب الجيوش ، وفي نهاية الرواية ينادي علي المسيح لكي يتسلح ويهبط ليبشر بالإنجيل الجديد .. إنجيل السلاح

أيتها الفضيلة تسلحي ..






المصادر :

1- الماركسية والدين : فيصل دراج .. ص 84 ، دار الفارابي
2- المرجع السابق .. ص86
3- مجتمع يسوع تقاليده وعاداته : سامي حلاق اليسوعي



#معاذ_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية والدين - رؤية فنية
- إضاءات علي أزمة السد


المزيد.....




- مراسلة RT: مسيرة تقترب من قيساريا حيث منزل نتنياهو الخاص
- فيتنام، 30 نيسان/أبريل 1975 – مرور 50 سنة على انتصار تاريخي، ...
- هولندا: عشرات آلاف المتظاهرين في لاهاي لمطالبة الحكومة بوقف ...
- إرحلْ.. رسالةُ المتظاهرين للرئيس ترامب في عيد ميلاده
- قصف إيراني يستهدف منزل نتنياهو في بلدة قيسارية
- نحو تدبير أمثل لخلافات اليسار العمالي…صوب حزب شغيلة اشتراكي ...
- المركزية الديموقراطية من لينين الى ستالين
- عين على نضالات طبقتنا
- العمل النقابي والدعارة. بعض الأسئلة المحرجة
- تدمير الطبيعة


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - معاذ محمد - المخلص بين الماركسية والدين : لينين و المسيح