نوري السعيد ولادته ونشأته:

سعد الامير

الحوار المتمدن-العدد: 6461 - 2020 / 1 / 10 - 03:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

نوري بن سعيد بن صالح بن طه من وجوه عشيرة القره غول ولد في بغداد يوم الاثنين من كانون الثاني/عام 1888م من عائلة اختلفت الآراء حول أصولها، إذ أشارت الكثير من المصادر إلى أن عائلة السعيد كانت تقطن أصلاً منطقة طوزخورماتو أو كفري، في حين أكدت بعض المصادر الأخرى على أن أجداده كانوا من سكنة بغداد، وأن جده الأكبر كان يدعى الملا عبد الرحمن (لولو) . فقد سكنت بغداد منذ ثلاثمائة سنة ونيف(أن جد نوري سعيد يدعى الملا (لولو) قد سكن بغداد منذ ثلاثة مئة سنة ونيف وكان الملا لولو لديه سعيد في بغداد الذي كان هو متولي شؤون هذا المسجد وفي إحدى الغزوات الفارسية لبغداد كان مسجد الملا على موعد مع الفرس الذي بدورهم حولوه إلى اسطبلات لخيوله، مما أثر في نفس الملا فشد رحاله إلى سلطان المسلمين في الدولة العثمانية ليشكوه ما قد وقع في مساجد بغداد، فأرسل السلطان العثماني قوة ونجحت هذه القوة بطرد الفرس، لكن وجد لولو أن اسرته قد قتلت فقام السلطان بتزوجيه وتخصيص له راتب شهري كتكريم له. ).
على الرغم من اتفاق أكثر المصادر على أن نوري السعيد هو من سكنة مدينة بغداد في المنطقة القريبة من ساحة الميدان . تتفرع من ساحة الرشيد في شمال المدينة فسحة أو ساحة مفتوحة غير منظمة تعرف اليوم بساحة الميدان، منطقة تبه الكاور والتي هي لفظة تركية تعني عقد النصارى. في تلك المنطقة ولدت السيدة فاطمة زوجة سعيد طه أفندي الموظف في دائرة أوقاف بغداد في العهد العثماني مولوداً ذكراً في كانون الثاني سنة 1888 .
لم تتفق المصادر على تحديد نسب نوري السعيد، فمنها تؤكد بأنه من أصول كردية، ومنها من تذهب على اعتباره من أصل عربي فقد نسبه الى عشيرة القره غول البغدادية أو إلى عشيرة الشمر المعروفة، إذ يذكر محمد صالح السهروردي في كتابهِ لب الألباب، أن الملا طه أفندي جد نوري السعيد، كان أحد وجهاء عشيرة القره غول في بغداد .
في حين تؤكد مصادر أخرى على أنه تركي الأصل في حين أرجعت بعض المصادر نسب نوري السعيد إلى الأصول الكردية، والبعض الآخر أرجع أصوله إلى الأصول العربية .
إن هذا الاختلاف في وجهات النظر حول النسب والاصول التي يعود إليها نوري السعيد ما هو إلا دليل جمع الروح العربية والكردية في شخصية نوري السعيد.
من الجدير بالذكر أن نوري السعيد لم يكن تكلم أو لم يشر في كتاباته إلى موضوع انتمائه، السبب يعود لعدم اكتراثه للموضوع من جانبه.
فقد كان عراقياً بصورة عامة بغدادياً أصيلاً، إذ قال عنه فاضل الجمالي "إن نوري السعيد كان يمثل الثقافة، والأخلاق البغدادية العريقة بنفس كريمة وضيافة قلبية للرفاق" .
أما بالنسبة إلى عائلة نوري السعيد، فلم يهتم والد نوري السعيد بالسياسة، فقد كان موظفاً بسيطاً ولم يحتك بالبيروقراطية التركية وكان ميله الطبيعي هو ترصين علاقاته الاجتماعية مع جيرانه العراقيين، وليس مع العثمانيين ذوي المناصب الحكومية العالية .
وكان لنوري السعيد شقيقين آخرين هما غناوي ومصطفى، أما والدة نوري السعيد فتدعى فاطمة بنت عبد الرزاق من عشيرة ألبو مفرج، وقد أنجبت فضلاً عن نوري وإخوته أربع بنات عاشوا في جو عائلي متمسك بالشعائر الدينية. من الملاحظ أن نوري السعيد ينحدر من عائلة عراقية محافظة، وكان جده صالح، وجده طه كان من خطباء جامع الأحمدية قرب محلة الميدان، وعلى الرغم من ذلك كانت اللغة التركية هي لغة المخاطبة بين أفراد الأسرة . وتشير بعض المصادر إلى أن نوري السعيد سمي بالسعيد لكنه ليس قريباً من بني السعيد ولا من آل سعيد .
فقد نشأ وترعرع في بيئة بغدادية مختلطة الجوانب من حيث الأصل، والتهذيب، فهي عربية – تركية، ويقال أن أصل عائلته من طوزخورماتو، وإذا صح القول فيجب أن يكون من أصل عربي وبالتحقيق من أصل تركي .
لقد كان نوري السعيد ذو شخصية عراقية فذة أدت دوراً كبيراً في تاريخ القضية العربية بصورة عامة، والقضية العراقية بصورة خاصة .
خلاصة القول تمثلت بداية شخصية نوري السعيد في سيرته التي هذبها بسلوكه الشخصي وانطباعاته في بداية حياته بين أقرانه داخل المجتمع العراقي مهتماً بانتسابه إلى هذا المجتمع بغض النظر إلى ما ورد عنه أنه يمثل العراق في انتمائه الفكري وترعرع في منطقة من مناطق بغداد الذي تمثل مدائن المدينة الأمر الذي جعله لا يهتم بالنسب وإنما كان عنصراً فعال في بداية حياته داخل المجتمع البغدادي.
إذ كانت هذه البداية لنوري السعيد اللبنة الأساسية لمسيرته في الحياة السياسية والحزبية فيما بعد.

المصادر
( ) سيف الدين الدوري، نوري باشا السعيد 50 عاماً على مصرعه وسقوط النظام الملكي في العراق عام 1958، الطبعة الثانية، الدار العربية للموسوعات، 2011، ص111.
( ) عبد الرزاق النصيري، نوري السعيد ودوره في السياسة العراقية حتى عام 1932، الطبعة الاولى، بغداد، 1987، ص6؛ سجل الحكومة العراقية عن شهر كانون الثاني 1926، مطبعة بغداد، 1926، ص2.
( ) اللورد بيردوود، نوري السعيد، دراسة في الزعامة العربية، ترجمة عبد السلام حامد مموشي الهاشمي، سنة 1958 ص24.
( ) محمد صالح السهروردي، لب الألباب، ج2، بغداد، 1933، ص282.
( ) العراق في الوثائق البريطانية سنة 1936، وثيقة رقم 85، ص383؛ خير الدين الزركلي، الاعلام، المجلد الثامن، ط4، بيروت، 1979، ص53.
( ) أحمد فوزي، حكايات سياسية وصحفية رئيس وزراء في العهد الملكي، ص31؛
( ) توفيق السويدي، وجوه عراقية عبر التاريخ، ص83.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل