أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مبشور - قراءة في أبعاد غياب الأحزاب عن تشكيل اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد في المغرب















المزيد.....

قراءة في أبعاد غياب الأحزاب عن تشكيل اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد في المغرب


سعيد مبشور

الحوار المتمدن-العدد: 6457 - 2020 / 1 / 6 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شكلت في المغرب مؤخرا لجنة وطنية لإعداد النموذج التنموي الجديد، عرفت على الصعيد الإعلامي بأنها لجنة كفاءات، حيث أنها خلت من كوادر وأطر الأحزاب السياسية، وانفتحت على خبراء في أكثر من مجال من خارج الحقل السياسي، وهو ما أثار نقاشا لا زال مستمرا إلى الساعة.
وفي غمرة هذا النقاش، فإن سؤالا جوهريا وإشكاليا يتبادر إلى الذهن، كيف تغيب الأحزاب عن وضع نموذج تنموي، هي من سيقوم بتنزيله في صيغته النهائية، إذ أن الأحزاب هي التي تشكل هيئات المنتخبين والمجالس الجهوية والإقليمية والمحلية المنوط بها تطبيق النموذج التنموي، ألا يعد هذا نوعا من الخلل، وإذا سلمنا بأنه كذلك، فمن حق القيادات الحزبية التي انتقدت تركيبة اللجنة أن تعبر عن قلقها أو حتى عدم رضاها.
لكن، قبل الحديث عن ملاحظاتنا حول غياب الفاعل السياسي في تشكيلة اللجنة الوطنية للنموذج التنموي لا بد من الإشارة إلى سياقين يبدوان في غاية الأهمية من حيث التأثير في الخيار الذي تنهجه القيادة المغربية اليوم والمتمثل أساسا في التوجه إلى الكفاءات الوطنية لمعالجة الإشكالات التنموية الكبرى التي تعيشها البلاد، وفسح المجال أمام الخبراء في أكثر من تخصص للمساهمة في هذا الورش الوطني الجديد، مع غياب أو تغييب للأحزاب بحسب كل مراقب لما يجري كل من موقعه.
السياقان اللذان أتحدث عنهما ينقسمان إلى عامل خارجي تفرضه الظروف التي تمر منها المنطقة العربية اليوم، وعامل آخر داخلي يندرج في إطار الدينامية التي يعرفها المغرب من أجل استباق الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تجتاح العالم اليوم.
في السياق الخارجي، شكلت أحداث الربيع العربي فرصة لإعادة تدوير العديد من المفاهيم السياسية والاجتماعية التي أرستها الدولة العربية الحديثة منذ عهد الحركات الاستقلالية إلى اليوم، فالدول العربية بنت شرعيتها عموما على ثلاث شرعيات: شرعية الكفاح الوطني من أجل الاستقلال، شرعية الكفاح القومي من أجل التحرر، و الشرعية الدينية، مع التفاوت الطبيعي بين كل دولة على حدة.
وكانت أبرز مخرجات الموجة الأولى من الربيع العربي، هو نزع غطاء الشرعية من الدولة وإضفاؤه على قوى شعبية اعتبرها الشارع بدائل حقيقية قادرة على تحقيق مطالبه العادلة، وطبعا كانت النتيجة صعود القوى الإسلامية باعتبارها القوى الأقدر في المرحلة الراهنة تنظيميا وسياسيا واجتماعيا.
لكن الموجة الثانية من الربيع العربي التي تشهدها اليوم بلدان مثل السودان ولبنان والعراق والجزائر، تعلن عن توجه جديد لدى جماهير المحتجين، إنه توجه يقضي بإسقاط كل الأحزاب والطوائف والتيارات السياسية، ورفع شعار واحد قوامه المناداة بحكم الكفاءات أو التخصصات أو الخبراء بحسب شعار كل شارع.
أما على مستوى السياق الوطني، فقد تشكلت اليوم، قناعات أكيدة، لدى فئات واسعة من الرأي العام، على أن الأحزاب المغربية، تفتقد إلى الكفاءات الضرورية، للقيام بمهامها الدستورية ووظائفها السياسية.
فالمغرب يزخر بآلاف الكفاءات من مختلف التخصصات، لكن جل هذه الكفاءات اختارت العزوف عن المجال الحزبي، والنأي عن الدخول في معترك العملية السياسية، وذلك لعدة أسباب، منها ما هو مرتبط بالعوامل الذاتية للأحزاب، من ضعف العرض السياسي وعدم العمل على إنتاج خطاب قادر على استمالة النخب الوطنية وإقناعها بضرورة وجدوى الانخراط في الأحزاب وفي العملية الديمقراطية، ناهيك عن بعض السلوكات الحزبية المتمثلة في الارتباط فقط بالمسلسلات الانتخابية، والاستماتة في الدفاع عن الكراسي والامتيازات، ثم غياب المحاسبة والاستهتار بالقوانين الداخلية للأحزاب، وأخيرا توارث المناصب وغياب منطق الكفاءة والاستحقاق وتفشي قاعدة الالتفاف حول الشخص وليس المؤسسة الحزبية مما يجعل من هذه الأخيرة مؤسسة متهاكلة وغير مؤهلة لاستقطاب النخب الكفؤة التي لا تجد لها مكانا وسط هذه الهيئات.
ومن الأسباب ما هو موضوعي مرتبط بالحالة التي وصل إليها المشهد السياسي المغربي، من شيوع قيم النفعية والانتهازية لدى أغلب الفاعلين السياسيين، وسيادة المنطق الانتخابي الموسمي بدل انتهاج خطط تأطير وتنظيم المواطنين وفق الأدوار التي حددها الدستور للأحزاب، ووفق طبيعة الوجود الاجتماعي لهذه الأحزاب، فضلا عن اقتناع أغلب قطاعات الشعب المغربي ومن ضمنهم نخبه وكفاءاته بفساد العمليات الانتخابية وانعدام مصداقيتها، وينضاف إلى هذا وذاك احتكار جزء من الطبقة السياسية وعدد محدود من الأحزاب للعملية السياسية بحيث تحولت الساحة منذ سنوات إلى حلقة مفرغة تتناوب على تأثيثها نفس الوجوه والأشكال والخطابات، ما يعد عامل جمود يستحيل أن يقود إلى إغراء النخب والكفاءات بجدوى المشاركة في مشهد بهذا الحجم من العبث.
والنتيجة للأسف الشديد، هي معاناة الأحزاب من قلة الكفاءات العليا، وهو ما أبانت عنه نتائج الاستحقاقات الانتخابية المنصرمة، حيث أسفرت عن نقص شديد في ولوج الكفاءات الوطنية للمجالس النيابية وهو ما انعكس في تزايد الهوة بين البرامج الحزبية المعلنة والعمل الحكومي الفعلي.
لذلك فطالما اعتبر جزء من النخب أن معالجة الاختلالات الحاصلة في العملية السياسية ومكافحة الفساد وإعادة الاعتبار لمفهوم الواجب الوطني وتخليق الحياة السياسية شروطا أساسية لخلق بيئة مشجعة على المشاركة ومحفزة على العطاء والابتكار.
وتبقى الإشارة إلى أن الخطاب الملكي ليوم الجمعة 12 أكتوبر 2018، أمام أعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية قد أعطى الإشارة للأحزاب للانخراط في عملية جذب واستقطاب الكفاءات، مع وعد بالدعم في هذا الاتجاه، جاء في نص الخطاب: "وإننا حريصون على مواكبة الهيآت السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية. لذا، ندعو للرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار." ا ه.
وبالرجوع إلى تشكيلة لجنة الأستاذ شكيب بنموسى، يمكننا قراءة غياب الفعاليات الحزبية عن هذه اللجنة التي أريد لها أن تعبر عن التوجه إلى الكفاءات الوطنية من عدة أوجه:
أولها: غياب الثقة في قدرة الأحزاب على تقديم رؤى وتوجهات استراتيجية تهم القضايا الكبرى للبلاد، وبالتالي فلا مكان لها في أي عملية صياغة للمشاريع الحيوية التي تهم مستقبل البلاد ما دامت لا تملك الإضافة والإبداع على هذه المستويات.
ثانيها: أن دوائر القرار ربما تكون متأكدة تمام التأكد من أن النخب المشكلة للأحزاب في المشهد الراهن هي نخب محدودة الأفق وترتبط إلى حد كبير بالمستوى الأفقي من العملية السياسية الذي لا يتجاوز الصراع حول الريع الانتخابي الذي يمكن من ولوج المجالس التمثيلية والحصول على المناصب الحكومية والمؤسساتية، كما أن هذه النخب، وبفعل الاكتفاء بهذا المستوى، تعبر في الغالب عن الرضا التام ومباركة كل المبادرات التي يطرحها مربع القرار داخل الدولة.
ثالث الأوجه: أن تشكيل اللجنة من شخصيات من خارج النسق الحزبي يعني خلق إطار مؤسساتي يشكل بنية استقبالية لمقترحات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين، ومن ثم إنجاز رؤية تركيبية للنموذج التنموي الجديد تراعي مساهمة كل الأطراف، بعيدا عن أي تأثير فئوي قد ينقل الصراع السياسي الذي يطبع المشهد العام إلى داخل اللجنة فيؤثر على نتائج أعمالها.
رابع هذه الأوجه، هو أننا قد نعتبر تركيبة اللجنة إيذانا للأحزاب السياسية بأن تهتم بالتهييء للاستحقاقات القادمة من جهة، وأن لا يتحول عمل اللجنة إلى محل مزايدات بين هاته الأحزاب، في السباق نحو الظفر بنتائح انتخابات 2021، فلا ينسب أي حزب لنفسه جدارة المساهمة في صياغة النموذج التنموي للبلاد وتحويلها بالتالي إلى مجرد ورقة انتخابية.
وقد يكون تشكيل اللجنة اختبارا لقياس مدى قدرة النخب من خارج الحقل السياسي التداولي، على إنتاج البدائل لمغرب يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية ويبدو في أمس الحاجة إلى إبداع حلول أكثر انفتاحا وأقل احتكاكا بضيق الحسابات السياسية.
خامسا وأخيرا: قد يقود الوضع الراهن المترهل للمشهد الحزبي، إلى اللجوء في مرحلة ما بعد انتخابات 2021 إلى خيار التوافق الوطنى من أجل تشكيل حكومة أبعد من صناديق الاقتراع، واختيار أعضائها من ضمن تكنوقراط قد ينجحون في صياغة نموذج تنموي جديد أو بدائل أخرى في شتى المجالات، ما قد يؤهلهم بالفعل لقيادة العمل الحكومي في المرحلة القادمة.



#سعيد_مبشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد اتفاق لوزان: هذه هي انتظارات إيران
- حكومة بن كيران والتفاحة الفاسدة
- هل يصبح -مشعل- رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية ؟
- في الحاجة إلى -ريدينس داي- .. عربي
- مفاوضات -عوفاديا يوسف- المباشرة
- العرب بين البلاك ووتر والبلاك بيري
- مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية .. ونهاية أسطورة تقر ...
- حلم قومي
- فلسطين عربية .. ليس بعد الآن !
- قراءة هادئة في تداعيات العدوان على غزة
- مجرد كلام
- حزب العدالة والتنمية المغربي وتحولات الزمن السياسي
- الصراع العرقي بالمغرب: بين هدوء الواقع وعاصفة الاحتمال
- الاستراتيجية الأمريكية بالمغرب الكبير: ملامح وأهداف
- المشروعان: الجهادي والأمريكي: مواجهة أم تواطؤ ؟
- على هامش صدور كتاب الأخطاء الستة لفريد الأنصاري: في الحاجة إ ...
- الحوار مع معتقلي السلفية الجهادية بالمغرب وآفاق المراجعات
- في الحاجة إلى حكومات الوحدة الوطنية: العراق – لبنان – فلسطين ...
- مخاض العدوان على لبنان، وميلاد الشرق الأوسط -العنيد-
- شعوبنا وصعود جبهة الممانعة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مبشور - قراءة في أبعاد غياب الأحزاب عن تشكيل اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد في المغرب