أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود ريان - قراءة نقديّة سيميائيّة في بناء الشّخصيّة المركزيّة والدّلالة في قصّة -هدهد العطّار- للكاتبة كلارا سروجي-شجراوي















المزيد.....



قراءة نقديّة سيميائيّة في بناء الشّخصيّة المركزيّة والدّلالة في قصّة -هدهد العطّار- للكاتبة كلارا سروجي-شجراوي


محمود ريان

الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 12:52
المحور: الادب والفن
    


 
 بدايةً: هذه القصّة مأخوذة من المجموعة القصصيّة " طواف، خربشات قصصيّة بحجم راحة اليد"[1] الصّادرة عن مكتبة كلّ شيء، 2017.
قصّة قصيرة واضحة من حيث المبنى والمعنى. بما أنّنا نتّجه إلى صياغتها وتحليلها وفقا لنموذج سيميائيّ؛ فسنتّجه من القراءة المباشرة إلى القراءة الاِنزياحيّة، وفق موديل يرصد الشّخصيّة المركزيّة في حركتها النصّيّة وتحديد نوعيّة البطولة الّتي تحظى بها.
سنرتكز في تحديد الشّخصيّة المركزيّة وفقًا لآدائها الفعليّ في القصّة، وذلك لدورها في الوصول إلى المعنى والدّلالة ولو بشكل تأويليّ.
نقول هنا إنّ القصّة نزعت تجاه شخصيّة العطّار الصّوفيّ المعروف باِسم فريد الدّين العطّار والّذي اشتهِرَ بكتابه الموسوم "بمنطق الطّير"، وهو رمزيّ يقوم على تجارب واقعيّة صوفيّة لها طابعها الأدبيّ. لا نريد التوقّف كثيرًا عند العطّار، كونه شخصيّة صوفيّة فلسفيّة غير فاعلة في القصّة الدّاخليّة وقد ارتبط بالهدهد، وقد جاء اسمه في العنوان كتناصّ أدبيّ، كون الكاتبة اِستوحت فكرة القصّة من إحدى حكايات العطّار في كتابه "منطق الطّير-ص153"، وإنّما ذكر العطّار في العنوان الّذي اِرتضته الكاتبة كلارا، ربّما لنزعتها الصّوفيّة الفلسفيّة، من المنظار الأكّاديميّ. لكن على أيّ حال يبقى التّناصّ متفرّدًا بإيحاءاته ولخلفيّته المثيرة في العمل الأدبيّ. وهذا ينقلنا إلى ما تراه "جوليا كريستيفا" Julia Kristeva، من أنّ رصد المعالم البارزة في العمل الأدبيّ المدروس لا تتأتّى إلّا عن طريق معرفة الصّلة بينه وبين النّصوص الأخرى، لأنّ النّصّ عندها إنّما يتشكّل من خلال إشاراته الضّمنيّة إلى النّصوص الأخرى". [2]
ما يعنينا في هذا المقام هو رسالة النّصّ إلى القارئ، باِعتبار أنّ العمل الأدبيّ الملتزم يتّجه للمتلقّي ويُشاركه في بناء المعنى والدّلالة. وهذا التوجّه له مدارس عديدة في النّقد الأدبيّ، أبرزها مدرسة جماليّات التلقّي والقارئ الفعّال.
في هذه القصّة تحاول الكاتبة أن تعيد واقع الإنسان المعيش المعاصر، وترصد معاناة تكيّفه
الثّقافيّ الاِجتماعيّ والسّياسيّ؛ باعتبار أنّ النّصّ الأدبيّ في رسالته العامّة يحمل
أيديولوجيّة معيّنة تجاه المتلقّي. من الصّعب على الكاتب أن ينظّم موادّ ويصفها بكلمات يختارها دون أن يكون له موقف ووجهة نظر من هذه الموادّ. "هناك توجّهان لمسألة التّأليف، أن يكون الكاتب شخصًا فردًا أو وكيلًا إنسانيًّا؛ الأوّل يخلق النّصوص والثّاني يُنتجها. لقد كتب إدوارد سعيد، أنّ الأدب يُنتج في زمن ومجتمع معيّن من قِبلِ أناس هم أنفسهم يمثّلون واقعهم ويقومون بدورهم فيه. بعده بسنتَين كتب مارك روز، أنّ الكتّاب حقيقة لا يخلقون بأيّ معنى أدبيّ؛ بل ينتجون نصوصًا من خلال عمليّة تأقلم معقّدة، فالاعتقاد بخلق نصّ بصورة كاملة هو تجاهل تامّ لما سبق القراءة...".[3] والكاتب في صيرورته وعمليّة الإنتاج والتّفريغ الوجداني والفكريّ، أنّما ينقد ويُشرّح الواقع بشتّى أطيافه ولربّما يتصادم معه غالبًا؛ نظرًا لأنّ الكاتب ينطلق من موقف أيديولوجيّ ثقافيّ فكريّ في كتابته. الكاتب غير مبتور عن واقعه، ويسعى غالبًا إلى إحداث تغيير ما في حدود إمكاناته.
رغم الطّابع القصصيّ التّخييليّ الماتع، إلّا أنّ الكاتب لديه أفقٌ تجاه الواقع، فيه يُعيد تطلّعاته وهدفه المرجوّ في مقابل المتلقّي بشتّى التزامه الفكري أو الأيديولوجيّ...
* في قراءتنا هذه، ينصبّ الجهد في تحديد الشّخصيّة المركزيّة في قصّتنا المختارة "هُدهد العطّار" وفق معايير وضعناها من منظور سيميائيّ، وصولًا إلى المعنى والدّلالة بعدها.
-أوّلًا: المعيار الكمّيّ-التّراكميّ: من خلال قراءتنا للقصّة القصيرة تلك على وجه الخصوص، لاحظنا أنّ شخصيّة الملك الطّاغية يتمتّع بحضور ومشهديّة واضحة على اِمتداد النّصّ، ويُعدّ مؤثّرًا على الحدث وصولًا إلى تهافُته. هذا إضافة إلى اِعتبار شخصيّة الملكة(الزّوجة) مؤثّرةً على تطوّر الحدث، لكن لم تتسلّم القياد بشكل فاعل ذي تأثير على الحبكة.
نشير هنا إلى أنّ القصّة الّتي ظهر فيها الملك هي الدّاخليّة، وقد اِبتدأت الرّاوية القصّة بمقدّمة فيها الهدهد وقد قدّم كمرشد روحيّ لفريد الدّين العطّار، وهذا يقع فيما يسمّى بقصّة الإطار. ما نعتبره مؤثّرًا من ناحية كمّيّة، هو القصّة الثّانية الّتي يظهر فيها الملك الجبّار مسيطرًا ومهيمنًا على سير الحدث. ويمكن اِعتبار شخصيّة الزّوجة موازيةً للملك، أو ظلًّا له، لظهورها بحكم توظيفها الفنّيّ للتّأثير في تسارع الحدث، ولربّما في شكل النّهاية.
-ثانيًا: المعيار النّوعيّ-لمسنا أنّ شخصيّة الملك-ليس لأنّه ملك-وكما هو معروف في الحكايات الواقعيّة والغرائبيّة بأنّه مخيف، جبّار ومتسلّط. وبحكم توظيفه في هذه القصّة، لمسنا أنّه مؤثّر بدرجة كبيرة وذو بانوراميّة، فاَستطاع أن يفرض رأيه وصاحب القول الفصل في مملكته. كما وصفته الكاتبة، فهو لا يطيب له العيش إلّا بمرأى الدّم يسيل، وذلك بأمره السّيّاف مسرور تنفيذ أوامره ورغباته كما يشاء دون تأخير.
يمكن اِعتبار الملك شخصيّة دائريّة في تعبئتها للفجوات والفضاء السّرديّ بزمكانيّته. كشخصيّة رئيسيّة نامية " وهي الشّخصيّات المحوريّة في النّصّ السّرديّ والّتي تتّخذ دورًا رئيسًا، فبأفعالها يتغيّر مجرى السّرد وتنمو الحبكة، إنّها شخصيّة نامية من حيث الفكر والسّلوك والموقف والتصرّف على صعيد القصّة، ولذلك لا يمكن تلخيصها بجملة..."[4] فالمقوّمات النّفسيّة والاِجتماعيّة والأيديولوجيّة كانت حاضرة في شخصيّة الملك؛ ومن هنا اِستبدّ برأيه وحرّك الحدث وفق أهوائه ومشيئته الخاصّة، والّتي تتمشّى مع نمط تفكيره وحسّه الباطنيّ. أضف إلى ذلك، فللعنوان دوره في التّأثير على تحديد هويّة الشّخصيّة المركزيّة في الأعمال الأدبيّة عامّةً؛ كونه يعتبر فاعلًا وموضّحًا للفكرة العامّة أو النّهج الفكريّ للقصّة، إضافةً إلى دلالته السّيميولوجيّة في رصده للفكرة باتّجاه التّبئير. الكاتب لا يختار عنوانه اِعتباطًا أو ترفًا، بل عند اِلانتهاء من عمله الأدبيّ يشحن فكره وهواجسه باِختيار عنوان مناسب، حصيلة إدراكه لعمله الناجز. فالعنوان ثيمة وإشارة لها دلالتها وتجلّيها                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  المباشر وغير المباشر، ولا سيّما في الدّراسات السّيميائيّة الحديثة.  وترى الباحثة والكاتبة "كلارا شجراوي" أنّ العنوان "يعتبر العتبة الأخطر في علاقته بالنّصّ والقارئ. فالنّصّ يكتسب كينونته ويخرج إلى العالم حين يحوز عنونته. فالعنوان هويّة النّصّ الّذي يُكسبه تعيينه الخاصّ في العالم، وهو الدّليل الّذي يُفضي بالقارئ إلى النّصّ. وتعود أهميّة العنوان إلى أنّه يمثّل فعل المؤلّف الكلاميّ المباشر الّذي يتوجّه به إلى القرّاء. وهو المظهر الأكثر تميّزًا الّذي يقع على عتبة الشّعور. يعمل العنوان كمفتاح للقراءة، بطرق كثيرة ومختلفة، ويوجّه القارئ نحو ثيمات النّصّ أو مضامينه. قد يكون هذا التّوجيه هاديًا، وقد يكون مضلّلًا وغامضًا، لكنّه في كلّ الحالات يسيطر على القارئ ويؤثّر عليه سلبًا أو إيجابًا... ونفهم من صياغة ليو هوك (Leo Hoek) حول وظائف العنوان، أنّ بإمكان العنوان أن يفجّر اِحتمالات دلاليّة لدى القارئ، ويثير لديه أفق توقّعات مُحتمل، قد يدفعه لقراءة العمل الأدبيّ بلهفة، كي يكتشف العلاقة ما بين الدّهشة والانفعال اللّذين أثارهما العنوان فيه ومضمون العمل...".[5]
لكنّ العنوان في قصّتنا وهو يحمل هذه الشّحنة الفكريّة الهائلة، ويعود بنا إلى زمن قديم في حكاية الهدهد مع فريد الدّين العطّار (1141-1210م!)، المتصوّف العارف بالله، إلى سلوك طرق الحقيقة، المعتقد بنظريّة وحدة                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        الوجود(Monism) أو pantheism، ومتّحدًا مع الحقّ ومُفنيًا فيه، وكذلك "الهدهد" الّذي هو وسيلته لنشر أفكاره وتعاليمه الصّوفيّة الفلسفيّة، وتبرز تعاليمه وأفكاره وتجاربه في كتابه "منطق الطّير"؛ الدّيوان الشّعريّ الضّخم الّذي أجاد فيه فأفاض. فقد اِستوحت الكاتبة عنوان قصّتها من خلال رجوعها إلى التّراث الفارسيّ، ومن خلال هدهده الّذي يعتبر واسطة لسرد حكاياته. فقد أتت به الرّاوية على سبيل السّند أو لتعرّفنا بخلفيّة القصّة الّتي ستسردها. هذه اِفتتاحيّة وظيفتها التّمهيد للولوج للقصّة الفنّيّة الرّئيسيّة، فالعنوان بمثابة "אקספוזיציה"-Exposition على سبيل الاِنفتاح والإطلاق لمعرفة الخلفيّة النّظريّة والمعرفيّة الّتي ذكرتها الرّاوية في بداية قصّتها، وبذلك زوّدت القارئ بأدوات تعينه على المعرفة والتأويل فيما بعد.
العنوان يتّجه بالنّصّ إلى مسار تأويليّ موصول بالرّاوي أساسًا، فهو المعادل الموضوعيّ لحركة الرّاوي في فضاء السّرد. كعامل نوعيّ ملزم بالضّرورة في رمزيّته وواقعيّته؛ إذ يرتبط بعامل بشريّ في النّصّ، وهذا العامل يحرّك الحدث وفقًا لمبدأ التّضادّ والصّراع والتّراتبيّة الطوبولوجيّة (Topology)، وحركة الشّخصيّة في محيطها البشريّ وبيئتها المحليّة الاِجتماعيّة. فقد قالت "مدام دي شتال" (1766- 1817) في كتابها المشهور "تناغم الأدب مع المؤسّسات الاِجتماعيّة" والّذي استعانت فيه ببعض آراء معاصرها الألمانيّ هيردر (1733- 1803)، قالت "إنّ كلّ عمل أدبيّ يتغلغل في بيئة اجتماعيّة وجغرافيّة ما، حيث يؤدّي وظائف محدّدة بها، ومن ثمّ لا حاجة إلى أيّ حكم قيميّ؛ فكلّ شيء وجد لأنّه ينبغي أن يوجد".[6]خاصّةً وأنّ الكاتب بالمجمل يصدر في عمله الأدبيّ عن واقعه المباشر وقضايا تهمّه وتؤرّق وعْيَه، فيحتال على وضعيّته ويراهن على ما حوله، ليقدّم للقرّاء ما يمليه عليه ضميره الإنسانيّ، فهو مؤثّر ومتأثّر بالضّرورة.
وبرأيي اِختيار الكاتبة لهذه القصّة وللشّخوص الفاعلة فيها، محاولة جادّة منها لإطلاع القارئ على ما يحيط بهذه البيئة والضّمير البشريّ ولو متخيّلًا، بهذه القصّة، إذ تضرب في التّراث والواقع بعيدًا.
-ثالثًا: المعيار القرائيّ-الاِنفعال والتّحديق. هذا المعيار وفق النّموذج السّيميائيّ، الّذي نطبّقه شرط قبليّ للبطولة (Heroism). إذ كيف يمكن للشّخصيّة أن تحتلّ موقعًا في ذهن القارئ دون أن تكون مؤثّرةً عليه. فالقارئ يمتلك تأثيرًا في تحديد نوعيّة بطولتها؛ كونه شريكًا للكاتب في عمله الإبداعيّ السّرديّ.
باِحتيال الشّخصيّة بسلوكها الغريب وتحدّي توقّعات القارئ وبتجاوز المألوف من المعايير الوضعيّة عبر التقنيّات المتاحة في السّرد تكون جديرة بوسام المركزيّة. فالشّخصيّة هنا ليست مُقَوْلَبة أو جاهزة بل تتشكّل وتصقل خلال السّرد، وبالتّالي صنيعها مردود للقارئ لإبداء وجهة نظره وممارسة دوره في النّقد والاِستقبال، وقد يُجيّر أدواته للوصول إلى آفاق رحبة من الفهم والتأويل، وبالتّالي يحكم على النّصّ حكمًا بليغًا دون تأتأة ومأمأة، ويرضي حسّه الفنّيّ والعاطفيّ والأيديولوجيّ...
رابعًا: المعيار القصديّ-الكاتبة لا تضع شخصيّاتها ولا تبنيها بصورة عفويّة، أو لا إدراكيّة؛ بل تجنّد دهاءها وتبحث في مزايا الشّخصيّة القبليّة لعملها، تحقيقًا لطموحها وحسّها الفنّيّ، ولتضمن تلقّيها لدى القارئ اللّبيب الفطن؛ فيحكم على توظيفها بأدواته وممارسته ونشاطه الذّهنيّ أو الاِجتماعيّ الثّقافيّ القرائيّ...
في هذه القصّة تتقنّع الرّاوية بالشّخوص من خلال طرح فكرتها. هي تدير دفّة السّرد من خلال اِستعمال ضميرَي الغائب والمتكلّم، باِعتبار الكاتبة/الرّاوية الذّات والمرسل في الوقت ذاته وفق نظام العوامل في العمل السّرديّ. الكاتبة ترسل قصدها تلميحًا لا تصريحًا، فلا يمكننا إلّا أن نراهن على قصد الكاتبة، وإن لم يكن واضحًا لنا. قد تميل الرّاوية إلى شخصيّة الملكة (الزّوجة) أكثر من شخصيّة الملك، لكن يبقى الفاعليّة.
ليس هناك عمل غير مقصود بالمطلق، وما نقوم به من تحليل للنّصّ، ليس ألّا مقاربة للعمل الأدبيّ ومحاولة الوصول إلى معناه ودلالته المباشرة والمنزاحة. تعدّدت التوجّهات النّقديّة حول ذلك وخاصّة عند النقّاد الغربيّين حتّى أنّ هناك من يدّعي أنّ ما يكتبه الكاتب على الورق يعتبر قصدًا في توجّهه الأدبيّ الفكريّ. هناك من يقول أنّ اعتبار الكاتب ومقصده هو الأساس، فلا معنى للعبارة إلّا معناها الّذي قصده الكاتب. نجد كلًّا من " كناب ستيفين" Knapp Steven و"
بين ميكاييل" Benn Michaels يردّان على من ميّز بين المقصد والمعنى، بين لحظة تأويليّة للكتاب تسبق اِستحضار مقصد الكاتب، وبين لحظة تأويليّة تستحضره فيكتمل التّأويل. فكأنّما المقصد هو شيء يضاف إلى معنى العبارة، رغم أنّه ليس للعبارة أيّ معنى خارج مقصد الكاتب في نظريهما. المعنى والمقصد أمر واحد، ولو اتّفق أن ارتُسمت على شاطئ بحر ما يشبه الكلمات، اتّفق أن شكّلت مقاطع ممّا يُشبه قصيدة شعريّة، لما كان لما ارتُسم أن يرتقي إلى أن يكون كلمات أو مقاطع من قصيدة!"[7].  من الواضح أنّ المقصديّة هي مقاربة من القارئ بعد إدراكه آفاق الشّخصيّة المركزيّة. والمقصديّة هي نسبيّة ولا ندّعي أنّنا نصلها بشمولها وبرمّتها إن لم نعرف المسوّدة الأصليّة لمادّة الكاتب الّتي أسّس عليها معماره الإبداعيّ، وهذا ما يقوله النّاقد السّيميائيّ إي.دي.هيرش (E.D. Hirsch). يصرّ هيرش على أنّ قصد المؤلّف يُعدّ محدّدًا للمعنى الأصليّ. يقول هيرش: "إنّ التحقّق من نصّ ما يعني ببساطة، الإقرار بأنّ المؤلّف ربّما قصد ما نظنّ أنّه هو معنى النّصّ لا غيره. وتتمثّل مهمّة المؤوّل الرّئيسة في أن يعيد بنفسه أنتاج منطق المؤلّف واِتّجاهاته ومعطياته الثّقافيّة ثانيةً".[8] وبناءً على ما تقدّم نلمس أنّ شخصيّة الملك قد قصدته الكاتبة في مركز الفعل وهيمنته على السّرد، بشكل أثار حسّ القارئ وشدّه للسّرد من الدّرجة الأولى.
رغم أنّ للملكة وللسيّاف مسرور دورًا في إقصاء الملك عن تنفيذ أمر الإعدام بحذافيره، والّذي أصدره بحقّ أحد أعوانه. لكن بالمحصّلة العامّة ظلّ الملك الآمر النّاهي، صاحب الكلمة في تنفيذ قرار الإعدام. ولمّا كان التّنفيذ مهمًّا هنا في السّرد؛ فإنّنا نميل أنطولوجيًّا إلى الملك كشخصيّة مركزيّة، ويبقى أجدر بها، أي المركزيّة من الزّوجة والسيّاف بشكل خاصّ، بناءً على منظومة العوامل الموضوعة آنفًا. فإنّنا نمنح شخصيّة الملك المركزيّة بالاحتكام إلى الضّوابط الجندريّة والسّلطويّة الّتي تقود بشكل أو بآخر إلى التحكّم بالمركزيّة، مع العلم أنّها "وضعيّة؛ لأنّ المجتمع كرّس السلطة الذّكوريّة على الأنثويّة، فالنّصّ لا يُجامل الواقع بقدر ما يتّخذ موقفًا منه محاولًا تغييره، فهو ينقل لنا إبداعيًّا التّقليد الّذي يسير عليه المجتمع التّقليديّ السّلطويّ الشّرقيّ فيما يخصّ مكانة المرأة الاجتماعيّة، وهذا ما نقله لنا منطق السّرد. فالسّرد كان وما زال الوسيلة الّتي نعقل العالم بها ونعقل أنفسنا، كما يرى جوناثان كولر...".[9]
-        سيميائيّة البطولة في قصّة "هدهد العطّار":
اِرتأينا أن نقارب هذا النّصّ السّرديّ وفق منظومة إدراكيّة سيميائيّة، (Cognitive Semiotic Model) يؤخذ بها في الحقل الأكّاديميّ، وقد اِبتدعها الباحث المعروف في الحقل السّيميائيّ، إبراهيم طه. هذا النّموذج يُساعد تطبيقه في فهم القصّة والوصول إلى المعنى، ومعرفة الشّخصيّة المركزيّة ودورها في تقلّد دور البطولة.
وهنا نقسّم المقاربة إلى دائرتين اِثنتين؛ الدّائرة النّصّيّة والدّائرة ما بعد النّصّ.
ننتقل إلى الدّائرة النّصّية، نرصد خلالها حركة الشّخصيّة المركزيّة في سعيها للوصول لهدفها ولحالة من حالات البطولة الثّلاث؛ بطل كلّيّ، بطل جزئيّ، لا بطل. وفقًا لثلاث مراحل، قد تتقاطع أو تتداخل في منهجها، على ضوء النّموذج الأنثروبولوجي السّيميائيّ المتّبع.
1-     مرحلة ما قبل الفعل:
أ‌.         النّقص-الحافز (The Lack) -نشير إلى أنّ النّقص ميزة بشريّة تسعى الشّخصيّة في العمل الأدبيّ لتعويضها عبر رسم هدف لبلوغه. وقد يكون الهدف معنويًّا أو حسّيًّا، باستعمال آليّة تساعد الشّخصيّة في تحصيل حاجتها تلك. رأينا في القصّة أنّ الملك يلهث ليحقّق مأرَبه وشفاء غليله، بالنّظر إلى الرّؤوس تتطاير والرّقاب تتهاوى. إنّ الملك في قصّتنا يحتاج إلى من يساعده في الاِنتقام، وهذا الاِنتقام قد لا يكون له مبرّر على مستوى الفعل في القصّة؛ وإنّما هو تحصيل حاصل لوضعيّة نفسيّة
اِجتماعيّة تعتري هذه الشّخصيّة. قد تُعاني من أزمة أو أزمات لا نلتمس لها تبريرًا، وإنّما نمضي في الأحداث متتبّعين سلوكيّات الشّخصيّة المركزيّة، وفق مبدأ الفعل وردّ الفعل.
ب‌.    الرّغبة (The Will) -آليّة لضمان حركة الشّخصيّة، كونها تتحرّك بفعل رغبة مُلحّة. إنّ رغبة الملك تتمثّل في الحكم إعدامًا على العباد وقطع رقاب النّاس. إذ أنّ هذه الرّغبة متأصّلة في نفس الملك، ولا يمكن ثنيه ما دام يسكنه فكر الاِنتقام والاِحتلال، وتجرّده بالمطلق لنهج كهذا لا يستطيع دونه أن يُقيم أوَده أو يستتبّ حكمه.
محاولة الشّخصيّات الأخرى كامرأة الملك والسيّاف مسرور أن يُثنيا الملك عن نهجه البائد لم يتحقّق، فرغبته المحضة في رؤية الدّماء تسيل لا يردعها شيء، وصولًا باستبدال الضّحيّة بزوجته الّتي بدت عطوفة أو متعاطفة مع المحكوم عليه إلى أبعد الحدود. رغم تحذير السّيّاف للملك وإرهابه بالشّريعة، إلّا أنّ الملك لم يرتدع فيقول: " يا ملكي العظيم لا يحلّ لنا في الشّريعة أن نقتل من يشاركنا لقمتنا". هذا يعني أنّنا نتمسّك بحرفيّة الشّريعة ومظاهرها دون الأخذ بمعناها الجوهريّ والحقيقيّ.
لا بدّ أن ننتقل إلى قضيّة العواطف لدى الشّخصيّة في العمل الأدبيّ، "فهي دافع مهمّ تدفع الشّخصيّة لأهدافها؛ لأنّ الشّخصيّة ليست آليّة، وهي مصمّمة لخوض تجارب عاطفيّة وشعوريّة. عواطف الشّخصيّة الرّئيسيّة تؤثّر على ردود فعل الشّخصيّات الأخرى، وهذه بدورها تؤثّر على سلوك الشّخصيّة المركزيّة المستقبليّ. فالشّخصيّات الثّانويّة هي المساعد أو المناقض للشّخصيّة المركزيّة لذلك تأثيرها عليها كبير. كما تؤثّر عواطف الشّخصيّات على ردود فعل القارئ، وبشكل عام فإنّ عواطف الشّخصيّة تؤثّر على سلوك الشّخصيّة نفسها وعلى العلاقة المتبادلة مع الشّخصيّات الأخرى، وهي تزوّد قارئ النّصّ الأدبيّ بتصوّر مفصّل عن الشّخصيّة المركزيّة..."[10].
إنّ رغبة الملك في الانتقام وإسالة الدّماء، تحصيل حاصل لحالة الوعي أو اللّاوعي المأزوم المتقوقع في الأنا، والّذي يسيطر على كلّيّته ويجعل الانتقام يستحوذ عليه. هذا مردّه للحالة النّفسيّة السيكولوجيّة لدى الملك، والّذي تحكمه الرّغبة الجامحة في تحصيل اللّذّة أيّ كانت، برؤية الضّحيّة تتعذّب وتتألّم أمامه، وهذا ما يعرف بِ "السّاديّة" (Sadism).
ج. القدرة (Ability)-نتحدّث عن القدرة عامّةً؛ العقلية/ النّفسيّة/ الجسديّة/ الشّعوريّة... رأينا الرّاوية استحضرت شخصيّة الملك وقلّدته مقام المركزيّة في القصّة. إذ تجنّدت الشّخصيّة بمزايا عقليّة وجسديّة ونفسيّة واِجتماعيّة طبقيّة فاعلة، ولولا هذا لكانت الحبكة ضعيفة مبتورة.
أضف إلى أنّ الشّخصيّات الأخرى كالملكة والسّيّاف مسرور تعاطفتا مع الضّحيّة، لكن بقيتا محافظتين على علاقة واضحة مع الملك؛ كونه صاحب القوّة والبطش ولا يفكّر مرّتين في إعدام المتّهم. مع هذا لم تحقّق الشّخصيّة المركزيّة طموحها ورغبتها بالمطلق، إذ عدل الملك عن الإعدام بحذافيره، فقد جعل السّيّاف الملك يفكّر مليًّا في الأمر إذ يقول مستعطفًا "يا ملكي العظيم لا يحلّ لنا في الشّريعة أن نقتل من يشاركنا لقمتنا، فسُخط الله لا بدّ أن يصيبنا بمكروه عظيم". وكذلك الزّوجة دخلت إلى الخطّ وتعاطفها مع الضحيّة، جعل منها الشّخصيّة الثّانية من حيث القوّة والمركزيّة. لكنّ الملك لم يستمرئ كلامها وأراد تنفيذ حكمه فيها " تذكّر الملك الطّاغية كلام الشّريعة... وقرّر أن يستبدل أحد أعوانه برأس زوجته الحسناء، ذات التصرّفات الحمقاء بحنانها الزّائد..."(انظر القصّة).
 لقد أبدى الملك مقدرة كبيرة في التسلّط والاِستبداد، ولم تُسوّل له نفسه أن يُقلع عن فعل الإعدام، بل يهمّ بتنفيذ مشيئته بالكامل!
وهنا تستوقفنا اللّهجة السّاخرة بشكل موجع بخصوص وضع المرأة في مجتمعنا الشّرقيّ والطّبقة المسحوقة، وقد صوّرت في القصّة بشكل يبعث على السّخرية، في تقديمها قطعة الكعك بعد أن اِستأذنت زوجها...هذه الدّونيّة في التّعامل مع المرأة والضّعف يبرز ويطغى في مجتمعاتنا، إذ لا تُحلّ المرأة بموقع جليل وتحظى بمكانة، إلّا فيما ندر.
 للملك مقدرة فذّة في التّعامل مع الشّخوص الأخرى، ونظرًا لمركزيّة الشّخصيّة يبقى حجر الزّاوية أو عمود الخيمة المركزيّ في صنع المشهديّة وعدم التّسليم بالمتغيّرات الطّارئة.
إنّ القدرة هنا سلطويّة، سياسيّة، تخطيطيّة، تتمّ في بوتقة الفكر والحسّ الدّاخليّ لدى الشّخصيّة المركزيّة، فهي تمتثل واقعًا مرئيًّا على مسرح القصّة بزمكانيّتها المحتومة.
2-     مرحلة الفعل Action/ (Performance): نرتكز في اِستراتيجيّة الفعل من حيث العوامل المساعدة والعوامل المعوّقة. لقد رُويت القصّة بشكل اِتّجه لاِستحضار حكاية الملك الّذي يعتبر شخصيّة مدوّرة أو تمثيليّة في أداء دور جوهريّ، يؤدّيه كثير من الشّخصيّات على شاكلتها، خاصّة عند الحديث عن سلطة حاكمة، بيدها الحلّ والعقد، والموت والحياة بشكل رمزيّ. فالقصّة تخييليّة تحاكي الواقع بشكل فنتازيّ؛ فالهدف هو الإمتاع أوّلًا ومن ثمّ الفائدة الفكريّة ثانيًا.
إنّ قيام الشّخصيّة بالحركة والتّمثيل على مسرح الحدث يحتاج إلى قوّة لا بأس بها؛ لتؤثّر على الشّخوص الأخرى، كونها معديةً من حيث التّأثير في دائرة ردود الأفعال. في قصّتنا اِستُحكِمت خيوط الحبكة، وتنامت وصولًا للحظة التّنوير. ورأينا الملك استمرّ في فعله وحركته، لم يرتدع وجدانيًّا أو نفسيًّا؛ نظرًا لأنّ الفكر القائم على الاِنتقام واِستلاب حياة الآخرين، هو فكر متطرّف قامع وإن كان اِنتقائيًّا في العمل الأدبيّ. لكن ما يُسوّغ ذلك هو أنّ العمل القصصيّ يحاكي الحالة البشريّة وينتقد الحالة، وإن لم يُفلح في تغييرها، وهذا ما تقوم عليه الواقعيّة الاِشتراكيّة.
·       ثمّة عوامل مساعدة؛ وهنا ذاتيّة-داخليّة، تتمثّل في الملك ذاته، وبنيته الفكريّة السّيكولوجيّة، وقد تذوّتت فيه نوازع القوّة والتّعالي الأرضيّ على الطّبيعة البشريّة، المتمثّل في إنفاذ القرارات أو الأحكام والتسلّط على الشّخوص والتحكّم الأنانيّ، عن سبق إصرار دون تعويق من ناحيته. يساعد الملك في تنفيذ مشيئته أداته السّلطويّة المتمثّلة بالسّيّاف وهو على أهبة الاِستعداد للفعل. لاحظنا إشارة ذكيّة من السّيّاف لتغيير توجّه الملك في تنفيذ الحكم، وبرأيي هذا لا تخرج عن أن تكون حيلة دبلوماسيّة، دعائيّة إرضاءً لذات الملك المتفوّق ولا تنطلي عليه هذه الحيل. ما قام به السّيّاف إرضاء لمشاعر الزّوجة، كونها أداة طيّعة ألعوبة تندّر، لكن هذا جعل الملك ينفّذ وعده ووعيده، ولا يتورّع عن تنفيذ الحكم في زوجته؛ فهي تحمل نصف عقل كما يصفها، وهذا مؤشّر للفكر العدوانيّ الاِنتقاميّ لأثبات هيمنته وشرعيّته السّلطويّة الأيديولوجيّة وإستراتيجيّته المرنة في التّعامل مع قضايا الإعدام في مملكته، كونه المخوّل الوحيد في تنفيذ الأحكام ولو كانت جائرة.
·       ومن ناحية أخرى إذا حاولنا رصد العوامل المثبّطة أو المعوّقة للفعل، فقد نشير إلى شخصيّة الملكة بشكل خاصّ، فقد اعترضت طريق الملك ونهجه في تنفيذ حكمه على أحد أعوانه الّذي اختاره إرضاءً لرغبته السّاديّة الّتي لا يستطيع تأجيلها في هذا الظّرف. لكن دخول الملكة على حين غرّة أثّرت على سيرورة الفعل، عبر اِفتعالها للحيلة؛ ممّا جعل الملك يستشيط غضبًا، وساورته نفسه أن ينتقم لنفسه بحيث يقيم حكم الإعدام على زوجته. إذ هي ليست أفضل من غيرها، فقد خلِقن جميعهنّ بنصف عقل كما يقال!
عمليّة التّعويق في القصّة وتدخّل الزّوجة، غيّرت من ترسيم الخطّة الملكيّة. إذ لو نُفّذ حكم الإعدام كما رسمه الملك مع السّيّاف على أحد المعاونين؛ لكانت الحبكة ستتّجه لمسار آخر، وسيحدث تحوّل آخر في الحدث، وصولًا لنهاية غير محتومة.
إنّ تدخّل الملكة في وضعيّة تكتيكيّة شكّلت فعلًا معوِّقًا أو مضادًّا (Antagonist) أحدثت اِنزياحًا (Deviation) عن السّياق الطّبيعيّ للقصّة، وبذلك حدث تعويق للشّخصيّة المركزيّة في تنفيذ مشيئتها. بالتّالي نحكم على الشّخصيّة بناءً على فعلها في طريقها لتحقيق غايتها. وبالتّالي فإنّ الشّخصيّة المركزيّة أنطولوجيًّا تأخّرت عن الفعل ولم تفرض سطوتها، كونها المحرّك الفعليّ للحالة الإنسانيّة السّيكولوجيّة في دائرة الفعل وردّ الفعل.
3-     مرحلة ما بعد الفعل (Post Action): عاينّا حركة الشّخصيّة المركزيّة من خلال رؤية سيميائيّة إنثروبولوجيّة، كون الشّخصيّة هي المحرّك الأوّل والرّئيس في تشكيل الحدث والمعنى في القصّة، والصّانعة للوجود في المكان، وبدونها يُضحي المكان ثانويًّا لا يضجّ بالحياة وينتابه التّهميش والبهوت، إذ لا مجال لعمل أدبيّ قصصيّ بدون شخصيّة تتحرّك وتصنع الحدث.
إنّ الشّخصيّة المركزيّة في قصّتنا وهي "الملك" سيطرت بشكل فعليّ على مجريات الحدث، وطاوعتها في ذلك شخصيّات مساعدة، لكن مشيئتها تعطّلت نسبيًّا بتدخّل الملكة وتأثيرها على قرار الملك.
إنّ الملك في نشاطه الحركيّ يسعى إلى تنفيذ مأربه ودَيْدَنه، لكن هذا السّعي (Quest)، تعطّل ولم يتمّ على مسرح الحدث، بتأثير الزّوجة الّتي تدخّلت في ساعة الحسم وعطّلت فعل الملك، وقد ألحقَتها الرّاوية لتشكّل هذا الدّور قبل نهاية القصّة، وليكون فعل الملك ناقصًا وبهذا وَسَمْناها باللّابطولة؛ أي لا بطل " (Anti-Hero). إذ لم ينجح في تحقيق إرادته على مستوى السّرد والواقع، بفعل تفكيره وأيديولوجيّته المنقوصة الّتي اِستجابت للملكة عبر دهائها النّسويّ. وقد استطاعت أيضًا تأليب أو تثوير السّيّاف على الملك ليقف بوجه الملك واِمتصاص غضبه. إذن الملك عجز شعوريًّا أو سلوكيًّا ووجوديًّا في تنفيذ مأربه. وهذه سمة عامّة في أدبنا الحديث عبر توجّهه المبكّر لتثبيط حركة الشّخصيّة المركزيّة من تحقيق البطولة أو القابليّة للبطولة (Heroizability). عامّة الشّخصيّات المركزيّة لا تحظى بالبطولة الكاملة، وإنّما على الغالب "لا بطل"، وهذا واضح في غالبيّة الأعمال الأدبيّة. فالأدباء عندما يرصدون حالات إنسانيّة اِجتماعيّة وجوديّة في أعمالهم، فهي غالبًا ما تمثّل نماذج بشريّة مهمّشة منكسرة ضعيفة الشّخصيّة، لا تستطيع بلوغ البطولة بالمعنى السّيميائيّ؛ كون الواقع صعبًا عدا أنّ أعمال الكاتب تخضع في الغالب للرّقابة السّلطويّة والتّحقيق الأهوج. إضافة إلى أنّ المكان لا يساعد الشّخصيّة في تحقيق طموحها، فالمكان في زمن الحداثة متغيّر، موارب، متشظّ قد يُبهت الشّخصيّة ويقهرها، عندما تمثّل النّموذج القاسر عن معايشة الواقع بحذافيره؛ كونها معطّلة على مستوى الفعل وتحقيق مشيئتها في سعيها للوصول! بالنّظر إلى المرأة مثلًا لقد أدّت دورها لكنّ ذلك منقوص إذ وظّفت بشكل يحمل على السّخرية منها، وهكذا كلّ المسحوقين في مجتمعاتنا الشّرقيّة. وبالتّالي هذه الشّخصيّة لا يمكنها الاِضطّلاع بالبطولة الكاملة في العمل الأدبيّ.
وربّما كان من تحصيل الحاصل أن نقول، "إنّ عصرنا لم يعد عصر تصوير البطولة المثاليّة، لأنّ ذلك يعدّ من قبيل الوهم، حيث أنّ مشكلات الحياة على المستوى المحلّيّ والعالميّ، أصبحت أشقّ من أن يستطيع بطل واحد أن ينتصر عليها، حتّى لو كان بطلًا قصصيًّا. وإذا كان الأمر كذلك لم يبقَ للقصّ الحداثيّ سوى أن يصوّر البطل المأساويّ المثير للشّفقة، إمّا لأنّه لم يعد يقوى على المقاومة، أو لأنّه سيّء الحظّ، إذ قدّر له أن يعيش عصر المتناقضات في قمّته، حيث يصعب البحث عن العلل والأسباب. ولم يبق أمام البطل بعد ذلك سوى أن يواجه الأمور الصّعاب بحسّ ساخر، وأن يدير ظهره لها وهو يضحك من نفسه في نفسه".[11] بهذا التّصوير لوضعيّة البطل الحديث، نجد الباحثة نبيلة إبراهيم قد صوّرت الأزمة النّفسيّة والاجتماعيّة والوجوديّة الّتي تحياها الشّخصيّة في محيطها، ممّا يجعلها غير قادرة للعوامل المذكورة أن تحقّق البطولة بالشّكل المقنع.
2-والآن سننتقل إلى مرحلة ما بعد النّصّ/ نشاط ما بعد القراءة-Post Activity Of Reading
وفقًا لأعراف القراءة، يرى بعض النقّاد وأبرزهم "جوناثان كولر Culler أنّ نظريّة القراءة يجب أن تكشف عن العمليّات التّأويليّة الّتي يقوم بها القرّاء. ونحن جميعًا نعلم أنّ القرّاء المختلفين ينتجون تأويلات مختلفة. وفي حين قاد هذا بعض المنظّرين إلى اليأس من تطوير نظريّة قراءة على العموم، يزعم كولر[12] أنّ هذا التعدّد في التّأويل هو الّذي يجب أن تفسّره النظريّة. وإذ يختلف القرّاء في المعنى، فإنّهم قد يتّبعون الأعراف التّأويليّة نفسها. وقد اعترف كولر بأنّ الأعراف الّتي نطبّقها على جنس أدبيّ لا تصحّ على جنس أخر، وأنّ أعراف التّأويل ستختلف من فترة إلى أخرى. فقد نتّفق في معنى العمل الأدبيّ، لكنّنا نختلف بالضّرورة في دلالته، ومن هنا جاء نشاطنا بعد القراءة.
 هنا ننتقل من مقاربة متابعة الشّخصيّة أنثروبولوجيًّا بوصفها كيانًا بشريًّا متحرّكًا إلى معاينة الشّخصيّة سيميائيًّا بوصفها كيانًا لغويًّا. وجدنا أنّ الكاتبة رسمت قصّتها وفق البنية الكلاسيكيّة بحيث تدرّجت الحبكة من البداية وتصاعدت وصولًا إلى التّهافت. قدّمت الكاتبة لقصّتها "هدهد العطّار" بشكل سلس على شاكلة التّقديم المعهود قديمًا في القصص القديمة أو اليونانيّة. هذه حكاية أتى بها الهدهد كعادته في سرد الحكايات، وعلى ما يبدو أنّ الهدهد يأتي بالحكايات العظيمة، ليجعل الآخرين ينصتون لسرده بشغف... لكن ما يهمّنا في هذا السّياق الحكاية ذاتها في تدرّجها من البداية وصولًا للنّهاية. ما غايتها؟ يبدو أنّ الكاتبة من كثرة ما قرأته أو سمعته أو شاهدته عن القوّة والغطرسة، جعلها تقف في هذه القصّة موقف المناقض أو المضادّ لكل أشكال التّرويع والإعدام والقتل وحتّى الاِستغلال باِختلاف الظّروف. وما القصّة الّتي بين أيدينا إلّا صورة واقعيّة تبيّن طريقة المتسلّطين، الأقوياء في التّعامل مع العامّة، ومع الملتزمين دينيًّا وفكريًّا وفلسفيًّا من جهة أخرى. وشخصيّة "فريد الدّين العطّار" هي أنموذج واضح، كونه متصوّفًا معروفًا، ملتزمًا فكريًّا، له طريقته الّتي يدين لها. وإن كان توظيف هذه الشّخصيّة شكليًّا على مستوى الأحداث؛ إلّا أنّ الكاتبة رَمت من حبك قصّتها بالتّقديم لها، على لسان الهدهد إلى لفت اِنتباه القارئ لضرورة الاِتّعاظ والاِحتياط عند التّعامل مع الملوك والجبابرة؛ فهم لا يُرجى خير منهم، ولا يحترمون شيوخ الطّرق بشتّى أنواعها في طول الأرض وعرضها، اللّهمّ إلّا إذا رضي الكاتب والمفكّر أن يكون مطبّلًا مزمّرًا لصاحب السّلطة، فينطق كبوق باسمه والسلطة الحاكمة الغاشمة...
إنّ النّصّ بمفهومه العامّ بعيدًا عن قصد الكاتبة، يدعو إلى ضرورة التحرّر من الهيمنة والتّبعيّة بمفهومها الواسع، والاِنعتاق من جهميّة قانون الغاب أو الحاكم علينا. فالكاتبة ترحل في قصّتها عبر وعيها والوعي المضادّ بشكل حداثيّ، وما القصّة إلّا رحلة داخل وعي الكاتبة تستحضر الأحداث وتُجلّيها بأسلوب قصصيّ يحاكي الواقع، وهذا ما ندعوه في الحداثة "السّعي"، كمصطلح مجازيّ يشير إلى توق الذّات للهدف المرسوم، وفي هذه الحركة يتمّ فصل الذّات عن الهدف القيّم وحركتها باِتّجاه الوصول إليه.
يمكننا القول أنّ الطّرح العام للنّصّ، يقودنا إلى أنّ السّياسة القاهرة والكتم (كتم الصّوت والصّورة والحرّيّة)؛ والمرأة نموذج على ذلك في السّخرية منها في هذه القصّة. إذن الكتم والقهر؛ قهر المسحوقين؛ لا بدّ أن يؤول إلى تغيير وتذليل، هذا إذا وجدت النيّة الصّادقة، يعضدها القدرة الحقيقيّة والقصديّة العمليّة والثّورة الطّبقيّة المنهجيّة.
علينا قهر الذّات والتّضحية بالموقف في سبيل تغيير الواقع الجمعيّ؛ الواقع الّذي لا يكون سليمًا إلّا بتغيير الوضع الطّبقيّ ومحاربة البرجوازيّة المهيمنة المستغلّة. وعلى مستوى الفلسفة، لا بدّ من التحوّل إلى الفلسفة البراغماتيّة
العمليّة الّتي تستند على النّقد، وتناجز الفلسفة الوضعيّة الّتي لم تأتينا بحلول عمليّة. ولا بدّ من أن ينعكس مردود ذلك على الأدب والمجتمع بكلّ أطيافه ومؤسّساته المتنوّعة الوظائفيّة...
وَلنعُد إلى الشّخصيّة الرئيسيّة باِعتبارها تحمل وتستبطن الدّلالات الّتي ترمي الكاتبة في فكرها أن تطرحها، وفق الرّؤية السّيميائيّة. عدا كون شخصيّة الملك دائريّة مؤثّرة بمن تتّصل به، فقد ظلّت محافظة على حدودها الطّبيعيّة، ولم يحدث تغيير جذريّ بحيث جعلها تتحوّل بشكل كبير في سلوكها البشريّ أو محيطها السّيميائيّ الاِجتماعيّ، رغم أنّنا ندور حولها بلغة الكاتب النّاقد إي. أم. فورستر.
إذا اِتّجهنا للنّقد الإشاريّ السّيميائيّ، في محاولة تقصّي دائرة الشّخصيّة المركزيّة في إشاراتها القريبة والبعيدة، فإنّنا نجد ناقدًا أمريكيًّا براغماتيًّا سيميائيًّا، تشارلز ساندرس بيرس Ch.S. Peirce (1839-1914) مبتدع نظريّة أيْكُون "   Iconيُقسّم الشّخصيّات إلى رئيسيّة، ثانويّة، وهامشيّة. ولكن هذا يعتمد على كيفيّة رسم الكاتب الشّخصيّة، وبشكل عام النّماذج الثّلاثة مرتبطة بمجالات أخرى: ذهنيّة، اجتماعيّة، بيولوجيّة وعلوم إنسانيّة. وتصوير الشّخصيّات المركزيّة على أساس هذه المجالات في السّرد الأدبيّ تجعلها كيانات رمزيّة تمارس النّشاط العقليّ والجسديّ المترابط كالنّشاط الذّهنيّ والعاطفيّ".[13] فقد قسّم بيرس الإشارات أو العلامات إلى ثلاث دوائر، باعتبارها أنظمة إشارات[14] ووفق هذه العلامات اللّغويّة بإمكاننا معرفة دائرة الشّخصيّة الّتي نحن بصددها. وفق تأويل النّاقد بيرس يمكننا تجيير النّقد الفلسفي باِتّجاه قصّتنا، لنجد أنّ شخصيّة الملك تميل إلى الرّمزيّة (Symbolic) أكثر من الأيقونيّة (Iconic) والإشاريّة (Indexical). إذ يمكن اِعتبار شخصيّة الملك تنطلي على رمزيّة، في المستوى الثّالث كونها تتحدّى ذهن القارئ وتطغى على الحدث، وبذلك فهي ترميزيّة أليغوريّة باعتبارها نموذج وجوديّ بشريّ لكثير من الشّخوص الّتي تعيش بيننا وفي مجتمعنا.
ويمكن اِعتبار شخصيّة زوجة الملك أيضًا رمزيّة في هذه المنظومة الثلاثيّة الّتي اقترحها بيرس، فهي شخصيّة مناهضة ومعارضة للشّخصيّة الرّئيسيّة. ونعتبر هاتين الشّخصيّتَين كذلك؛ بفعل سعيهما وقدرتهما الشّادّة للقارئ، بحيث تحظيان أهمّيّة واستقطاب الفعل المركزيّ في السّرد. فالمرأة وظّفت لدورها في التّأثير إذ طالما مثّلت أدوارًا باهتة، لكن في قصّتنا أضحت شخصيّة معتمدة في تطوّر الحدث، فهي نمط أعلى من الشّخوص (אבטיפוס) من ناحية الدّائريّة، فانتقلت من الظّلّ إلى المكان المركزيّ، من التّعتيم إلى الإشراق بلغة السّيميائيّة. لكن هي ملحقة بشخصيّة الملك، وبدونها تبدو القصّة باهتة، لا تعتمد على المفاجأة وإحداث الترقّب والتوتّر لدى القارئ. إذن شخصيّتا الملك وزوجته ليستا أيْقونيّتين بل تمثيليّتين، وبفعلهما تطوّر الحدث واكتسب معنّى. توسّعت دلالة القصّة، فالحدث يحمل معنًى أوسع من المعنى الواضح المتعلّق بالنّصّ السّرديّ، ويتلخّص بفكرة السّيطرة والتنمّر والكبت وسحق الضّعيف بكلّ الصّور. بل إنّ الدّلالة قد ترمي إلى أنّ القويّ والمتجبّر يرى جبروته وغطرسته وهيمنته تطغى عندما لا يجد من يصدّه أو يردعه عن أفعاله، هذا في عصرنا الحاضر الّذي نحياه. فالأنظمة السّياسيّة والدّينيّة المتطرّفة والأيديولوجيّات بأشكالها، لا تقوم على المبدأ الإنسانيّ والسّلميّ والعمليّ الّذي يحمل الخير للبشر، بل تحاول أن تبرز سيطرتها القاهرة أمام من يحاول أن ينتقد أو يعبّر عن وجهة نظر مغايرة للموجود، فهي تتعالى عن الذّات البشريّة وصولًا إلى التّألّه ومعاداة الطّبيعة دافعه الاِغتراب والنّقص النّفسيّ، فهو يتعالى على كلّ الآخرين بدوافع ذاتيّة تنطوي على الكيد واللّؤم والخبث الّذي لا يبرّره مشروع بشريّ مقنع وإنّما نزوة وإحساس دفين أو تجوين شعوري لكبت الآخرين وإذلالهم والنّيل من كلّ من يعترضه. والمرأة كنموذج ضعيف في قصّتنا جعل منها سخريةً تؤدّي دورًا بسيطًا كونها لا يأبه لفعلها... وكأنّه لا يستتبّ الحكم والولاية إلّا بالاستبداد وتنفيذ الأحكام الصّارمة القاسية، ليدوم الأمن والطّاعة واِستتباب الحكم بمباركة العامّة المخدّرين فكريًّا ونفسيًّا دون إرادة ونهجٍ سليمٍ مسلّح باليقين... وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية تحليلنا وقراءتنا لهذه القصّة وفق الرّؤية السّيميائيّة الّتي يتطلّبها الدّرس السّرديّ هنا، دون أن نحمّل النصّ ما لا يحتمله، أو ما لا يقوله لأنّ قراءتنا هي اِجتهاد وممارسة نقديّة من الدّرجة الأولى دون مواربة!...
خاتمة: لقد عايّنا على طول الدّراسة التّزامنيّة هذه آليّة توظيف الشّخصيّة المركزيّة، ومعرفة علاماتها بأدوات ضبط نصّيّة، لا تخرج عن صفاتها الموسومة وحركتها الّتي طُبعت عليها في الوقوف على ماهيّة الشّخصيّة، حركيًّا وتفاعليًّا اِجتماعيًّا على طول القصّة أو النّصّ السّرديّ. هذه الخطوة ضروريّة للوقوف على مركزيّة الشّخصيّة
المحوريّة واضطّلاعها بالعبء الكبير والتّصرّفات الّتي تضمن لها مركزيّتها، وبالتّالي لنسِمها بسمة البطولة الكاملة، أو الجّزئيّة، أو اللّابطولة بالمطلق. وهذا ما أتينا عليه، حين تابعنا الشّخصيّات المركزيّة والثّانويّة أو المساعدة منها، وبالتّالي فقد أُحلّت شخصيّة "الملك" الشخصيّة المركزيّة، كونها المسيطرة على سير الحبكة والاِضطّلاع بسير الحدث وتطوّره وتأثيره على شكل القصّة وإنهاء الصّراع. فقد حظيت شخصيّة " الملك" بشكل خاصّ بالمركزيّة، لكنّها على صعيد تحقيق البطولة لم تكتسب البطولة كونها لم تحقّق الهدف الّذي سعت إليه منذ البداية، فهي لا بطل رغم تعرية بواطنها وتصرّفاتها وهيكلها الاجتماعي أو الأنثروبولوجي السّيميائيّ والأيديولوجيّ الفكريّ. فقد اِنتزعت منها شخصيّة "الملكة" وسام البطولة الجزئيّة حتّى، وقد أبنّا عن كلّ هذا باِتّباع طريقة الكشف السّيميائيّة، وفق الموديل السّيميائيّ، الموضوع أساسًا لتبيين الشّخصيّة المركزيّة، ومن ثمّ متابعتها في سعيها وصولًا لدور من أدوار البطولة.
لقد تحقّق كلّ ذلك، في رصدنا للشّخصيّة، ومتابعة سلوكها ونشاطها السّيميائيّ، ووجدنا من خلال شخصيّة الملك وتوظيفها الواعي، أنّها جاءت لتدلّل على فكرة الكاتبة للتّعبير عن الظّلم والقهر والغطرسة في المجتمع الّذي نحياه، وفي ذلك دقّ ناقوس الخطر في تدارك الظّلم والقهر الاِجتماعي من شخصيّات تدّعي العدل والسّلوك الحسن دون أن تمارسه فعلًا عمليًّا، ونهجًا حقيقيًّا. حظيت شخصيّة الملك القاهر بالتّلميع وظهر صوتها عاليًا على حساب الشّخصيّات الأخرى الّتي أُخرست ولم تُرسّخ نهجها الإنسانيّ القويم، لأن الملك اِحتّل مساحة أكبر في السّرد، وتجلّى في سطوته اِنعكاسًا فيما بعد، والكاتبة جعلته البوق النّاطق بالشّر والعُهر السّياسيّ، والّذي يحظى بالتّلميع والدّعاية كقائد ديماغوغيّ. هذا ما أتى عليه الدّرس الدّلاليّ من معانٍ ينبغي العمل على تغييرها وهناك رسالة مبطّنة إلى ضرورة إصلاح الغبن وإحقاق الحقّ في مجتمع يقوده الظّلمة والمردة، الّذين يتستّرون تحت ستار العدل المزيّف وتعطيل حكم الشّريعة، فهناك عدم تكافؤ في القوى المجتمعيّة، وبالتّالي السّواد الأعظم في المجتمع مستسلمًا ولا يُحرّك ولا يتحرّك في الواقع، وهذا ما كشفت عنه هذه الدّراسة السّيميائيّة الدّلاليّة وأشارت إلى مكامن الضّعف في المجتمع الّذي تحكمه القوّة والسّلطة الغاشمة، وبالتّالي ينبغي اِتّباع المنهج التّثويري المؤدلج، للوصول إلى تغيير في قيمة العدل والعدالة في مجتمعاتنا، ولو انطلقنا من مبدأ الفلسفة العمليّة أساسًا!...
قائمة المراجع:
-         إبراهيم، نبيلة. 1992. فنّ القصّ في النظريّة والتّطبيق. د.م. مكتبة غريب.
-         بو عزّة، الطيّب وآخرون. 2016. الهرمينوطيقا وإشكاليّة النّصّ. سلسلة ملفّات بحثيّة في الفلسفة والعلوم الإنسانيّة. د.م.
-         حافظ، صبري. 1996. أفق الخطاب النّقديّ (دراسات نظريّة وقراءات تطبيقيّة). ط1. دار شرقيّات للنّشر والتّوزيع.
-         العويضى، عبير حامد محمّد. 2014. صورة البطل في القصّة القصيرة السّعوديّة (رسالة ماجستير في الأدب والبلاغة والنّقد). السّعوديّة. د.ن.
-         ريّان، محمود. 2016. دراسات سيميائيّة في القصّة القصيرة والرّواية. ط1. كفر قاسم. مطبعة كفر قاسم.
-         سروجي-شجراوي، كلارا. 2017. طواف، خربشا قصصيّة بحجم راحة اليدّ (مجموعة قصصيّة). ط1. حيفا: مكتبة كلّ شيء.
-         ________________.  2011. نظريّة الاِستقبال في الرّواية العربيّة الحديثة-دراسة تطبيقيّة في ثلاثيّتي نجيب محفوظ وأحلام مستغانمي. ط1. باقة الغربيّة: مجمع القاسمي للّغة العربيّة وآدابها، أكاديميّة القاسمي.
-         سلدن، رامان. النظريّة الأدبيّة المعاصرة. 1996. ترجمة سعيد الغانمي. ط1. بيروت: المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر.
-         هوي، ديفيد كوزنز. 2007. الحلقة النّقديّة-الأدب والتّاريخ والهرمينوطيقا الفلسفيّة. ترجمة خالدة حامد. ط1. كولونيا (ألمانيا)-بغداد: منشورات الجمل.
-          Scholes, Robert.1982. Semiotics and Interpretation. New Haven: Yale University Press.
-          Taha, Ibrahim.2015. HEROIZABILITY: An Anthroposemiotic Theory of Literary Characters. Berlin and New York: De Grouter.
                                                   **********************************************************************
 
 
 
تعريف بكاتب المقالة باختصار: محمود جمال ريّان/حاصل على اللّقبين الأوّل والثّاني بموضوعي الجغرافيا واللّغة العربيّة وآدابها من جامعة حيفا. يبحث عن الدّكتوراة، مقيم في مدينة شفا عمرو، يعمل أستاذًا في المدارس، شاعر وباحث أدبيّ، له عدّة إصدارات وأبحاث في المجلّات المحكّمة. ساهم في التأليف في مجالَي النقد الأدبيّ ونظم الشّعر على السّواء...
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


[1] . سروجي-شجراوي، كلارا. 2017. طواف، خربشات قصصيّة بحجم راحة اليدّ (مجموعة قصصيّة). حيفا: مكتبة كلّ شيء، ص 35.
[2] . Scholes, Robert.1982. Semiotics and Interpretation. New Haven: Yale University Press, p. 48.
[3] .  Taha, Ibrahim. 2015. HEROIZABILITY: An Anthroposemiotic Theory of Literary Characters. Berlin and New York: De Gruyter, p.8.                                                                                 
 
[4]. العويضى، عبير حامد محمّد. 2014. صورة البطل في القصّة القصيرة السّعوديّة. رسالة ماجستير في الأدب والبلاغة والنّقد السّعوديّة: د.ن. ص 22.
[5] . سروجي-شجراوي، كلارا. 2011. نظريّة الاستقبال في الرّواية العربيّة الحديثة-دراسة تطبيقيّة في ثلاثيّتي نجيب محفوظ وأحلام مستغانمي. ط1. باقة الغربيّة: مجمع القاسمي للّغة العربيّة وآدابها، أكاديميّة القاسمي، ص 143-145.
[6] .  حافظ، صبري. 1996. أفق الخطاب النّقديّ (دراسات نظريّة وقراءات تطبيقيّة). ط1. القاهرة: دار شرقيّات للنشر والتّوزيع، ص 98.
.[7] بو عزّة، الطيّب وآخرون. 2016. الهرمينوطيقا وإشكاليّة النّصّ-سلسلة ملفّات بحثيّة في الفلسفة والعلوم الإنسانيّة، ص 73. بتصرّف.
[8] . هوي، ديفيد كوزنز.2007. الحلقة النّقديّة-الأدب والتّاريخ والهرمينوطيقا الفلسفيّة. ترجمة خالدة حامد. ط1. كولونيا (ألمانيا)-بغداد: منشورات الجمل، ص 26-27.
[9] . ريّان، محمود جمال.2016. دراسات سيميائيّة في القصّة القصيرة والرّواية: مقاربات نقديّة. ط1. كفر قاسم: مطبعة كفر قاسم، ص 75.
[10] . Taha, Ibrahim. Heroizability. Ibid, p.14.
[11] . إبراهيم، نبيلة.1992. فن القصّ في النظريّة والتّطبيق. د.م. مكتبة غريّب، ص 173.
[12] . سلدن، رامان. 1996. النظريّة الأدبيّة المعاصرة. ترجمة سعيد الغانمي. ط1. بيروت: المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، ص 177.
[13] . Taha, Ibrahim, Heroizability. Ibid, p.17.
[14] . سلدن، رامان. النظريّة الأدبيّة المعاصرة. م.س.، ص 86.



#محمود_ريان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة في -قدم ناعمة- للقاص نبيل جديد


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود ريان - قراءة نقديّة سيميائيّة في بناء الشّخصيّة المركزيّة والدّلالة في قصّة -هدهد العطّار- للكاتبة كلارا سروجي-شجراوي