أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد جعفر - الإعجاز العلمي في القرآن















المزيد.....

الإعجاز العلمي في القرآن


سعيد جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 6436 - 2019 / 12 / 13 - 23:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فقه الوهابيين الذي غطى على الإسلام الحقيقي وفرصة لجنة النموذج التنموي لصياغة مشروع للإصلاح الديني والثقافي

"عندما نتعود على قول نصف الحقيقة يصبح الوصول للحقيقة بعيدا جدا" حسن حنفي.

سعيد جعفر/ باحث في سوسيولوجيا الدين

من الأسئلة التي طرحت علي في الندوات الكثيرة التي أطرتها في كل جهات المملكة، ما الإعجاز القرآني؟ وهل يمكن أن يساعدنا في تحقيق النهضة المنشودة؟

لا أخفي أبدا تبرمي من هذا السؤال لأسباب متعددة فكرية وعلمية وسياسية.

لن أهادن. ليس هناك إعجاز علمي في القرآن. في القرآن هناك سور تنظم عبادات ومعاملات الناس، وهناك قصص لأنبياء ولأقوام، وهناك آيات معدودة مجملة تقدم مقدمات علمية دون تفصيل.

لماذا هنام مقدمات علمية وليس هناك تفصيلات علمية وبالتالي إعجاز قرآني؟

ببساطة لأن القرآن جاء مجملا وليس مفصلا، ولو كان مفصلا يفصل هذه المقدمات العلمية لكان يتضمن أكثر من ستين حزبا ولكان يجب أن يضم خرائط و صور ولو غير مادية.

ولأنه لو جاء مفصلا لتناقض الوضع مع وظيفة السنة كمفصلة لما أجمله القرآن.

إني أؤكد على أن القرآن لا يتضمن إعجازا علميا وأنه يتضمن مقدمات علمية كان يمكن استثمارها من القرآن الكريم لتطويرها وتفصيلها، لكن لماذا لم يحدث ذلك رغم أن القرآن يتحدث مثلا عن "التكوير" وعن "البرزخين" وعن مراحل تكن الجنين وغيرها من المقدمات العلمية في علوم الفيزياء والفلك والبيولوجيا وحتى الرياضيات؟

ثمة مفارقة كيف لم ينتبه دارسو القرآن منذ القرن السابع ميلادي وطيلة ما يفوق ثمانية قرون لمقدمات دوران الأرض وعدم مركزيتها في سورة التكوير حتى حقق كوبرنيك هذا السبق العلمي؟
أي عقل هذا الذي لم ينتبه إلى هذه الإشارة العلمية؟ وما هي الطريقة التي قرأ بها الفقهاء النص القرآني و السنة النبوية؟
ماذا لو أن هذا القرآن بمقدماته العلمية نزل مثلا في بلاد غير شبه الجزيرة العربية وعلى شعوب أخرى كالفراعنة أو الفرس أو الإغريق أو الرومان؟

في بعض الحالات أتشهى خلق وضعيات تاريخية لم تتحقق لأتخيل مسارات أخرى في التاريخ. ماذا لو نزل القرآن مثلا في أيونيا في القرن السادس قبل الميلاد.
ماذا كان سيستخرج منه طاليس وفيتاغورس وهيراقليطس وباقي الحكماء الطبيعيين؟
ماذا لو أن هذا القرآن أنزل على الصينيين أو الأوروبيين أو اليابانيين؟ ألن يفسروه بشروط عصرهم وبقدراتهم وذكائهم؟
ألن تكون النتائج مختلفة؟

لقد أراد الله لهذا الكتاب أن يتنزل ببلاد صحراء بقوم جاهل يئد البنات حيات و يتخذ النساء جواري وملك يمين، ويتخذ السود عبيدا، وتتحارب قبائله لأربعين سنة كما بين داحس وغبراء، ويجعل المرأة من متاع الرجل، ويجيز كل الزيجات المخالفة للذوق وللأعراف.
قوم يجيدون قرض الشعر غزلا وفخرا وهجاء و حماسة ومدحا وتكسبا لكن لا يعرفون للتأمل العقلي مدخلا ولا لعلوم الرمل ولا غيرها مدخلا.
قوم يرحلون في كل الجزيرة العربية بحجازها وصولا الى الشام ولم يدخلوا البحر أبدا فهو بحر ظلمات والداخل إليه مفقود والخارج مولود.

ما الذي جعل مقدمات القرآن العلمية لا تتحول إلى تفاصيل ثم نظريات وتطبيقات علمية منذ القرن السابع ميلادي إلى اليوم، في الوقت الذي بدأت أوربا نهضتها الفكرية ثمانية قرون بعد نزول القرآن ولا زلنا نحن نجتر علكة "الاعجاز العلمي في القرآن"؟

الجواب بسيط جدا:

الذين فسروا القرآن بداية بابن كثير والطبري وغيره لم يكونوا علميين ولم يكونوا يعرفون علوم الرياضيات والفيزياء والفلك، كانوا رجال أدب يبرعون في علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية ولذا أبدعوا في تفسير كل السور والآيات التي لا تتضمن مقدمات وإشارات علمية، واستغلقت بل وفشلوا في تفسير الآيات التي تحوي مقدمات علمية.
لقد اكتفى مثلا الطبري بشرح البرزخ ببحرين لا يلتقيان، ولم ينجح ابن كثير في التوضيح العلمي للنطفة والعلق والمضغة وغيرها من المفاهيم العلمية البيولوجية.

الغالب اذن أن الفقهاء فسروا القرآن، كل القرآن، بخلفية تقديسية، ومنهم من فسر القرآن بتوجيه سلطاني، ولأنهم رجال شعر ولغة فالقرآن العلمي لم يتبين لهم ولم يستجل بين التقديس والسياسة.

ثاني الأسباب يرتبط بالبيئة التي أنزل فيها القرآن، فهذه الصحراء القاحلة والصعبة لا يمكن أبدا أن تكون أرض علوم أو فكر أو عقل.
وببساطة تامة كيف يمكن أن يكون هناك علم وتفسير علمي في أرض يظهر الله كمن يفاوض أشداء قريش للإكتفاء بأربع نساء كزوجات عوضا عن كل الجواري، وأن يعطوا للأنثيين نصف حظ الرجل الواحد حتى لا يبقين مجرد متاع، وألا يقربوا الصلاة وهم سكارى ويسكروا ما دون ذلك والتدرج في التحريم؟
كيف يمكن أن يكون هناك علم وعلوم في قوم منهم من يئد مولودته لمجرد الخوف من العار ومنهم خليفة عذب أخته لإسلامها وعبده لإسلامه؟

لقد نزل القرآن في بيئة صعبة وفي قوم صعب فكريا وثقافيا و اجتماعيا، وكان سيكون من غير المقبول أن ننتظر منهم أكثر من توظيف القرآن لحل نزاعاتهم وحروبهم و سلوكاتهم المخالفة للعقل والمنطق والذوق.

وبوضوح شديد فهذا المجتمع كان غارقا في الجهل ولم يكن يملك من الوقت والقدرة للتأمل في ذاته وفي الكون، ورغم أن هذا الكتاب دفعهم للتأمل والنظر والتفكير والتدبر والعلم فاقصى ما طلبوه هو المتل والنساء والخمر والأنفال والغنائم والمال والبنون.
بل وهذا القرآن نفسه جاء كمقايضة وتفاوض وظهر في كثير من الحالات كمفاوضة ناجحة ليقلوا من جهالتهم، فعوض ما ملكت يمين الرجال من نساء وجواري يتم الاكتفاء بأربع فقط! وعوض أن تحرم المرأة من الإرث أو أن تكون متاعا تقبل بنصف ما يرثه الرجل وهكذا...
إنها مفاوضة رهيبة حتى لأن استكمال الإسلام بعودة النبي محمد إلى مكة ما كان ليكون لولا مفاوضة زعيم قريش أبا سفيان اذ "من دخل دار أبا سفيان فهو آمن" والتي تلاها ما تلاها من تعيينات للولاة من بني أمية في أقاليم اليمن ونجران والبصرة والكوفة والشام والحجاز وغيرها.

إن هذا الإعجاز العلمي الوهمي في القرآن الذي تصرف له الوهابية ملايير الدولارات عبر قنوات ودعاة "غوغائيون" وعلماء دين تدليسيون وذلك بهدف تحجيم الفكر النقدي عند الفرد العربي، ولذا قامت ما تسمى الصحوة الإسلامية على هذا الأساس المرجعي، أي ترويج فكرة الإعجاز العلمي وإقناع الحكومات العربية باعتمادها.

إن المغرب اليوم يقوم بمجهود جبار من أجل التحرر من الوهابية الدينية والتي سربت للأجيال المتلاحقة من المغاربة هاته المغالطات باسم الكتاب والسنة،
ورغم أن السياسة الدينية بالمملكة المغربية لا يمكن أن تصطدم بالوهابية وأتباعها في المملكة لأنها ستكون أمام مقاومات عنيفة جدا كذبح الأجانب، و تفجير البيوتات و المحلات، و ضرب السفارات، وحرق الناس، و تلغيم المسارات، والدعوة إلى التشدد والتطرف، فإن الدولة مطالبة بموازنة مبدعة بين الأمني والإجتماعي.

لا يحق للدولة الآن التراجع عن الرهان العلمي والنقدي، ومهما كانت التكلفة فلا يمكنها التراجع أو التوتر او الضعف. والطريق الذي اشتقته منذ 2003 باصلاح الحقل الديني عندما استفاقت على غضب داخلي للوهابية والسلفية في أحشائها.

إن من حظنا أن بعضا من الأفكار المتنورة في إصلاح هذه المشكلات الدينية تجد لها صدى عند الملك أمير المؤمنين، وبتعيين رشيد بن الزين وفؤاد العروي ومحمد بنموسى ضمن لجنة صياغة النموذج التنموي يمكنني القول أن قفزة إصلاحية جبارة ستسم السياسة الدينية في السنوات العشر القادمة وستكون بدفعة أقوى من إصلاحات 2003.

الطريق إلى الإصلاح والتنوير طويل ومتعب ولكنه ليس قاتلا كالتقليد والسلفنة



#سعيد_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد جعفر - الإعجاز العلمي في القرآن