أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجليل ولد حموية - الحب في زمن التكنولوجيا














المزيد.....

الحب في زمن التكنولوجيا


عبد الجليل ولد حموية

الحوار المتمدن-العدد: 6411 - 2019 / 11 / 17 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


الساعة 01:00
فحص علبة الرسائل، فتش بين أسماء آخر المتصلين على الهاتف، فيسبوك، واتساب، صندوق البريد الصدئ المنسي...ولم أثرا لها. كأنها نجم أفل والتهم نفسه، فتشكل الثقب الأسود داخله بلا اشعاع يغري بجائزة نوبل. ربما تكون قررت الوفاء بوعد قطعته ذات مزاح.
الساعة 01:30
لم يصل لإجابة باردة تخمد الاسئلة المتقدة داخله، الوقت يمضي بطيئا كأنه في زنزانة انتظار تنفيذ الاعدام. لا يمكن أن يحيا بعدما ضخت فيه من روحها ووهبته حياةً داخل الجحيم. قرر إعادة فحص كل ما يربطه بها. كرر نفس الحركات بلا جديد يذكر تحت سماء الغياب المظلمة.
الساعة 02:00
تناول خمسة سجائر متتالية، حاول أن يوهم نفسه أن تدخينه الشره أملته برودة الجو، ليتجنب فكرة الفقد القاتل ويكون شهيد عشق جديد، أنفته تمنعه من اعتقاد ذلك. لطالما سخر من قصص الحب ومن عشاق قتلتهم لوعة الفراق، حان الوقت ربما لينتقم منه الموتى، فيكون منهم مكرها لا بطل.
الساعة 02:15
فحص ذكرياته جيدا ربما يعثر على خيط أمل يوصله إليها، تفاجأ أن المكان مكتظ بها، والحقيقة أنه لم يتفاجأ. حبها قادر على الاستحواذ على مكان الذكريات الأخرى، فتساءل بحسرة: لا يمكن أن تفعلها؟
الساعة 02:30
«لا محال أن شيئا تسلل من بين شذرات الحب ولوث الإحساس النبيل لديها، لكن، ما هو؟
هل تكون الوردة الهدية ذبلت قبل أن تنبث في قلبها؟ أو ربما أزعجتها نظراتي إلى انعكاس صورتها في المرآة فتشكلت الغيرة من حيث لا أدري؟ تبقى كل التخمينات ممكنة أمام حقيقة واحدة، حبيبتي اختفت…»
هكذا تكلم المسكين.
الساعة 03:40
لم يستطع إراحة جفنه ولو لدقيقة، خيالها يطارده كالظل في الصحراء، رطوبة المخدة تذكره بصدرها، ليونة الغطاء تغلفه كحنانها. هرب بعينيه نحو السقف، بياضه صاف بدا له كعينيها ساعة الحب. المذاق العالق بفمه، مذاق نبيذ رخيص، يشبه مذاق أحمر شفاهها، تف كي يتخلص منه، فتشكل وجهها من اللعاب أمامه. واللغة تتعنت لا تأبى أن تشكل كلمة غير اسمها، والأشياء كلها في الوجود تتداعى وتبقى صورتها شامخة تخنقه.

الساعة 03:50
آخر رسالة نصية توصلت بها كانت أقصر من جملة وأطول من رواية بئيسة: «وداعا». كانت تقصد بها الوداع بكل تجلياته الحزينة ربما؟ ذلك السور الذي يقسم العالم إلى نصفين فيشتاق كل واحد للآخر، أطول من سور الصين، وأصلب من جدار برلين. اسمنتهُ دموع، ولبناته لوعة خالصة، ملكه نازي، سادي، يسمونه: الحب.
الساعة 04:30
تضاعف الاضطراب أكثر، أنزل كل الكتب أرضا كأنه يبحث عن ابرة داخل كومة قش. أفرغ دولاب الملابس، وتساءل: «ما الذي أبحث عليه بالضبط؟» هو أيضا لا يعرف. يحاول الهروب من أفكاره بأي طريقة. يا ليته كان عنكبوتا، لربما شنق نفسه بخيوطه وتلاشى كأنه لم يكن.
الساعة 04:00
تعب من البحث عن خيط أمل يعلم أنه لا يوجد، أشعل سيجارة أخرى واعترف لنفسه هذه المرة أن تدخينه الشره بسبب غيابها. رضي أخيرا أن يكون المعذب الجديد لأفروديت، لا وقت لإخفاء الحقيقة بالكبرياء. ربما أصبح مستعدا كي يستبدل كرامته أيضا بقبلة؟ ما نفع الكرامة في حياة لا تملك من الحياة حتى ذرة عيش؟
الساعة 04:30
• تعجبني الريح يا حبيبي...
• لماذا الريح بالضبط يا حبيبتي؟
• لأنها ترحل كأنها لم تجفف شفة من قبلة أو قلبا من عشق، ولم تأخذ حبوب لقاح إلى غير أهلها...
• تفكرين في الرحيل إذن؟
• كلنا عابرون في قصيدة نظمها شاعر سرمدي...
كنت أعتقد أنها تمارس هوايتها الغامضة في تحويل الفرح بؤسا بعباراتها الفلسفية، كانت تمرر الرسائل دون ساعي بريد الغرام، كأنها تهمس في أذني بإحساس مجروح: استمتع بالريح ولا تعتقد أنها ستدوم، فبعد الربيع يأتي صيف ييبس القلوب…
الساعة 05:00
كم يلزمني من الوقت كي أتحول إلى شاعر؟ يقولون ان الشعر يزيل لدغة الحب كما يزيل السم السم. لكنني لا أريد أن أخلق قصيدة، أريد حبيبتي بلا مجاز، بلا شعر، بسيطة كنظرية فزيائية معقدة.
الساعة 05: 05
أذان صلاة الفجر، هل تستطيع الصلاة إعادتها؟ أخاف أن أفزع السماء، لكنني سأحاول، الله أكبر...
الساعة 06:00
عاد إلى كفره، لم يكن يتوفر على صبر أيوب لينتظر الصلاة تصل إلى السماء. منذ مدة ليست بالقصيرة هجر الايمان، رضي أن يحترق وحيدا بكفره...

الساعة 06:30
كومة أعقاب السجائر تورمت في المنفضة، جبل طللي يصرح ضمنيا أن مدينة من دخان استهلكت في ليلة. قام إلى المطبخ استبدلها بأخرى فارغة، وتمنى لو كان القلب كما المنفضة يستبدل كلما امتلأ.
الساعة 07:00
بدأت الكائنات تتحرك نحو يوم جديد بينما لازال العاشق يموت داخل نفسه، يشعر أنه يفقده، يخرج منه مع خروجها بدون أثر. استيقظ النهاريون وعاد الليليون إلى أسرتهم، بينما بقي هو عالقا يحاول أن يتموقع في مكان يقيه عواصف العواطف.
الساعة 07:30
غريب أمره، بالرغم من كل الثعب لم يشعر بأية ذرة نوم، سنوات عجاف من العزوف عن النوم تنتظره الى حين رحيل خيالها. كم يكفي من الشعر والخمر حتى ينسى نبيذ الفاه وتأوهات الحب؟
شعر بشيء يتحرك داخل جيبه، انه الهاتف، توقع أن يكون البنك يذكره بدفه فواتيره الشهرية. رسالة نصية أخرى تتحرك داخل جيبه.
فتح الهاتف، دخل إلى علبة الرسائل، دق قلبه عندما شاهد الاسم الذي أمضى الليل يرثيه:
«أعتذر يا حبيبي، لقد نمت، والهاتف فرغ من الشحن...»
ابتسم، وقال لآخره الشخصي:
«ملعون الحب في زمن التكنولوجيا» ...



#عبد_الجليل_ولد_حموية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- با عروب...رجل من زمن غابر
- ماذا كنا نريد من عصيد وأوريد؟
- على هامش حملة المقاطعة...عندما تتأبط النعامة قلما
- ميت مع وقف التنفيذ
- حداثية إلى أن يأتي عريس


المزيد.....




- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجليل ولد حموية - الحب في زمن التكنولوجيا