أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخرية صالح - شهادة ووثيقة














المزيد.....

شهادة ووثيقة


فخرية صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


أيامٌ طويلة
لا أعرفُ منذ متى
تمزِّقُ ذاكرتي ورقة أُخرى ، تفاصيلها أمام عيني ـ
ورقة ٌ تستحضر الماضي؛
على يسارها من جهة القلب صورة الشباب الذي ودعني منذ زمن بعيد
فيها خطوط عمودية لأسماءِالدروس التي تعلمت بعضها
وحفظتُ بعضها الآخر عن ظهر قلبْ
وبعضها الأقل لم أتعلمه ولم أحفظه وكنت أكرهها.
في أسفل الورقةِ ختمان وتوقيعان
وصورة طابع ٍ لأسد بابل قيمته خمسون فلساً
وتاريخ ٌ نصه 1968

افتشُ عن هذه الوريقة في أضابيري المرتبة منذ ربع قرن على الطريقة الالمانية
بدقة ٍ وهدوء ،
أحافظ على تسلسلها وأناقة ترتيبها .
غسلتُ يدي ومسحتُ الطاولة من آثار الغبار والهواء،
لا أترك بصمات أصابعي عليها،
أورقّها كمن يورِّق كتاباً مقدساً.

أديتُ كل الطقوس الواجبةِ للإبحار في الماضي

أرغمتُ نفسي منذ سنين أن لا أنبشَ في الماضي
ولكني الآن مجبرة عليه؛
إنها مؤسسة التقاعد التي تطلب مني شهادات ووثائقَ مُصدّقة
لتضعني في دُرج ٍ من أدراجها المعدة للبشر.
أتلمسُ الإضبارة الثقيلة والمتخمة حد الانفجار،
هل افتحها؟
أخاف فتحها
يجب أن أفتحها
هم يطلبونها مني وإلاّ ..
علي أن أجد الورقة، أن أنكأ الجرح القديم .

أفتحُ الشباكَ
أتنفس عميقاً
وأزفر الهواءَ من داخلي ببطء شديد
هكذا علمتني طبيبتي.
تنفستُ عميقاً وأرخيتُ عضلات جسمي.
تنفست عميقاً وأرخيت كل عضلات جسمي وأغمضت عيني.
أغلقتُ كل ثغرة للحزن ِ في ذاكرتي.
تنفستُ عميقاً ، أرخيتُ كل عضلات جسمي، وأغمضت عيني
طردتُ الأفكارَ التي تشوّشُ ذهني ليلَ نهار، وحاولت التركيز.

حاولت التركيز على الهواء البارد الذي يدخل رئتي
ويسري كغدير ماءٍ ربيعي ليصلَ حتى أخمص القد مين
ذهبتْ طفولتي تسري بمرح ٍ في أخاديد جسدي مع الشهيق والزفير
لعبتُ مع الهواء الربيعي صعوداً ونزولاً:
مرةً
ومرتين
وثلاث مرات
وخمس،
وفي غفلة مني
تسمرتْ الورقة ُ أمامَ عينيّ مُخبّـئة ً ورائها الماضي :
مدرسة الحيدرية
متوسطة الرصافة
الإعدادية المركزية
الجامعة المستنصرية المسائية
امي و اهلي ورعبهم اليومي
ساعة القشلة
بغداد
بيروت
حيث قبر ابنتي
وعادل وصفي وأصدقائي الاخرين
وبيت الشاعر في بيروت
برلين عاصمة جمهورية المانيا الديمقراطية
برلين عاصمة المانيا الاتحادية
بغداد تتحرر
وبغداد تذبحُ كل لحظة ومنذ الازل.
هكذا عاد الطوفان ليكتسح أمامه كل شيء.
ثمّ عدت أدفن رأسي من جديد تحت الوسادة
أنوح بصمتٍ.
وتركت ، ربما للمرة العشرين ،
البحث عن شهادة تثبتُ أنني من البشر
وتمنحُ ما تبقى من العمر ِ بعض بقايا الفتات .

برلين



#فخرية_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا كان هـــــذا هو الإسلام فأعـــــــلن بـــــــــراء تي من ...
- ولادة
- المحارق النازية للكتب ايريش كستنر : نموذجا موقف وقصائد
- لكي لاننسى من هم القتلة ، المقابر الجماعية تحذير
- صناديق الاقتراع كانت مكة العراقيات والعراقيين يوم الاحد التا ...
- لماذا لا انتخب قائمتك( 24 ) ساعة قبل الانتخابات فرصة للتفكير
- اين الناشطات من اجل حقوق المرأة؟ الانتخابات العراقية


المزيد.....




- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخرية صالح - شهادة ووثيقة