أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كادي حكمت - رواية الخائفون لديما ونوس: حين يصير الخوف أسلوب حياة!














المزيد.....

رواية الخائفون لديما ونوس: حين يصير الخوف أسلوب حياة!


كادي حكمت

الحوار المتمدن-العدد: 6387 - 2019 / 10 / 22 - 20:46
المحور: الادب والفن
    


في عيادةِ " كميل " حيثُ الجميعُ يبحثونَ عن طوقِ النجاةِ والقشةِ التي سيتعلقونَ بها خشيةَ الغرقِ في خوفهم وهلعهم وقلقهم ، تبدأُ " سليمى " سردَ الحكايةِ . وفي المكانِ ذاتهِ تتعرفُ على " نسيم " الشابُ ذو العضلاتِ المفتولةِ والعظامِ البارزةِ - كما تصفهُ - والذي لا يقلُ حاجةً للعلاجِ عنها وعن الآخرين . العيادةُ لم تكنْ قبل 2011 مكتظةً كما هي الآنَ - كما تُخبرنا الروايةُ - إنما زادَ عددُ المرضى وتضاعفَ ، فصارَ البعضُ يضطرُ للجلوسِ على الدَّرجِ وأحياناً ، الوقوفَ إلى أنْ يحينَ دورهُ . حتى " كميل " - الطبيبُ النفسي - نفسهُ صارَ أكثرَ تعباً وقلقاً .
" أنظرُ إلى كميلَ ، فألمحُ التعبَ محفوراً على تجاعيدِ وجههِ ، وأقولُ في سري إنّهُ للمرةِ الأولى في حياتهِ يعيشُ معنا ، نحنُ الخائفون المهلوجون والممزقون ، وحدةُ حالٍ ! باتَ مثلنا ! يعاني ما نعانيهِ ، يخافُ مِنْ القذائفِ ومِنْ الموتِ ..."
تحكي روايةُ ( الخائفون ) حكايةَ الأنظمةِ التي تزرعُ الخوفَ وترويهِ وتغذيهِ وتعززهُ وتتاجرُ بهِ وتراهنُ على فاعليتهِ في استمرارها وبقائها وإحكامِ سيطرتها على شعوبِها . تلكَ الشعوبُ التي تزرحُ تحتَ وطأَةِ الاستبدادِ والقمعِ " والخوفِ من الخوفِ " في بلدانٍ ، قد يؤدي فيها الحديثُ عن الحريةِ أو التفكيرِ بنقدِ النظامِ إلى عواقبَ وخيمةٍ قد تنتهي إلى معتقلاتٍ مرعبةٍ ، تفتقرُ لأدنى حدودِ الإحترامِ لحقوقِ الحيوانِ .
" اعتقلوا نسيمَ ...جرجروهُ إلى فرعِ ( الموت والجنون ) . أَمضى فيهِ نسيمُ مع تسعين معتقلاً أخرين . كانَ مِنْ المستحيلِ رفعَ الأيدي إلى الأعلى لشدةِ التصاقهم بعضهم ببعضٍ ."
لا ينحصرُ العنفُ في دولةِ الديكتاتورِ بالشكلِّ العمودي التقليدي ؛ أَي من صاحبِ السُّلطةِ نزولاً إِلى المحكومِ فحسب ، بل يأخذُ - حينَ تِعمُّ الفوضى - شكلهُ الأُفقي أيضاً ، فالشعبُ أو المحكومُ عنيفٌ ضدَّ نفسهِ ." كتبتْ ابنةُ عمتي رسالةً تقولُ لي : " لا أتمنى أنْ يقتلوا أُمكِ السُنية ، بل أتمنى أنْ يغتصبوكِ أَمامَ عينيها ويذبحوكِ ، لتعيشَ حياتها مُعذبةً . " تُؤجَجُ أسبابُ الفتنِ في وقتِ الحربِ وتسهلُ إحكامَ السيطرةِ واستمرارُ السيادةِ والبقاءِ . إنّها الشعوبُ التي يظنُ أفرادهُا أَنهم بوعي أو دونَ وعي يعملونَ لمصلحةِ سيفِ الديكتاتورِ المُسلطِّ على أَعناقهم جميعاً .
زمنياً تمتدُ الروايةُ على مدى خمسةٍ وعشرينَ عاماً ؛ منذُ طفولةِ الكاتبةِ ( من خلالِ الفلاش باك ) حتى مرحلةِ ما بعدَّ الثورةِ السوريةِ وهجرةِ السوريين القسريةِ واللجوءِ إلى لبنانَ ودولِ الجوارِ والعالمِ .
أَمّا مكانياً ؛ فهيَ مقسمةٌ بينَ حماةَ ودمشقَ ولبنانَ ، حيثُ استقرتْ ونوسُ ، وصارتْ تعودُ بزياراتٍ قليلةٍ إلى دمشقَ بعدَّ الثورةِ . أمّا عنْ الحِبكةِ فيبدو كلَّ ما يتعلقُ بها من أَحداثٍ ، ضبابياً ومفككاً وبلا تسلسلٍ مقنعٍ أو واضحٍ ، فالقارئُ يضيعُ بينَ ما هو حقيقيٌ وما هو خيالٌ وهلوساتٌ وأحلامٌ ، يبتعدُ بذلكَ بلا وعي عن الأحداثِ والاندماجِ معها . وكأنها روايةٌ تحكي قصةَ الخوفِ والقلقِ والاضطرابِ الذي يتطورُ ليصلَ حدوداً أَقربُ للجنونِ والمرضِ النفسي منها لأَي شيءٍ آخر .
فالبطلةُ تسيطرُ على نوباتِ الهَلعِ التي تُصيبها من خلالِ " الزانكس " ونسيمٌ يصفعُ خديهِ دونَ رحمةٍ بعدَ أنْ فقدَ أُمهُ وأخواتهُ بعدَ قصفِ منزلهم ، وأُمُّ البطلةِ تمضي وقتها بالتحديقِ في الصفحةِ ( 24 ) بعدَ أنْ اختفى فؤادٌ ابنها .
قد يشفعُ للكاتبةِ أحياناً ، غرقُ المنطقةِ العربيةِ ( سوريا خصوصاً ) بالصراعِ الطائفي وبالواقعِ ، ومِن البديهي أنَّ الكاتبَ الحقيقي هو ابنُ واقعهِ ومُجسِّدهِ في أعمالهِ ، ولكنْ أن يلمسَ القارئُ بالمقابلِ تعصبَ وطائفيةَ الكاتبِ هو ما سبجعلنا نأَخذُ على روايةٍ مأخذنا . فمهمةُ الكاتبِ والمثقفِ التي قدْ لا يختلفُ عليها اثنانِ منا ، هي الدعوةُ للمحبةِ والسلامِ والتسامحِ والرحمةِ ، لا الدعوةُ إلى التعصبِ وردِّ العنفِ بمثلهِ ، إنَّ الخطابَ الإنسانيَ العقلانيَ هو الخطابُ المطلوبُ والمرغوبُ والأهم .
لعلَّ هذا المأخذُ سيجعلنا نتوقفُ طويلاً لنفكرَ ما الذي جعلَ روايةً ترسخُ الفكرَ الطائفي ، وتنتصرُ للعداءِ والكراهيةِ وهي واحدةٌ من رواياتِ القائمةِ الطويلةِ للبوكر ؟!
أما ما يحسبُ لونوس في هذهِ الروايةِ فهي لغتها الجيدةُ المحملةُ بصدقِ المعاناةِ على المستوى الخاصِ والعامِ . إضافةً إلى تجنبها وصفَ المَشاهدِ العنيفةِ ، ولعلَّ ذلكَ شعوراً وتعاطفاً منها مع القارئ العربي ، الذي يحيطُ العنفَ من كلِّ ناحيةٍ . أو لعلها كانتْ أذكى من أنْ تقعَ في فخِ الانشغالِ بوصفِ تلكَ المشاهدِ ثمَّ الإخفاقَ في إيصالِ الصورةِ الحقيقةِ لمعاناةِ الشعبِ وضحايا الصراعِ وفظاعةِ المعتقلاتِ . في النهايةِ ؛ العنفُ ليسَ موضوعُ روايةِ ونوس ، بل ما نتجَ عنهُ من خوفٍ تأصلَ في نفسِ الشعبِ السوري ، كرمزٍ للشعوبِ القابعةِ تحتَ حكمِ الديكتاتورِ على مدى عصورٍ وسنواتٍ طويلةٍ ...



#كادي_حكمت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أعود إلى المنزل!
- عام جديد
- جهاد
- رواية ظل الأفعى ليوسف زيدان : الأنثى من القداسة إلى الدناسة


المزيد.....




- عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب ...
- عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
- فريق بايدن استعان بخبرات سينمائية لإخفاء زلاته.. وسبيلبرغ شا ...
- معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
- منح المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف وسام جوقة الشرف الفرنسي ...
- بعد 14 عاما...أنجلينا جولي تعود -شقراء- إلى مهرجان كان السين ...
- اكتشاف سر نشأة اللغة لدى أسلاف البشر
- مهرجان عامل.. محاولة لاستعادة الحياة في كفررمان جنوب لبنان
- مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة... فضاء للتجديد الروحي ...
- زوجات الفنانين العرب يفرضن حضورهن في عالم الموضة


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كادي حكمت - رواية الخائفون لديما ونوس: حين يصير الخوف أسلوب حياة!