أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم جعفر - الحصان اﻷصيل لا ينحني














المزيد.....

الحصان اﻷصيل لا ينحني


حاتم جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 03:07
المحور: الادب والفن
    


يحكى أنَّ هناك رجلا تجاوز العقد الخامس من العمر، يتخذ من الدواب وعلى مختلف أنواعها تجارة له. وﻷنه يحسن التعامل فقد وصلت سمعته بقاعاً بعيدة عن قريته، فبدأ الناس يتقاطرون عليه من كل حدب وصوب. في يوم ما وصله نذير بضرورة السفر الى سمرقد لعقد صفقة قد تكون اﻷكبر في سجل عمله، فما كان عليه الاّ أن يحزم أمتعته ويمتطي راحلته ومع بزوغ أولى ساعات الفجر، ليلتحق بإحدى القوافل المتجهة الى هناك، فالطرق الغريبة حافلة بالمصاعب والسير جماعة لهو حلٌ ينجي صاحبه من منغصات وعثرات السفر.
وﻷن ما يمتلكه من المزارع والحضائر ما لا قدرة ﻷهل بيته على إدارتها ومتابعتها، فقد أوصى عامله والذي لا زال حديث عهد بالمهنة بأن يرعى حلاله وماله، فكان له ما أراد، لا سيما وان الرحلة قد تطول لبضعة أشهر. في يوم قائض جائه أحدهم، سائلا عن فرس أصيل فاحتار العامل له جوابا، فلم يكن سيده قد علَّمه بعد بعض مفاتيح المهنة مما إضطره للإعتذار، غير انه في اليوم الثاني وبما انه مؤتمن على ما أودع ووُضعَ تحت تصرفه، فقد قرر البحث عما يساعده في فرز ومعرفة الخيول اﻷصيلة من الهجينة.
وعملا بنصيحة أحدهم وبعد غروب الشمس، تجده متجها نحو إحدى القرى، باحثا عمَّن له دراية بأمر كهذا الاّ انه لم يعثر على ضالته فعاد بخفي حنين. في الأسبوع الذي تلاه قيل له أن خلفَ إحدى الروابي التي تبعد من هنا مشي ليلة واحدة بإتجاه الشرق، ستجد ما يعينك على أمرك، فشدَّ الرجل رحاله ليصل فجرا وكان وقع المفاجئة صادما، فنصف دواب تلك القرية وجدها نافقة، فقال في سرّه: لا أظنني سأصل مبتغاي. فما كان منه الاّ أن يعود أدراجه ومن غير أن ينزل من دابته أو يسرجها، كعادة القادمين من مسافات نائية.
بينما هو جالس في بيته لمع في ذاكرته حديثا كان قد سمعه من أبيه يوم كان صغيراً: يقولون ان هناك شيخاً، يسكن في مكان ليس ببعيد عنّا، لديه من الخبرة ما تعينه على تمييز الفرس اﻷصيل من الهجين. فما كان من الرجل الاّ التوجه صوب المكان الذي عرِفَ أين يقع. في الطريق وإذا بالشمس والمطر يجتمعان. إنه فأل حسن، قال هامساً.
قُلْ وصل غايته وأسرج دابته، وإذا بمضافة واسعة اﻷبعاد، أنيقة المظهر، تعجٌ من حولها بمجاميع متنوعة من الخيول، تتراقص على إيقاع ضربات سنابكها، رشيقة في حركاتها، مغرورة بغررها، يتطاير شعرها يمينا وشمالا وبألوان زاهية، مُبهرة. أشار أحدهم عليه من بعيد مرحباً. دخل المضافة، سأل عن الشيخ العجوز، قيل له قد توفى قبل سنين، الا انه وضع أسراره الى ولده اﻷكبر وها أنت في ضيافته، شَرِبَ القهوة بعد أن طمأنه مضيفه بتلبية رغبته، ثم تلاها بفنجان ثانٍ. تبادلا اﻷحاديث حتى وصلا الى ما يبتغيه الضيف من طلب، فردَّ عليه مضيفه بأن ما جئت من أجله لهو سهل المنال، فما عليك الاّ إتباع قاعدة واحدة فحسب، وراح مصغيا حتى حفظها عن ظهر قلب.
عاد الرجل المؤتمن على مال سيده الى قريته. بدأ بتنفيذ ما اقترحه إبن الشيخ العجوز من وصايا لمعرفة خيوله اﻷصيلة من الهجينة، فلبضعة أيام حرمَ خيوله من اﻷكل والشرب حتى ظهرت عليها علامات الوهن. بعد أن إطمأن على تحقيق الخطوة اﻷولى وأتت أكلها إنتقل الى الخطوة الثانية واﻷخيرة، حيث قام بجمع الخيول وسوقها الى إسطبلاتها، بعد أن هيأ لها أشهى الأكلات وأطيبها، وراح يتطلع من بعيد الى خيوله، وإذا بقسم منها أبت التقرب من تلك الموائد، بل حتى راحت تدير برقبتها وكل جسدها بعيدا، في دلالة على ما تحمله من عزة نفس،كذلك جاء تصرفها بمثابة ردة فعل على تصرف عامل الخيل إتجاها حين جوَّعها عن عمدٍ. عند هذه اللحظة أستطاع الرجل تمييز الخيول اﻷصيلة من الهجينة.
فيا سيد عادل عبدالمهدي، عليك أن تعرف بل أظنك تعرف بأن شبابنا المنتفضين في ساحات العراق كلها خيول أصيلة وفيها من الكرامة ما يرفع أجبننا عاليا، وسوف لن تنفع معها كل ما تحاولون تقديمه من مغريات ورشى، من أجل ثني إراداتهم ووقفتهم الباسلة، بل هم على العهد باقون، صامدون، ثابتون والشعب كل الشعب من ورائهم.
هل وصلت الرسالة؟



#حاتم_جعفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (كان هناك) بين العرض والتأويل.
- النعماني رياض في مقامه الفيروزي
- السيكَار وأشياء أخرى
- في مقام السيدة
- الإنشقاق الكبير وتداعياته
- حبيبته سلمى
- آه يانهر خريسان
- أبو جورج ياسيدي
- حكمة الطير
- عود على بدأ
- حميد محسن: سلاما على روحك الطاهرة
- رسالة من على بوابة السجن
- هاشم القريشي وليلة الحلم اﻷخيرة
- مقهى الشبيبة… هل تذكرون؟
- مسعود، أصغر أخوته
- وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (قرآن كريم)
- جليل حيدر .... ترنيمة بغدادية
- سفرة إفتراضية لزمان ومكان قضيا قصراً
- على هامش المقابلة الدكتور رائد فهمي والقناة العراقية
- آذر نفيسي ...... ما لها وما عليها


المزيد.....




- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...
- المغرب: الحفاظ على التراث الحرفي وتعزيز الهوية الثقافية المغ ...
- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم جعفر - الحصان اﻷصيل لا ينحني