أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهدي العبيدي - تأملات عربي واهم















المزيد.....

تأملات عربي واهم


محمد مهدي العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6357 - 2019 / 9 / 21 - 12:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا أعيش في عالم ثاني، عالم وهمي مليء بالتخيلات والتهيؤات. عالم لم يحصل في الواقع وربما لن يحصل مطلقا، لكنني مستمتع بهذا الوهم جدا، وامضي ساعات وساعات أمارس الجنس مع أحلام اليقظة، وأنهل من رحيقها ومفاتنها بشبق، ولا أمِلُّ.

احلم ان الأوطان بأحسن حال، وان البنات والبنون والأموال كلهم ينعمون براحة البال، يا حبيبي يابو العيال. احلم ان العرب لم ينقسموا، ولم ينهزموا، ولم ينكسروا ولم ينفطروا. احلم ان مصر، أم الدنيا، تجيء بنظام عادل، غير اخواني وغير عسكري وغير مسيحي وغير وإسلامي وإنما نظام مدني يعامل الجميع باحترام ووئام ومحبة وسلام. ثم أصحو من الحلم للحظة لأعود لهذا الواقع المرير وانعدام فرصة وجود ديمقراطية تعطي للفرد حق الاستقلالية بالقرار والتفكير وعدم الانجرار مع القطيع، ثم شيئًا فشيئًا، انجر أنا مجددًا إلى حلم اسمر اخر ذو عيون كحيلة وأذرع عنبر، وشفاه مملوءة بعسل وسكر. لكني اعلم، فأنا إنسان عاقل وغير واهم كما اسلفت أعلاه. لأني أؤمن بالعقل والمنطق، ان البلدان العربية بحاجة دائمة إلى دكتاتورًا.

لم يأتي في تاريخ الدول العربية من تأسيسها إلى الان حكومة إسلامية تحكم بشرع الأولين - الا في بعض الحالات كالسودان ولكن المؤسسات فيها كانت مدنية لحد ما ولو ان التوجهات إسلامية، وعلى أي حال لم تقدم الحكومة الإسلامية في السودان ما يخدم السودان ولم يقدم دكاتير (على ما يبدوا ان هذا هو جمع دكتاتور) العرب إسلاميين كانوا أم ملوك وأمراء أو قادة عسكريين اي حكم عادل، فمصر منذ زمن الخديوي إلى الان ترزح تحت الظلم بكل حكوماتها السابقة واللاحقة، والسعودية محكومة من قبل عائلة مالكة تتوارث الحكم بدون اي حق، والعراق منذ تأسيسه في زمن الملكية التي لو ظلت لحكمت حكم عائلي مثل العائلة السعودية، كما وإن حكومات العراق المتلاحقة لم تنهض بواقع العراقي بحق وحتى عندما سنحت الفرصة للعراق بالتقدم والتمدن فقد تحزب نحو القومية العربية ومعاداة الأمم الغير عربية ومن ثم الانزلاق في النزاع العربي العربي.

أما الإمارات وقطر والبحرين والكويت فحكم قبيلة أو قبائل متحالفة تتوارث الزعامة عن طريق التكاثر الجنسي، وكذلك الحال لعُمان والأردن والمغرب، كلهم عبارة عن عوائل محددة ومتجذرة في السلطة منذ سقوط العثمانيين، فمن غير الممكن ان تصبح ملكًا على السعودية ومن غير الممكن ان تصبح شيخا في الإمارات أو امير في الكويت أو البحرين أو سلطان في عُمان أو ملكًا في المغرب. يعني مستحيل حتى ان تحلم بذلك ولكن هناك من هو من نفس بلدك ونفس جنسك يتمتع بما لا تستطيع ان تحلم به أنت ولا أنا وبدون أي منافسة عادلة بيننا وبينه، وبدون اي مسابقة تعطي حقنا باستعراض افكارنا وتوجهاتنا في إدارة البلد مقارنة بفكر الأمير وتوجهاته، فالأمير امير وسيبقى دائما اميرا، "فلماذا كل هذا يا ملاذا لم يجد في ساعة الوجد ملاذًا"؟

ولكن الحق يقال ان بسط الأمن وإدارة البلدان عن طريق الملكية أو الإمارة اكثر اتزانًا من الحكم الديمقراطي المستند إلى الأغلبية. فالحكم الملكي والاميري والسلطاني اثبت بشكل نسبي انه قابل لمواكبة التطور المدني الحاصل في الدولة المتقدمة، لا وبل قدم نموذجا في الذهاب ابعد من ذلك والتغلب على الدول المتقدمة كما هو الحال في الإمارات مثلا. إذًا فالعربي بحاجة إلى دكتاتور، هل هذا صحيح ومعقول؟ هل سيفلت منا منطق العقل إذا تبارينا بالأفكار والسياسيات والتوجهات الإدارية عن طريق بالحوار والمنافسة وطالبنا بفرصة إدارة البلاد؟

طيب ماذا عن الدكتاتورية العسكرية؟ لماذا لم تنجح؟ لماذا لم ينجح نظام جمال عبد الناصر وهو نظام قومي عسكري وعلماني إلى حد ما؟ وما بعده من نظام السادات ومبارك والسيسي؟ لماذا لم ينجح نظام علي عبد الله صالح الذي توفرت له الفرصة بحكم البلاد لمدة ثلاثين سنة؟ ماذا عن الحبيب بورقيبة؟ ولماذا لم ينجح النظام العلماني لزين العابدين بن علي في تونس وهو الذي استفرد بالحكم لمدة ثلاثين أو عشرين سنة لا اذكر بالضبط لأنني شببت وهو حاكما لتونس؟ لماذا ثار الشعب ضده؟ لماذا لم تهنأ سوريا بفترة عيش كريم ومحترم وهي التي حكمت بأنظمة علمانية عسكرية دكتاتورية منذ استقلالها من الانتداب؟ لماذا لم يقدم القذافي الدكتاتور العلماني العسكري لليبيا التقدم والازدهار؟ لماذا يم يقدم بوتفليقه وجبهة التحرير الوطني للجزائر العيش الكريم والتنوع والعدالة الاجتماعية وفضل التفرد بالسلطة عن طريق حاكم واحد لمدة عشرين سنة؟

لماذا لا نستطيع الحصول على دكتاتورًا لمدة عشر سنوات مثلا، يتفرد في السلطة ويتحكم بها ويقود إدارة البلاد ثم بكل سلمية حتى لو كانت بمرارة يسلم السلطة لشخص اخر؟ قد يكون من نفس الحزب ولكن على الأقل شخص اخر.

كل الحكومات في البلدان العربية منذ نشأتها عند انفصالها عن "الخلافة" العثمانية إلى الان تأتي عن طريق الثورات والانقلابات حيث يقوم الثائر العادل بانتزاع الحكم قسرا من قبل حاكم جائر ليتحول الثائر نفسه إلى حاكم جائر بعد حين. الا في حالة سوار الذهب واني شخصيا اعتقد انه شخصية تستحق الدراسة والتعمق مع ثقتي أيضا انه حالة فردية غير قابلة للتكاثر.

الدكتاتورية القبلية أو الملكية الحاكمة (وليس الملكية الرمزية كما هو الحال في بريطانيا فالملكة ليس لها سلطة تنفيذية فعلية)، إذن فالملكية الحاكمة ونظام الأمارة التي عادة ما تتفرد به عائلة واحدة يكون فيها الذكور خصبين جدًا ونشطين جنسيا للتكاثر وتوارث الحكم، لماذا تَقدمَ هذا النوع وتأخر الحكم الدكتاتوري العسكري؟ كلا الحكومتين متفردتان بالسلطة؟ هل نحن حقًا لا يمكن ان نُحْكَم الا من قبل نظام دكتاتوري طويل الأمد كما هو الحال في السعودية والإمارات وقطر الخ؟ هؤلاء دول غنية؟ طيب ماذا في ذلك؟ دول شرق أوروبا دول فقيرة الموارد ولكنها ديمقراطية أإلى حد ما وتؤمن بالتداول السلمي للسلطة ولكن يوجد بعض الاستثناءات والتي هي شبيهة الحال في البلدان العربية.

طيب فعليًا وحرفيًا تم تداول السلطة في عراق ما بعد صدام حسين (وهذا بحد ذاته أتى عن طريق احتلال وموافقة شعبية نوعا بزوال النظام البعثي وإلا لكان الحال كما هو في اي نظام دكتاتوري عسكري فصدام لا يختلف عن الأسد أو السادات أو مبارك أو بوتفليقة كلهم أتوا عن طريق الانقلابات العسكرية أو اغتيالات أو للتخلص من دكتاتورا ثم أصبحوا هم أنفسهم دكاتير (جمع دكتاتور) وتفردوا بالسلطة لسنين طويلة عجاف

فالعراق إلى حد ما توفرت له الفرصة للديمقراطية ومن دون شك ان الأمريكان بقصد أم بدون قصد لم يوفروا البيئة الملائمة والبنية الصحيحة للديمقراطية وان حاولوا فقد فشلوا بالفعل. ولكن ماذا عن العراقيين أنفسهم؟ لماذا هذا التشتت والتحزب؟ سنحت للعراقيين اكثر من فرصة لانتخاب المدني والعلماني الذي من المحتمل حسب التجربة الغربية التي يحلم كل عربي العيش بظلالها حيث لا ظل الا ظلها في الوقت الحالي، لكن العراقيون اختاروا التحزب للطائفة أو القومية، ولو ان هناك البعض القليل الذين دعموا المدنية وفي كل الأحوال كان تمثيل المدنيين تمثيلًا خجولًا جدا يدل ويؤكد ان للغالبية المُنتَخِبة اختارت التمييز الطائفي أو القومي بدون اي معيار حقيقي للتوجهات الفكرية والخبرة في إدارة بلدان ومؤسسات، فمعظم الشيعة انتخبوا شيعة ومعظم السنة انتخبوا سنة والأكراد لكرديتهم (ولهذا موضوع منفصل)، وفعليا تم انتقال السلطة عن طريق الانتخابات وتم تسليم الحكم بالفعل من شخص إلى شخص اخر ولكن الطائفة هي التي حكمت. أين الخلل؟

لماذا لبنان ومنذ انتهاء الحرب الأهلية وتعرض عليه الفرصة تلو الأخرى لانتخاب المدني العلماني ولكن صوت اللبناني بأغلب الأحوال يذهب للطائفة؟ ويتوارث الابن قيادة الحكومة عن ابيه الذي لو لم يمت لتفرد بالحكم لفترة طويلة أيضًا وما ابنه الا شبيهًا له، تقابله سيطرة عسكرية من قبل قائد ديني يهيمن على مفاصل الدولة من عشرين سنة. وما حال المسيحين بأحسن حال حيث لا يزال أمراء الأحزاب المسيحية التي اشتركت في الحرب الأهلية يفرضون سطوتهم على مناطقهم ومنهم من ورّث دكتاتوريته إلى ابنائه.

تونس؟ هل هي بارقة الأمل الوحيد وبصيصه حاليا؟ محتمل، فقد قطعت تونس شوطا مهما في ترسيخ المساواة بين الرجل والمرأة وفي الحقوق المدنية بشكل عام، وقد تكون نموذجا مشرقا في الاستفادة من منافع التجارب الأوربية والنأي عن مساوئها القليلة، والاحتفاظ بالتاريخ العربي مع البربري كتراث شعبي، وسط حكومات تنتهج وتطبق العدالة الاجتماعية المدنية من دون تأثير الدين أو المذهب أو القومية.

هل تسمح الفرصة للشعب المصري ان يزيل السيسي ويقدم انتخابات ديمقراطية عادلة توفر للشعب المصري حرية الاختيار؟ ولكن التاريخ القريب جدا يبرهن لنا ان هذه الفرصة قد سُمِحَت بالفعل وقد اختار الشعب المصري بالغالبية حزبًا إسلاميًا انحدر بالبلاد نحو الهاوية ديمقراطيا؟ أين الخلل؟



#محمد_مهدي_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهدي العبيدي - تأملات عربي واهم