هل وصل التغيير الى إسرائيل أخيرا؟

عبد العالي الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 6356 - 2019 / 9 / 20 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    

قبل خمس سنوات ، دعم الرئيس أوباما حشدا من الشخصيات المتقاعدة من العسكرية الإسرائيلية يدعون الى تبني سياسة سلام إقليمية. وأدى ذلك إلى تأسيس تنظيم "قادة من أجل أمن إسرائيل"« Commanders for Israel’s Security » .
كما دعم تحالفا من الأحزاب العربية الإسرائيلية يدعو إلى تعزيز "حل الدولتين".
هذه الإستراتيجية فشلت في الانتخابات البرلمانية لعام 2015 ، حيث فار زعيم الليكود بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu المدعون أنذلك من قبل صحيفة "إسرائيل هايوم Israël Hayom" ، اليومية المجانية والمملوكة صاحب "الكازينوهات" الأمريكي شيلدون أدلسون Sheldon Adelson، والتي قادت حملة شرسة مساندة لنتنياهو تحت شعار "التدمير الوشيك لإسرائيل".... في النهاية ، حصل تحالف بنيامين نتنياهو على الأغلبية في الكنيست.
خلال السنوات الأربع اللاحقة ، ضاعف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من التصريحات المحرضة ضد "خطر حماس وحزب الله وإيران" متجنبا في ذات الوقت الدخول في أي مواجهة مع حزب الله او ايران والتركيز على توجيه ضربات خاطفة قدر الإمكان لحماس. لذلك بدأ الناخبون في التشكيك في حقيقة وجدية هذا التهديد.
استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان Avigdor Lieberman ، الذي رفض شروط وقف إطلاق النار مع حماس ، تسببت في انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أبريل 2019... نذكر ان من بين مستجدات هذه الانتخابات أن رئيس الأركان السابق بيني غانتز Benny Gantz سيؤسس حزبًا بمؤازرة اثنين من الشخصيات العلمانية واثنين آخرين من رؤساء الأركان السابقة. الحزب سيقوم على فكرة أساسية مفادها ترسيخ الديمقراطية والحفاظ على المكاسب الإسرائيلية والدعوة للتفاوض مع الفلسطينيين دون أي طمس الهوية اليهودية للبلاد.... هذا الموقف الغامض لم يسمح لهذه الفكرة وهذا الحزب بالانتصار على نتنياهو. لكن، بنيامين نتنياهو بدوره لم ينجح في تشكيل حكومة جديدة.
بل وبشكل مفاجئ وجدنا أفيغدور ليبرمان يدين اللبس القانوني الذي استغله رئيس الوزراء (نتنياهو) للحفاظ على تحالفه مع الأحزاب الدينية!!!...
ثم سيطفو على الساحة نقاش حاد بدأ بموضوع الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب يشيفاس yeshivas، ليمتد لاحقا الى سلسلة من الموضوعات الأخرى بما في ذلك الأنشطة المحظورة في السبت.
ذلك، ما أدى الى إجراء انتخابات (سابقة لأوانها) جديدة في سبتمبر 2019... هذه المرة سنرى عودة رئيس الوزراء السابق إيهود باراك Ehud Barakإلى السياسة لمحاربة ما سماه "بالفصل او الميز العنصري" apartheid... كما تمت إعادة تشكيل القائمة العربية الموحدة لعام 2015 لتشمل جميع الأحزاب العربية من الشيوعيين إلى الإسلاميين.
بسبب العطلة الصيفية ، لم تستمر الحملة الانتخابية إلا أسبوعين فقط. تمكن خلالهما ليبرمان من فرض موضوع "علمانية الدولة"... في المقابل نرى أن نتنياهو اعتبر الانتخابات نوعا من الاستفتاء على شخصه...
وبذلك وفي نوع من التشابه مع الانتخابات العربية وحال الانتخابات الفرنسية الأخيرة لم يتم مناقشة القضايا الدبلوماسية والعسكرية بالشكل المطلوب... وفي محاولة استدراكية أعلن مرشح الليكود بنيامين نتنياهو فجأة عن نيته في ضم مناطق معينة من الضفة الغربية ، ثم أصر على اثارة إمكانية اجراء معاهدة محتملة للتحالف العسكري مع الولايات المتحدة.... ولم يكف خلال الأيام الأخيرة من عمر الحملة الانتخابية، بل ويوم الانتخابات نفسه في خرق واضح للقانون، عن طلب المساعدة و هذه المرة ضد احتمال دخول العرب الإسرائيليين إلى الحكومة إلى جانب بني غانتس Benny Gantz.
لكنه هذه المرة سيخسر الانتخابات!!!! وسنسمع هنا وهناك تعاليق وأحاديث واسعة عن القضايا التي تنظر فيها المحكمة والمتعلقة بأسرة نتنياهو (نشير انها قضايا سابقة للانتخابات ويؤكد كل المتتبعون أن تأثيرها كان باهتا إبان الحملة الانتخابية).
وفقًا للنتائج الأولية ، لا يمكن تشكيل أي تحالف أغلبية ، إلا إذا ما خان أحد التشكيلات/الأحزاب التزاماته الانتخابية: نتائج اللاتوافق واللا أغلبية!!!!.
هي وضعية جديدة في المشهد السياسي الإسرائيلي، مما يصعب التكهن بتطوراتها، ومع ذلك يمكننا ان نسجل أن هزيمة بنيامين نتنياهو تبدو بمثابة موت لسياسة التوسع الإقليمي الإسرائيلي ، الموروثة عن عهد الاستعمار البريطاني... ومن المحتمل في رأينا أن تتبنى إسرائيل سياسة أكثر "طبيعية" ، دون التشكيك في الوقت نفسه أنها لن تتنازل عن المناطق التي احتلتها منذ عام 1967.

#عبد_العالي_الجابري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات