أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الحلقة السادسة-حراك الشعب السوري من الحلم بالتغيير إلى ال كارثة















المزيد.....



الحلقة السادسة-حراك الشعب السوري من الحلم بالتغيير إلى ال كارثة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 07:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحلقة السادسة
حراك الشعب السوري من الحلم بالتغيير إلى الكارثة
الفصل الثاني
طبيعة النظام السوري وقابليته للإصلاح
6--مساهمة في نقد عقلية السلطة
إن مجرد إعلان الرئيس بشار الأسد عن > التي سوف يمثلها مؤتمر حزب البعث القادم، وخصوصا، بعد الإعلان عن قرب موعد انعقاده،(انعقد في عام 2005) حتى بدأ بازار الرهانات الداخلية والخارجية، حول ما سوف يمثله هذا المؤتمر بالنسبة لسورية والسوريين، وبالنسبة للعرب عموما، وكذلك بالنسبة للقوى العالمية، ذات المصالح الكبيرة في منطقتنا، والتي يتفق الجميع على أن لسورية موقع مهم فيها. وبين فريق المتشائمية الذين يرون استحالة التغيير، في ظل السلطة الحالية، بالنظر لتاريخها الطويل في نهب البلد، وتعريض مواطنيه لكل أشكال الإذلال والقهر، خصوصا، وهي تدرك جيدا خطورة الأسئلة التي سوف تواجهها من قبلهم، عندما ينزاح كابوس الاستبداد عنهم، وبين فريق المتفائلين الذين يرون أن السلطة ليس أمامها من خيار سوى أن تجري إصلاحات عميقة، في هذا الاتجاه. والرهان هنا ينصب على قيادة الرئيس الشاب، ذي الثقافة السياسية المختلفة عن ثقافة والده حسب رأيهم. أقول بين فريق المتشائمين، وفريق المتفائلين من الصحيح البقاء في موقع المتشائلين، فالموقع الوسط هذا يسمح، بأفق للرؤية اوسع، كما يسمح بمزيد من الموضوعية في البحث والنظر. فمن جهة، لم تعد السلطة قادرة على الاستمرار بالطريقة السابقة، وإن الاستبداد لم يعد عصيا على التغيير. غير أنها، من جهة ثانية، سوف تخيب أمال المتفائلين، لجهة جدية وعمق التحولات التي سوف تقدم عليها. في الحقيقة، كانت السلطة تراهن على الزمن، وعلى احتمال المساومة مع القوى الخارجية الضاغطة عليها للوصول إلى تفاهمات تبقيها على حالها كبنية، مع احتمال تغيير بعض من سلوكها، بحسب ما كانت تطالب به أمريكا مراراً.
إن الباحث الجاد في تاريخ النظام البعثي في سورية، لا بد أن يدرك مدى نجاح قيادته بعد عام 1970، في ظروف دولية مواتية، في بناء سلطة أمنية استبدادية، لم تشهد لها سورية مثيلا في التاريخ. استخدم في ذلك، وبنجاح كبير، ما يسمى في علم السياسية، بسياسة الجزرة والعصا. فمن جهة تم تنمية جميع الغرائز المافيوية، وعلى جميع الصعد، في إطار ما أصبح يعرف بسياسة إفساد الكل للكل، حسب تعبير المفكر السوري الراحل طيب تيزيني. لقد تحولت سياسة الفساد، والإفساد، إلى وسيلة رئيسة في إدارة المجتمع، والتحكم به. لقد صار للوظيفة سعر، وللمنصب سعر، ولتسيير معاملات الناس أسعار وأسعار، إنها الادارة بالفساد.
ومن جهة ثانية تم بناء أجهزة أمنية متعددة، مجهزة بكل ما تحتاجه من امكانات مادية، ومن كوادر وعناصر، ومن حماية سياسية، وقانونية من أية مساءلة. في مثل هذه الوضعية الفريدة، تم إطلاق يدها في الشأن الداخلي، فعاثت فيه قمعا، وإرهابا، لكل رأي مخالف، لكل من لا يرى ما تراه، وخصوصا لكل فعل سياسي، أو غير سياسي، ترى فيه تهديدا لسلطتها، أو لمصالحها. وأكثر من ذلك تحولت هي ذاتها إلى الحزب الحقيقي، والفعلي للسلطة، ملحقة حزب البعث، والأحزاب الأخرى المتحالفة معه بها، يؤدون دور أجهزة من أجهزتها.
في هكذا مناخ تشكلت العقلية البعثية، بعد أن قطعت مع نمط تفكيرها السابق الذي ساد في مرحلة الخمسينات من القرن الماضي، وما قبلها، بل بعد أن قطعت أيضا مع نمط تفكيرها الذي ساد في مرحلة الستينات. من سمات هذه العقلية أنها محورية التفكير بالسلطة، فهي بالنسبة لها القضية الجوهرية، ووحدة القياس الحاسمة، تضبط علاقاتها مع جميع القوى الداخلية والخارجية. وفي ضوء ذلك تعد نفسها المرجعية الوطنية الوحيدة، تتحدد بالعلاقة معها، مواقف، وسلوكيات الآخرين الوطنية، من غير الوطنية.
العقلية البعثية عقلية غير حوارية، لا تقبل بوجود الآخر، فالآخر، أيا يكن، فهو إما خائن، أو عميل ، وأضيف له خلال الأزمة توصيف جديد هو "عدو الشعب"، ومن ثم لا بد من قمعه، ومحاربته.
العقلية البعثية هي عقلية أمنية بامتياز، وبصفتها كذلك، فهي عقلية شكاكة، حتى بحلفائها، بل حتى بأفراد حزبها، فمن ليس معها، فهو إما متآمر، أو عميل.
العقلية البعثية هي عقلية محكومة بثنائيات قطعية، إما مع، وإما ضد، إما وطني، وإما غير وطني، لا تقبل بين الأبيض والأسود بوجود أية فسحة رمادية.
العقلية البعثية هي عقلية ديماغوجية، وبصفتها كذلك، فهي تعيش ازدواجية فعلية، بين القول والفعل، بين الشكل الذي تقدم نفسها فيه، وبين حقيقتها الفعلية.
العقلية البعثية عقلية تبريرية، لا تستطيع التعلم من أخطائها، بل لا تعترف، في الغالب الأعم، بارتكابها أخطاء، وفي الحالات النادرة التي تعترف بها بوقوع أخطاء، فإنها تعزيها إلى الآخرين، أو إلى الظروف.
العقلية البعثية هي عقلية غير قانونية، تخيفها فكرة القانون، وبصفتها كذلك، فهي عقلية غير مؤسساتية، بل جهازية، وثمة فرق كبير بين العقل المؤسساتي، والعقل الجهازي.
وأخيرا، وليس آخرا، العقلية البعثية هي عقلية جامدة، تخيفها الحركة، لأنها تولد أسئلة، تبحث عن أجوبة، تتطلب التغيير.
هذه بعض سمات العقلية البعثية(عقلية السلطة)، كما بدت لي من خلال معايشتي للبعث من الداخل، خلال فترة من حياتي السياسية، أو كما تبدو لي الآن بصورة أوضح، كباحث في الشأن السياسي السوري. السؤال المركزي الذي يطرح نفسه بقوة اليوم هو: كيف يمكن لهذه العقلية أن تتغير، وأن تقود عملية الإصلاح الشامل، والعميق في حاضنتها الجهازية، التي بنتها، ورعتها خلال نحو أربعة عقود خلت؟ بكلام أخر، كيف يمكنها أن تقبل بتحويل سلطتها الأمنية الجهازية إلى سلطة مجتمعية ديمقراطية، بما يعني ذلك من تهديد لفكرة محورية السلطة لديها؟. كيف يمكنها أن تقبل بوجود تعددية سياسية، بما يعني وجود معارضة، وانتخابات حرة، وتداول للسلطة، إلى غير ذلك من متطلبات الدولة الديمقراطية الحديثة ؟.
7- قابلية النظام السوري للإصلاح.
يلاحظ المراقب للشأن السوري، منذ بدء التحولات الديمقراطية الكبرى، فيما كان يسمى بالبلدان الاشتراكية السابقة، في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي، وبالأخص خلال العقد الأخير منه، وما تلاها من انتقال لعدوى التغيير إلى جميع مناطق العالم تقريبا، ما كان منها قد نسج نظامه على المنوال السوفييتي، أو ما كان منها من دكتاتوريات جاءت بها أمريكا في سياق الحرب الباردة، أن المنطقة العربية عموما، وسورية على وجه الخصوص، قد بقيت في منأى عنها إلى حد كبير. ورغم الوضع الدولي الضاغط بعد الحادي عشر من أيلول، والاستراتيجية الأمريكية المعلنة للتدخل، بذريعة محاربة الإرهاب، والتي وجدت تطبيقا مباشرا لها في أفغانستان، ومن ثم في العراق، ظل النظام السوري يراهن على مناعته. غير أن استراتيجية التغيير التي أصبحت دولية، بعد تبنيها من الدول الثماني الكبار، وبعد خروجه مكرها من لبنان، والنجاح النسبي للانتخابات العراقية، وتعديل الدستور المصري، بما يسمح بتعدد المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية، والموجة الجديدة من التغيرات التي بدأت تجتاح العديد من الدول، خصوصا، تلك التي كانت جزءا من المنظومة السوفييتية السابقة في أوربا الشرقية، هذا بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، والاجتماعية الخانقة، التي تأخذ بتلابيب الدولة والمجتمع، والناس جميعاً في سورية، كل ذلك جعل المهتمين بالشأن السوري يتساءلون عن مدى استمرار النظام السوري في الممانعة تجاه استحقاقات الإصلاح الضرورية، والعميقة، وفي مقدمتها الإصلاح السياسي. ويبدو لي أن مقاربة الأجوبة المحتملة لمثل هذه التساؤلات، لا بد لها أن تبدأ بالإجابة عن السؤال المركزي المتعلق بطبيعة السلطة في سورية، وممكنات انفتاحها على العصر.
من المعروف أن تاريخ سورية السياسي منذ الاستقلال عن فرنسا وحتى عام 1970، كان يتميز بسمتين بارزتين:
من جهة، كانت السلطة السياسية غير مستقرة، وتخضع لتأثير الجهاز العسكري، الذي بدوره كان يخضع لتجاذبات القوى السياسية المحلية، التي بدورها كانت تتأثر بتجاذبات القوى الإقليمية والدولية.
ومن جهة ثانية، كان الحراك السياسي الحزبي يتركز في أوساط الطبقة الوسطى، وفي أوساط الطلبة بصورة رئيسة، وفي أوساط الفلاحين، والنقابات العمالية بصورة أقل.
ومما لا شك فيه أن حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة في عام 1970، وهو على رأس المؤسسة العسكرية، تحت عنوان تصحيح مسار الحزب والدولة، أدخل البلد والسلطة في مرحلة جديدة نوعيا. لقد كان واضحا للحكام الجدد، ومنذ البداية، أن استمرارهم في السلطة يتوقف على مدى نجاحهم في ثلاث مجالات على الأقل: من جهة، كان لا بد من إخراج الأجهزة العسكرية والأمنية من دائرة الفعل السياسي. ومن جهة ثانية، كان لا بد من القضاء على الروح السياسية في حزب البعث، وفي غيره من الأحزاب التي كانت قائمة آنئذ. ومن جهة ثالثة كان لا بد من نزع السياسة من المجتمع، وتقديم كل ذلك في إطار أيديولوجي، وسياسي مناسب.
في المجال الأول عمدت السلطة ومنذ البداية إلى تضخيم الجهاز العسكري بحجة المجابهة مع إسرائيل، وربطه بالسلطة عبر شبكة من العلاقات التوازنية في داخله، بحيث تلتقي خيوطها جميعها في قبضة واحدة. بالإضافة إلى ذلك، فقد فتحت شهية الصف الأول من الضباط على الثراء بشتى الطرق المشروعة، وغير المشروعة، وانتقال ذلك بالعدوى إلى مستويات أخرى، وبهذا الشكل تم ربط الكثير من مفاصل الجهاز العسكري بالسلطة، من خلال المصالح الاقتصادية.
أما في المجال الثاني، فقد عمدت السلطة إلى تحويل حزب البعث إلى مجرد جهاز من أجهزة السلطة، فقضت على روحه السياسية، وعمدت إلى تضخيمه كثيراً، ونمت في صفوفه روح الانتهازية، المستندة بالأساس إلى العلاقات والروابط الشخصانية، ذات المرجعية الأمنية.
وفي المجال الثالث عمدت السلطة، وبدهاء منظم يسجل لها، إلى القضاء على الحياة السياسية في المجتمع، من جهة عبر ربط مجموعة من الأحزاب بها، من خلال ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية، بعد أن أرغمتها عمليا على الموافقة على تجفيف منابعها، من خلال حرمانها من العمل في أوساط الطلبة. ولم تكتف بذلك، بل عمدت إلى تخريبها من الداخل بحيث تحولت إلى صورة كاريكاتورية عن حزب البعث، فعمدت إلى تنمية الميول الانتهازية في صفوفها، وفتحت شهية قياداتها على الثراء غير المشروع، والامتيازات السلطوية المختلفة.
ومن جهة ثانية، عبر إلغاء أية حياة نقابية حقيقية، من خلال ربط جميع النقابات والتنظيمات المدنية والأهلية بالسلطة، بل تكليفها بأدوار أمنية عديدة كل في مجاله.
ومن جهة ثالثة، عبر قمع القوى السياسية المعارضة لنهجها، بل لكل رأي لا يروق لها. ولهذا الغرض فقد بنت أجهزة أمنية عديدة، وأعدتها للقيام بهذا الدور بكفاءة، وزودتها بكل ما تحتاجه ماديا ومعنوياً، وحمتها من أية مساءلة قانونية، بل صارت هي القانون، وهي فوقه في ذات الوقت.
بتكثيف، يمكن القول أن الدولة السورية بأجهزتها المختلفة، والمجتمع بصورة أعم تخضع جميعها لهيمنة مطلقة لسلطة أمنية قل نظيرها، هي مزيج من الأوليغاركية الأمنية والاقتصادية، حولت المجتمع إلى خواء، يملأه الخوف، والسلبية، تديره بالفساد وآلياته. في هكذا مجتمع، يفتقر إلى الحياة السياسية الطبيعية، ناسه مجرد رعايا، يلهثون وراء لقمة العيش، ينتظرون مكرمة من هنا، أو حسنة من هناك، بهذه المناسبة أو تلك. مجتمع، هذا هو حاله، لا يمكنه أن يولد قوى تغيير حقيقية، وفاعلة من داخله. في هكذا وضعية كان من الطبيعي، والمنطقي أن يبرز الخارج، باعتباره قوة حاسمة، لتحفيز التغيير في الداخل، وهو يحفزه فعلاً.
ويبقى السؤال، إلى متى سوف تظل السلطة في سورية تقاوم التغيير، ومتطلباته، و مستحقاته؟ الم تستنفذ جزءا كبيرا من قدرتها على الممانعة؟، بعد أن صارت التغييرات تجري من حولها، وبعد أن فقدت أي غطاء عربي، أو دولي لسياساتها، وفي ظل استفحال الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالكيان المجتمعي. أعتقد أن تاريخ الأوليغاركيات في العالم يقدم نوعا من الأجوبة المحتملة. وللأسف الشديد، فإن هذا النوع من الأجوبة يرتكز، في الغالب الأعم، على الدور الحاسم للخارج، وليس للداخل، ويأخذ إحدى صورتين: إما انكسار حاد، أو إعادة تكيف. في الحالة الأولى، تفقد الطغمة الحاكمة موقعها، وقد تفقد مصالحها، أما في الحالة الثانية، فقد تبقى في مواقعها الجديدة إلى حين، مع المحافظة على مصالحها. في الحالة الأولى قد يكون الثمن المجتمعي باهظا في المدى القريب، والمباشر، لكنه يقل مع التقدم في بناء النظام البديل. أما في الحالة الثانية فقد يكون الثمن مقبولا ومحتملا في البداية، لكنه يزداد تراكما مع الزمن نظرا لبطء تكيف السلطة المستبدة من ضرورات التغيير . العامل الحاسم في تغليب احتمال على آخر هو مدى اقتناع الطغمة الحاكمة بجدية المخاطر المحدقة بها.
في سورية، وكما يبدو ، فإن السلطة الحاكمة، أو على الأقل القوى الحاسمة فيها، قد أدركت أخيرا جدية المطالب الدولية لها بالتغيير، وهي تعد العدة لعملية إعادة التكيف معها، وهذا ما شكل الشغل الرئيسي لمؤتمر حزب البعث في عام 2005. ومع أن المسألة برمتها في حينه لم تكن ترقى إلى مستوى اليقين، فهي مع ذلك على درجة عالية من الاحتمالية ترجحها حقيقة غياب البدائل الممكنة من خارج السلطة ذاتها، الأمر الذي يجعل قوى الضغط الخارجية تركز جل اهتمامها على انفتاح النظام ذاته.
لقد امتنعت القوى الوطنية الديمقراطية في سورية، قبل بدء انفجار الأزمة في عام 2011 عن تشبيك مطالبها، وتحركاتها مع القوى الخارجية. هذا لا يعني أبدأ أنها لا تريد الاستفادة من المتغيرات العالمية لجهة الحد من الطلب على الأنظمة الاستبدادية، لتسريع التحولات باتجاه الحرية والديمقراطية في سورية. وإذا ما استمر النظام في عناده، وإصراره على تجاهل مطالب الشعب السوري، الذي عبر عنها مثقفوه، والقوى السياسية المعارضة بكل أطيافها، فسوف يكون الاحتمال الأول هو الأكثر رجحانا. وإذ تدرك قوى المعارضة السورية أن وراء مطالب أمريكا والغرب عموما، لإجراء إصلاحات جدية، وعميقة في بنية الأنظمة العربية، خصوصا لجهة فتح هذه الأنظمة على الحرية والديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، الرغبة في البحث عن إدارة مصالحها في المنطقة بطريقة جديدة، وآمنة، فإنها تجد في ذلك، من الناحية الموضوعية على الأقل، نوعا من الدعم لمطالبها الخاصة في الحرية والديمقراطية. وفي هذه الحالة سوف يطرح بقوة خيار تشبيك قوى الداخل مع قوى الخارج لتحقيق التغير المطلوب، حتى ولو أخذ شكلا حادا، وهذا ما حصل على نطاق واسع خلال الأزمة التي تفجرت بعد شهر آذار من عام 2011.
لقد طالبت القوى الوطنية الديمقراطية مرارا السلطة الحاكمة، وفي أكثر من مناسبة، قبل تفجر الأزمة الراهنة في عام 2011، بضرورة أن تبادر للحوار مع مختلف القوى، والنخب المجتمعية، من أجل التوصل إلى مشروع وطني للتغير، متدرج وآمن، لكنها لم تصغ إلا لذاتها. وبطبيعة الحال، إن أي حوار لا يتركز على مسائل الإصلاح الجدي والعميق، وفي مقدمته الإصلاح السياسي، لن يكون له معنى. لقد تعرضت سورية في ذلك الوقت، خصوصا بعد غزو أمريكا للعراق، إلى ضغط شديد، تحت شتى الذرائع، وكان واضحاً أن أمريكا لا يهمها سوى مصالحها، ومصالح إسرائيل، وليس حرية الشعب السوري.
8- مثقفو السلطة وقضية إصلاح النظام السوري من داخله؟
يعد السيد عماد فوزي الشعيبي الذي شغل لسنوات طويلة مدير مركز المعطيات في دمشق من ممثلي النظام الفكريين الأكثر أمانة. بتاريخ 1/12/2004 نشر السيد الشعيبي، في جريدة الحياة، مقالاً بعنوان >، يكاد يكون نموذجا للخطاب التضليلي الذي اعتاد السوريون على سماعه من مسؤولي النظام السوري السياسيين، ومنظريه من مثقفي السلطة، على امتداد عقود من السنين. ولكونه مثقف سلطوي بامتياز ، كان من الطبيعي، والمنطقي، أن ينظر إلى<< كتابات بعضهم (والبعض هنا له مدلول الكل، في المقالة المشار إليها) عن الإصلاح في سورية>>،على أنها تولد <<الشعور بالأسى>>، لأنها تحلق عاليا في <<التنظير المتعالي والتوهم>>، وبصفتها كذلك فهي لا يمكن أن تصدر إلا عن <<يأس، أو وتر، أو تخيل>>. ونظرا لأن السيد شعيبي لا يقدم ، على عادته، نموذجا عن مثل هذه الكتابات المتعالية، المتوهمة، الصادرة عن أناس تملكهم اليأس، أو التوتر، أو التخيل، للبرهنة على مصداقية أحكامه، فمن الحق أن تعد أحكامه العامة هذه، تمثل تكثيفا لنمط من التفكير المتعالي، الذي يفتقد ليس فقط إلى المعطيات( وهو مدير مركزها..)، بل يفتقد إلى المتابعة، والمسؤولية. إن أحكامه التقريرية التي ملأت صفحات مقالته المشار إليها، هي أقرب إلى الشطحات الفكرية، التي يتوهم العقل المنتج لها، بأنه يبدع فكراً، يقارب مشكلات، يقدم حلولاً، في حين، هو في حقيقته، ليس أكثر من راكب موجة ليثقلها، إنه من أولئك المثقفين السلطويين الذين يعتشون من تقديم خدماتهم "الفكرية".
السيد شعيبي لا يريد لأحد أن ينبش في الماورائية، بل أن يقرر مباشرة أن السيد الرئيس بشار الأسد يمتلك<< إرادة حقيقية...للتغيير ولدخول العصر>>.و بدون هذه ال"ينبغي" التي تقدمت جملة السيد شعيبي التقريرية هذه، نعلم جيداً،(وربما سمع بذلك السيد شعيبي) أن المعارضة الوطنية الديمقراطية في سورية، تقر بأن خطاب القسم قد عبر عن رؤية للتغيير والتحديث لدى بشار الأسد، وعلى أثرها أزهر ما صار يعرف بربيع دمشق. بل أن حافظ الأسد، وفي أخر خطاب قسم له أمام مجلس الشعب في عام 1998، كان قد عبر عن رؤية إصلاحية شاملة، حتى ظن المراقبون، في حينه، أن السلطة تكاد تنقلب على ذاتها. ومرت السنوات، وازدادت المشكلات، وتشابكت، وتعقدت، وتم وأد ربيع دمشق. ربما هي <<حسابات الرغبات>> التي لا تطابق دائما <<حسابات الواقع>>، هذا الواقع الذي لا يريد السيد الشعيبي، أن ينبش أحد فيه لنقده ومساءلته،. لماذا صار البلد خارج العصر؟ من هو المسؤول عن ذلك، ولماذا؟ وكيف؟. إذ بدون هكذا نقد و هكذا أسئلة لا يمكن فهمه، وتشخيص مشكلاته، ومن ثم ايجاد الحلول الممكنة لها. ربما يدرك الشعيبي ان السياسات الصحيحة، والبرامج التنفيذية لها، لا تكون إلا من خلال فهم الواقع، وبالقياس إليها، يتم تجميع القوى، والوسائط الضرورية للنجاح، وهي كبيرة، ومتوافرة في المجتمع، ولا تحتاج إلى عناء كبير لرؤيتها، بشرط توفر إرادة للرؤية مختلفة، وأغلب الظن أن السيد شعيبي يفتقر أليها في مركز معطياته، حاله في ذلك حال جميع مسؤولي النظام السياسيين وغير السياسيين، بـ "استثناء " المسؤولين الأمنيين في مجالهم.
يكتشف الشعيبي أن الرئيس بشار الأسد، وفي<< حالة نادرة جداً في العمل السياسي>>، هو<<رأس السلطة، وزعيم المعارضة في آن>>.وتأصيلا لاكتشافه هذا، فقد ابتكر مفهوما جديدا للمعارضة، بعيدا عن <<اعتراضات بعضهم>>،(بل نكاية بالجميع، وبكل العلوم السياسية في الدنيا)، ممن<<يتوهمون الملكية الحصرية للمعارضة، ولا يفهمونها إلا مناهضة مطلقة للسلطة، أو سعياً لتداولها>> ، بأنها<<نقد للأخطاء، وبرامج للتغيير، ومعرفة بالمعطيات الدقيقة، وامتلاك الأدوات>>، <<ووحده الرئيس بشار الأسد من لديه كل العناصر السابقة>>. في أحد خطاباته، في بداية عهده، كان بشار الأسد أكثر واقعية، وتواضعا مما يقوله الشعيبي عنه. لقد قال: " أنا لا أملك عصا سحرية لحل كل المشكلات، وطالب الجميع بأن يتحملوا مسؤولياتهم". يروى في المأثور التراثي ما معناه، أن النبي محمد(ص) نهى أحدهم عن الكذب، فقال له الشخص المعني: " يا رسول الله أنا أكذب لك وليس عليك. فقال له النبي: الكذب هو الكذب في الحالتين، فانته عنه ". ويبدو أن السيد شعبي قد اكتشف حدة المفارقة في تخصيص الرئيس وحده بامتلاك<<كل العناصر>> التي يتكون منها مفهومه الخاص للمعارضة، فاستدرك قائلا: بأنه <<لا يعرف مسؤولاً في الدولة>>، لا يسمع منه<<نقداً>> أعنف مما يسمعه من <<المعارضة الخارجية>>. وإن هؤلاء جميعهم<<هم المعارضون الذين لديهم المعطيات والأدوات>>، ومن لا يعرف<<المعطيات>> حسب السيد شعيبي<<لا يستطيع أصلا أن يقدم سوى النقد السلبي>>، وبالتالي لا يمكن أن يكون معارضاً.
وهكذا إذا؛ المعارضة هي في السلطة، إنها السلطة والمعارضة وقد اندمجتا في مفهوم السيد شعيبي. بعبارة أخرى إنها إرادة الإصلاح، وموضوعه في الوقت ذاته. لكن السيد شعيبي يتساءل مستدركا، في موضع آخر من مقالته،<< من المُصلح ومن الذي سَيُصلَح، إذا كان المصلح الذي-غالبا- ما يوكله الرئيس بالإصلاح يحتاج إلى إصلاح>>، وهكذا، وبشطحة من شطحاته، المشهود له بها، يعود ليؤكد خلو الوطن من المصلحين باستثناء الرئيس بشار الأسد.
ثم متى كان المجال مفتوحاً<<لمشاركة الجميع>> في مشروع التغيير، علما أن جميع قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية، على اختلافها حاولت تقديم تصوراتها عن الإصلاح الممكن والضروري لسورية، ولم تنصب نفسها<<بديلا تعارضيا مع الدولة>>(انتباه: الدولة وليس السلطة)، وهي تمتلك من المعطيات الحقيقية، والإرادة القوية، والرغبة في المساهمة في إنقاذ الوطن، بل وتسامت فوق كل الجراح، لتطرح قضية المصالحة الوطنية، في خطابها السياسي. غير أن كل الأذان السلطوية قد سدت دونها فلم تسمع، بفضل نظام التضليل الوطني، والقائمين عليه من المنتفعين والمرتكبين.
يعترف السيد شعيبي بأن سورية تعاني من سلسلة من المشكلات المتداخلة المتراكبة، غير أن المجتمع السوري، حسب السيد شعيبي يفتقر إلى الإمكانات البشرية لحلها، فالمجتمع السوري عموما<<إما محشو بإمكانات سطحية معلبة بشهادات ورقية(عابرة للجامعات)، أو انه مجتمع بلا نجاحات أو كفايات>>. ومع أن الواقع ليس كما يصوره السيد شعيبي، فهو لم يصل إلى هذه الدرجة من السوداوية، فكان الأجدر به أن يتساءل عن السياسات، والبرامج، والممارسات، التي جعلت البلد<<محشواً>> بحملة الشهادات الورقية، لكي يجد الحل في بديلها. أليست هي عينها سياسات تبعيث التعليم في جميع مراحله، كجزء من عملية أشمل لتكوين السلطة الأمنية، وترسيخ دعائمها؟
مع ذلك، وحسب العديد من الدراسات والإحصاءات(التي فلتت من قبضة مركز معطيات السيد شعيبي)، فإن البلد لا يفتقر إلى الكوادر المؤهلة، بل هو غني بها، وعلى مختلف المستويات، ومنهم الكثير من البعثيين الوطنيين الشرفاء، هذا عداك عن عشرات الآلاف من الكوادر والخبرات السورية في المهاجر، والتي تتوق للعودة إلى الوطن للمساهمة في بنائه، وإن الوصول إليهم ممكن وسهل. لكن ذلك يتطلب مناخات سياسية، وقانونية مختلفة، ونهجا مختلفاً. يعلم السيد شعيبي، بلا شك، أنه لا يمكن تعيين أي عامل في الدولة، من مرتبة آذن، وحتى مرتبة رئيس وزراء، بدون المرور عبر المفلترات الأمنية، للتأكد من مطابقة مواصفاته لمعاييرها، والتي قلما تأخذ في الحساب مستوى التأهيل، والخبرة والنزاهة، بل الولاء والعلاقات الشخصانية.
وحتى يكتمل إحكام غلق الأبواب أمام أية إمكانية للبحث عن رجالات الإصلاح في سورية وكفاءاتها، فإن تلك الكفاءات التي استثناها السيد شعيبي(من نفيه للجنس)، فهي إما في <<الظل يصعب الوصول إليها>>، أو هاجرت إلى <<الخارج أو الداخل، حيث شُحنت ضد الدولة>>(انتباه: شُحنت ضد الدولة!!)، أو أنها<<لا تعرف شيئا عن المعطيات السائدة>>. باختصار لا أمل يرجى، وإنه لمضيعة للوقت التفكير في الخروج مما نحن فيه، وإنجاز الإصلاح والتغيير، بسواعد وعقول أبناء الوطن، فهناك مشكلة حقيقية مع <<المقِّيم قبل المقّيم>>، مما يجعل مجتمعنا غير قادر على <<الخروج من الدوران في الدائرة إلى الحلزون الذي يرفعه درجة درجة>>. أليس من العبث والحالة هذه، اقتراح السيد شعيبي القاضي بضرورة <<البحث عن الكفاءات النادرة، والمتفوقة، والخام، وزرعها بعد تأهيلها>>؟ من سيقوم بعملية البحث عن هذه الكفاءات؟ ومن سوف يؤهلها؟ ومن سوف يزرعها؟ وفي أية تربة؟ ألم يقل السيد شعيبي: هناك مشكلة مع المقَّيم قبل المقّيم؟ أم هي محاولة يائسة لغلق جميع الأبواب في وجه أية إمكانية للإصلاح من الداخل، وبالتالي لا يبقى أمامنا سوى الاستعانة بالخارج. ومع أن السيد شعيبي ليس عضوا في الحزب الأمريكي السوري(عنوان مقالة للسيد رجاء الناصر)، فإن الاستعانة بالخبرات الفرنسية، أمر حاصل منذ بعض الوقت، واغلب الظن أنها لن تفيد شيئا بالطريقة التي يتم الاستعانة بها.
إن المدخل الصحيح للخروج من الوضع المأزوم الذي وجدت سورية نفسها فيه قبل تفجره، وصار ضروريا بعد تفجره في عام 2011، وتدمير سورية وتمزيق وحدة شعبها، ليس هو المدخل الاقتصادي، كما يتصور السيد شعيبي، وهو مدخل كانت قد جربته السلطة ولم ينجح. وبالطبع ليس هو مدخل الاصلاح الإداري الذي ركزت عليه السلطة قبل عام 2011، بل المدخل السياسي. فبدون حل المسألة السياسية في البلد، لا يمكن استنهاض القوى المجتمعية المختلفة للدفاع عن مصالحها، والدخول فيما بينها في مساومات تاريخية، تخلق بدورها ديناميكيات جديدة للتغير، والتطور. ولا تزال السلطة تعاند في رؤية هذا المدخل الوحيد الصالح، وتحمل مسؤولية كل ما تعاني منه سورية، في الوقت الراهن، إلى القوى الخارجية ومؤامراتها عليها. إنه العماء السياسي الذي كرست السلطة الجهد الابداعي لجل مثقفيها، لجعله بصيرة وتبصر، لعقل نافذ حكيم، واستثنائي، يمثله صاحب السلطة، ومالك دولتها.
9-الإصلاح في سورية – وجهة نظر لبنانية
بداية لا بد من تثمين تدخل الأخوة من المثقفين اللبنانيين في الشأن الداخلي السوري، فهو
تدخل ضروري ومطلوب، فالشأن الداخلي السوري هو بمعنى معين شأن داخلي لبناني، والعكس بالعكس. ثم لماذا يتدخل الأمنيون والسياسيون الرسميون السوريون في الشأن الداخلي اللبناني، ولا يتدخل رجالات الفكر وأصحاب الرأي من كلا البلدين في الشأن الداخلي للبلد الآخر؟!.إن التلازم بين لبنان وسورية قوي جداً، وهو قضية تاريخية ومصيرية، لا ينكرها إلا مكابر. بطبيعة الحال نود أن يقوم هذا الحوار والعمل ،على قاعدة المساواة الكاملة، والندية، والاحترام الكامل لخيارات البلد الآخر، بما لا يضر، أو يفسد.
في حواريتنا مع ما كتبه بعض الزملاء من المثقفين اللبنانيين في جوابهم على تساؤل "كيف ينظر المثقفون في لبنان إلى التغيير في سورية " يلفت الانتباه ضعف إدراكهم لحقيقة المشكلة التي تعاني منها سورية، لذلك جاءت أغلب تحليلاتهم قطعية في جانب، مبسطة وسطحية في أغلب الجوانب، وهي في مجملها معالجات جزئية لمشكلة كلية لا تقبل التجزئة(19) .
منهم من أحال المشكلة برمتها إلى ضعف الأداء الاقتصادي. فحسب السيد جورج قرم "إذا لم تطرح إشكالية الأداء الاقتصادي بكل أبعادها في العالم العربي، فالإصلاح سيبقى باباً مغلقاً، أو يبقى شعارات لا يمكن تحقيقها ". وفي سورية حسب السيد قرم " الإصلاح لا يمكن أن ينجح إذا لم تتغير الممارسة الجماعية في الحقل الاقتصادي" . وحتى الفساد الذي ينخر الكيان المجتمعي ككل، ويثقل على " كاهل المواطن " له تفسيره عند السيد قرم في "ضعف الأداء الاقتصادي "، لذلك نراه يدعو إلى القيام " بنهضة عمرانية شاملة "، وإلى " ممارسة المجتمع بشكل جماعي كل أساليب العلم والتكنولوجيا ". انطلاقا مما يقرره السيد قرم فهو يرى أنه لا يجوز لوم "رجال السياسة "، ولا يمكن " مطالبتهم بإجراءات إصلاحية تؤدي إلى مزيد من الانفتاح والحرية ". ومن الطبيعي، والحالة على ما هي عليه ،من وجهة نظر السيد قرم، أن لا يقول كلاما "قاسياً على صناع القرار ".
اللافت فيما كتبه السيد قرم تركيزه على الجانب الاقتصادي، وله بعض العذر، فهو الخبير الاقتصادي المعروف .غير أن الدراسات العالمثالثية الحديثة ، ترى عكس ما يراه السيد قرم، وأن مشكلة المشاكل في البلدان المتخلفة تكمن في المشكلة السياسية، التي في حلها تفتح بوابات الحلول للمشاكل الأخرى، وعلى وجه الخصوص المشكلة الاقتصادية. ثم أن الفساد الذي يحيله السيد قرم إلى العولمة ، وما خلقته من مناخات ملائمة، هو في سورية من طبيعة وبيئة مختلفة. الفساد في سورية يتجاوز كونه ظاهره ليصير أسلوبا في الإدارة على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. بكلام آخر الفساد في سورية سياسة، إنها سياسة إفساد الكل للكل، والسياسة تعرف بنتائجها، من هذه الناحية فإن سياسة الفساد في سورية قد نجحت بكل المقاييس، وهي بادية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. الشرطي في سورية يرتشي، والموظف يرتشي، والقاضي يرتشي، وأستاذ الجامعة يرتشي، والوزير يرتشي. لقد صار السوريون ، بفضل الإدارة بالفساد، صنفان : إما راش ، وإما مرتش في مواقع تبادلية. مع ذلك، ورغم هذا الاستقطاب الحاد، لا يزال الشرفاء في سورية كثيرون، ترغمهم آليات اشتغال الإدارة بالفساد، على الانتقال إلى موقع الراش، في حال حاجتهم إلى خدمات الجهاز الإداري، وكأنها تقول لهم لا مكان للوقوف على الحياد.
في هكذا مناخ يصبح الحديث عن "نهضة عمرانية شاملة " أو عن "ممارسة المجتمع كل أساليب العلم والتكنولوجيا" حديثا غير جدي. التخريب في سورية طال الإنسان في العمق، كما طال المؤسسات، وكما طال الإدارة . والإنسان هو الفاعل الاجتماعي، وهو لذلك غاية التغيير، وأداته .
الإصلاح في سورية ينبغي أن يتوجه إلى الإنسان لإصلاحه، وهذا لا يكون إلا برد حريته إليه. عندئذ فقط ينمو الشعور بالمسؤولية، و ويصير للمحاسبة منطق وهيبة، وللأداء مكانة وقيمة. في ضوء ذلك ينبغي لوم "رجال السياسة" و"صانعي القرار" ، خصوصا، لجهة مطالبتهم "بمزيد من الانفتاح والحرية". المسؤول الأول عن كل مشاكلنا في سورية هو بكلمة واحدة الاستبداد. فهو الذي يحول دون دخول السوريين، والعرب عموماً، عالم الحضارة الحديثة بمعناها الشامل .
بدوره، السيد سعود المولى يرى أن الحديث عن " الإصلاح ومشروعه في سورية هو حديث " خطير " لذلك فقد صمت عنه قبل "سقوط بغداد "، لكن بعد سقوطها واستمرار المأساة الفلسطينية "لم يعد السكوت ممكناً ".
وإذ يتكلم السيد المولى فهو يقول: أن النخبة الحاكمة في سورية صارت " أسيرة ما نسجته لحماية نفسها مع الخارج " ، ولذلك فهي تسارع إلى " إطاعة الأوامر الأمريكية، وتنفيذها "، في حين تستمر في تهميش وضرب " المجتمع المدني والأهلي". لا شك بان جميع الأنظمة العربية كانت قد نسجت جملة من العلاقات مع الخارج، بهدف تأمين الحماية لسلطتها في جانب منها على الأقل، وإن بدرجات مختلفة، وفي اختلاف هذه الدرجات كانت الحرية النسبية التي تبدو على السطح لهذا النظام أو ذاك. بالنسبة لسورية كانت حرية حركتها النسبية كبيرة بمعنى معين، مما سمح بتمايز خطابها السياسي عن الخطاب العربي الرسمي خصوصا فيما يتعلق بالحرب العراقية الإيرانية، أو ما يتعلق بقضية دعم المقاومة اللبنانية، ممثلة بحزب الله والمقاومة الفلسطينية ، والموقف من قضية العراق قبل الغزو. غير أن المعطيات الدولية قد تغيرت كثيراً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وخصوصا بعد الحادي عشر من أيلول ، الجميع الآن مطالب بطاعة الأوامر ، وليس ثمة من خيار أمام النظام سوى الطاعة، إلا في حال الانفتاح على الشعب والاستقواء به، بدلا من الاستمرار في قمع وضرب هيئاته المدنية والأهلية، التي أشرت إليها. ومع أن السيد المولى يرى انه لا عودة إلى الوراء " إلى ما قبل الزلزال العراقي "،إلا أنه لا يراهن على " تغيير سريع ". لذلك فهو يطالب بإنتاج خطاب سياسي ثقافي اجتماعي اقتصادي متصالح " مع المجتمع الأهلي ". ورغم نصف قرن من الاستبداد فإن " الديمقراطية هي الحل الوحيد " حسب السيد المولى. يبدو أن الرجوع إلى الوراء لم يعد ممكنا ، فهم لا يسمحون بذلك، غير أن التغيير لا بد أن يكون سريعا، غير متسرع، ولا بد من فتح بوابته الوحيدة المتمثلة بالانفتاح السياسي، وإعادة الحرية للناس، والسير المتدرج صوب الديمقراطية. ولكي تفتح هذه البوابة على مصراعيها لا بد من إنتاج خطاب ثقافي مختلف ، يكون جزءا من تغيير النهج المتبع .
من جهته السيد بول الأشقر يرى أن الإصلاح المقصود هو " إيصال سورية إلى الديمقراطية على المستوى السياسي، وإلى نظام اقتصادي حديث ".وباعتبار أن النظام الاستبدادي، حسب السيد الأشقر ، غير قادر على " إصلاح نفسه "؛ أي أن يتحول إلى " نظام ديمقراطي "، فلا مفر عندئذ من القضاء عليه. ويبرهن السيد الأشقر على صحة ما ذهب إليه، بما حدث في إسبانيا، حيث قام الملك هناك بالقضاء على نظام فرانكو. وعندما ينظر السيد الأشقر إلى سورية يرى أن بإمكان بشار الأسد أن ينقل سورية من "النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي، إذا غير النظام جوهريا " . مع ذلك يقر السيد الأشقر بأن المشكلة في سورية أكثر تعقيدا بالمقارنة مع إسبانيا. في إسبانيا استعان الملك بقوى " اجتماعية وسياسية فاعلة "، أما في سورية فلا وجود لمثل هذه القوى، لكي يعتمد عليها الدكتور بشار. وإن تعثر الإصلاح في سورية ،حسب السيد الأشقر، يعود إلى سيادة ما أسماه بحالة " توازن الضعف " مستخدما عبارة رياض الترك في وصفه لهذه الحالة بقوله: السلطة "مفلسة " ، والمعارضة "متكلسة " ، والمجتمع " مكرسح ".
لقد ذهب الأشقر بعيدا عندما طالب بالقضاء على النظام الاستبدادي في سورية. السوريون لم يطالبوا بإسقاط النظام قبل انفجار الأزمة في أذار 2011، بل طالبو بإصلاحه وإجراء مصالحة وطنية شاملة يرعاها النظام. وان المقارنة مع ما حدث في إسبانيا، غير موفقة، للاختلاف الكبير بين وضع سورية، ووضع إسبانيا. وإن تعقيد الحالة في سورية ليس ناجما عن غياب القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة، التي يمكن أن يستند إليها الدكتور بشار في تطبيق سياسة "التطوير والتحديث"، بل وقبل ذلك لأن بنية السلطة في سورية أكثر ممانعة تجاه أي
تغيير أو إصلاح، بفضل نهج أُشتغل عليه لعقود من السنين. أدى في المحصلة إلى :
-عدم وجود طبقة سياسية ،بل عناصر سياسية غير مستقرة.
- إنشاء دولة أمنية فريدة من نوعها، لم تترك أية مساحة في المجتمع إلا وشغلتها، وحولت جميع المنظمات "المدنية " من أحزاب رسمية ونقابات، والهيئات الأهلية المختلفة ، إلى أجهزة للسلطة.
-قضت ولا تزال تقضي على أية محاولة جادة لإعادة إحياء هيئات ومنظمات المجتمع المدني.
-أنشأت نظاما في المصالح قائم على الفساد والرشوة والنهب.
لقد أصاب السيد الترك، إلى حد ما ، في وصفه للحالة القائمة في سورية ، والتي وصفتها "بتوازن الضعف ". نختلف معه في إطلاقتيه، فالسلطة لم تفلس تماما ، وهي تحاول القيام بتغيير جزئي، ومعزول هنا وهناك، والمعارضة التي أجبرت على التقوقع، والتكلس تحاول الخروج من شرنقتها، والمجتمع يحاول أن يتكلم بصوت مرتفع، وإن كان لا يزال مترددا. لذلك فإن العودة إلى الوراء صارت مستحيلة، فلا بد من التغيير ، وإذا لم نقم به نحن قاموا هم به .
أما السيد سليمان تقي الدين فإنه يرى أن " التغيير المطلوب " في سورية هو أكبر من " قواه " ، ولكي ينجح أي مشروع تغييري عليه أن يعمل، أولا على إبراز " قوى المجتمع الفعلية وإظهارها " للتعبير عن مصالحها ". وإذ يشدد السيد تقي الدين على مسألة " إقرار الحريات العامة والخاصة "، ويعدها المدخل الرئيس "لإشاعة مناخات من الحيوية الفكرية، والسياسية، والاجتماعية ".
مما لا شك فيه أن التغيير المطلوب في سورية يحتاج إلى قوى اجتماعية، وسياسية مؤهلة لذلك، وهذه القوى غير متوافرة بالشكل المطلوب، بسبب الاستبداد المزمن المسيطر على البلد، غير أن هذه القوى سرعان ما تتوالد مكتسبة زخما وفعالية، في سياق عملية التغيير، بشرط "إقرار الحريات العامة والخاصة "وممارستها ، كما أشار إلى ذلك السيد تقي الدين بحق. وقد أصاب أيضاً السيد تقي الدين عندما عد أن إقرار وممارسة الحريات العامة والخاصة، هي المدخل " لإشاعة مناخات من الحيوية الفكرية والسياسية والاجتماعية ".
لقد عاشت سورية حالة مصغرة من هذه المناخات خلال الأشهر الأولى من العهد الجديد ،
وبدلا من تأمين شروط استمرارها وتطويرها، انقضت عليها قوى الفساد، والتسلط، فأجهضتها. من غير المفهوم تخوف السيد تقي الدين، من أن يؤدي التغيير في سورية إلى" تفكك الوحدة الوطنية "، أو إلى "إضعاف ركائز الدولة ". الوحدة الوطنية في سورية لا يهددها التغيير، بل استمرار الاستبداد. الوحدة الوطنية الحقيقية لا تكون إلا من خلال التنوع والاختلاف، والدفاع عن المصالح في إطار القانون، وبالطرق السلمية المشروعة. الوحدة الوطنية القائمة على التنوع، والتعدد، والاختلاف في المصالح، هي الأرضية الصلبة لتدعيم ركائز الدولة ، وزيادة هيبتها، لكونها دولة المؤسسات والقانون، دولة كل المواطنين. وحتى لا يحصل ما يتخوف منه السيد تقي الدين، فإنه يطالب بإعادة الحيوية إلى " الحزب الحاكم ". لكن هذه الحيوية لا يمكن إعادتها إليه، إلا إذا انفصل عن الدولة ، وانتسب إلى المجتمع المدني، كبقية الأحزاب والمنظمات، والهيئات المدنية الأخرى. عبر هذه المسافة بينه وبين الدولة، يمكنه عندئذ أن يمارس الرقابة، والنقد حتى تجاه سلطته، كما تفعل جميع الأحزاب السياسية في البلدان الديمقراطية.
السيد فريد الخازن متيقن من أن السلطة في سورية غير مقتنعة بضرورة التغيير ، وأن الإصلاح الذي تدعو إليه ليس سوى تعبير عن " أزمة كبيرة " يعاني منها نظامها الشمولي، الذي رغم أزمته، لا يزال يركز على الجانب " الأمني والعسكري " ولا يقبل المسايرة في الشأن السياسي، لأنه غير مجبر على ذلك حسب السيد الخازن.
مما لا شك فيه أن الكثيرين في سورية يشاطرون السيد فريد الخازن قناعته، خصوصا في صفوف المعارضة، ولهم أسبابهم. حقيقة يوجد في داخل السلطة ذاتها قوى عديدة فاعلة لا تؤمن أساسا بضرورة التغيير، وتتصرف وكأن وضع البلد الاقتصادي والاجتماعي على خير ما يرام، وكأن الوضع العربي، والإقليمي، والعالمي لم يحصل فيه شيء. ومع أن النظام لا يزال يركز على الجانب الأمني في تعامله مع القوى الاجتماعية الداخلية، ولا يزال يكابر في الشأن السياسي الداخلي، إلا أن التغيير آت، يستجمع قواه، فاستمرار الأوضاع كما كانت صارت مستحيلة، ونأمل أن يكون التغيير من الداخل بقوى وطنية، على قاعدة المصالحة الوطنية الشاملة. المسألة مسألة وقت، وكل تأخير له تكاليفه، وثمنه، فليس من مصلحة الوطن أن يدفع ثمنا باهظا لتباطئه في التغيير.
من جهته، طلال عتريسي يرى أن عدم رغبة النظام السوري في الانفتاح الداخلي، لا يرتبط
فقط بالتلازم بين "السياسي والاقتصادي "، أو بين " المحلي والإقليمي "، بل يرتبط كذلك بطبيعة "المعارضة ". وإذ يؤكد السيد عتريسي على " وطنية المعارضة "، وعلى "مشروعية" ما تطالب به، إلا أنه يدعوها إلى أن تعيد النظر في ترتيب أولوياتها بعد " تحرير العراق ". ويكون ذلك بأن تتحول من " اتهام النظام " ،إلى أولوية " التهديد الخارجي". فالنظام ،حسب السيد عتريسي،" لن يسمح بتعريض نفسه للخطر، سواء أكان مصدر الخطر داخلياً، أم خارجياً ". ولا يكتفي السيد عتريسي بمطالبة المعارضة بان تغير ترتيب أولوياتها، بل يدعو "المجتمع المدني " إلى تبديل "وظيفته"، عندما تتعرض " الدولة نفسها للتهديد ".فالتدخل الخارجي إذا حصل سوف " يطيح الدولة والمجتمع والسياق في وقت واحد ". ومن المنطقي، بحسب السيد عتريسي، أن يكون " الإصلاح " في سورية "معقداً وبطيئاً"، فالانتقال من الاقتصاد الحكومي إلى اقتصاد السوق عملية معقدة ".
السيد عتريسي يمثل بلا شك نموذج المثقف السلطوي عندنا، فهو يرى المشكلة ليس في السلطة، وسياساتها، ونمط حكمها، بل في طبيعة" المعارضة" التي يصفها " بالوطنية"، وكان قبله أحد جنرالات الأمن عندنا قد عدها وطنية أيضاً* ، وهي كذلك . بل تفوق السيد عتريسي على السلطة السورية في مطالبته المجتمع المدني بتغيير" وظيفته " لأن البلد في خطر !!.
يتجاهل السيد عتريسي أن كل الخطر الذي يهدد سورية هو من طبيعة داخلية، فالبلد يكون قويا، يهابه الآخرون، ويحترمونه، بقدر انفتاحه على شعبه، وبقدر ما يتمتع مواطنوه من الحرية، وبقدر ما هو متاح أمام قواه السياسية والاجتماعية من فرص للدفاع عن مصالحها بالطرق السلمية والقانونية، في مناخ ديمقراطي .
لا شك بان الإصلاح في سورية هو عملية معقدة وتتطلب زمنا ليس قصيراً، والسبب في ذلك ليس في صعوبة الانتقال من الاقتصاد الحكومي إلى اقتصاد السوق، كما يشير السيد عتريسي، فالسلطة السورية لا تزال متمسكة بالقطاع العام، وترفض خصخصته، وهي محقة بذلك بمعنى معين. المشكلة هي في صعوبة التحول من طراز الدولة الأمنية إلى طراز الدولة الديمقراطية، بكل ما تستلزم عملية الانتقال تلك من مقدمات، وشروط ثقافية، وسياسية، واجتماعية و اقتصادية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19-" كيف ينظر مثقفون لبنانيون إلى مشروع التغيير في سورية" ملف من اعداد إيلي يوسف. قضايا النهار. An-
Nahar (23/9/2003) انظر أيضا http://www.mafhoum.com تاريخ الدخول 27/10/2018.

*- اللواء بهجت سليمان، خلال استقباله وفدا معارضاً



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة الخامسة-طبيعة النظام السوري وقابليته للاصلاح
- الحلقة الرابعة...حلم التغيير للدولة والسلطة في سورية
- الحلقة الثالثة..حلم التغيير للدولة والسلطة في سورية
- حلم التغيير في الدولة والسلطة في سورية
- نحن العرب قوم نجيد الانحطاط
- خارطة طريق للحوار من أجل الخروج من الأزمة السورية
- من أجل مزيد من الوطنية في المادرة الوطنية السورية
- سأظل أمانع حتى آخر سوري
- كان عليها ان تفشل
- ثمان سنوات من عمر الأزمة السورية والمستقبل لا يزال مجهولا
- لماذا اللامركزية والعلمانية ضروريتان لسورية
- عقدة ادلب
- السياسة الأمريكية الجديدة في سورية
- قراءة متأنية في المرسوم (16) الناظم لعمل وزارة الأوقاف
- من -أبو طشت - إلى - ابن العم - إلى - مانديلا سورية- ألقاب تب ...
- - المعارضة السورية ودورها في هزيمة شعبها
- هزيمة الشعب
- المفاوضات في غياب القطب الديمقراطي
- لا أمل
- هل -السورية- هوية وطنية جامعة


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الحلقة السادسة-حراك الشعب السوري من الحلم بالتغيير إلى ال كارثة