أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد يعقوب ابكر - سيرة النهايات والخيبات (قراءة في تخدير العقول ومسارح العبث)














المزيد.....

سيرة النهايات والخيبات (قراءة في تخدير العقول ومسارح العبث)


احمد يعقوب ابكر
كاتب وباحث

(Ahmed Yagoub)


الحوار المتمدن-العدد: 6342 - 2019 / 9 / 5 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


(1)
صباحاً وأنا اؤدي طقس ما على ضفاف النيل الابيض، مرتدياً نباتات النيل ومتسلقاً جدارات الوعي وانفصاماته، مصلياً نافلة لم تكتب بعد ، تتجمع في أعلى الهيبوثلاموس أفكاراً أثارتها رؤى نبتات الصّبار متدثرة بشوكها الانيق ،وآن كانت الافكار تتداعى الى المخيلة ؛ كانت الصراعات تدور بين الانا العليا وتوازنها الداخلي،وبين هذه الانا والسلطة المؤسساتية الممثلة في الاخر بكل تمثّلاته وتهويماته بما هو عدو وبما هو استلاب وبما هو تشويه وخديعة واستبداد ،واذا كانت هذه المحاولة تتراءى اتهامية من وهلتها الاولى فان الاتهام موجه بدءاً وجوهراً الى السلطة : سلطة الدولة الوحشية بغزاتها ، سلطة الاحزاب التنظيمية وبيروقراطيتها ، سلطة القضاء والقدر ، والبطرياركية (الابوية)، سلطة الطوطم والمقدس ،وباسم الغرق والتكلس والتشظيات لايقاع الحياة اليومية ولهاثنا خلف شرنقتنا الذاتية والانتهازية ،وحتى اؤلئك المهمشين مسؤولون ضمن أطر وعيهم الخاص والمستتر الاناني أو الجمعي عن ماهو الوطن؟ وكيف يبدو الوطن في اطار تجسيد الذات له ضمن حيّزها الاناني فقط؟ وبلغة اخرى كيف يتبدى البلد في هذا الهول الذي يسطو على المجتمع باسم الدولة والجيش والامن والحزب والطائفية وشعائر وشعارات الثورة التي أحسب أن معظم أهدافها لن تتحقق! أليست الثورات حلم ماتع ؟ تتجلى في الهتافات والاناشيد وطقوس الاضحية فيها ( الشهداء)،واي كان التغيير المُنجز في أطره الدوغمائية ،هل سنبني وطناً لاتزال نيرانه موقدة كنار المجوس منذ ست عقود ونيف ؟ دون ان نجيب ماهي هذه النيران ( العنصرية والتهميش ،الدين ، اللادولة ، الفساد، الطائفية، انتهازية الافراد والمجتمع، تنميط التفكير ، اخصاء العقول، الاحزاب اللاوطنية ، سلطة القبيلة ، الوجدان المشروخ، المثقف الوهمي ، النخب الرأسمالية ، البرجوازية المتطفلة ، الاقتصاديات اللقيطة، اقتصاديات الفقر، أولاد البحر ، اولاد الغرب، أولاد الحرام ، اولاد اللاأولاد).
(2)
ولأن هذه الحياة تسير في اغلب الاحيان، وبفعل استمراريتها اللاواعية، على نحو روتيني دونما ادراك نقدي لحركتها الداخلية ، فهي بالكاد منسية في الية حركتها ،وأن من يستغل هذا السهو واللا يقظة هي السلطة الواعية تماماً والمدركة لغياب روح النقد لدى الغالبية العظمى من الجمهور الذي يشاهد دراما الدولة في مسرحها العبثي، والسلطة واعية تماماً أن هذه الاكثرية الساحقة من المجموع التي تصفق بارادتها يتلبسها روح القطيع،وستأتي حقبٍ نتذكر فيها الموت اليابس وسنصمت بعدما تم تخديرنا باتفاقيات لا ندرك كنه تنفيذها أبداً وسنقول ( انا لله وانا اليه راجعون) و(لا حول ولاقوة الابالله ) آنها سيبذر مازرعناه ونحن مخدرين ، وسنحصد القهر والاستلاب : انه لكذلك حقاً فاي منقلب ستنقلبون؟ واليأس من الثوريين الانتهازيين :هو الامر ايضاً، تاريخ رسوخ الجهل بما شهدته عيوننا وقالته السنتنا ،واللاعقلانية التي باركناها حين صافحنا أيدي من قتل فلذات أكبادنا ،وبعنا الوطن وضميره ورفعنا رجليه ليُضاجع بعنف في ارخبيلات القصور والحدائق في دويلات بحجم فولنا السوداني تسمى ( الكفيل)، ألم أقل ان شعائرنا التي أقمناها وشعاراتنا الثورية التي رفعناها ، كانت حلمنا الماتع وعلى مذبحنا المقدس قدّمنا اضحياتنا للوطن ( شهداء أغلى من هذا التراب) وبعيداً عن عاطفتنا المتوهمة والمرتدية ثوب مثاليتها أليس الانسان هو أغلى ما في هذه الاكوان؟ إنه زمن الخيبات والترهل ،أزمنةٍ اللازمن ،غروب كل الشموس وافولها ، حقب النهايات ، ولكن من يصدق ؟ بعد أن باركتنا الالهة مؤخراً يوم بداية ثورتنا ، وهاهي الآن تجهز دفاترها لتوقع على لعنتنا في لوحها المحفوظ.
(3)
الآن في هذه البرهة المسروقة من شظايا عقلي الملتاث بوعي قنينة القديس جيمسون ، أقول لكتابنا أن عصور الرداءة والخطر لاتدعونا الى الكتابة الانحطاطية ، فالادب الجيد ينمو في أزمنة الانحطاط والخطر والتدهور ،أما ادب الشكلانية واللعب فمناخه عصور التوازن والاستقرار، والكتابة الان كما اراها هي القائمة على الفضح وتعرية المستور والحرائق والصدمة، لا كتابة الفرح والانتصارات الزائفة، والتقديس والتمجيد للاصنام التي صنعناها بمحض عجوتنا المسوسة ، فلنكتب لنجلّي هذا السودا الحالك ولنندفع نحو الجذور توقاً الى الشموس ونوغل نحو الينابيع .
وفي سيرة هذا الوطن المضطرب وزمنه الخائن سيقول الراوي : أنه آوان دخول النصل مخترقاً السهب وقاطعاً تلك الاوردة التي تحمل دماء الوطن موزعة إيّاه على أوقيانوس الجغرافيات المبتلة بالدموع وتدفق حليب الامهات ، والحزن الراشح في أزمنة الغدر والحقن بالاباطيل ؛وآوان تحولت الدلافين الجميلة الى مصاص دماء ، في حقب التفكك والدم وسيلان الحيوانات المنوية للغزاة على ارصفة الحضارة التي باركتها الالهة في كتابها الازلي ،سيحكي عن الوطن الذي حلمنا به في أوقات الشدة والازمنة الهاربة والخائبة وهو يستدير بعيداً عنّا يبتلعه الغزاة رافعين رجليه الى أعلى المناخات الاجرامية، وهم يولجون بقايا أعضائهم المرتخية التي تحمل فيروسات الهمجية والبربرية في بحوره الزرقاء، وسيبكي الخُدّج وهم يسمعون حكايات الوطن الذي يتهاوى كجثة في هذا الكوكب وهو يغزل شرنقة زمان قديم مهلوساًعن أشباه موتاه في قاع بئر الافاعي،ولسوف يهْجسون في سرهم عن أنه كم يبدو هالكاً وهشّاً في هذا العراء البارد، وقد شُوهِد في أغساق ما وقرارات الظلمات السحيقة وحلكتها ؛نجمة أو لؤلؤة تتوهج وتضئ البحارالعميقة وتخوم المسام.
(أقول قولي هذا الذي تكرهونه ، وسأنتبذ في أجمة الدغل العاري مغتسلاً بالجحيم ).



#احمد_يعقوب_ابكر (هاشتاغ)       Ahmed_Yagoub#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفستو الموت (خيبات الالهة والمرأة والوطن)
- في سيرة المدن الكئيبة (انثربولوجيا التلصص)
- مراثي لشهيد السودان الجديد (د. جون قرنق)


المزيد.....




- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد يعقوب ابكر - سيرة النهايات والخيبات (قراءة في تخدير العقول ومسارح العبث)