عامر الدلوي
الحوار المتمدن-العدد: 6335 - 2019 / 8 / 29 - 12:56
المحور:
كتابات ساخرة
من أجمل ما قرأت على صفحة أخي و صديقي و رفيقي " إبراهيم البطاط " في الفيس بوك مقولة مفادها : "إن سرج الذهب على ظهر الحمار لا يحوله إلى حصان بل يبقى حماراً " .... طبعا ً مع جزيل إحترامي للقراء عما سيرد من ألفاظ بحق البعض من الناس .
المصيبة أن هذا القول هو عام شامل و لا يقتصر على منطقة دون غيرها حسب خبرتي بالحياة ... فمن خلال عيشي في منطقة " الصويرة " الزراعية لحوالي عشرين عاماً لاحظت الكثير من هذه النماذج .. و خصوصاً بين المزارعين " بإستثناء الطيبين و الواعين منهم " .. الذين جلب لهم الحصار منافع إقتصادية كبيرة , إذ تراكمت أموالهم بشكل لا يصدق من العملة المطبوعة محليا ً و التي فقدت ثلاثة أرباع قيمتها الفعلية ... فما العمل بها ؟
1- تزوج كل منهم زوجة ثانية ليستعبدها في الحقول .
2- إشترى سيارة جديدة آخر موديل .
3- إشترى دشداشة من قماش الزبدة و وضع عليها الأزرار دبل كف و وضع قلم جاف من النوع الفاخر في جيبه .
4- إشترى حذاء روغان .
5- لكنه ظل عندما يمرض أولاده يأخذهم صحبة زوجته إلى طبيبة الأطفال التي عندما تسأل الزوجة عن بداية المرض يقول للطبيبة :
" دكتورة أساليني إلي لأن هاي هايشة ما تفتهم "
بينما واقع الحال يقول إنه يقضي معظم وقته في المدينة حيث يذهب صباحا ً بحاصلاته إلى سوق الجملة و ينتظر الظهيرة ليجمع الصناديق الفارغة و يذهب إلى المطعم ليأكل " الكُباب " كما يسميه أو يضرب " التشريب " و يعود عند المساء إلى البيت .
6- مثل هذا " الحمار " يتصور نفسه قد صار " حصانا ً " بمجرد ما أن وضع بعضهم على ظهره سرجا ً من ذهب في واقع ما زال مستمرا ًمنذ تلك الأيام لا بل أنه ذهب إلى الأسوأ في هذه الأيام .
في بغداد و الوسط سأحتاج إلى سجل بألف صفحة لأذكر مناقب أهل الغربية في هذا المجال " مع إحترامي الشديد للخيرين و الطيبين منهم " .
و اليوم و أنا أعيش في الأقليم مع الأسف رغم التطور الحاصل أرى الكثير من هؤلاء الذين أول ما فعلوه بعد التغيير في 2003 :
1- سرقت ممتلكات الدولة " وهذا إجراء لم يقتصر على الإقليم " العامة و التي هي ملك الشعب العراقي ككل , و إتخاذها وسيلة للإثراء غير المشروع .
2- قام العديد من الفلاحين و الإقطاعيين بتغيير جنس الأراضي الزراعية " العقود " إلى " ملك صرف " و توزيعها و بيعها دوانم بأسعار مرتفعة .
3- إضافة إلى التدمير الذي شهدته البيئة الجبلية لأن معظم من أشترى تلك الأراضي هم من حديثي النعمة في المدن حيث قاموا يتجريف التربة الجبلية و بتاء ما أسموه بالمزارع التي يقظون فيها العطل .
4- فإن هؤلاء الفلاحين نزحوا نحو المدن و نقلوا لها ثقافة الريف و التي تتجلى في تربية الدواجن وسط بيوتهم و خارجها مشوهين بذلك صورة أحياء المدينة التي نظمت السلطات المحلية بناها التحتية على أحسن ما يكون .
5- و نفس ما فعله فلاح الحنوب عندما أشترى سيارة جديدة لكن بصورة أكثر تطورا ً في الأقليم حيث أنه يظن بشرائه سيارة حديثة له و لإبنه فإنه تحول من " حمار " إلى " حصان " .
6- لكن الزيادة في التصور بأنه صار " حصان " كان لا بد من إقتناء السلاح .. مسدس كان أو رشاش .. برخصة أو بعدمها .. لذلك نلاحظ زيادة في حوادث القتل لأتفه الأسباب و خصوصا ً في مشاكل السياقة في عاصمة الإقليم .
سأعرج قليلا ً على بغداد و الغربية و الشرقية ... و ما يهمني هنا هم حمير الثقافة الذين يتصورون أنفسهم " خيولا ً " أصيلة .. لكنهم في واقع الأمر تقاد بهم عربات بيع النفط و الغاز :
1- الذي يتصور الواحد منهم بأنه بما كتب من جملتين أو ثلاثة على صفحات التواصل الإجتماعي ..بأنه صار " حصانا ً " لا يجارى و لا يبارى في الساحة الأدبية و السياسية .
2- " العجي " الذي أشتغل لساعتين كـ " لوكي " في إذاعة أو تلفزيون ما فصار يكتب عن نفسه و تعريفها بأنه " الإعلامي فلان الفلاني " .
3- " الحمار " الذي لا يستضيف و لا يجري المقابلة إلا مع " كدش " السياسين من الحرامية و القتلة و يريد أن يسوقهم على أنهم قادة البلد مقابل ما يجود به عليه ذلك " الكديش " من سرقاته .
4- " الحمار " الذي يحمل شهادة أو أكثر و يتبع " كديش " لا يحمل من العلم و المعرفة شيئا ً , يتبعه سياسيا ً و دينياً.
5- " الحمير " الذين سنحت لهم الفرصة عبر الغزو الأميركي للعراق أن يؤسسوا مكاتب إعلامية و مؤسسات تدعي الدفاع عن حقوق الصحفيين و الإعلاميين و هم في الواقع لا يهشون و لا ينشون في الأمر شيئا ً سوى الإرتزاق من على بوابة السفارة .
أما حمير الجاه و المال فأولئك شأن آخر يتجلى في كونهم لا يمتلكون من ثقافة الحفاظ على نظافة المدينة أو الإنتماء لها و للوطن من شيء , و أدلة ذلك لا تحتاج لبحث عسير للوصول إليها .. فهو يركب أرقى أنواع السيارات بفعل ماله و جاهه .. لكنه يرمي زجاجة الماء أو الكولا الفارغة في الشارع .. يرمي نفاض دخان سيكارته و عقبها في الشارع رغم أن الشركات المصنعة قد وضعت له منضفة للسكائر و أعقابها في السيارة .. و صار الواحد أو الواحدة منهم " الزوج و الزوجات " لا يسير إلا و " خادمه أو خادمته " من أبناء الشعوب المقهورة ببلاء الفقر يمشي ورائه , كي يظهر للناس بأنه صار " حصانا ً " لكنه في الحقيقة حتى في خانة " حمير " الركوب لا يمكن تصنيفه , بل يمكن وضعه في خانة " الحمير " التي تشترى لتكون طعاماً للإسود في حديقة حيوان الزوراء ببغداد .
و لا بد من التعريج على " حمير " المسؤولية لما بعد " يوم التحرير " في 9 نيسان 2003 , فهؤلاء يحار الوصف فيهم , فبرز الكثير منهم في دولة العمائم و على مستوى العراق الشامل من اقصى نقطة في شماله لجنوبه و من شرقه لغربه , فتأكدت بهم صحة مضمون الآية الكريمة :
" والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون " " سورة الأنعام "
و بالتأكيد فأن الفقرة الأولى غير مشمولة هنا فإنما هم مجرد " بغال و حمير " ركبهم " بريمر " بعمليته السياسية للوصول إلى أهداف أميركا و إسرائيل في تحطيم دولة أسمها " العراق " . و الذين تسللوا عبر الديمقراطية " المنغلة " لسدة الحكم ليكملوا نبوءة " طارق عزيز " في سلب و نهب ما تبقى في " بنك " أسمه العراق , عندما نفى عنهم صفة المعارضة و وصفهم بأنهم " شلة حرامية و العراق بالنسبة لهم بنك كبير إذا ما أستولوا عليه فأنهم سيكنسون آخر دينار في خزائنه " رغم أن صفة الحرامية ما كانت بعيدة لا عنه و لا على سيده .. إلا أنه حتى الحرامية اصناف و يوجد صنف أهون من صنف .. كأن يسرق بدون قتل .. و أن يسرق و يقتل .. و يسرق و يقتل و يخفي معالم الجثث .
و هناك " حمير " لا يقف على ظهورهم سرج لا عادي و لا من ذهب , و هؤلاء شر البرية , كلما نهق ناهقٌ منهم تصور نفسه " نيرون " أو " نابليون " أو " الإسكندر الأكبر " في فتوحاتهم التي سطر ملاحمها التاريخ و هم إذا ما وضعتهم في الميزان ترفعهم قشة ٌ إذا ما وضعت في الكفة الأخرى , و هؤلاء لا ينفع معهم نصح ٌ ولا إرشاد , كلما تدلهم على الطريق تراهم يسيرون في الإتجاه المعاكس , مثَلَهم مثل المدموغة جباههم في الدنيا و الآخرة ... ههههههههههه .. و الطامة الكبرى أن هذا الصنف يقف على اليسار دائما ً عند إستعراض القوى المحركة للتاريخ ... و أقصد بها الشعب .. حيث أن الشعب وحده و ليس القادة هو القوة المحركة للتاريخ .
#عامر_الدلوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟