أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمد حاجي - درامية المشهد النضالي بين أسطرة المكان وأنسنة الزمان















المزيد.....

درامية المشهد النضالي بين أسطرة المكان وأنسنة الزمان


حمد حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 6315 - 2019 / 8 / 9 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


درامية المشهد النضالي بين أسطرة المكان وأنسنة الزمان
دراسة لثلاثية (أحمد العربي) للاستاذ حمد حاجي
اعداد الاستاذ علي خالد
يقول الاستاذ حمد حاجي عن ثلاثياته:
" ان الثلاثيات وان كانت من الأدب الوجيز وان بدت جنسا ادبيا يحتفل بالقصة القصيرة جدا .. فانها فن التأويل الذي ينزع لأن يكون أكثر الأشكال السردية تعبيرا عن مشاركة المتلقي بالنص"

ثلاث قصص قصيرة جدا للاستاذ حمد حاجي
ا=============== أحمد العربي============
1- فليأت الحصار
ا===============
الرجل الذي جثا على ركبتيه بعدما مزقته الرصاصة رأيته هازئا.. ينظر للهيلكوبتر تدور حوله ..
فيما طلقات الرشاشات ما تزال ترسم ذلك الخط الطويل على الرمال..
ا===========ا
2- و أنا أحاصركم
ا===========
كالمراهقة..
المرأة التي وضعت العدسات الخضراء بعينيها وعلقت قرطا بغضروف أنفها، واثنين في حاجبيها، والأخير بصرتها..وقامت بتلوين أظافرها بالأصباغ.. حتى تمرَّ من أمام بوابة الحواجز..
تحت القصف .. ووابل الرصاص..
وضعت الرمانة المتفجرة تحت جثة رفيقها..

ا==========
3- أيها المارون
ا==========

ولما صفَّرتُ؛ أسرعتْ فزعةََ..
صدرها يعلو ويهبط، حتى تلامست أصابعنا.. وخبَّأتُها خلف ظهري للجدار..
بقينا نلمح الطائرة تنخفض، تبعثر سحب الرمال حولها..
فيما يثب منها الجندي.. يتفحص الجثة، يركلها..
تنكفئ على وجهها..
الطائرة متفجرة..
ا============= انتهت الثلاثية القصيرة جدا =======
التحليل
ا========
للقص هذه المرة نكهة أخرى ،وكذا هي النصوص مع للاستاذ حمد حاجي , بحث مطرد عن الجدة والطرافة بنكهات متدرجة كالمعتقة من سلافة كلما امعنت فيها ازدادت حلاوة ولذة وانكشفت لك نوافذ وحجب . نصوص ليست الحبكة ولا الصنعة وحسب ميزتها الاولى، بل تلك الطاقة التي تبثها في القارئ مع كل قراءة جديدة . تلك الطاقة التأويلية التي تحملها ، تدفعك في مسارات عدة وأحيانا متناقضة أيضا ،فإذا أنت تهم بالطريق وتأتي غيره ،تسير فيه شوطا ثم تنتبه في منعطف من منعطفات القول إلى علامة أو إشارة تنسف كل ما ذهبت إليه فتعيدك مسيرتك الأولى. كذا شاء المبدع وهو يرسم ثلاثياته، ثلاثية الأبعاد أيضا، من اكتفى فيها بالسطح ،طولا وعرضا، فلن يظفر ببرد اليقين، ولن يطمئن إلا إذا غاص في بعدها الثالث، عمقها النفسي وعلاقته بالراهن.
بانوراما الثلاثية ،مشهدية مؤلمة وهي تطالعك للوهلة الأولى ،اختار لها صاحبها عتبات ثلاث ، في مدخل واحد " أحمد العربي". هندسة العتبات أيضا لا تخلو من دلالة . لا يمكن بحال تجاوزها إلى المتن قبل التقاط ما تحمل في عمقها من دلالات واسقاطات كفيلة بضبط إطار المشاهد الثلاث.

على خلاف الثلاثيات السابقة يطالعك المبدع الاستاذ حمد حاجي ، بعتبة صريحة " أحمد العربي" ، وتتساءل أما كان يكفي الاسم أحمد ليخصص بالنسبة " العربي " ...وكأن الاسم وحده وفي ما يحمله من رمزية دينية وحضارية لم يعد اليوم يكفي ،حين كاد يصبح من المشترك بين أمم كثيرة نتقاسم معها مقوما من مقومات الهوية ، وكأن القاص يمعن في التخصيص ليحاصر بدقة متناهية أطراف المعنى . فنحن بهذا أمام شخصية متفردة متمايزة عن غيرها بمقوم جوهري من مقومات الهوية ، الانتماء إلى الأرض والعرق. ويحضر بقوة في ذهن القارئ منهل من مناهل المبدع ، صورة " أحمد الزعتر " أحمد المنسي في قصيد محمود درويش ،ليتحول إلى يقين مع عتبات النصوص : فليأت الحصار،وأنا أحاصركم، أيها المارون. ليجد القارئ نفسه يلهج بأبيات القصيدة :
أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم
و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار."
ثم تتداعى الصور أمام ناظريك تباعا ، صور ملهمة ، توزعت في " مديح الظل العالي " و" حصار المدائح البحر" وغيرها من مدونة شعرية عظيمة أسهمت ولاتزال ، لا في الهام المبدعين في مختلف الأجناس الأدبية وحسب، بل في صنع وعي قومي بالقضية الأولى، القضية الفلسطينية، وفي إذكاء روح المقاومة لدى المرابطين وسائر الشعوب العربية .
على هذا النحو ، اتهجى عتبات القص أملا في ولوج متن نص محكم البناء لمبدع متمكن من أدواته ، ارتفع بدرجات التكثيف أسقفا قد تبدو للوهلة الأولى في مرمى الجهد القرائي الأدنى ، غير أنها تؤتي أكلها ضعفين،بل اضعافا مضاعفة، ان اصطبرت وقلبت مواضع الكلم والحركات.


كذلك هي العتبات في القص ،ليست مجرد علامات ، بل هي عناقيد الدلالة ، هي " مفتحات" القول ، قد تذكي فيك شهوة القراءة ولذتها ان استطاع صانعها أن يبث فيها من روحه ويشبعها من المشترك في المدونة يستفز بها ذائقة القارئ و"شهواته". وقد يخطئها فتستحيل القراءة مشقة مقطاع الجهد .
وكذا هو التكثيف في القص القصير والقصير جدا ، ليس طلاسم أو اغراقا في حوشي القول وغريب الصور بقدر ماهو براعة وصنعة تدفع القارئ إلى الحفر عميقا بلا عنت ليبلغ المقاصد .
وليس غريبا أن يبهرنا د.حمد حاجي وامتلاكه المهارتين معا. فتستحيل فعل القراءة انصهارا ولذة ليست بعدها لذة ، منتجة للمعنى مولدة للدلالة .
وكذا هي النصوص ولود أو لا تكون.
وسأكتفي ،بعد القراءة الماتعة للاستاذ حمد حاجي ، بالوقوف عند بعض سمات التكثيف وعلاقة العتبة بالمتن.
ففي المشهد الأول، استطاع المبدع الاستاذ حمد حاجي بإيجاز البلغاء ان يرسم تقابلا طريفا عميقا بعيد الدلالة بين " جثا على ركبتيه" و " رأيته هازئا"، جملتين فعليتين على قصرهما،وظف فيهما الحالية لينقل للقارئ شموخ الرجل وإباءه ، تلاعب طريف ، فالأصل أن يهزأ المنتصر ، المغتصب، مالك القوة وأدواتها المادية " رصاص ، هيلكوبتر". وكأني به يقول لا قوة الا العزم والإصرار والإيمان بالقضية ...ذاك الذي لا يتذوق لذاته الغاصبون.، وأن انتصروا في الميادين اليوم.
تتأكد الصورة وينكشف المعنى كفلق الصبح في الربط الذكي بين العتبة والمتن، " فليأت الحصار" ،حين يرتفع سقف التحدي والهزء بالغاصبين إلى أعلى درجاته بلام الأمر واستدعاء أعتى وسائل العدو . فأي حصار يمكن أن يصد الحق ، ويخمد صوته.
ليتقاطع صوت " الرجل" بصوت القاص وصوت درويش والشابي " سأعيش رغم الداء والأعداء / كالنسر فوق القمة الشماء/ أرنو إلى الشمس المضيئة هازئا/ بالسحب والأمطار والأنواء " في " نشيد الجبار " أو هكذا غنى بروميثيوس.


في المشهد الثاني ،" وأنا أحاصركم" ، الأنا الفرد في مقابل ضمير المخاطب الجمع المدجج بالسلاح، تقف المرأة ، على الضفة الأخرى في مواجهة المغتصبين، بكل زينتها ، بكل ما تحمله من مقومات هويتها التي لم تفرط فيها - رغم الحصار ورغم القصف ورغم وابل الرصاص ورغم جميع أساليب بالغاصبين في تزوير التاريخ وتشويه الثقافة - تقف المرأة برمانة متفجرة تضعها " تحت جثة رفيقها" . وكم تحضرني عبارة درويش في "سقط القناع":
حاصر حصارك...لامفر
اضرب عدوك ...لا مفر
سقطت ذراعك فالتقطها
وسقطت قربك فالتقطني
واضرب عدوك بي
فأنت الآن حر وحر وحر."


وليس أروع من مشهد الالتحام في القصة الثالثة ، يصدرها المبدع ب " أيها المارون" ولك أيها القارئ أن تسبح ما شئت في بحور الدلالة ، وأن تستدعي من الذاكرة ما أسعفتك ، وأن توجه النداء لمن شئت ، أليس النداء في معناه الأول تنبيه السامع إلى ما يريد المتكلم قوله ...فلك مثلا ان تسبح مع درويش في " عابرون في كلما عابر":
منكم السيف ومنا دمنا
..............
..............
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا."
حتى تصل :
فاخرجوا من ارضنا
من برنا ..من بحرنا
من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا
من كل شيء،واخرجوا
من مفردات الذاكرة".
ولك أيضا أن تكتفي بالمشهد القصصي القصير ، لتسجل أروع لقطات وحدة المصير في " تلامست أصابعنا" وأجمل معاني الفداء في " خبأتها خلف ظهري للجدار" ، ولك أن تذهب في تأويل الأنثى مذاهب ، فهي الأم والأخت والحبيبة، وهي الأرض والكرامة والنخوة والعزة ...هي فلسطين.
لتنغلق الثلاثية ، بسقوط مدو للطائرة برمزيتها وبصورة تذكرنا بمشهد استشهاد " محمد الدرة".
على هذا النحو ، ينجح الكاتب القاص أ.حمد حاجي بما يمتلك من أدوات السرد في القص القصير في أن يفجر أجمل ما عرفنا في مدونة المقاومة والثورة ، في أن يعيدنا إلى المربع الأول ، وكذا هو الأدب والأديب، ان لم يكن قادرا بما أوتي من أدوات على إعادة وجهة البوصلة، ملتصقا بقضايا امته في بعديها القومي والإنساني، ان لم يكن كذلك، فقد ضيع الأمانة.
مودتي وتقديري للاستاذ حمد حاجي ...دام وهج حروفك وسلم نبض قلبك.



#حمد_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمد حاجي - درامية المشهد النضالي بين أسطرة المكان وأنسنة الزمان