أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عاصم البرقان - سياسة الصين اتجاه دول جنوب آسيا















المزيد.....

سياسة الصين اتجاه دول جنوب آسيا


عاصم البرقان
(Asem Al-burgan)


الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 18:15
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


منذ اعلان الصين عام 2013 عن مبادرة (حزام واحد طريق واحد)، كاكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، لربط الصين مع العالم على انقاض طريق الحرير القديم، زادت الصين من نشاطها في جنوب اسيا؛ وهي المنطقة الجغرافية الضرورية لتنفيذ المشروع، من خلال طرح مساعدات اقتصادية كبيرة والامتناع عن فرض اي ضغوطات وخاصة سياسية على هذه البلدان. ويعود المشروع الصيني بالنفع ليس فقط على الصين وانما على معظم دول المنطقة. الا ان التوسع الصيني وازدياد اعتماد دول المنطقة على الصين يثير مخاوف العديد من الدول، ويعتبر تحدياً ليس فقط للهند التي كانت تتمتع بموقع مهيمن تقليدياً في المنطقة ولكن لدول اخرى كدول الاتحاد الاروبي والولايات المتحدة.
وتنفذ الصين في باكستان الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني كجزء من مبادرة (حزام واحد طريق واحد) بتكلفة تبلغ قيمتها حوالي 62 مليار دولار، ويشمل على بناء طريق بري وخط للسكك الحديدية وخط أنابيب للغاز وخط أنابيب للنفط تربط بين مقاطعة سينشيانغ الصينية وبحر العرب وميناء جوادارفي مقاطعة بالوشيستان في باكستان.، اضافة الى تنفيذ العديد من مشاريع الطاقة. وساهمت محاولات الهند في عزل باكستان على المسرح الدولي وتدهور العلاقات الباكستانية الأمريكية في عهد رئاسة دونالد ترامب في زيادة تعميق علاقات الباكستان مع الصين.
وعلى غرار المشروع الباكستاني، تخطط الصين للتنفيذ أيضًا في ميانمار الممر الاقتصادي الصيني-الميانماري بتكلفة تبلغ قيمتها حوالي 10 مليارات دولار، والذي يقوم على بناء شبكة من الطرق والسكك الحديدية والتي يبلغ طولها 1700كم وتربط مقاطعة يونان الصينية بخليج البنغال والميناء البحري والمنطقة الاقتصادية الخاصة في كيوكفيو. ووافقت سلطات ميانمار على تنفيذ المشروع في عام 2018، بعد أن أصبحت هدفًا للانتقادات الدولية بسبب أزمة أقلية الروهنغا. وسمحت كذلك للصين بالمباشرة بالعمل بخط أنابيب النفط الذي تم إنشاؤه في عام 2014.
وأكثر التغييرات حدثت في البلدان الصغيرة في المنطقة، والتي كانت تقليديًا تهيمن عليها الهند؛ ففي السنوات الأخيرة، قدمت الصين قروضا لسريلانكا بحوالي 9 مليارات دولار للاستثمار في الموانئ والطرق والسكك الحديدية. ووصل حجم دين سريلانكا لصين ما قيمته 25% من الدين الخارجي للبلاد. ولذلك وبسبب عدم قدرتها على سداد ديونها نقلت سريلانكا 70% من حصتها في ميناء هامبانتوتا الذي بناه الصينيون في عام 2017 الى الصين ولمدة 99 عاما. وخلال زيارة الرئيس الصيني إلى بنغلاديش في عام 2016، تم توقيع 29 اتفاقية لمشاريع البنية التحتية بقيمة 24 مليار دولار أمريكي تقريبًا، لم ينفذ منه إلى الآن إلا جزءًا بسيطاً. وبدأت جزر المالديف الصغيرة أيضًا في الاستفادة من العرض الصيني ، حيث اقترضت من الصين منذ عام 2014 حوالي 1.4 مليار دولار أمريكي، هو ما يشكل تقريبا 75٪ من ديونها الخارجية. وانضمت نيبال إلى مبادرة (حزام واحد طريق واحد)، بعد تدهور علاقاتها مع الهند عام 2015. وزادت الصين من المساعدات التقنية لأفغانستان والتعاون معها في مكافحة الإرهاب وتقترح إدراجها في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.
وينطوي تطبيق مبادرة (حزام واحد طريق واحد)، على تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية بين الصين ودول المنطقة. حيث ارتفعت صادرات الصين إلى دول جنوب آسيا (باستثناء الهند) بين عامي 2013 و2017 بنسبة 54 ٪ (من 31.1 مليار دولار إلى 48.2 مليار دولار) ، والواردات بنسبة 10 ٪ (من 6.9 مليار دولار إلى 7.6 مليار دولار). وفي عام 2017 وقعت الصين اتفاقية تجارة حرة مع جزر المالديف، ومنذ عام 2015 تتفاوض مع سريلانكا على اتفاقية مشابهة، علما بان هناك اتفاقية للتجارة الحرة مع باكستان منذ عام 2007. وافتتحت الصين 10 معاهد كونفوشيوس في المنطقة بأسرها، وتقدم ألاف من المنح الدراسية للدراسة في الصين. بالإضافة إلى ذلك، يشكل الصينيون أكثر من نصف السياح الأجانب في جزر المالديف وثاني أكبر مجموعة في سريلانكا، والتي تدر دخلاً كبيراً لهذه البلدان.
وتعود نجاحات الصين في المنطقة بفضل استراتيجية تجمع بين عنصرين - يستخدمان أيضًا في مناطق أخرى، على سبيل المثال في إفريقيا -. أولاً تقدم الصين التمويل اللازم لاستثمارات البنية التحتية، فبالإضافة إلى القروض الثنائية، تعد منطقة جنوب آسيا أكبر المستفيدين من بنك الاستثمار في البنية التحتية الأسيوي الذي أنشأته الصين. حيث ينفذ البنك 15 من أصل 34 مشروع في هذه المنطقة، علما بان أغلبية المشاريع تنفذ في الهند. ومن أصل 21 في مرحلة الدراسة 17 مخصصة لهذه المنطقة. ثانياً تقدم الصين نفسها كشريك لا يتدخل في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة. يؤكدون أنهم لا يطلبون إصلاحات اقتصادية أو سياسية ، ويقدمون المساعدة دون شروط. وكما تستغل الصين التوترات مع دول ثالثة حول قضايا حقوق الإنسان (مثل اضطهاد الروهينغا في ميانمار وجرائم الحرب في سريلانكا). ولقد أصبحت الصين شريكًا لا غنى عنه توفر الحماية السياسية ضد العقوبات الدولية (على سبيل المثال في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة). وتعتبر الصين المورد الرئيسي للأسلحة للحكومات التي لا يمكنها الاعتماد على الموردين الغربيين (سريلانكا، ميانمار، باكستان).
وفي نفس الوقت يثير التواجد الصيني في المنطقة المزيد من الجدل والمقاومة المحلية. وأصبح الاستيلاء على ميناء هامبانتوتا في سريلانكا مثالًا رئيسيًا على "فخ الديون" الذي دفع من بين أمور أخرى سلطات باكستان وميانمار وسريلانكا لإعادة التفاوض بشأن الاتفاقات السابقة والحد من حجم الاستثمارات. ويثير انعدام الشفافية؛ حيث لا تعرف لا قيمة ولا شروط القروض الممنوحة من الصين، شكوكاً حول الفساد ويجعل من الصعب تقييم الجدوى الاقتصادية للمشاريع. ويمثل العجز التجاري المتزايد لجميع دول المنطقة وتنفيذ المشاريع من قبل الشركات الصينية مصدر قلق. ونتيجة لذلك تزداد الحالة المزاجية المعادية للصين في العديد من المجتمعات. وكانت الأحداث السياسية الأخيرة في العديد من البلدان غير مواتية للصين. ففي عام 2018 خسر الانتخابات الرئاسية في جزر المالديف بشكل غير متوقع الرئيس الموالي للصين عبد الله يامين. وفي سريلانكا وخلال الأزمة الدستورية في خريف عام 2018 دعمت الصين الرئيس السابق ماهيندا راجاباكسا ، لكن المحكمة العليا أُحبطت عودته إلى السلطة. وأمر رئيس وزراء باكستان الجديد والذي وصل إلى السلطة في تموز 2018 عمران خان بمراجعة الاستثمارات بموجب الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وتوجه بطلب المساعدات المالية من دول الخليج.
تمكنت الصين من متابعة مصالحها وزيادة حضورها الاقتصادي والسياسي والثقافي في معظم دول جنوب آسيا. وبفضل الاستثمارات المخطط لها ستستطيع مناطق الصين المعزولة عن البحر من الوصول إلى المحيط الهندي. وأن نجاح مشاريعها في المنطقة مهم لمصداقية مبادرة (حزام واحد طريق واحد). وسوف تستفيد بلدان المنطقة أيضًا من زيادة مشاركة الصين، حيث يساهم في وصولها إلى تمويل استثمارات البنية التحتية اللازمة ويوسع مجال المناورة في السياسة الخارجية. وهذا يعطيها دوراً استراتيجياً ويجعلها أكثر تقديراً من القوى الإقليمية الأخرى، فنتيجة لذلك وعلى سبيل المثال، خففت الهند من سياستها تجاه نيبال وزادت مساعداتها الاقتصادية لجيرانها. وكما وأعلنت اليابان وأستراليا عن برامج جديدة لاستثمارات البنية التحتية في المنطقة. وفي الوقت نفسه قد تؤدي النتائج السلبية المتزايدة بشكل ملحوظ لمشاركة الصين والعقبات المتزايدة التي تواجهها في المنطقة إلى مراجعة بعض عناصر نشاطها مثل زيادة فتح اسوقها وتخفيض جزء من ديونها).
تتماشى سياسة الصين في جنوب آسيا مع استراتيجية التوسع العالمي والتنافس مع الولايات المتحدة والحد من تأثير الهند التي تعتبرها الصين شريكا للولايات المتحدة في المنطقة. وتخشى كل من الولايات المتحدة والهند من أن ميزان القوى في منطقة المحيط الهادئ سوف يتغير إلى غير صالحهما بسبب الموانئ التي بناها الصينيون، والتي قد تستخدم في المستقبل كقاعدة بحرية كما في جيبوتي. ولهذا السبب تنتقد الإدارة الأمريكية "دبلوماسية القروض" الصينية وتحذر دول المنطقة من فقدان السيادة. ومع ذلك فإن سياسة التحذير من التهديدات المحتملة لن تكون فعالة إلا إذا كانت مدعومة بعرض بديل للمساعدات المالية.



#عاصم_البرقان (هاشتاغ)       Asem_Al-burgan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عاصم البرقان - سياسة الصين اتجاه دول جنوب آسيا