أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الداهي - اللباس موضوعا شعريا














المزيد.....

اللباس موضوعا شعريا


محمد الداهي

الحوار المتمدن-العدد: 6299 - 2019 / 7 / 23 - 20:33
المحور: الادب والفن
    


يمثل اللباس، حسب رولاند بارث، موضوعا شعريا بامتياز بما يحفل به من ألوان وأشكال وحركات وإيحاءات. وهو يستمد شرعيته من الموضوعات الرمزية الكبرى ( الصورة رفقته لرولاند بارث).

يمثل اللباس، حسب رولاند بارث، موضوعا شعريا بامتياز بما يحفل به من ألوان وأشكال وحركات وإيحاءات. وهو يستمد شرعيته من الموضوعات الرمزية الكبرى أكانت طبيعية ( فستنان الورد، قبعة من الورد، ثوب حرير الدودة) أم جغرافية ( قفطان مغربي، جلباب مغربي، لباس مخزني، اللباس على الطريقة الإيطالية، اللباس البربري أو الصحرواي أوالجبلي.) أم تاريخية ( تقليعة الخمسينات، ذوق العشرينات) أم فنية ( الرسم والنحت والسينما ولأدب). وقد ساهمت عوامل كثيرة ( الرحلات والأسفار والأفلام ومجلات التقليعة و الآنترنيبت) في ترسيخ عادات سوسيوثقافية للباس إلى حد أصبحت الخصوصيات المحلية تنحسر أمام مد المواضعات الكونية.

لا ينظر إلى اللباس في حد ذاته وإنما في علاقته بالعالم الذي يؤطره ويمنحه معنى خاصا. وهذا ما جعله يخضع لنمط من العلاقات الاستبدالية التي تختزل في ثنائية ( التقلعة/ زي متقادم) أو في نظام سييميولوجي (منغلق/ متفتح). فعندما نلقي نظرة على شخص ما يمكن أن نحكم عليه ولو ظاهريا من خلال طريقته في اللباس. هل يساير التقليعة(الموضة) أم لا يعيرها أدنى اهتمام؟ ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعنف شخصا أو نستخف به لكونه اختار أن يلبس وفق قناعته الشخصية. ففي المجتمع الحداثي والمنفتح حرية الفرد مضمونة في التدين والتصرف واللباس احتكاما إلى القوانين التي تنظم العلاقات البشرية، وتقتضي من كل فرد أن يحترمها وينضبط لها مهما كان مستواه الثقافي وانتماؤه الاجتماعي ونزوعه العقائدي.

ويمكن للمجتمع ، حسب كينونته الثقافية والحضارية، أن يضع علاقات استبدالية لتسنين العلاقة بين اللباس المعيار ( مجموعة من القواعد والمواضعات المجردة) واللباس الشخصي ( كل شخص يلبس وفق المعيار المتعرف عليه، وهو ما يعطيه حرية وإن كانت مقيدة حفاظا على تواصله مع غيره). وفي هذا الصدد يضع المجتمع جملة من المعايير التي تراعي عادات البلد وخصوصياته وطقوسه وأعياده وحفلاته. ولكن الفرد غير ملزم بأن يخضع لها بطريقة عمياء. فهو يتصرف فيها تبعا لمزاجه وذوقه وموقفه من الوجود.

وفي الإطار نفسه، يمكن لمؤسسة أن تحض المنتسبين إليها على الانضباط لنظام لباسي معين ( على نحو ارتداء الوزرة في المدارس والمعامل) بحكم مثبت في القانون الداخلي المصادق والموقع عليه.

وفي الحالة التي طرأت مؤخرا داخل البرلمان ، ليس هناك قانون يجبر على الصحافيين ارتداء لباس بمواصفات معينة. و لا يحق للسيد الوزير الشوباني أن يطرد الصحافية أو يعنفها أو يستخف بكرامتها بسبب طريقتها في اللباس. لقد تجاوز اختصاصه وتصرف أمام الملأ كما لو كان وصيا على الأخلاق العامة. وفي هذا الصدد نبدي الملاحظات الآتية:

1-ما حدث ليس واقعة مفردة، وإنما هي جزء من تحول اجتماعي يقتضي الاعتراف بحرية الأفراد في إطار دولة الحق والقانون. فليس من حق فرد أو جماعة أن يتصرف خارج الضوابط العامة والمعايير الاجتماعية، أو ينصب نفسه وصيا على الذوق الاجتماعي والأخلاق العامة.

2-يبين تصرف السيد الوزير مدى ضيق صدره إلى درجة عدم سوغه الحق في الاختلاف، وحرصه على فرض دوقه الشخصي على الآخرين إرضاء لنزواته الشخصية التي لا يعلمها إلا الله تعالى. " إذا كانت الأنساق اللباسية(systèmes vestimentaires) تنتظم وفق نسق الاختلاف فإننا مجبرين على اكتشاف في اللباس المكتوب ( أو المرئي في حالتنا) حضور شفرة لباسية" ( رولاند بارث، نظام التقليعة، ص36.). وهو ما لم يلتقطه السيد الوزير في حينه.

3-يشغل فضاء البرلمان مجالا للتوصل يحفز المواطن على تحسين أدائه التواصلي وتنمية رصيده المعرفي. ويصاب بخيبة أمل عندما يعاين تنامي بعض المظاهر المستبشعة التي تعطي صورة سيئة عن الأداء البرلماني ( على نحو التنابز والتعنيف وغياب الحوار البناء واستعمال الهاتف النقال و قراءة الجرائد والنوم والتثاؤب....). وفي هذا السياق كان على السيد الوزير أن يتعامل بلباقة مع الواقعة قبل أن تحدث مخلفة تداعيات مختلفة . واللباقة تقضي خسران الذات مقابل ربح الآخر.. وكم نخسر يوميا الآخرين.. إنها معضلة الديمقراطية في بلدي..



#محمد_الداهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية والسياسة
- تطلعات الملاحق الثقافية بالمغرب
- مغامرة الرواية تطلعا إلى المواطنة التخييلية
- بئس اليأس
- صورة المغرب في متخيل الآخر
- تقديم كتاب - التفاعل الفني والأدبي في الشعر الرقمي-
- من البرولتاريا إلى البرونتاريا رهانات التغيير الثقافي
- الحداثة واقع اجتماعي ومنهج نقدي : حوار أجراه محمد الداهي


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الداهي - اللباس موضوعا شعريا