|
-الإسلاموية -و -الإنتفاضات العربية-
إيمان بوقردغة
شاعرة و كاتبة و باحثة تونسيّةـ فرنسيّة.
(Imen Boukordagha)
الحوار المتمدن-العدد: 6289 - 2019 / 7 / 13 - 09:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دأب التقليد السوسيولوجي على اعتبار أنه يتعذّر فهم الواقع خارج إطار طرح نظري يبحث في الأسباب العميقة للظواهر و تأسيسا على هذا الطرح النظري فإن الإحاطة بمسألة المواطنة في المجتمعات العربية قد تستفيد من الإرث النظري الذي طوّر المفهوم. فأسّست أمهات الكتب السياسية و القانونية على غرار"السياسة" لأرسطو و " الأمير" لماكيافلي و "روح القوانين" لمونتسكيو و "العقد" لروسو لتأصيل فلسفي و فكري لمفهوم المواطنة ساهم في عقلنة و تطور الفكر السياسي. و المفهوم الأهم للمواطنة هو المعنى القانوني لها الذي يترتب عليه التمتع بالحقوق المدنية و السياسية مثل المشاركة في الحياة السياسية عبر الترشح للمناصب العامة و الحريات الفردية كحرية المعتقد. و مقابل هذا التمتع يلتزم "الكائن القانوني" باحترام قوانين "الكائن السياسي الجماعي". و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتمتع المواطنون بحقوق المواطنة إلا في نظام ديمقراطي يرتكز على مبدا سلطة و سيادة الشعب من خلال مشاركة المواطنين في الحياة السياسية للدولة. وتحقيقا لمطمح الديمقراطية السامق استعرت نيران "انتفاضات شعبية" في الوطن العربي تكريسا لقيمة النضال من أجل الكرامة و الحريات الأساسية المدنية و السياسية و الإقتصادية و التغيير السياسي عبر إرساء قيمة احترام المواطنين دون أي تمييز بينهم و إلغاء المجتمعات الموازية و احترام التعددية الدينية و الأقليات و الجماعات الإثنية و إنشاء مؤسسات قانونية و سياسية جديرة بتكريس حماية الدستورحيث تستند معظم النظم القانونية إلى هيكل هرمي من الصكوك القانونية يأتي الدستور في قمته و ينبغي أن يكون مصدر التشريع الجديد في العالم العربي هو القيم العالمية و تأييد احترام حقوق الإنسان المشروعة خاصة و أنه يمتد على منطقة واسعة تشترك في عدد من العوامل إذ رزحت تحت وطأة الإستعمار لتحكمها إبان الإستقلال أنظمة شمولية و ديكتاتورية لكن على الرغم من ذلك فرضت المطالب الشعبية العربية فكرة الديمقراطية "كحتمية تاريخية و سياسية" لا محيص عنها لتحقيق "الخير الأسمى" لشعوب مقهورة أدمتها ندوب أنظمة كليانية قمعية فالتاحت إلى الإستظلال بفئ الحرية الوارف. و ترتيبا على ذلك بحثت الجموع القانطة من رحمة السلطة المطلقة عن حل ممكن لفقرها الهيكلي و أسرها ب"سلاسل و أغلال و سعير " و خالت لوهلة أنها عثرت على ضالتها في الأحزاب "الإسلامية " لكن عمّقت "الإسلاموية" محنة العالم العربي الوجودية. فإن أنتجت الثورة الفرنسية على سبيل المثال نظاما ثار ضد رجعية النظام الأرستوقراطي و السلطة الدينية للإكليروس فإن " الإنتفاضات العربية ارتاغت الرجوع إلى ما سلف فارتفع معدل البطالة و تعمّق التفاوت الإجتماعي واستشرى الإرهاب و تغذّت المخاوف حول مسار العملية الإنتقالية الديمقراطية الشهيدة مما ساهم في ارتفاع حالات الإكتئاب النفسي و القلق الوجودي. فا"لإسلاموية" هى خطاب إيديولوجي قائم على المبالغة في ادعاء المحافظة كنمط مجتمعي استدرارا لعواطف البسطاء الحالمين بعودة أمجاد خلت و "تراث في فم التنين" على حد تعبير الشاعر إبراهيم أحمد الوافي فإن تسربل التاريخ العربي الإسلامي بسؤدد عظيم و مقام فخيم في حقبة زمانية معينة فمرد ذلك كان تشجيع الترضّب من مناهل العلوم و تعزيز ظاهرة التثاقف بدعم حركة الترجمة و الإبداع. أما الإسلإموية فهي بدعة سياسية تفنّنت في إبداع الطرق الخبيثة لتشويه سمعة المعارضين و التنكيل بهم و الأصل أن " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " فعمدت إلى استعمال تفسير نفعي براقماتي للدين خدمة لمآربها السياسية وهو تفسير محدد للإسلام و لكنه ليس الإسلام. فالإسلاموية لاتبشّر ب "إحياء الدين" بل هي إعادة اختراع التقليد. و من ناحية ثانية فإنها قامت على نظرة تآمرية للعالم فلها "عدو داخلي" و "عدو خارجي" ووظيفتها وفق هذه النظرة هي تطهير الأمة العربية المسلمة من "العناصر النجسة" في الداخل و خارج البلاد ,فلا سبيل إلى نزع (مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ) . و مثل هذه اليوتوبيا الخبيثة تتعارض مع مفهوم الديمقراطية و مضامين حقوق الإنسان و تتآلف مع الفاشية و النظام الشمولي فهي في النهاية تحظر قيمة التعددية ولا تحترم الاختلافات الثقافية والدينية والأيديولوجية . وتزعم امتلاكها لناصية الحق المطلق لإحكام السيطرة على حياة الناس دون وجه حق و تدأب على إبادة أي بديل سياسيا كان أو ثقافيا أو اجتماعيا فنخلص إذن إلى استمرارية خطية ونصية بين الفاشية الأوروبية القديمة والفاشية الإسلاموية الجديدة.
#إيمان_بوقردغة (هاشتاغ)
Imen_Boukordagha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية الدينية و حقوق الأقليات
-
نُبْذة من حقوق الإنسان
-
زاد التّقى
-
حسبك الله
-
نبّال بابل
المزيد.....
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
-
“عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي
...
-
شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه
...
-
الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|