أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - فقراء يسكنهم العدل














المزيد.....

فقراء يسكنهم العدل


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 02:37
المحور: الادب والفن
    


وانا اتجول يوما في السوق ، وسط زحمة المتسوقين و الباعة و العتالين و اصحاب العربات الصغيرة ، المتزاحمة و هم يصرخون بالجميع ان يفسحوا لهم مجالا للمرور، تهاجمني الاكتاف الصلبة ، اللامبالية حتى تكاد تسقطني اعياء … و شمس الضحى اللاهبة تسقط جحيمها على هاماتنا العارية ، حتى شعرت بانني افقد اي احساس بالاتجاه ، ففضلت الخروج عبر ممر امن لاتضلل بفيء احد الدكاكين المغلقة . وقفت امسح حبات العرق التي بدات تنحدر من اعلى جبهتي ، من بين حواجبي لتحرق ملوحتها عينيي … شعرت بالضيق و الازعاج ، هاجمتني لفحة ساخنة اضطرتني لان الوذ بالفرار . من غير توقع انتصب امامي طفل لم يتجاوز السابعة او ربما فعل ، كانه تمثال من حجر ، قاطعا علي طريقي ، مهلهل الثياب ، يبدو شحوب الفقراء واضحا على محياه ، تكسوه سمرة داكنة بفعل الشمس ، هزيل البنية تغوص قدماه المتعبتين في نعلين باليين . بادرني بصوت يغلفه الانكسار : عمي … علاكة قوية ثم محاولا اغراءي علاكتين بربع دينار … و بما انني لم اكن احمل شيء يذكر و لست بحاجة الى علاكة فكيف باثنتين ، صرفته بصمت و باشارة من يدي ، و كعادة الباعة المتجولين في الالحاح و الاصرار على تصريف بضاعتهم باي شكل ، و ربما لان اشارتي لم تكن بالحدة التي اعتادها كرر عرضه ، نابتا لا يتزحزح ، حرك في منظره الموءلم عطفا لم اعهده في نفسي ، فتقدمت اليه بعرض قاءلا : — خذ الربع و لا اريد منك شيء ، اعتقني … لدهشتي بقي متسمرا في مكانه رافضا اخذ الربع ، مجيبا بادب وعلى استحياء : — اخذ الربع مقابل علاكتين … لست شحاذ … لم اصدق ما اسمع فرددت بعصبية : — نعم ؟! كرر نفس الجواب بطريقة الية لا تخلو من اصرار … لحظات من صمت حاولت فيها ان استوعب … ها كبرياء البوءساء همست لنفسي ، اغراني بمواصلة الحديث ، قلت و كاني اهذي : طيب خذ الربع مقابل واحدة و الاخرى هدية مني ، توقعت ان يقبل هذا العرض التوفيقي ، لكنه وقف معاندا ، صامتا مركزا نظراته الطفولية علي ، هز راسه رافضا بادب ، لم استطع اخفاء نظرات الاحترام و التقدير لهذا الطفل فانفجرت على سحنتي على شكل ابتسامة مصطنعة فقلت : — ها … ماذا قلت ؟ اجاب : كما قلت الربع مقابل علاكتين ... عدل — عدل ، عدالة عدالة ، كررت كلمته الاخيرة و كانني في صلاة … سوءال حيرني ، هل يفهم هذا الطفل معنى العدل و الذي بسببه قامت الثورات و الحروب و المذابح و نزلت الاديان و اهتزت الدنيا بكل عروشها … لا ادري ، اعتقد انه يفهم العدل بمفهومه الابسط : ما لك لك و ما للاخرين للاخرين ، تبسيط معمق لهذا المفهوم المركب . استسلمت اخيرا لارادة هذا الطفل النظيفة ، اعطيته الربع و اخذت العلاكتيين ، ابتسم برضا ، اخذ الربع و قبله و وضعه على جبينه ثلاث مرات ، متمتما بكلمات لم اعرها اهتماما وسط استغرابي و دهشتي … لا ادري لماذا تذكرت حكمة كانت والدتي كثيرا ما ترددها على مسامعي : — السعادة في الرضا … السعادة في الرضا . تساءلت هل هذا الطفل ، الطيب القلب و النظيف السريرة سعيد حقا ؟! احسب ذلك وفقا لحكمة والدتي .



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - فقراء يسكنهم العدل