أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بشار بياتلي - اغتيال آثارنا وتاريخنا














المزيد.....

اغتيال آثارنا وتاريخنا


بشار بياتلي

الحوار المتمدن-العدد: 6283 - 2019 / 7 / 7 - 21:18
المحور: حقوق الانسان
    


اغتيال آثارنا وتاريخنا

بشار بياتلي


تعرضت الأماكن التاريخية والمواقع الأثرية في مختلف المدن والبلدات التركمانية بالعراق، منذ عقود، للتدمير والتخريب والإهمال بشكل متعمد تارة على يد نظام البعث، وتارة أخرى على يد عنصريين ومتطرفين، كان آخرها أعمال التدمير والتخريب التي مارستها التنظيمات الإرهابية.

إن القضاء على شعب ما، يكون عبر تصفية قياداته، والقضاء على لغته وإضعافها، وتدمير آثاره ومعالمه الحضارية، وتشريد أفراده. وقد تم تنفيذ كل تلك الإجراءات الظالمة بشكل منظم وممنهج بحق تركمان العراق منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي ولغاية يومنا هذا.

ففي عام 1980 تم إعدام خيرة قيادات التركمان في العراق على يد نظام البعث، أعقب ذلك حملات إغلاق المدارس التركمانية، وإضعاف المؤسسات والصحف والمجلات التركمانية، وإفراغها من كواردها الحقيقية، وتعيين أشخاص فاشلين وموالين لحزب البعث على رأسها، وفرض قيودٍ على استخدام اللغة التركمانية في الدوائر الحكومية في مناطق توركمن إيلي، وحظر على شرح الدروس بالتركمانية أيضاً.

أصدر حزب البعث قرارات تعسفية شملت تغيير أسماء المدن، والبلدات، والقرى، والأحياء التركمانية الأصلية، واستبدالها بأسماء عربية ذات طابع حزبي، إلى جانب تهجير سكان العديد من القرى التركمانية، وسلبهم أراضيهم، ومنحها لسكان عرب، تحت مسميات وذرائع مختلفة.

لم يكتفِ نظام البعث بهذا، بل أقدم في مطلع تسعينيات القرن الماضي أيضًا على تدمير قلعة كركوك وسط المدينة، وتهجير سكانها التركمان، بحجج واهية.

لا يمكن تصور قيام حكومة ما في أي بقعة من العالم، بتدمير مناطق أثرية تعود تاريخها إلى آلاف السنين وتسويتها بالأرض!. أعتقد أن هذه الجريمة التي تستهدف البشر والحجر، الحاضر والماضي والمستقبل، لا نظير لها في أرجاء المعمورة. ففي الوقت الذي تعتز كل دول العالم بمواقعها الأثرية، وأماكنها التراثية، وتسعى إلى ترميمها وتطويرها وحمايتها، وجعلها مقصداً للسياح، لجأت حكومة نظام صدام حسين إلى هدم قلعة كركوك التي بنيت قبل أكثر من ألفي عام.

في الواقع، إن قلعة كركوك لم تكن كأي قلعة، بل كانت حاضرة تاريخية تعج فيها الحياة، كانت تضم أحياءً سكنية مكتضة. لقد عمد نظام البعث على تشريد سكانها، وتم تدمير بيوتاتها التراثية، وهدم مدارسها ومساجدها وكنائسها ومعالمها التاريخية، التي لطالما وقفت شامخة لتروي عبق وثراء حضارات أرض الرافدين.

وفي مدينة كفري التركمانية، تعرض سوقها المسقوف لتدمير واسع، فيما لا تزال أطلال ذلك السوق تقف شاهدة على عراقة المدينة، وقد لحق الهدم والخراب عشرات المطاحن الحجرية العتيقة وجداول المياه التي كانت تروي المدينة، وجرى هدم القشلة العثمانية، وتدمير البساتين والبيوت التراثية المبنية من الحجر، وتسوية المساجد التاريخية بالأرض. وفي الوقت التي لا تزال فيه بعض الأحياء القديمة في المدينة تحافظ على النذر اليسير مما تبقى من البيوت المقببة وأجزاء من السوق المسقوف، تستنجد المدينة الخيرين والواعين لأهميتها من أجل ترميمها ولاستعادة ما تبقى من ألقها والحفاظ على آثار الأجداد ووجه المدينة المشرق بمعالمها.

لقد طال الدمار والإهمال العديد من الأثار التركمانية في المدن والبلدات التركمانية، ففي مدينة قزلرباط مثلاً تم هدم بيوتها التاريخية، وحمامها العثماني. ورغم قدرة بعض البيوت على الوقوف بوجه الزمن وأعمال التخريب، إلا أنها تعاني من الأهمال، رغم نضالها من أجل الحفاظ على إرث المدينة.

ومع ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي، شهدت معظم المناطق التركمانية دماراً لا مثيل له، فقد نزح مئات آلاف التركمان من مناطقهم في ديالى والموصل وكركوك وتلعفر ومنطقة البيات. كما تعرض مرقد النبي يونس والنبي شيت للتدمير، من خلال تفجيرهما بالقنابل على يد إرهابيي داعش، وتعرضت أثار مدينة نمرود التاريخية للنسف والنهب، ودُمّرت محتويات متحف الموصل، ونسف التنظيم مسجد النوري الكبير ومنارته الحدباء التي بناها السلطان نورالدين زنكي قبل نحو تسعة قرون، وهو ثاني مسجد يتم بناء في الموصل.

لقد طال الدمار الممنهج الذي مارسه تنظيم داعش الإرهابي، قلعة تلعفر التاريخية، فقد أقدم التنظيم على نسف القلعة وتدميره بالكامل. ولحق الدمار بقشلة كركوك العثمانية، بسبب الأهمال، فقد سقطت أجراء منها بسبب الظروف الطبيعية والإهمال وعدم ترميمها منذ سنوات.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 تعرض السوق القيصرية المسقوف في كركوك إلى حريق هائل، التهم محلاته التاريخية وحولها إلى رماد. ولم يُعرف سبب الحريق على وجه التحديد، رغم ورود أنباء عن قيام مجهولين بافتعال الحريق، وذلك استنادًا لوجود علبة مشروبات غازية موضوعة أمام كاميرا المراقبة الموجودة عند مدخل السوق.

إن ما تم ذكره أعلاه، ما هو إلا أبرز الاغتيالات التي طالت الآثار والأمكان التاريخية في المناطق التركمانية، والقائمة تطول فيما لو قمنا بذكر المواقع الأثرية التي تعرضت للتدمير، كلّ على حدة.

إن الحفاظ على تاريخنا وتراثنا من الدمار والضياع مسؤولية كل تركماني، ومسؤولية الدولة العراقية، والسلطات المحلية في مناطق ومدن توركمن إيلي.

ومن هنا، أدعو جميع المثقفين التركمان وكافة المنظمات والمؤسسات التركمانية، لعقد مؤتمر دولي يتناول واقع الأماكن والمواقع التاريخية والأثرية في مناطق توركمن إيلي بالعراق، وبحث سبل حمايتها وترميمها وإعادة بناء المدمر منها.

كما أتوجه بالدعوة إلى الوزارات العراقية المعنية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، والمنظمات الدولية المهتمة بالمواقع الأثرية والتراثية في العالم، من أجل تسليط الضوء على واقع الأماكن الأثرية والتراثية في مناطقنا، ووضع آليات المحافظة على ما تبقى من آثار أجدادنا، والمعالم الحضارية لمناطقنا.



#بشار_بياتلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بشار بياتلي - اغتيال آثارنا وتاريخنا