أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عبدالرحمن نمر - الصراع في رواية -جداريات عنقاء-














المزيد.....

الصراع في رواية -جداريات عنقاء-


عمر عبدالرحمن نمر

الحوار المتمدن-العدد: 6273 - 2019 / 6 / 27 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


قرأت القراءة الثانية لرواية (جداريات عنقاء) للكاتبة الفلسطينية مروى فتحي منصور، الصادرة عام 2019 عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، ووجدت أنها حققت درجة عالية في حقل الرواية، وخصوصاً الفلسطينية من حيث تجليات الحياة الفلسطينية في الزمان المؤطر بعد أوسلو، وفي ذاك المحيط الجنيني.
الرواية رائعة تنبض بشخوصها وأحداثها، وتبدو الأنثى المحور الرئيس فيها، حيث تكشف عن الحدث، وتدير الحوار، وتقص، وتعنى بالمقارنة، ورصد النتائج.
ينثال في الرواية تيارات مختلفة كتيار الوعي الذي يبعث الحنين، وتيار الانبثاق للمضي بالتجربة، وتيار المثالية والتنظير. ومن خلال الأحداث والبؤرة التيارية تتكشف التناقضات من زيف وجودة، وتبزغ الشمس حيناً... وحيناً آخر يتغطى المحيط كله ويدلهم...
مهما قامت الرواية بالاتهام والتمرد والهجوم أحياناً، إلا أنها بقيت في إطارها الروائي موظفة التوظيف الرائع في تراص العناصر الحكائية لخلق النظام الروائي. فقد استطاعت الكاتبة وبقدرة عجيبة أن تأتي على أذرع الفساد بأنواعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فتحدثت عن العمالة مع العدو، وعن سارقي الوطن، والهروب، والواسطة، والسرقات، والعلاقات السلبية بين اثنين، وزواج المصلحة، والعلاقات العشائرية، وقوة راس المال، وتشيؤ القيم التي صنعت من أبي العبد خطّابة عرائس... كما أتت متوازيات هذه الممارسات السلبية، كالتضحية، والعمل خدمة للناس ضمن نظام مؤسسي، والتعاون، ومساعدة الآخرين... والحب الأفلاطوني الذي لا يموت... وبذا تكاملت زوايا البيت الروائي، وكل زاوية خدمت الأخرى، حتى نهض معمارا ناضجا حيا قويا، يشير إلى تاريخ شعب وجغرافيته وقيمه.
تمتلك الكاتبة مروى جرار قوة سرد عجيبة، فتتولد الجمل من رحم الجمل... والتشابيه، والعلاقات الاستعارية المقنعة التي تتقاطع فعلا مع العلاقات بمختلف أنواعها؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية... لتخلق ثقافة جديدة عجيبة مشوهة كوليد مشوه، علاوة على توظيف التناصات المختلفة وأقوال الفلاسفة خصوصاً في بدايات المقاطع النصية، وهنا يتكون المعمار السردي الروائي، بأحداثه المثيرة، في أزمنة وأمكنة قد تكون واقعية، ولكن طاقة الحدث المتدحرجة تجعل من هذا المعمار التخيلي، فضاءات واقعية/ عجائبية، يحلق المتلقي فيها في مستويات قرائية متنوعة، وهنا كان عنوان الرواية (جداريات عنقاء) يمزج بين الواقع (جداريات) والخيال (عنقاء)، ويفتح النص على احتمالات متعددة، يستطيع كل منها أن يحمل الرسالة، ويوجه المعنى إلى المستهدف... ويولد قراءة جديدة.
الساردة البطلة المشاركة كلية المعرفة، المنحازة لفعلها ولقضيتها في الدفاع عن الإنسان وخصوصا الأنثى، هي من يمسك زمام السرد، ويدير الحوار مع الأبطال الآخرين الذين يمتلكون رؤى مختلفة، ورسائل مختلفة تبعا لحيواتهم ومناصبهم ومصالحهم... جرت الحوارات بشكل وجاهي حيناً، وعن طريق رسائل التواصل الإلكتروني في أحيان كثيرة، ومن هذه الحوارات تشكلت الدهشة والغرابة في مجمل تحولات المجتمع. وتجد السرد في الحاضر، يرجع للماضي عند مقارنة حالين، كما تمتلك الكاتبة قدرة هائلة في التصوير، وتوظيف استراتيجيات السرد المختلفة، بما فيها الاسترجاع، والتصوير السينمائي، لذا كان أثر القراءة يبدو كسلك ساخن مستمر يؤثر في المتلقي... وجاءت اللغة بسيطة ملائمة للأحداث والشخوص فيها نسغ من شاعرية، ونكهة من تعاليم فلسفية، حيث انطلقت الأحداث من مكتب المعنفات، أو البيوت الشعبية، أو المقاهي، أو أمكنة العمل... والأحداث طارت بنا وحلقنا مع شخصياتها، إلا أن العجيب في معظم الشخصيات أنها لم تتطور بشكل كبير، سوى مع يسرى صاحبة الحضانة، وسمر المزينة، حيث وفرت الجمعية فرصتين لهما، وكانتا قصتي نجاح، لكن حتى هاتين الشخصيتين أتت بهما الساردة مثالين على تطور الشخصيات، لكنها لم تتوقف كثيراً عندهما.
الجذب والشد والتشويق، متوفر في المشاهد الحكائية كلها، نتيجة للصراعات هنا وهناك، فلا تخلو صفحة من الصفحات من حالة متأزمة، يعيش المتلقي تأزمها، ويحملها معه إلى نهاية التأزم... حيث تحترق العنقاء الثائرة، وتبعث رمادا... (كل واحدة تحكي جوعا مختلفة عن الأخرى، هي كعنقاء بين رجالها، هناك من يحيلها رماداً في دائرته الروتينية، وهناك من يقتلها، وهناك من يعيد الرماد ليكون فراشة)، يكشف هذا البوح عن تشكل علاقات متأزمة، ناهيك عن التأزم الواقعي على شخصيات نسائية معنفة... وبتكامل هذه العلاقات تكون ممارسات الإنسان على هذه الأرض ومعاناته.
الرواية صدرت عن مكتبة كل شيء عام 2019 وهي مجموعة من الجداريات الجميلة... أنصح بقراءتها بطريقة واعية، وهي تشكل محطة رائعة من المحطات الكتابية، تنبعث من ثنائية الحب واللاحب... ثنائية الوطن والمهجر... ثنائية البحر والرمال... ثنائية الموت والبعث (عنقاء) تظهر صورة العنقاء لتكثف المعنى على غلاف الكتاب الملون بالأسود... وترسم الأحداث بكل مأساويتها لتصلح أن تكون جداريات على حوائط التاريخ... في لحظات زمن مريع.
مبارك للكاتبة الشابة مروى فتحي قدرتها السردية القوية... والسير بها نحو تصميم معمارية الرواية الفلسطينية بأبعادها كافة... وقد أنجزت هذا النص، فأنت منذ الآن أمام مسؤولية أدبية كبيرة... ألف مبارك وإلى الأمام... إلى تجربة نصية أخرى.



#عمر_عبدالرحمن_نمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عبدالرحمن نمر - الصراع في رواية -جداريات عنقاء-